وجد شريعتي أن الماضي لم يقبر حتی يُهمل إصلاحه ، فهو ما زال كلاسيكية حية على حد تعبيره ، ونحيا به على ضياع ( ( هذا الماضي نفسه الذي يصنع شخصيتنا الثقافية ، والذي ننطلق منه .. أجل الماضي نفسه الذي مسخره أمام عيوننا ويصورونه في صورة سوداء منحطة ومقززة وقبيحة ) ) . الأمر الذي جعل شريعني ذات مرة حينما دعي لإلقاء محاضرة في مؤتمر لتعليم الدين عقد في خراسان ( إحدى أقاليم إيران ) وحضره معلموا مادة الدين من كل الأقاليم يشترط لإلقاء محاضرته شرطًا، بحيث يحدد الموضوع من البداية : فإن قبل سيلفي المحاضرة . وسألوه : ما هو ؟ قال : بحث بشأن اقتراح إلى وزارة التعليم ، وتنفيذه سهل جدا ولا يريد خبيرًا ولا تلزمه میزانية ، وهو إلى جوار ذلك أعظم خدمة للإسلام ، ذلك هو أن تلغى برامج تعليم الدين في المدارس ، وتوضع الرياضة البدنية محله ) ). قد يتفاجا القارئ الذي لا يمعن أو لم يعرف الأسس التي بني عليها شريعتي ذلك ، كيف بترك الدين ويستبدل بالرياضة البدنية ، إلا أن غوصة في الأعماق مع الوضع الراهن للدين سيجد أن الغطاء والمسبقات الذهنية والتغليفات التاريخية التي تزرق دينا مزيفًا في روح الفرد حتى يغدو معها غير قادر على الإصغاء إلى حقيقة الدين حين طرحه من الإصلاحيين والمجددین . فمن الصعب التنازل عن قناعات اجتماعية تسمى حقائق أو ترسخ كحقائق ، وإن كانت منافية للعقل ، بما تؤصل له مداخل علوم الميثولوجيا ، في آلية أثبات فكرة خرافية وتحولها إلى حقيقة وذلك بتوفرها على فترة زمنية سيما إذا تبنتها مجموعة بشرية ذات أثر في جغرافية معينة .
-عبد الرزاق الجبران ، كتاب علي شريعتي وتجديد الفكر الديني
-عبد الرزاق الجبران ، كتاب علي شريعتي وتجديد الفكر الديني