« إنَّ الشعب هو جسم الله. كلّ شعب لا يكون شعبًا ما لم يكن له إلٰهه الخاصّ، إلٰهه الخاصّ به، وما لم يكفر دون أيّ استعداد للتنازل أو التشويه، بجميع الآلهة الأخرى، وما لم يؤمّن أنَّه بفضل إلٰهه سينتصر على جميع الآلهة الأخرى وسیطردها. ذٰلك كان إيمان جميع الشعوب العُظمىٰ، أو على الأقل جميع الشعوب الَّتي كان لها دور في التاريخ، والتي سارت في طليعة الإنسانية. يستحيل على المرء أن يغالب الوقائع. إنَّ اليهود لم يعيشوا إلَّا لينتظروا الإله الحقّ ولقد أورثوا العالم فكرة الإله الحقّ. والإغريق قد ألهوا الطبيعة، وأورثوا العالم ديانتهم، أي الفلسفة والعلم. وروما ألَّهت الشعب متجسدة في ”الدولة“، وأورثت الإنسانيّة ”الدولة“. وفرنسا، التي تجسد الإله الروماني، لم تزد طوال تاريخها على أن تنمّي فكرة الإله الروماني، وإذا كانت قد أسقطته أخيرًا وانحدرت هي نفسها إلى هوة الإلحاد الّذي يطلق عليه هناك، مؤقتًا، اسم الاشتراكيّة، فما ذلك إلَّا لأنَّ الإلحاد هو رغم كلّ شيء أسلم من الكاثوليكية الرومانية. ومتى ما انقطع شعبٌ كبير عن الاعتقاد بأنَّه الوحيد الَّذي يقدر بفضل حقيقته أن يجدَّد الإنسانيَّة وأن ينقذ الشعوب الأخرى، فإنَّه سرعان ما ينقطع عن أن يكون شعبًا كبيرًا، ثم إذا هو يصبح مادَّة بشرية لا أكثر. إنَّ الشعب، إذا كان عظيمًا بالفعل لن يقتصر أبدًا على أن يقوم بدور ثانوي في حياة الإنسانيَّة، ولا بدّ أن يقوم بدور من الطبقة الأولی، فإنما هو يريد أن يكون له المكان الأوَّل تمامًا، وأن يقوم بالدور الوحيد. إن الشعب الذي يفقد هذا الإيمان لا يبقي شعب. ومع ذلك فإنَّ الحقيقة واحدة، ومعنى هذا أنَّ شعبًا واحِدًا من جميع الشعوب هو صاحب الإلٰه الحقّ مهما تكن آلهة الشعوب الأخرى قويّة. »
– دوستوفيسكي | الشّياطين
– دوستوفيسكي | الشّياطين