في ليلة حالكةٍ نورها الوحيد يشع من سيارة خارجة من مطار بغداد، حدثت قصة، رُواتها حمامةٌ اسهدها الشوق والخوف، وخاتم في اصبع قاسم، ونظارة امام عيني جمال، وصاروخ !
الحمامة : اسكن في عش صغير لا يبعد كثيرا عن المطار، كنت ارقبهم دوماً في غدوهم ورواحهم، في حلّهم وترحالهم، قاسم و جمال،
كنتُ دوماً اولَ الواصلين للقائهم ..
تلك الليلة هبّت ريحٌ صفراء بعثرت قشَّ عشي فبتُّ بلا مأوى، شعرتُ بالحرية تملأ روحي اذ لم يعد يربطني بالارض شيء، وطرت محلقة اليهما ففي وجهيهما امني و سكينتي ...
الخاتم : كنت في اصبعه طوال الطريق في الطائرة المحلقة من دمشق، عرفتُ ان الوجهةَ بغداد، فبغداد تعني بالنسبة للحاج لقاء الحبيب، تعني خفقات قلبٍ عالية،تعني عينين مغرورقتين، وما ان لامست قدما الحاج ارضَ بغداد حتى هرول نحو الحبيب المنتظر واشتدَّ العناق ..
النظارة : ارتداني على عجل واسرع راكضاً الى السيارة .. اعرف هذه النظرة اعرف كل نظراته فمن خلالي يرى العالم وانا ارى كيف يرى كلَ شيء ..
حين يحبسُ دموعَ الشوق من النزول على وجنتين ترفعهما ابتسامةُ فرحٍ عريضة،
فلا شك انه ذاهب للقاء الحبيب ..
هناك ، لمَحَهُ من بعيد .. هرول مسرعاً .. فتح ذراعيه واغمض عينيه واتحدت دقات قلبيهما ..
الصاروخ : حملوني كرها الى الطائرة المُسَيرة .. لم يلتفتوا الى نُواحي و صراخي، عرفتُ انهم يعدونني ليوم فاجعةٍ قريب، رأيتُ كيف ارغموا رفاقي الصواريخ على ضرب الابرياء ..
انهم حقاً وحوشٌ بلا رحمة ..
الحمامة : غادرتْ السيارة المطار وانا حلّقتُ مسرعةً خلف مصدر امان المستضعفين
الخاتم : في السيارة امتدتْ يد الحاج التي تحملني الى يد الحاج جمال واشتبكتا
كنت أُلامس اليدين معا .. اشعر بنبضيهما يعلو و يعلو و هما يتهامسان، يتعاهدان ويبتسمان لبعضهما ..
النظارة : كانا ينظران عميقاً في عيني بعضهما ...
البؤبؤان متسعان ويلمعان ككوكبين دُرِّيين ..
و لم يحبس ايٌّ منهما دموعه فانهارت غزيرةً تبلل اللحيتين ..
الصاروخ : اطلقوني وانا استغيث و اتوسل اطلقوني واطلقوا معي صرخات كل احرار العالم ..
الحمامة : كنت مازلت اتأملهما عبر نافذة السيارة واذا بضوء يخطف في السماء آتٍ نحونا .. صرخت !! لم يجبني احد
طرت نحو الضوء القادم، عرفت انه صاروخ
وقفت امامه و فردتُ جناحيَّ .. ساحميهما !
الخاتم والنظارة : آخر ما قالاه و قد فتحا ذراعيهما : إليَّ يا اخي .. فتعانقا وانفجر كلُ شيء وتناثر ...
الخاتم : صحوتُ بعد مدة، وجدت نفسي بيد الحاج لكن يد الحاج ليست بجسمه !
النظارة : صحوت واذا بي ملقاةً بجانب اشلائهما المغطاة بريش حمامة! ..
الصاروخ .. بات خردة محترقة مرمية
الحمامة .. داميةٌ مقطعة الاجنحة على قارعة الطريق..
النظارة .. محترقةٌ، تذرف دمع الفراق
فراق عيني الحاج احالها رمادا
الخاتم .. كان الاوفر حظاً بين الجميع، عانق الاشلاء و نام في ملحودة قبره .
-مريم عبدالله
الحمامة : اسكن في عش صغير لا يبعد كثيرا عن المطار، كنت ارقبهم دوماً في غدوهم ورواحهم، في حلّهم وترحالهم، قاسم و جمال،
كنتُ دوماً اولَ الواصلين للقائهم ..
تلك الليلة هبّت ريحٌ صفراء بعثرت قشَّ عشي فبتُّ بلا مأوى، شعرتُ بالحرية تملأ روحي اذ لم يعد يربطني بالارض شيء، وطرت محلقة اليهما ففي وجهيهما امني و سكينتي ...
الخاتم : كنت في اصبعه طوال الطريق في الطائرة المحلقة من دمشق، عرفتُ ان الوجهةَ بغداد، فبغداد تعني بالنسبة للحاج لقاء الحبيب، تعني خفقات قلبٍ عالية،تعني عينين مغرورقتين، وما ان لامست قدما الحاج ارضَ بغداد حتى هرول نحو الحبيب المنتظر واشتدَّ العناق ..
النظارة : ارتداني على عجل واسرع راكضاً الى السيارة .. اعرف هذه النظرة اعرف كل نظراته فمن خلالي يرى العالم وانا ارى كيف يرى كلَ شيء ..
حين يحبسُ دموعَ الشوق من النزول على وجنتين ترفعهما ابتسامةُ فرحٍ عريضة،
فلا شك انه ذاهب للقاء الحبيب ..
هناك ، لمَحَهُ من بعيد .. هرول مسرعاً .. فتح ذراعيه واغمض عينيه واتحدت دقات قلبيهما ..
الصاروخ : حملوني كرها الى الطائرة المُسَيرة .. لم يلتفتوا الى نُواحي و صراخي، عرفتُ انهم يعدونني ليوم فاجعةٍ قريب، رأيتُ كيف ارغموا رفاقي الصواريخ على ضرب الابرياء ..
انهم حقاً وحوشٌ بلا رحمة ..
الحمامة : غادرتْ السيارة المطار وانا حلّقتُ مسرعةً خلف مصدر امان المستضعفين
الخاتم : في السيارة امتدتْ يد الحاج التي تحملني الى يد الحاج جمال واشتبكتا
كنت أُلامس اليدين معا .. اشعر بنبضيهما يعلو و يعلو و هما يتهامسان، يتعاهدان ويبتسمان لبعضهما ..
النظارة : كانا ينظران عميقاً في عيني بعضهما ...
البؤبؤان متسعان ويلمعان ككوكبين دُرِّيين ..
و لم يحبس ايٌّ منهما دموعه فانهارت غزيرةً تبلل اللحيتين ..
الصاروخ : اطلقوني وانا استغيث و اتوسل اطلقوني واطلقوا معي صرخات كل احرار العالم ..
الحمامة : كنت مازلت اتأملهما عبر نافذة السيارة واذا بضوء يخطف في السماء آتٍ نحونا .. صرخت !! لم يجبني احد
طرت نحو الضوء القادم، عرفت انه صاروخ
وقفت امامه و فردتُ جناحيَّ .. ساحميهما !
الخاتم والنظارة : آخر ما قالاه و قد فتحا ذراعيهما : إليَّ يا اخي .. فتعانقا وانفجر كلُ شيء وتناثر ...
الخاتم : صحوتُ بعد مدة، وجدت نفسي بيد الحاج لكن يد الحاج ليست بجسمه !
النظارة : صحوت واذا بي ملقاةً بجانب اشلائهما المغطاة بريش حمامة! ..
الصاروخ .. بات خردة محترقة مرمية
الحمامة .. داميةٌ مقطعة الاجنحة على قارعة الطريق..
النظارة .. محترقةٌ، تذرف دمع الفراق
فراق عيني الحاج احالها رمادا
الخاتم .. كان الاوفر حظاً بين الجميع، عانق الاشلاء و نام في ملحودة قبره .
-مريم عبدالله