🌤 ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾
🌟 قال العلامة عبد الرحمٰن بن ناصر السعدي
رحمه الله تبارك وتعالى - :
أخبر تعالى أنه لا بد أن يبتلي عباده بالمحن ، ليتبين الصادق من الكاذب ، والجازع من الصابر ، وهذه سنته تعالى في عباده ؛ لأن السراء لو استمرت لأهل الإيمان، ولم يحصل معها محنة ، لحصل الاختلاط الذي هو فساد ، وحكمة الله تقتضي تمييز أهل الخير من أهل الشر .
• - هذه فائدة المحن ، لا إزالة ما مع المؤمنين من الإيمان ، ولا ردهم عن دينهم ، فما كان الله ليضيع إيمان المؤمنين ، فأخبر في هذه الآية أنه سيبتلي عباده
{ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ } من الأعداء { وَالْجُوعِ } أي : بشيء يسير منهما ؛ لأنه لو ابتلاهم بالخوف كله ، أو الجوع ، لهلكوا ، والمحن تمحص لا تهلك .
• - { وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ } وهذا يشمل جميع النقص المعتري للأموال من جوائح سماوية ، وغرق ، وضياع ، وأخذ الظلمة للأموال من الملوك الظلمة ، وقطاع الطريق وغير ذلك .
• - { وَالأنْفُسِ } أي : ذهاب الأحباب من الأولاد ، والأقارب ، والأصحاب ، ومن أنواع الأمراض في بدن العبد ، أو بدن من يحبه ، { وَالثَّمَرَاتِ } أي : الحبوب ، وثمار النخيل ، والأشجار كلها ، والخضر ببرد ، أو برد ، أو حرق ، أو آفة سماوية ، من جراد ونحوه .
• - فهذه الأمور ، لا بد أن تقع ، لأن العليم الخبير ، أخبر بها ، فوقعت كما أخبر ، فإذا وقعت انقسم الناس قسمين : جازعين وصابرين ، فالجازع ، حصلت له المصيبتان ،
فوات المحبوب ، وهو وجود هذه المصيبة ، وفوات ما هو أعظم منها ، وهو الأجر بامتثال أمر الله بالصبر ، ففاز بالخسارة والحرمان ، ونقص ما معه من الإيمان ، وفاته الصبر والرضا والشكران ، وحصل له السخط الدال على شدة النقصان .
• - وأما من وفقه الله للصبر عند وجود هذه المصائب ، فحبس نفسه عن التسخط ،
قولا وفعلا واحتسب أجرها عند الله ، وعلم أن ما يدركه من الأجر بصبره أعظم من المصيبة التي حصلت له ، بل المصيبة تكون نعمة في حقه ، لأنها صارت طريقا لحصول ما هو خير له وأنفع منها ، فقد امتثل أمر الله ، وفاز بالثواب ، فلهذا قال تعالى : { وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ } أي : بشرهم بأنهم يوفون أجرهم بغير حساب .
• - فالصابرين ، هم الذين فازوا بالبشارة العظيمة ، والمنحة الجسيمة ، ثم وصفهم بقوله : { الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ }
وهي كل ما يؤلم القلب أو البدن أو كليهما مما تقدم ذكره .
•- { قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ } أي : مملوكون لله ، مدبرون تحت أمره وتصريفه ، فليس لنا من أنفسنا وأموالنا شيء ، فإذا ابتلانا بشيء منها ، فقد تصرف أرحم الراحمين، بمماليكه وأموالهم ، فلا اعتراض عليه ، بل من كمال عبودية العبد، علمه، بأن وقوع البلية من المالك الحكيم ، الذي أرحم بعبده من نفسه ، فيوجب له ذلك، الرضا عن الله ، والشكر له على تدبيره ، لما هو خير لعبده ، وإن لم يشعر بذلك ، ومع أننا مملوكون لله ، فإنا إليه راجعون يوم المعاد ،
فمجاز كل عامل بعمله ، فإن صبرنا واحتسبنا وجدنا أجرنا موفورا عنده ، وإن جزعنا وسخطنا ، لم يكن حظنا إلا السخط وفوات الأجر، فكون العبد لله ، وراجع إليه ، من أقوى أسباب الصبر .
• - { أُولَئِكَ } الموصوفون بالصبر المذكور { عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ }
أي : ثناء وتنويه بحالهم { وَرَحْمَةٌ } عظيمة ، ومن رحمته إياهم ، أن وفقهم للصبر الذي ينالون به كمال الأجر ،
{ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }
الذين عرفوا الحق ، وهو في هذا الموضع، علمهم بأنهم لله ، وأنهم إليه راجعون ، وعملوا به وهو هنا صبرهم لله .
• - ودلت هذه الآية ، على أن من لم يصبر ، فله ضد ما لهم ، فحصل له الذم من الله ، والعقوبة ، والضلال والخسار ، فما أعظم الفرق بين الفريقين وما أقل تعب الصابرين ، وأعظم عناء الجازعين ، فقد اشتملت هاتان الآيتان على توطين النفوس على المصائب قبل وقوعها ، لتخف وتسهل ، إذا وقعت ، وبيان ما تقابل به ، إذا وقعت ، وهو الصبر ، وبيان ما يعين على الصبر ، وما للصابر من الأجر ، ويعلم حال غير الصابر ، بضد حال الصابر .
وأن هذا الابتلاء والامتحان ، سنة الله التي قد خلت ، ولن تجد لسنة الله تبديلا وبيان أنواع المصائب .
【 تيسير الكريم الرحمٰن ( ٧٥/١ ) 】
═════ ❁✿❁ ══════
🌟 قال العلامة عبد الرحمٰن بن ناصر السعدي
رحمه الله تبارك وتعالى - :
أخبر تعالى أنه لا بد أن يبتلي عباده بالمحن ، ليتبين الصادق من الكاذب ، والجازع من الصابر ، وهذه سنته تعالى في عباده ؛ لأن السراء لو استمرت لأهل الإيمان، ولم يحصل معها محنة ، لحصل الاختلاط الذي هو فساد ، وحكمة الله تقتضي تمييز أهل الخير من أهل الشر .
• - هذه فائدة المحن ، لا إزالة ما مع المؤمنين من الإيمان ، ولا ردهم عن دينهم ، فما كان الله ليضيع إيمان المؤمنين ، فأخبر في هذه الآية أنه سيبتلي عباده
{ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ } من الأعداء { وَالْجُوعِ } أي : بشيء يسير منهما ؛ لأنه لو ابتلاهم بالخوف كله ، أو الجوع ، لهلكوا ، والمحن تمحص لا تهلك .
• - { وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ } وهذا يشمل جميع النقص المعتري للأموال من جوائح سماوية ، وغرق ، وضياع ، وأخذ الظلمة للأموال من الملوك الظلمة ، وقطاع الطريق وغير ذلك .
• - { وَالأنْفُسِ } أي : ذهاب الأحباب من الأولاد ، والأقارب ، والأصحاب ، ومن أنواع الأمراض في بدن العبد ، أو بدن من يحبه ، { وَالثَّمَرَاتِ } أي : الحبوب ، وثمار النخيل ، والأشجار كلها ، والخضر ببرد ، أو برد ، أو حرق ، أو آفة سماوية ، من جراد ونحوه .
• - فهذه الأمور ، لا بد أن تقع ، لأن العليم الخبير ، أخبر بها ، فوقعت كما أخبر ، فإذا وقعت انقسم الناس قسمين : جازعين وصابرين ، فالجازع ، حصلت له المصيبتان ،
فوات المحبوب ، وهو وجود هذه المصيبة ، وفوات ما هو أعظم منها ، وهو الأجر بامتثال أمر الله بالصبر ، ففاز بالخسارة والحرمان ، ونقص ما معه من الإيمان ، وفاته الصبر والرضا والشكران ، وحصل له السخط الدال على شدة النقصان .
• - وأما من وفقه الله للصبر عند وجود هذه المصائب ، فحبس نفسه عن التسخط ،
قولا وفعلا واحتسب أجرها عند الله ، وعلم أن ما يدركه من الأجر بصبره أعظم من المصيبة التي حصلت له ، بل المصيبة تكون نعمة في حقه ، لأنها صارت طريقا لحصول ما هو خير له وأنفع منها ، فقد امتثل أمر الله ، وفاز بالثواب ، فلهذا قال تعالى : { وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ } أي : بشرهم بأنهم يوفون أجرهم بغير حساب .
• - فالصابرين ، هم الذين فازوا بالبشارة العظيمة ، والمنحة الجسيمة ، ثم وصفهم بقوله : { الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ }
وهي كل ما يؤلم القلب أو البدن أو كليهما مما تقدم ذكره .
•- { قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ } أي : مملوكون لله ، مدبرون تحت أمره وتصريفه ، فليس لنا من أنفسنا وأموالنا شيء ، فإذا ابتلانا بشيء منها ، فقد تصرف أرحم الراحمين، بمماليكه وأموالهم ، فلا اعتراض عليه ، بل من كمال عبودية العبد، علمه، بأن وقوع البلية من المالك الحكيم ، الذي أرحم بعبده من نفسه ، فيوجب له ذلك، الرضا عن الله ، والشكر له على تدبيره ، لما هو خير لعبده ، وإن لم يشعر بذلك ، ومع أننا مملوكون لله ، فإنا إليه راجعون يوم المعاد ،
فمجاز كل عامل بعمله ، فإن صبرنا واحتسبنا وجدنا أجرنا موفورا عنده ، وإن جزعنا وسخطنا ، لم يكن حظنا إلا السخط وفوات الأجر، فكون العبد لله ، وراجع إليه ، من أقوى أسباب الصبر .
• - { أُولَئِكَ } الموصوفون بالصبر المذكور { عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ }
أي : ثناء وتنويه بحالهم { وَرَحْمَةٌ } عظيمة ، ومن رحمته إياهم ، أن وفقهم للصبر الذي ينالون به كمال الأجر ،
{ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }
الذين عرفوا الحق ، وهو في هذا الموضع، علمهم بأنهم لله ، وأنهم إليه راجعون ، وعملوا به وهو هنا صبرهم لله .
• - ودلت هذه الآية ، على أن من لم يصبر ، فله ضد ما لهم ، فحصل له الذم من الله ، والعقوبة ، والضلال والخسار ، فما أعظم الفرق بين الفريقين وما أقل تعب الصابرين ، وأعظم عناء الجازعين ، فقد اشتملت هاتان الآيتان على توطين النفوس على المصائب قبل وقوعها ، لتخف وتسهل ، إذا وقعت ، وبيان ما تقابل به ، إذا وقعت ، وهو الصبر ، وبيان ما يعين على الصبر ، وما للصابر من الأجر ، ويعلم حال غير الصابر ، بضد حال الصابر .
وأن هذا الابتلاء والامتحان ، سنة الله التي قد خلت ، ولن تجد لسنة الله تبديلا وبيان أنواع المصائب .
【 تيسير الكريم الرحمٰن ( ٧٥/١ ) 】
═════ ❁✿❁ ══════