•السوشيال ميديا عَالِمٌ من البوّابات
يتصوَّر البعضِ إنّ -السوشيال ميديا- مِن خِلالها نستطيعُ أَنْ نبث افكارنا وأَرَانَا والجميع ينظُرُ لَنا , وَهذِه مَا اسميها (وَهُم تَّبصُّر الميديا), يُتوقَّع الاغلبية , أَنَّهُ و بِمُجرَّدِ امِتلاكه صفحَة عَلى -مواقِعِ التَّواصُل- وطرَح أَفكارِه, بِأَنَّه يصلُ إلَى أَكْثَرِ عدَدٍ من الْأَشخاص ويقنعهم بأفكاره, ويُتصوَّر بِأَن الْجَمِيع سيتابع مَا ينشُره ويتأثرون بسهولة , لَكِن لَلْأَسَف هَذَا وَهمٌ-الميديا , أَن -إِلفِيس بك أَو الانستا- أَو أَيُّ مِنصَّة في عالَمِ الميديا هِي تقترح لَك أَشخَاص يتَّفقُون بِما تَنشُر مبدئياً , وَاقْصِد الصَّفَحات الشَّخصيَّة اولاً. تقترح علَيك -الميديا- أَشخَاص هُم يتفقون تقريباً مع توجهاتك,السِّياسيَّة والاقتصادية, وَالفِكرِيَّة (الخوارزميات ) لنأخذ علَى سبِيلِ المِثَالِ شَيءٌ تَوضيحِي بِمَا اقْصِده, فالمُتديِّن مبدئياً يضَيِّفَ من هُوَ قَرِيبٌ عَلى فكرِهِ أو (الخوارزميات )من تقترح ذلك له , ولمتشدد كذَلِك والمتحر وَالمُحافظ, والتقدمي وَإِلَخ, لذلِكَ حتَّى وَإِن لَم يَقْتَرِح لَك المَوقِع ذلك فإِنَّك مبدئيا ستضع قُيُود لَا شعورية فِي مملكتك الخاصَّة, وتضع قَوانِين خُلُق خَاصَّة بِك ولتوجهاتك أَنْت, وَعلَى هذا الْأَسَاس ستضع لايك أَو أَحببتُهُ, بِما ترغَب وعلى هذَا الْأَسَاس ستظهر لَك منشورات وآرَاء من وضعت لهُم ذلكَ, وتستمع إلى الأَخبَارِ الَّتِي تودها وَبِهذَا أَنْت قُمت بِوَضع بوابات لهذهِ الموَاقِع , وَأَنَا أقربها ,باللاوعي الفرويدي , الَّذِي يَقُولُ ؛ " إنَّ الْإِنْسَانَ غالباً مَا تسيره أَفْكَارِه اللاشعورية ومَلَذَّاته وَما يُحبّ" بِالتَّالي ستُصبِح صفحتك هِيَ مَا تُريدُ أَنْ تَسْمَعَهُ وَتَرغَب بِه سابقاً , وعلى هذا الأَساس , لَا يُوجدُ جَدِيد, فالمُتشدِّد يَزْدَادُ تشبّث, والمتدينون يزدَادُون تدين وهكذا دَوَالَيكَ مستمرة. إذن ماذَا فَعلت المَواقِع تِلْك ؟ هَل ياترى أَصبحت تقرب وجهات النظر بين الاشخاص المختلفين ؟ واقعاً, المواقع تم استغلالها بقيام حروب عرقية وطائفية وفكرية ( العراق على سبيل المثال) واقعاً لَا يحصُلُ شَيءٌ فَأَنتَ فِي بَوَّابَات لاشعورية تختار أَشْيَاء مُبَرمَج علَيهَا إلَّا ماندر , يعتقِد لِبعض ان -الميديا- اِستطاعَت أن تُجعلَ العَالم قَريَةً صغِيرةً وَهَذَا غَيرُ صَحِيحٍ -فالميديا- لم تفعل ذَلِكَ وَإِنَّمَا وَفَرّت لَك مَا تُحبُّ أَنت , جعلتك ملكً عَلَى تلكَ الْقَريَةِ الْخَاصَّة بك ,انَت قابِع فِي قَريَّةٌ وَغيْر مُطَّلِعٌ عَلَى مَنْ يخالفك الرَّأْي, وعلى الأرجح انت بين افكارك, انت بين مِن يوافقونك لِأَنَّك تُشبِه أَفْكَارِهِم ويعززون افكارك بِالْأَدِلَّة الَّتي أَنْتَ مُقتَنِع بِهَا مبدئياً, اما الجَانِبِ الْآخَر, الذين يَخْتَلِفُون معك أَوْ يختلفون عنك, تستطيع انّ تطَردتهُم مِن مملكتك الْخَاصَّةِ بضغطة زر الـ block, أَو لايظهرون لَك فِي (الْعَامِ). الميديا وفّرت لك مَملَكَةٌ كان يطمح بها المسيح في بداية دعوته لانه كان يُقصاء ويعزل عن المملكة ِالشمولية : «مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هذَا الْعَالَمِ. لَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هذَا الْعَالَمِ، لَكَانَ خُدَّامِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لاَ أُسَلَّمَ إِلَى الْيَهُودِ. وَلكِنِ الآنَ لَيْسَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هُنَا»." (يو 18: 36) أَنّ الخوارزميات تعرِف مَا يزعجك وَمَا تُحِبُّه, بتالي لَا يزعجك مِن يشكَّكُ فِي معتقداتك.انّ الْمَوَاقِع الافتراضية لَمْ تَكُن بالدرجة الاولى مُنَاقَشَاتٌ بَيْن مُخْتَلِفَيْن الْآرَاء وَإِنَّمَا هِيَ مُناقشَةٌ بَينَ مَنْ يَتَّفِقُونَ فِي جَوْهَرِهَا ولديهم بَعْض الِاختلَافَات البسِيطَة ويعزُّونهَا في مابينهم اما الجانب الاخر الغير مرحب بهم فهي مشاحنات وتعصب, لَم يحصُلُ مَا هُو جديدٌ ,طبعاً لَا أُنكرُ دُور الميديا و ما بها من فوائد، لها ما لها وعليها ما عليها وهذا بديهي .