الإيمــان في مواجهة ظروف الحياة .. !!
الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحًا لذكره، وسببًا للمزيد من فضله، جعل لكل شيء قدرًا، ولكل قدر أجلاً، ولكل أجل كتابًا. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تزيد في اليقين، وتثقل الموازين، وتفتح لها أبواب جنةُ رب العالمين, وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله وصفيه وخليله، أمين وحيه، وخاتم رسله، وبشير رحمته صلى الله عليه، وعلى أهل بيته مصابيح الدجى، وأصحابه ينابيع الهدى، وسلم تسليمًا كثيرًا, أما بعد: أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل القائل سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران:102).
أيها المسلمون/عبادالله: ما أجمل الإيمان عندما يستقر في القلوب وتستشعره النفوس وتتذوق حلاوته الجوارح ويثمر في واقع الحياة عملاً صالحًا ولسانًا صادقًا وخُلقًا حسنًا وسلوكًا قويمًا, وطمأنينة نفس وهدوء بال, وما أحوجنا إلى هذه القيم الإيمانية وثمارها اليانعة في زمن كثر فيه البلاء واستبد به اليأس والقنوط,وظهر القلق على الصغير والكبير, ما أحوجنا إلى الإيمان وتجديده في النفوس لنحيا من جديد, ونستطيع من خلاله أن نواجه مصاعب الحياة بثبات وأمل وحسن ظن وثقة بالله , ما أحوجنا إليه لنروي به صحراء قلوبنا القاحلة، وتلين به قلوبنا القاسية وتصلح أحوالنا، وتهذب سلوكياتنا وتأمن أوطاننا، ويسعد أولادنا وتزدهر أمتنا وتتجدد الثقة بأنفسنا ويعود الأمل إلى حياتنا.
فالإيمان يبث الأمل ويصنع التفاؤل ويثبت القلوب, وجدت ذلك أم موسى -عليه السلام- وهي في أصعب الظروف وأحلك الأوقات وأشد البلاء عندما أُمرت أن تلقي ولدها وفلذة كبدها في البحر الهائج المتلاطم الأمواج وهو الطفل الرضيع خوفاً من فرعون وجنوده قال تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ * وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) [القصص:7-9], فلما كان حال هذه الأم، وكان هذا إيمانها، تتابعت الأحداث وتهيأت الأسباب وعاد الولد إلى حضن أمه قال تعالى: (فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [القصص:13]..نعم .. لتعلم أن وعد الله حق وأن الله قادر لا يعجزه شيء..
إذا اشتملت على اليأس القلوبُ * وضاق لما به الصدر الرحيبُ
وأوطأت المكـاره واطمأنت * وأرست في أماكنها الخطوبُ
ولم تر لانكشاف الضر وجهاً * ولا أغـنى بحيلته الأريـبُ
أتاك على قـنوط منك غوثٌ * يمنّ به اللطـيف المستجيبُ
وكـل الحادثات وإن تـناهت *** فموصول بها الفرج القريبُ.
عبـــاد الله : الإيمان ينفث في روع المؤمن وقلبه أن الله واحد لا شريك له، وأن كل شيء بقدرته وإرادته، وأنه يدبر أمور العباد، وأن الرزق بيده، والموت والحياة والسعادة والشقاء بيده، وأن المسلم يؤجر على صبره وثباته على الحق في كل الظروف والأحوال، وأن الجنة هي دار القرار، وفيها الحياة الأبدية، وهو موقن أن "ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه" لو اجتمع أهل الأرض والسماوات على نفعه بغير ما كتب له فلن يستطيعوا، ولو اجتمعوا على منعه عما قدر له فلن يبلغوا، فلا يهلك نفسه تحسراً، ولا يستسلم للخيبة والخذلان ولا يتسلل اليأس والقنوط إلى قلبه, ولا يعتريه الكدر والضجر ولا توسوس له نفسه بمخالفة أمر ربه, فظروف الحياة مع الإيمان لا تكدر للفرد صفاءً ولا تزعزع له صبراً، قال صلى الله عليه وسلم: "عجبا لأمر المؤمن! أمره كله خير؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، ولا يكون ذلك إلا لمؤمن" (مسلم), بالإيمان بالله يتحرر الفرد من الخوف والجبن والجزع ، (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَـانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [التوبة:51]
بالإيمان تتبدل المشاعر والنفسيات, وتتغير المواقف والسلوكيات, وتنشرح الصدور ، فالظلم لا يدوم، والمريض سيشفى، والغائب سيعود، والرزق سيأتي، والبلاء سيذهب, والرخاء سيعود, والموت بتقدير الله وحده، والأمنيات سيحققها الله، فإن كان ذلك في الدنيا فبفضل الله وحده، وإلا فإن المؤمن مأجور شرعاً بتعبده لله بالصبر والشكر والعمل؛ لينال الجزاء الأعظم والخلود الأبدي في جنات تجرى من تحتها الأنهار، قال -تعالى-: (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّا
الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحًا لذكره، وسببًا للمزيد من فضله، جعل لكل شيء قدرًا، ولكل قدر أجلاً، ولكل أجل كتابًا. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تزيد في اليقين، وتثقل الموازين، وتفتح لها أبواب جنةُ رب العالمين, وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله وصفيه وخليله، أمين وحيه، وخاتم رسله، وبشير رحمته صلى الله عليه، وعلى أهل بيته مصابيح الدجى، وأصحابه ينابيع الهدى، وسلم تسليمًا كثيرًا, أما بعد: أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل القائل سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران:102).
أيها المسلمون/عبادالله: ما أجمل الإيمان عندما يستقر في القلوب وتستشعره النفوس وتتذوق حلاوته الجوارح ويثمر في واقع الحياة عملاً صالحًا ولسانًا صادقًا وخُلقًا حسنًا وسلوكًا قويمًا, وطمأنينة نفس وهدوء بال, وما أحوجنا إلى هذه القيم الإيمانية وثمارها اليانعة في زمن كثر فيه البلاء واستبد به اليأس والقنوط,وظهر القلق على الصغير والكبير, ما أحوجنا إلى الإيمان وتجديده في النفوس لنحيا من جديد, ونستطيع من خلاله أن نواجه مصاعب الحياة بثبات وأمل وحسن ظن وثقة بالله , ما أحوجنا إليه لنروي به صحراء قلوبنا القاحلة، وتلين به قلوبنا القاسية وتصلح أحوالنا، وتهذب سلوكياتنا وتأمن أوطاننا، ويسعد أولادنا وتزدهر أمتنا وتتجدد الثقة بأنفسنا ويعود الأمل إلى حياتنا.
فالإيمان يبث الأمل ويصنع التفاؤل ويثبت القلوب, وجدت ذلك أم موسى -عليه السلام- وهي في أصعب الظروف وأحلك الأوقات وأشد البلاء عندما أُمرت أن تلقي ولدها وفلذة كبدها في البحر الهائج المتلاطم الأمواج وهو الطفل الرضيع خوفاً من فرعون وجنوده قال تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ * وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) [القصص:7-9], فلما كان حال هذه الأم، وكان هذا إيمانها، تتابعت الأحداث وتهيأت الأسباب وعاد الولد إلى حضن أمه قال تعالى: (فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [القصص:13]..نعم .. لتعلم أن وعد الله حق وأن الله قادر لا يعجزه شيء..
إذا اشتملت على اليأس القلوبُ * وضاق لما به الصدر الرحيبُ
وأوطأت المكـاره واطمأنت * وأرست في أماكنها الخطوبُ
ولم تر لانكشاف الضر وجهاً * ولا أغـنى بحيلته الأريـبُ
أتاك على قـنوط منك غوثٌ * يمنّ به اللطـيف المستجيبُ
وكـل الحادثات وإن تـناهت *** فموصول بها الفرج القريبُ.
عبـــاد الله : الإيمان ينفث في روع المؤمن وقلبه أن الله واحد لا شريك له، وأن كل شيء بقدرته وإرادته، وأنه يدبر أمور العباد، وأن الرزق بيده، والموت والحياة والسعادة والشقاء بيده، وأن المسلم يؤجر على صبره وثباته على الحق في كل الظروف والأحوال، وأن الجنة هي دار القرار، وفيها الحياة الأبدية، وهو موقن أن "ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه" لو اجتمع أهل الأرض والسماوات على نفعه بغير ما كتب له فلن يستطيعوا، ولو اجتمعوا على منعه عما قدر له فلن يبلغوا، فلا يهلك نفسه تحسراً، ولا يستسلم للخيبة والخذلان ولا يتسلل اليأس والقنوط إلى قلبه, ولا يعتريه الكدر والضجر ولا توسوس له نفسه بمخالفة أمر ربه, فظروف الحياة مع الإيمان لا تكدر للفرد صفاءً ولا تزعزع له صبراً، قال صلى الله عليه وسلم: "عجبا لأمر المؤمن! أمره كله خير؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، ولا يكون ذلك إلا لمؤمن" (مسلم), بالإيمان بالله يتحرر الفرد من الخوف والجبن والجزع ، (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَـانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [التوبة:51]
بالإيمان تتبدل المشاعر والنفسيات, وتتغير المواقف والسلوكيات, وتنشرح الصدور ، فالظلم لا يدوم، والمريض سيشفى، والغائب سيعود، والرزق سيأتي، والبلاء سيذهب, والرخاء سيعود, والموت بتقدير الله وحده، والأمنيات سيحققها الله، فإن كان ذلك في الدنيا فبفضل الله وحده، وإلا فإن المؤمن مأجور شرعاً بتعبده لله بالصبر والشكر والعمل؛ لينال الجزاء الأعظم والخلود الأبدي في جنات تجرى من تحتها الأنهار، قال -تعالى-: (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّا