بقي يومٌ على هذه المعركة، رغم إني قاتلت في معارك قبل، وقتلت من الرجال والصبيان، لكني لا أعرف لماذا أشعر بهذا الذعر الآن، وكأنني سأجزم أنها آخر معركةً لي، ولكن لا، لن تكون آخر معركةً لي، لأني سأشق طريقي نحو النجاة، ولأني أعرف كيف أقاتل، إنها فقط الكوابيس التي واتتني أمس وقبله، هي من تزعزعني عن ثقتي، تباً لهذه الكوابيس، إنها آفة لكل جندي.
لا يحزنني إلا وعدي لزوجتي وابنتي للعودة إلى الوطن، وأنا لست متأكداً من ذلك، أحياناً أفكر أنه يمكنني نجاتي لوحدي، ولكن لا، لا يمكنني، فلدي رفقائي في السلاح، هم من يحمون ظهري، ويدعموني، وأنا سأحميهم وأدعمهم لكي يعودوا إلى عائلاتهم، دائماً ما ينتقدونا في المدافعة عن الوطن والأمة وما ذلك من هراء، لكن ليس هذا ما نفعله، كل ما نفعله هو أننا نحمي بعضنا كجنود حتى نعود لعائلاتنا، لكي نرى صغارنا الذي كبروا والذي ولدوا ولم نراهم بعد، احمي رفيقك لكي يعود، هذا ما يدفعنا كلنا إلى القتال، ولكن من يضعنا في هذه المعارك، نعلم أنه الأخ الأكبر، من يضعنا تحت المحك والموت، تباً له، نعم، كلنا فكرنا في البداية أننا سنحمي وطننا وأمتنا، ولكن بعدما ذقنا الجحيم، ليس هذا هدفنا بعد الآن، نحن فقط بيادق للعبةً أكبر، ماذا سيهمهم موتنا بعد أن أرسلونا إلى الموت أصلاً، كل ما يحزنني أنني أرى كل عام وجوهٌ شابةً صغيرة، بدل أن تفعل شيئاً جميلاً هناك، تأتي هنا، لكي تموت، وببشاعة، الضرر قد حدث أصلاً، لا يمكنك إقناع هؤلاء الصبيان للعودة، ففيهم تلك الشجاعة الجندية الأصيلة والساذجة.
٢٤ شاباً تجندوا لهذه العملية، أرى فيهم تلك الروح الحماسية والشجاعة، والغبية، أعلمهم أن لا يغتاروا بأنفسهم، وأكرر عليهم أن تنتبه دائماً إلى ظهر رفيقك، رفيقك أولاً والعدو تالياً، كلنا ركبنا الطائرة التي ستنقلنا إلى الموت، نجهز أسلحتنا ومعداتنا وأدرعتنا، ونغني.
سقطت طائرتنا فجأة، إثر صاروخٍ أرضي، لم نعلم عن أنفسنا حتى ضربنا الأرض ... وجدت خمسة قد ماتوا، هناك من أنقذ نفسه خارج الطائرة وهناك من أنقذ الآخرين، خرجنا من تلك الطائرة المحترقة على أية حال ... معركة شعواء أمامنا، جثث رفقائنا مدمية وهادمة، أشلاء وعظام مطحونة، لا تعلم من كان هذا، و...
٢٤ شاباً قد ماتوا كلهم، في أول معركة لهم، لم يبقى إلا أنا وباقي وحدتي، لم استطع حماية أحد، العدو يمطر علينا بالرصاص والصواريخ، لا أعلم ما الذي يحدث...
لم استطع حتى بتصويب سلاحي، كل ما يمكنني ان افعله انني اتسند على ظهري، وأشاهد الموت... كان منظراً...
اسمع صرخات رفيقي (جيسون) يناديني أن أفيق من صدمتي، أثناء مشاهدتي لهؤلاء الشبان...
أفقت وأمسكت سلاحي، السلاح الذي لم يفيدني، وتحركنا للهروب، كلنا ٦ ضد عشرات من الأفغان، كل ما أمكنني فعله هو قتل كل ما يضيء بين تلك الأشجار، وما يضيء علينا هو الرصاص، رصاص متجه نحونا، جيسون قد طلب الدعم الجوي حتى يتم إنقاذنا، وكل ما علينا فعله هو الذهاب إلى نقطة الالتقاء، بأقدامنا، كانت تبعد ١٠ كيلو من موقعنا، ركضنا ركضاً لقرابة الساعة، من وابلاً من الرصاص، وقتل ودم.
جيسون قد مات خلال هروبنا، وأنا تلقيت رصاصات عدة على درعي وظهري، لكن كل ما يبقني حياً هي زوجتي وابنتي، لا أستطيع أن أموت، لا يمكن أن أموت، سأموت بين ذراعيها...
تارةً أركض باكياً، وتارة ملوحاً بسلاحي، وتارة حاملاً أحد رفقائي، وتارة أسقط على رأسي، وتارة تلتوي قدمي، كل ذلك بين الأشجار والصخور وتلال الجبال والمستنقعات.
وفجأة ضربت ساقي بصخرة، وسقطت أرضاً، لم استطع الحراك، استسلم جسمي أخيراً، رجع ويليام لإنقاذي، ولكن لم يستطع، العدو يحاول ضربه، ولأنني كنت سقطت داخل شجيرة صغيرة، لم يستطيعوا رؤيتي، بقيت صامتاً داخل الشجيرة، واسمع ركضاتهم وصراخهم، كذئاب تلاحق فرائسها.
ألقيت نظرة على ساقي، ورأيت عظمي بارزاً،
ورأيت كامل جسمي، مغطى بالدم، وفجأة أحسست بكامل الآلام التي تلقيتها، وكأن الادرينالين قد اختفى ... وقلت لنفسي: هذه هي ... هذه هي النهاية، هنا أنا ... هنا مكاني
أغمضت عيناي، ورأيت صوفيا وليلي تودعاني، يعلمون مكاني، واعلم مكانهم
علمت أني سأراهم يوماً ما، ليس هنا، في عالمٍ أقل رعباً وأقل قبحاً، هناك ... في السماء.
لا يحزنني إلا وعدي لزوجتي وابنتي للعودة إلى الوطن، وأنا لست متأكداً من ذلك، أحياناً أفكر أنه يمكنني نجاتي لوحدي، ولكن لا، لا يمكنني، فلدي رفقائي في السلاح، هم من يحمون ظهري، ويدعموني، وأنا سأحميهم وأدعمهم لكي يعودوا إلى عائلاتهم، دائماً ما ينتقدونا في المدافعة عن الوطن والأمة وما ذلك من هراء، لكن ليس هذا ما نفعله، كل ما نفعله هو أننا نحمي بعضنا كجنود حتى نعود لعائلاتنا، لكي نرى صغارنا الذي كبروا والذي ولدوا ولم نراهم بعد، احمي رفيقك لكي يعود، هذا ما يدفعنا كلنا إلى القتال، ولكن من يضعنا في هذه المعارك، نعلم أنه الأخ الأكبر، من يضعنا تحت المحك والموت، تباً له، نعم، كلنا فكرنا في البداية أننا سنحمي وطننا وأمتنا، ولكن بعدما ذقنا الجحيم، ليس هذا هدفنا بعد الآن، نحن فقط بيادق للعبةً أكبر، ماذا سيهمهم موتنا بعد أن أرسلونا إلى الموت أصلاً، كل ما يحزنني أنني أرى كل عام وجوهٌ شابةً صغيرة، بدل أن تفعل شيئاً جميلاً هناك، تأتي هنا، لكي تموت، وببشاعة، الضرر قد حدث أصلاً، لا يمكنك إقناع هؤلاء الصبيان للعودة، ففيهم تلك الشجاعة الجندية الأصيلة والساذجة.
٢٤ شاباً تجندوا لهذه العملية، أرى فيهم تلك الروح الحماسية والشجاعة، والغبية، أعلمهم أن لا يغتاروا بأنفسهم، وأكرر عليهم أن تنتبه دائماً إلى ظهر رفيقك، رفيقك أولاً والعدو تالياً، كلنا ركبنا الطائرة التي ستنقلنا إلى الموت، نجهز أسلحتنا ومعداتنا وأدرعتنا، ونغني.
سقطت طائرتنا فجأة، إثر صاروخٍ أرضي، لم نعلم عن أنفسنا حتى ضربنا الأرض ... وجدت خمسة قد ماتوا، هناك من أنقذ نفسه خارج الطائرة وهناك من أنقذ الآخرين، خرجنا من تلك الطائرة المحترقة على أية حال ... معركة شعواء أمامنا، جثث رفقائنا مدمية وهادمة، أشلاء وعظام مطحونة، لا تعلم من كان هذا، و...
٢٤ شاباً قد ماتوا كلهم، في أول معركة لهم، لم يبقى إلا أنا وباقي وحدتي، لم استطع حماية أحد، العدو يمطر علينا بالرصاص والصواريخ، لا أعلم ما الذي يحدث...
لم استطع حتى بتصويب سلاحي، كل ما يمكنني ان افعله انني اتسند على ظهري، وأشاهد الموت... كان منظراً...
اسمع صرخات رفيقي (جيسون) يناديني أن أفيق من صدمتي، أثناء مشاهدتي لهؤلاء الشبان...
أفقت وأمسكت سلاحي، السلاح الذي لم يفيدني، وتحركنا للهروب، كلنا ٦ ضد عشرات من الأفغان، كل ما أمكنني فعله هو قتل كل ما يضيء بين تلك الأشجار، وما يضيء علينا هو الرصاص، رصاص متجه نحونا، جيسون قد طلب الدعم الجوي حتى يتم إنقاذنا، وكل ما علينا فعله هو الذهاب إلى نقطة الالتقاء، بأقدامنا، كانت تبعد ١٠ كيلو من موقعنا، ركضنا ركضاً لقرابة الساعة، من وابلاً من الرصاص، وقتل ودم.
جيسون قد مات خلال هروبنا، وأنا تلقيت رصاصات عدة على درعي وظهري، لكن كل ما يبقني حياً هي زوجتي وابنتي، لا أستطيع أن أموت، لا يمكن أن أموت، سأموت بين ذراعيها...
تارةً أركض باكياً، وتارة ملوحاً بسلاحي، وتارة حاملاً أحد رفقائي، وتارة أسقط على رأسي، وتارة تلتوي قدمي، كل ذلك بين الأشجار والصخور وتلال الجبال والمستنقعات.
وفجأة ضربت ساقي بصخرة، وسقطت أرضاً، لم استطع الحراك، استسلم جسمي أخيراً، رجع ويليام لإنقاذي، ولكن لم يستطع، العدو يحاول ضربه، ولأنني كنت سقطت داخل شجيرة صغيرة، لم يستطيعوا رؤيتي، بقيت صامتاً داخل الشجيرة، واسمع ركضاتهم وصراخهم، كذئاب تلاحق فرائسها.
ألقيت نظرة على ساقي، ورأيت عظمي بارزاً،
ورأيت كامل جسمي، مغطى بالدم، وفجأة أحسست بكامل الآلام التي تلقيتها، وكأن الادرينالين قد اختفى ... وقلت لنفسي: هذه هي ... هذه هي النهاية، هنا أنا ... هنا مكاني
أغمضت عيناي، ورأيت صوفيا وليلي تودعاني، يعلمون مكاني، واعلم مكانهم
علمت أني سأراهم يوماً ما، ليس هنا، في عالمٍ أقل رعباً وأقل قبحاً، هناك ... في السماء.