بإمكان المرء أن يُقدم تفسيراً آخر لِقيام 'الحداثة السياسية'، والنظام الرأسمالي، وهما متلازمان، في أوروبا، تفسيراً أقرب إلى الواقع من وجهة نظرنا، قوامه أنَّ تطور الأوضاع في أوروبا إلى حداثة سياسي وإلى نظام رأسمالي ما كان ليتم لو لم يكن الصراع فيها قد جرى بين قوى اجتماعية داخلية دونما أي تدخل او تأثير من أية قوة خارجية من شأنها أن تعوق مسلسل التطور، بل بالعكس لقد كانت القوة الخارجية، وهي العالم الإسلامي، بالنسبة لأوروبا القرون الوسطى دافعاً وحافزاً من حيث انه كان يمثل نوعاً من التهديد الخارجي على صعيد الذاكرة - وليس على صعيد الواقع - الشيء الذي يحث على التعبئة ويدفع الى الائتلاف.
أما بالنسبة للعالم العربي والإسلامي فلقد كان العامل الخارجي من أبرز الأسباب التي كانت وراء تقهقر الأوضاع فيه، او على الاقل جمودها، ضمن نموذج يكرر نفسه باستمرار، ويتمثل هذا العامل الخارجي في الغزو المباشر والمدمر الذي تعرضت له المنطقة العربية انطلاقا من هولاكو إلى الحروب الصليبية إلى التوسع الأوروبي الحديث.
و يمكن ان نعزز هذا النوع من التفسير بطرح الاسئلة التالية: ترى كيف كان سيكون مصير ((الحداثة السياسية)) في أوروبا لو وجدت قوة خارجية تضايقها و تقمعها، كما ضايقت أوروبا التوسعية وقمعت عمليات التطور والتحديث في العالم العربي والإسلامي؟ ثم كيف كان سيكون مسلسل التصنيع في أوروبا، وبالتالي مسلسل الصراعات الاجتماعية فيها، بدون المواد الأولية و السوق الخارجية التي وفرها لها التوسع الاستعماري الذي شمل القارات الثلاث وضمنها العالم العربي الإسلامي؟ وأخيرا وليس آخرا كيف كان سيكون حاضر العالم العربي اليوم لو إن اوروبا تركت تجربة محمد علي في مصر تشق طريقها، لو أنها لم تتدخل سياسيا واقتصاديًا وعسكريًا؟ كيف كان سيكون حال العرب اليوم تعمل اوروبا على غرس إسرائيل في قلب العالم العربي، لو لم تعمل على اسقاط مصدق في إيران وهزم عبد الناصر في مصر...؟
—د. محمد عابد الجابري [العقل السياسي العربي]
أما بالنسبة للعالم العربي والإسلامي فلقد كان العامل الخارجي من أبرز الأسباب التي كانت وراء تقهقر الأوضاع فيه، او على الاقل جمودها، ضمن نموذج يكرر نفسه باستمرار، ويتمثل هذا العامل الخارجي في الغزو المباشر والمدمر الذي تعرضت له المنطقة العربية انطلاقا من هولاكو إلى الحروب الصليبية إلى التوسع الأوروبي الحديث.
و يمكن ان نعزز هذا النوع من التفسير بطرح الاسئلة التالية: ترى كيف كان سيكون مصير ((الحداثة السياسية)) في أوروبا لو وجدت قوة خارجية تضايقها و تقمعها، كما ضايقت أوروبا التوسعية وقمعت عمليات التطور والتحديث في العالم العربي والإسلامي؟ ثم كيف كان سيكون مسلسل التصنيع في أوروبا، وبالتالي مسلسل الصراعات الاجتماعية فيها، بدون المواد الأولية و السوق الخارجية التي وفرها لها التوسع الاستعماري الذي شمل القارات الثلاث وضمنها العالم العربي الإسلامي؟ وأخيرا وليس آخرا كيف كان سيكون حاضر العالم العربي اليوم لو إن اوروبا تركت تجربة محمد علي في مصر تشق طريقها، لو أنها لم تتدخل سياسيا واقتصاديًا وعسكريًا؟ كيف كان سيكون حال العرب اليوم تعمل اوروبا على غرس إسرائيل في قلب العالم العربي، لو لم تعمل على اسقاط مصدق في إيران وهزم عبد الناصر في مصر...؟
—د. محمد عابد الجابري [العقل السياسي العربي]