جمعةٌ حسينية طيبة تعبقُ بشذى وفاء وشجاعة وصلابة وبصيرة مسلم بن عقيل (عليه السلام)
*
*يجب الإطلاع ولو بشكل إجمالي على حياة أنصار سيد الشهداء وأبطال كربلاء وقراءة سيَرهم الذاتية بتأمل ودقة.*
*بين يديك دراسة مختصرة نفيسة لحياة مسلم بن عقيل عليه السلام تم بذل جهود كبيرة في تلخيصها، وقد أدرج الكاتب جميع مصادرها.*
*سيرة حياة مسلم بن عقيل سفير الإمام الحسين (عليه السلام)*
هناك محطات كثيرة منيرة في حياة مسلم بن عقيل رضوان الله عليه يقتبس منها الإنسان الدروس، ويستلهم منها الفضائل، فتنير له دربه في حياته اليومية، ويتزود منها بما يقربه إلى الله عز وجل ورسوله وأهل بيته صلوات الله عليهم، والقرب من الله عز وجل يكون بعبادته وطاعته، والقرب من الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام) يكون بطاعتهم، وحيث أن الإشارة إلى بعض تلك المحطات يتوقف على إطلالة على عرض مختصر لشخصيته، فإننا سنقدم تعريفا موجزا حوله تمهيدا لذلك. * تعريف مختصر
ولادته وأسرته: ولد مسلم بن عقيل في المدينة المنورة سنة 22هـ.
والده هو عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، وعمّه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وعمه الآخر جعفر الطيار الشهيد في مؤتة، فهو من أكرم الأصول وأطهرها، ومن الذين نشأوا بين خير الآباء والأعمام.
أمّه أم ولد (أي جارية) يقال لها عليّة اشتراها عقيل بن أبي طالب. (مقاتل الطالبيين ص52)
كنيته: أبو داود. (الثقات، لابن حبان ج5 ص391)
زوجاته وأولاده: تزوج بابنة عمّه رقية بنت أمير المؤمنين (عليه السلام) المعروفة برقيّة الصغرى، فولدت له عبد الله، وقد رافقت زوجته رقية أخاها الإمام الحسين (عليه السلام) مع ابنها عبد الله في خروجه من مكة، فاستشهد عبد الله في كربلاء وأمه تنظر إليه على يد عمرو بن صبيح لعنه الله، حيث أصابه بسهم وكان واضعا يده على جبينه ليتقيه، فأصاب السهم كفه ونفذ إلى جبهته فسمرها به، ولم يستطع تحريك يده فطعنه آخرٌ برمح في قلبه. (أمالي الصدوق ص217 المجلس30 ح1، مقاتل الطالبيين ص62، إبصار العين ص224، الإرشاد ج2 ص107)
كما تزوج مسلم بأم ولد فولدت له محمدا الذي استشهد في كربلاء على يد أبي مرهم الأزدي ولقيط بن إياس الجهني. (مقاتل الطالبيين ص62)
كما نقل الشيخ الصدوق في أماليه قصة طفلين صغيرين لمسلم بن عقيل أسرا من معسكر الإمام الحسين (عليه السلام ( ثم أخذا إلى عبيد الله بن زياد عليه اشد لعنات الله تعالى فأوصى السجان بالتضييق عليهما في المأكل والمشرب وغير ذلك، فكانا يصومان النهار فإذا جنّهما الليل أفطرا على قرصين من شعير وكوز من الماء، ثم تذكر الرواية كيفية خروجهما من السجن وهروبهما حتى إلقاء القبض عليهما ثم قتلهما بقطع رؤوسهما. (الأمالي، المجلس 19 ج2)
وهناك مقام لهما بالقرب من مدينة المسيّب.
صفاته الخلقية: عرف بقوة البدن والفتوة، ففي بعض كتب المناقب: أرسل الإمام الحسين )عليه السلام( مسلم بن عقيل إلى الكوفة وكان مثل الأسد، وكان من قوته أنه يأخذ الرجل بيده فيرمي به فوق البيت. (بحار الأنوار ج44 ص354(كما أشارت بعض المصادر إلى شبهه بالنبي (صلى الله عليه واله وسلم) ، فعن أبي هريرة أنه قال: ما رأيت من ولد عبد المطلب أشبه بالنبي (صلى الله عليه واله وسلم) من مسلم بن عقيل. (التاريخ الكبير للبخاري ج7 ص266، الثقات لابن حبان ج5 ص391)
سيرته: شارك مسلم بن عقيل في معركة صفين سنة 37هـ ولبسالته وشجاعته جعله أمير المؤمنين (عليه السلام) على ميمنة العسكر مع الحسن والحسين (عليهماالسلام ) وعبد الله بن جعفر الطيّار، بالرغم من أن عمر مسلم لم يبلغ آنذاك الثامنة عشر عاما.
بعد موت معاوية عليه اشد لعنات الله تعالى وانقضاء مدة الصلح وتخلف معاوية اللعين عن بنود الصلح أرسل الإمام الحسين (عليه السلام) مسلما عليه السلام في أواخر شهر رمضان سنة 60 للهجرة إلى أهل الكوفة بعد أن كتبوا إليه الكتب يشكون الحال، فأتى مسلم المدينة المنورة وصلى في مسجد الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) ثم غادرها إلى الكوفة، ولما وصل الكوفة نزل دار المختار بن أبي عبيدة الثقفي، وبايعه 18 ألفا من أهلها وكانوا يترددون عليه بشكل علني، فأرسل كتابا إلى الإمام الحسين )عليه السلام) بتاريخ 12 ذو القعدة مع عابس بن شبيب الشاكري يخبره ببيعة أهل الكوفة له.
واشتكى جماعة من أتباع بني أمية إلى يزيد من حال الوالي النعمان بن بشير واتهموه بالضعف وطالبوا بتغييره لعدم مواجهته حركة مسلم بن عقيل عليه السلام بالقوة والبطش، فوافق يزيد على جعل عبيد الله بن زياد عليهما اشد اللعنات والعذاب واليا عليها مضافا إلى ولايته على البصرة، فقدم ابن زياد اللعينين إلى الكوفة ومعه جمع من خاصته، وأخذ يهدد الناس ويتوعّدهم، وأخذت سياسة التهديد تؤثر في النفوس الضعيفة، فتحوّل مسلم عليه السلام إلى دار هانئ بن عروة وصار الشيعة يتحولون إلى داره بشكل مخفي إلى أن اعتقل هاني بن عروة فخرج مسلم بن عقيل عليه السلام يوم 8 ذو الحجة هـ فتخلف أهل ا
*
*يجب الإطلاع ولو بشكل إجمالي على حياة أنصار سيد الشهداء وأبطال كربلاء وقراءة سيَرهم الذاتية بتأمل ودقة.*
*بين يديك دراسة مختصرة نفيسة لحياة مسلم بن عقيل عليه السلام تم بذل جهود كبيرة في تلخيصها، وقد أدرج الكاتب جميع مصادرها.*
*سيرة حياة مسلم بن عقيل سفير الإمام الحسين (عليه السلام)*
هناك محطات كثيرة منيرة في حياة مسلم بن عقيل رضوان الله عليه يقتبس منها الإنسان الدروس، ويستلهم منها الفضائل، فتنير له دربه في حياته اليومية، ويتزود منها بما يقربه إلى الله عز وجل ورسوله وأهل بيته صلوات الله عليهم، والقرب من الله عز وجل يكون بعبادته وطاعته، والقرب من الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام) يكون بطاعتهم، وحيث أن الإشارة إلى بعض تلك المحطات يتوقف على إطلالة على عرض مختصر لشخصيته، فإننا سنقدم تعريفا موجزا حوله تمهيدا لذلك. * تعريف مختصر
ولادته وأسرته: ولد مسلم بن عقيل في المدينة المنورة سنة 22هـ.
والده هو عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، وعمّه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وعمه الآخر جعفر الطيار الشهيد في مؤتة، فهو من أكرم الأصول وأطهرها، ومن الذين نشأوا بين خير الآباء والأعمام.
أمّه أم ولد (أي جارية) يقال لها عليّة اشتراها عقيل بن أبي طالب. (مقاتل الطالبيين ص52)
كنيته: أبو داود. (الثقات، لابن حبان ج5 ص391)
زوجاته وأولاده: تزوج بابنة عمّه رقية بنت أمير المؤمنين (عليه السلام) المعروفة برقيّة الصغرى، فولدت له عبد الله، وقد رافقت زوجته رقية أخاها الإمام الحسين (عليه السلام) مع ابنها عبد الله في خروجه من مكة، فاستشهد عبد الله في كربلاء وأمه تنظر إليه على يد عمرو بن صبيح لعنه الله، حيث أصابه بسهم وكان واضعا يده على جبينه ليتقيه، فأصاب السهم كفه ونفذ إلى جبهته فسمرها به، ولم يستطع تحريك يده فطعنه آخرٌ برمح في قلبه. (أمالي الصدوق ص217 المجلس30 ح1، مقاتل الطالبيين ص62، إبصار العين ص224، الإرشاد ج2 ص107)
كما تزوج مسلم بأم ولد فولدت له محمدا الذي استشهد في كربلاء على يد أبي مرهم الأزدي ولقيط بن إياس الجهني. (مقاتل الطالبيين ص62)
كما نقل الشيخ الصدوق في أماليه قصة طفلين صغيرين لمسلم بن عقيل أسرا من معسكر الإمام الحسين (عليه السلام ( ثم أخذا إلى عبيد الله بن زياد عليه اشد لعنات الله تعالى فأوصى السجان بالتضييق عليهما في المأكل والمشرب وغير ذلك، فكانا يصومان النهار فإذا جنّهما الليل أفطرا على قرصين من شعير وكوز من الماء، ثم تذكر الرواية كيفية خروجهما من السجن وهروبهما حتى إلقاء القبض عليهما ثم قتلهما بقطع رؤوسهما. (الأمالي، المجلس 19 ج2)
وهناك مقام لهما بالقرب من مدينة المسيّب.
صفاته الخلقية: عرف بقوة البدن والفتوة، ففي بعض كتب المناقب: أرسل الإمام الحسين )عليه السلام( مسلم بن عقيل إلى الكوفة وكان مثل الأسد، وكان من قوته أنه يأخذ الرجل بيده فيرمي به فوق البيت. (بحار الأنوار ج44 ص354(كما أشارت بعض المصادر إلى شبهه بالنبي (صلى الله عليه واله وسلم) ، فعن أبي هريرة أنه قال: ما رأيت من ولد عبد المطلب أشبه بالنبي (صلى الله عليه واله وسلم) من مسلم بن عقيل. (التاريخ الكبير للبخاري ج7 ص266، الثقات لابن حبان ج5 ص391)
سيرته: شارك مسلم بن عقيل في معركة صفين سنة 37هـ ولبسالته وشجاعته جعله أمير المؤمنين (عليه السلام) على ميمنة العسكر مع الحسن والحسين (عليهماالسلام ) وعبد الله بن جعفر الطيّار، بالرغم من أن عمر مسلم لم يبلغ آنذاك الثامنة عشر عاما.
بعد موت معاوية عليه اشد لعنات الله تعالى وانقضاء مدة الصلح وتخلف معاوية اللعين عن بنود الصلح أرسل الإمام الحسين (عليه السلام) مسلما عليه السلام في أواخر شهر رمضان سنة 60 للهجرة إلى أهل الكوفة بعد أن كتبوا إليه الكتب يشكون الحال، فأتى مسلم المدينة المنورة وصلى في مسجد الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) ثم غادرها إلى الكوفة، ولما وصل الكوفة نزل دار المختار بن أبي عبيدة الثقفي، وبايعه 18 ألفا من أهلها وكانوا يترددون عليه بشكل علني، فأرسل كتابا إلى الإمام الحسين )عليه السلام) بتاريخ 12 ذو القعدة مع عابس بن شبيب الشاكري يخبره ببيعة أهل الكوفة له.
واشتكى جماعة من أتباع بني أمية إلى يزيد من حال الوالي النعمان بن بشير واتهموه بالضعف وطالبوا بتغييره لعدم مواجهته حركة مسلم بن عقيل عليه السلام بالقوة والبطش، فوافق يزيد على جعل عبيد الله بن زياد عليهما اشد اللعنات والعذاب واليا عليها مضافا إلى ولايته على البصرة، فقدم ابن زياد اللعينين إلى الكوفة ومعه جمع من خاصته، وأخذ يهدد الناس ويتوعّدهم، وأخذت سياسة التهديد تؤثر في النفوس الضعيفة، فتحوّل مسلم عليه السلام إلى دار هانئ بن عروة وصار الشيعة يتحولون إلى داره بشكل مخفي إلى أن اعتقل هاني بن عروة فخرج مسلم بن عقيل عليه السلام يوم 8 ذو الحجة هـ فتخلف أهل ا