الحلل والتيجان

صبحكم الله بالخير
عقلية التشتت والتسويف لن تضيع عمرك فحسب، بل ستمنعك من رؤية الفرص العظيمة وستحول بينك وبين أبواب خلفها عوالم مذهلة

ولأن المشتت لا ينفك عن هذه الصفة، فيكون بحثه عن الحل يزيد تشتته، فيعرف مثلا أربعة مصادر كلها ستحل مشكلته، ثم بطبيعة الحال بسبب التسويف لن يبدأ بأي حل

لا تبحث عن حلول بعيدة المنال أو تلزم أكثر من خطوة، التشتت جزء كبير منه نفسي معرفي
سأعرّف كل جانب ثم اتبعه بذكر طرف من العلاج

أما المعرفي: فجانب منه أفكار مستقرة في ذهنك، أن العلماء والناجحون بذلوا جهدا عاليا، وتستحضر قصصهم، فمنهم من حفظ القرآن قبل البلوغ، ومنهم من حفظ صحيح البخاري قبل السابعة، ثم تستحضر همم العلماء وجلدهم في تحصيل العلم، وغير ذلك من النماذج التي ستقودك لسلوك التشتت والتسويف

قصص العلماء ليست الثمرة منها الاقتداء المطلق ولكن مطلق الاقتداء، الثمرة منها أن تتيقن أن هذا الطريق سلكه كثير، فإن سلكته سهل الله لك طريقا للجنة، فتقتدي بهم في التوجه لا في هيئة السير، فإن لكل عصر طبيعته، ولكل أحد خصائصه الفردية، فلا يصح أن تهمل ذلك لاعتقادك أن الاقتداء التام يلزم منه نفس النتيجة

فإن استمررت على نهجك لن تحصل شيئا، وستصل دائما لنفس النتيجة لأنك تتبع نفس الخطوات بنفس العقلية، يجب أن تدرك أن غاية هذا العلم أن تخشى الله وتتقرب منه وأن يحشرك الله مع العلماء، لا أن تكون مبرزا ولا مشهورا ولا فلتة عصرك وواحد زمانك وفريد أقرانك، دع عنك ذلك كله، فإن استقر ذلك في ذهنك حقا، سترى أن حفظ حديث واحد يوميا؛ إنجاز عظيم، تلك الهمم العالية والإنجازات العظيمة بدأت بشيء قليل

قال أبو عبد الرحمن السلمي: "حدثنا الذين كانوا يُقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي ﷺ عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل"، قالوا: "فتعلمنا القرآن، والعلم، والعمل جميعاً"، ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة، وقال أنس: "كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جدَّ في أعيننا".

وقال الزهري: «من طلب العلم جملة فاته جملة، وإنما يدرك العلم حديث وحديثان»

كذلك إضافة للإنجاز العظيم الذي سيجتمع لك، بعد زمن ستعلو همتك، لكن بعد كد وصقل، ثم سبرتفع تحصيلك، فلا تستعجل الثمرة

وأما الجانب النفسي:
فيرجع لشعورك بالتقصير وضياع وقت كثير، فتحاول مضاعفة الإنجاز، لكن ما يحدث هو أنك تبدأ وتنجز وتعتريك مشاعر جيدة ثم تستطيل الطريق وتشعر بالملل وتخشى التعب، فتسوف ثم تتوقف، بعد ذلك تعتقد أن المشكلة في الخطة أو الكتاب أو الطريقة التي تسير عليها، فتنتقل لشيء آخر، ثم تصل لنفس النتيجة وتستمر بالتنقل والتوقف.

إذا: تقرأ قصص العلماء وقوة همتهم
تشعر بالتقصير وضياع الوقت
تضاعف كم الإنجاز
تشعر بالملل ونفسك لا تقوى التعب
ثم تسوف = تتوقف = تنتقل = تتشتت
ثم تستمر الدائرة

أولا شعور التقصير والتحسر على ما فات يجب أن لا يجاوز الحد فيوصلك للقنوط أو استعجال الثمرة، ولكن استعمله ليحرك همتك، فالرغبة بالتغيير ضرورية لكن يجب أن يصاحبها فعل، وهذا الفعل يجب أن يكون منضبطا

ولكي تخرج من الكلام بشيء عملي: اختر كتابا واحدا فقط [هذا مثال، بإمكانك استعماله في شتى الأمور، كالرياضة والأكل الصحي وغيرها]
-وهذه أول خطوة في علاج التشتت والتسويف، أن تختار هدفا واحدا-
بعد ذلك قسمه، فتقرأ مثلا خمس صفحات فقط، نعم الكم قليل، لكن غايتك أن تكتسب سلوكا ربما أهم من الكتاب نفسه، فتضع هذا التقسيم في خطة واضحة، لا مجال فيها للتسويف، ولا تأجيل مقدار اليوم للغد، لا تتنازل عن هذه الصفحات ولو قرأتها بلا فهم، وبإمكانك استعمال تقنية اسمها: بومودورو، وخلاصتها: أن تحدد ٢٥ دقيقة تقرأ فيها بعد ذلك يرن المنبه فتتوقف وترتاح خمس دقائق ثم ترجع مرة أخرى حتى تنهي الكتاب، وهذه الطريقة تعالج أمرين كثيرا ما يقطعانك في سيرك: الملل وثقل المهمة على نفسك، ولكن حين تحدد وقتا معلوما ستشعر أن المهمة صارت غير ثقيلة، لأن الذي أمامك هو ٢٥ دقيقة فحسب، وأما الملل فيتلاشى لأن أمامك هدفا قصيرا، حتى صوت المنبه حين ينتهي الوقت المحدد سيبعث فيك السعادة

وهذا ليس خاصا بالتقنية هذه، فعلاج استطالة الطريق/ثقل المهمة وعلاج الملل هو تقسيم المهمة الكببرة لمهام يومية صغيرة

فتستمر في هذا الكتاب وتبعد كل المشتتات كالتلفاز والجوال، وتأخذ عهدا أن لا تنظر في غيره، فإن اعترتك رغبة بالانتقال لكتاب جديد اكتبه في ورقة صغيرة وضعها في صندوق اسمه مثلا: صندوق الأمنيات، المهم أن تفرغ ذهنك، فتكتب أي شيء يرد عليك حتى لو كان بعيدا عن المهمة، المهم أن تخلص ذهنك مما يشتته

وهكذا ستستمر في الكتاب وستنجز هدفا كل يوم، ولصغر الهدف اليومي لن تشعر بثقله أو بالملل = ستنجزه


هذا شيء خطر لي صباح اليوم
وأسأل الله أن يطرح فيه البركة
وتلتمسوا منه النفع، والحمدلله

{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}

قال البخاري : قال أبو العالية: صلاة الله : ثناؤه عليه عند الملائكة ، وصلاة الملائكة : الدعاء . وقال ابن عباس : يصلون : يبركون

وأفضل هيئات الصلاة على النبي: "اللّهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد"
#حلة

{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}

قال البخاري : قال أبو العالية: صلاة الله : ثناؤه عليه عند الملائكة ، وصلاة الملائكة : الدعاء . وقال ابن عباس : يصلون : يبركون

وأفضل هيئات الصلاة على النبي: "اللّهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد"
#حلة