*فائدة جليلة لو بذلت في سبيلها ألف دينار لما كان عليك بأس*
قال العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله عند قوله تعالى ﴿لَّا تَجۡعَلۡ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءَاخَرَ فَتَقۡعُدَ مَذۡمُومࣰا مَّخۡذُولࣰا﴾ [الإسراء ٢٢] :
[ *الظّاهِرُ أنَّ الخِطابَ في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ مُتَوَجِّهٌ إلى النَّبِيِّ ﷺ، لِيَشْرَعَ لِأُمَّتِهِ عَلى لِسانِهِ إخْلاصَ التَّوْحِيدِ في العِبادَةِ لَهُ جَلَّ وعَلا، لِأنَّهُ ﷺ مَعْلُومٌ أنَّهُ لا يَجْعَلُ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ، وأنَّهُ لا يَقْعُدُ مَذْمُومًا مَخْذُولًا.*
وَمِنَ الآياتِ الدّالَّةِ دَلالَةً واضِحَةً عَلى أنَّهُ ﷺ *يُوَجَّهُ إلَيْهِ الخِطابُ، والمُرادُ بِذَلِكَ التَّشْرِيعُ لِأُمَّتِهِ لا نَفْسُ خِطابِهِ هو ﷺ* :
- قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إمّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أحَدُهُما أوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ ولا تَنْهَرْهُما وقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيمًا﴾ [الإسراء: ٢٣]؛ لِأنَّ مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿إمّا يَبْلُغَنَّ﴾ الآيَةَ [الإسراء: ٢٣]، أيْ إنْ يَبْلُغْ عِنْدَكَ والِداكَ أوْ أحَدُهُما الكِبَرَ ﴿فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ﴾، ومَعْلُومٌ أنَّ والِدَيْهِ قَدْ ماتا قَبْلَ ذَلِكَ بِزَمَنٍ طَوِيلٍ، فَلا وجْهَ لِاشْتِراطِ بُلُوغِهِما أوْ أحَدِهِما الكِبَرَ بَعْدَ أنْ ماتا مُنْذُ زَمَنٍ طَوِيلٍ، *إلّا أنَّ المُرادَ التَّشْرِيعُ لِغَيْرِهِ ﷺ، ومِن أسالِيبِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ خِطابُهم إنْسانًا والمُرادُ بِالخِطابِ غَيْرُهُ،*
ومِنَ الأمْثِلَةِ السّائِرَةِ في ذَلِكَ قَوْلُ الرّاجِزِ، وهو سَهْلُ بْنُ مالِكٍ الفَزارِيُّ:
إيّاكَ أعْنِي واسْمَعِي يا جارَهْ
وَسَبَبُ هَذا المَثَلِ: أنَّهُ زارَ حارِثَةَ بْنَ لَأْمٍ الطّائِيَّ فَوَجَدَهُ غائِبًا، فَأنْزَلَتْهُ أُخْتُهُ وأكْرَمَتْهُ، وكانَتْ جَمِيلَةً، فَأعْجَبَهُ جَمالُها، فَقالَ مُخاطِبًا لِأُخْرى غَيْرَها لِيَسْمِعَها هي:
يا أُخْتَ خَيْرِ البَدْوِ والحَضارَه
كَيْفَ تَرَيْنَ في فَتى فَزارَهْ
أصْبَحَ يَهْوى حُرَّةً مِعْطارَهْ
إيّاكِ أعْنِي واسْمَعِي يا جارَهْ
فَفَهِمَتِ المَرْأةُ مُرادَهُ، وأجابَتْهُ بِقَوْلِها:
إنِّي أقُولُ يا فَتى فَزارَهْ
لا أبْتَغِي الزَّوْجَ ولا الدَّعارَهْ
وَلا فِراقَ أهْلِ هَذِي الحارَهْ
فارْحَلْ إلى أهْلِكَ بِاسْتِحارَهْ
والظّاهِرِ أنَّ قَوْلَها ”بِاسْتِحارَهْ“ أنَّ أصْلَهُ اسْتِفْعالٌ مِنَ المُحاوَرَةِ بِمَعْنى رَجْعِ الكَلامِ بَيْنَهُما، أيِ ارْحَلْ إلى أهْلِكَ بِالمُحاوَرَةِ الَّتِي وقَعَتْ بَيْنِي وبَيْنَكَ، وهي كَلامُكَ وجَوابِي لَهُ، ولا تَحْصُلُ مِنِّي عَلى غَيْرِ ذَلِكَ ! والهاءُ في ”الِاسْتِحارَةِ“ عِوَضٌ مِنَ العَيْنِ السّاقِطَةِ بِالإعْلالِ، كَما هو مَعْرُوفٌ في فَنِّ الصَّرْفِ.
وَذَهَبَ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ إلى أنَّ الخِطابَ في قَوْلِهِ: ﴿لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ﴾، ونَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ مُتَوَجِّهٌ إلى المُكَلَّفِ، ومِن أسالِيبِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ: إفْرادُ الخِطابِ مَعَ قَصْدِ التَّعْمِيمِ؛ كَقَوْلِ طَرَفَةَ بْنِ العَبْدِ في مُعَلَّقَتِهِ:
سَتُبْدِي لَكَ الأيّامُ ما كُنْتَ جاهِلًا
ويَأْتِيكَ بِالأخْبارِ مَن لَمْ تُزَوِّدْ ] انتهى المراد
* * *
وقال أيضاً عند قوله تبارك وتعالى :
﴿فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقࣱّۖ وَلَا یَسۡتَخِفَّنَّكَ ٱلَّذِینَ لَا یُوقِنُونَ﴾ [الروم ٦٠] :
[ قَدْ قَدَّمْنا في سُورَةِ ”بَنِي إسْرائِيلَ“، في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا﴾ [الإسراء: ٢٢]، *أنَّ اللَّهَ تَعالى قَدْ بَيَّنَ في بَعْضِ الآياتِ القُرْآنِيَّةِ أنَّهُ يُخاطِبُ النَّبِيَّ ﷺ بِخِطابٍ لا يُرِيدُ بِهِ نَفْسَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وإنَّما يُرِيدُ بِهِ التَّشْرِيعَ.*
وَبَيَّنّا أنَّ مِن أصْرَحِ الآياتِ في ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى مُخاطِبًا لَهُ ﷺ: ﴿إمّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أحَدُهُما أوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ﴾ الآيَةَ [الإسراء: ٢٣]، ومَعْلُومٌ أنَّ والِدَيْهِ قَدْ ماتا قَبْلَ نُزُولِ: ﴿إمّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أحَدُهُما أوْ كِلاهُما﴾، بِزَمَنٍ طَوِيلٍ، فَلا وجْهَ البَتَّةَ لِاشْتِراطِ بُلُوغِهِما، أوْ بُلُوغِ أحَدِهِما الكِبَرَ عِنْدَهُ، بَلِ *المُرادُ تَشْرِيعُ بِرِّ الوالِدَيْنِ لِأُمَّتِهِ، بِخِطابِهِ - ﷺ*
واعْلَمْ أنَّ قَوْلَ مَن يَقُولُ: إنَّ الخِطابَ في قَوْلِهِ: ﴿إمّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أحَدُهُما أوْ كِلاهُما﴾، لِمَن يَصِحُّ خِطابُهُ مِنَ المُكَلَّفِينَ، وأنَّهُ كَقَوْلِ طَرَفَةَ بْنِ العَبْدِ:
سَتُبْدِي لَكَ الأيّامُ ما كُنْتَ جاهِلًا
. . . . . . . . . . . . . خِلافُ الصَّوابِ.
والدَّلِيلُ عَلى ذَلِكَ قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِ المَعْطُوفاتِ، عَلى ق
قال العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله عند قوله تعالى ﴿لَّا تَجۡعَلۡ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءَاخَرَ فَتَقۡعُدَ مَذۡمُومࣰا مَّخۡذُولࣰا﴾ [الإسراء ٢٢] :
[ *الظّاهِرُ أنَّ الخِطابَ في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ مُتَوَجِّهٌ إلى النَّبِيِّ ﷺ، لِيَشْرَعَ لِأُمَّتِهِ عَلى لِسانِهِ إخْلاصَ التَّوْحِيدِ في العِبادَةِ لَهُ جَلَّ وعَلا، لِأنَّهُ ﷺ مَعْلُومٌ أنَّهُ لا يَجْعَلُ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ، وأنَّهُ لا يَقْعُدُ مَذْمُومًا مَخْذُولًا.*
وَمِنَ الآياتِ الدّالَّةِ دَلالَةً واضِحَةً عَلى أنَّهُ ﷺ *يُوَجَّهُ إلَيْهِ الخِطابُ، والمُرادُ بِذَلِكَ التَّشْرِيعُ لِأُمَّتِهِ لا نَفْسُ خِطابِهِ هو ﷺ* :
- قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إمّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أحَدُهُما أوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ ولا تَنْهَرْهُما وقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيمًا﴾ [الإسراء: ٢٣]؛ لِأنَّ مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿إمّا يَبْلُغَنَّ﴾ الآيَةَ [الإسراء: ٢٣]، أيْ إنْ يَبْلُغْ عِنْدَكَ والِداكَ أوْ أحَدُهُما الكِبَرَ ﴿فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ﴾، ومَعْلُومٌ أنَّ والِدَيْهِ قَدْ ماتا قَبْلَ ذَلِكَ بِزَمَنٍ طَوِيلٍ، فَلا وجْهَ لِاشْتِراطِ بُلُوغِهِما أوْ أحَدِهِما الكِبَرَ بَعْدَ أنْ ماتا مُنْذُ زَمَنٍ طَوِيلٍ، *إلّا أنَّ المُرادَ التَّشْرِيعُ لِغَيْرِهِ ﷺ، ومِن أسالِيبِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ خِطابُهم إنْسانًا والمُرادُ بِالخِطابِ غَيْرُهُ،*
ومِنَ الأمْثِلَةِ السّائِرَةِ في ذَلِكَ قَوْلُ الرّاجِزِ، وهو سَهْلُ بْنُ مالِكٍ الفَزارِيُّ:
إيّاكَ أعْنِي واسْمَعِي يا جارَهْ
وَسَبَبُ هَذا المَثَلِ: أنَّهُ زارَ حارِثَةَ بْنَ لَأْمٍ الطّائِيَّ فَوَجَدَهُ غائِبًا، فَأنْزَلَتْهُ أُخْتُهُ وأكْرَمَتْهُ، وكانَتْ جَمِيلَةً، فَأعْجَبَهُ جَمالُها، فَقالَ مُخاطِبًا لِأُخْرى غَيْرَها لِيَسْمِعَها هي:
يا أُخْتَ خَيْرِ البَدْوِ والحَضارَه
كَيْفَ تَرَيْنَ في فَتى فَزارَهْ
أصْبَحَ يَهْوى حُرَّةً مِعْطارَهْ
إيّاكِ أعْنِي واسْمَعِي يا جارَهْ
فَفَهِمَتِ المَرْأةُ مُرادَهُ، وأجابَتْهُ بِقَوْلِها:
إنِّي أقُولُ يا فَتى فَزارَهْ
لا أبْتَغِي الزَّوْجَ ولا الدَّعارَهْ
وَلا فِراقَ أهْلِ هَذِي الحارَهْ
فارْحَلْ إلى أهْلِكَ بِاسْتِحارَهْ
والظّاهِرِ أنَّ قَوْلَها ”بِاسْتِحارَهْ“ أنَّ أصْلَهُ اسْتِفْعالٌ مِنَ المُحاوَرَةِ بِمَعْنى رَجْعِ الكَلامِ بَيْنَهُما، أيِ ارْحَلْ إلى أهْلِكَ بِالمُحاوَرَةِ الَّتِي وقَعَتْ بَيْنِي وبَيْنَكَ، وهي كَلامُكَ وجَوابِي لَهُ، ولا تَحْصُلُ مِنِّي عَلى غَيْرِ ذَلِكَ ! والهاءُ في ”الِاسْتِحارَةِ“ عِوَضٌ مِنَ العَيْنِ السّاقِطَةِ بِالإعْلالِ، كَما هو مَعْرُوفٌ في فَنِّ الصَّرْفِ.
وَذَهَبَ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ إلى أنَّ الخِطابَ في قَوْلِهِ: ﴿لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ﴾، ونَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ مُتَوَجِّهٌ إلى المُكَلَّفِ، ومِن أسالِيبِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ: إفْرادُ الخِطابِ مَعَ قَصْدِ التَّعْمِيمِ؛ كَقَوْلِ طَرَفَةَ بْنِ العَبْدِ في مُعَلَّقَتِهِ:
سَتُبْدِي لَكَ الأيّامُ ما كُنْتَ جاهِلًا
ويَأْتِيكَ بِالأخْبارِ مَن لَمْ تُزَوِّدْ ] انتهى المراد
* * *
وقال أيضاً عند قوله تبارك وتعالى :
﴿فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقࣱّۖ وَلَا یَسۡتَخِفَّنَّكَ ٱلَّذِینَ لَا یُوقِنُونَ﴾ [الروم ٦٠] :
[ قَدْ قَدَّمْنا في سُورَةِ ”بَنِي إسْرائِيلَ“، في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا﴾ [الإسراء: ٢٢]، *أنَّ اللَّهَ تَعالى قَدْ بَيَّنَ في بَعْضِ الآياتِ القُرْآنِيَّةِ أنَّهُ يُخاطِبُ النَّبِيَّ ﷺ بِخِطابٍ لا يُرِيدُ بِهِ نَفْسَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وإنَّما يُرِيدُ بِهِ التَّشْرِيعَ.*
وَبَيَّنّا أنَّ مِن أصْرَحِ الآياتِ في ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى مُخاطِبًا لَهُ ﷺ: ﴿إمّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أحَدُهُما أوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ﴾ الآيَةَ [الإسراء: ٢٣]، ومَعْلُومٌ أنَّ والِدَيْهِ قَدْ ماتا قَبْلَ نُزُولِ: ﴿إمّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أحَدُهُما أوْ كِلاهُما﴾، بِزَمَنٍ طَوِيلٍ، فَلا وجْهَ البَتَّةَ لِاشْتِراطِ بُلُوغِهِما، أوْ بُلُوغِ أحَدِهِما الكِبَرَ عِنْدَهُ، بَلِ *المُرادُ تَشْرِيعُ بِرِّ الوالِدَيْنِ لِأُمَّتِهِ، بِخِطابِهِ - ﷺ*
واعْلَمْ أنَّ قَوْلَ مَن يَقُولُ: إنَّ الخِطابَ في قَوْلِهِ: ﴿إمّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أحَدُهُما أوْ كِلاهُما﴾، لِمَن يَصِحُّ خِطابُهُ مِنَ المُكَلَّفِينَ، وأنَّهُ كَقَوْلِ طَرَفَةَ بْنِ العَبْدِ:
سَتُبْدِي لَكَ الأيّامُ ما كُنْتَ جاهِلًا
. . . . . . . . . . . . . خِلافُ الصَّوابِ.
والدَّلِيلُ عَلى ذَلِكَ قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِ المَعْطُوفاتِ، عَلى ق