📚شطر من نور📚
الفصل ( الثامن والخمسون )
⭐موسوعة قصص وروايات منوعة⭐
قناتنا على التلجرام ...
https://t.me/stories_Encyclopedia
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- شريرة.
- تلك السيدة مخيفة.
همهمةٌ مبهمةٌ و غير واضحة قد انتشرت داخل رأسه منذ فترة و ها هي ذا قد اتضحت أخيرًا.
عن أي سيدة يتحدثون؟ تساءل للحظةٍ بعد أن استمرت تلك الجملة في الطواف بين تجاويف عقله .. كم مضى من الوقت عليها و هي تتكرر دون كللٍ أو ملل؟
- سأفتح تلك الغرفة إن لم تنهض الآن.
اخترق هذا الصوت المألوف كل الضباب الذي خلّفته تلك الضوضاء المبهمة، هو لا يذكر أي غرفةٍ كانت مغلقة في منزله إلا أنه و بعد أجزاء من الثانية كان قد انتفض من على سريرهِ بوَجَل.
تذكر أمر إغلاقهِ لغرفة والدتهِ بمفتاحٍ و من ثم تسليمهُ لوايت إلا أنه لم يتوقع هذا التهديد اللئيم منه، التفت برأسهِ حتى وقعت عيناه على الواقف إلى جوار سريره ثم نبس ساخطًا : ما الأمر مع كل هذا الإزعاج؟
رد عليه وايت بتململٍ و هو يهزّ كتف هذا الناعس كي يستحِثّه على النهوض : لقد تخطينا الحادية عشرة من زمن، آمل أنك سعيدٌ بتأخري عن عملي.
لقد صرّح قبل لحظةٍ بأن هذا البائس هو السبب وراء تأخره في حين أنه مجرد قولٍ عارٍ من الصحة، كان يعلم أن استيقاظه المتأخر سببه انعدام قدرته على نيل قسطٍ كافٍ من النوم بعد أن عادا ليلة البارحة.
حين جهز كل شيءٍ في الأمس لقضاء هذه الليلة ببعض النوم الهنيء فقد وجد نفسه فجأةً في حضرة أفكارٍ قد باغتته دون سابق إنذار.
كان يفكر .. و يفكر كثيرًا .. بشأن ما همست به لورين في عربة الأجرة أثناء نومها، بشأن برايلين و كل التغيرات التي أصابته، لكن كل ذلك كان قطرةً مقارنةً ببحرِ أفكاره عن ڨيا .. تلك التي رغبت في البقاء معه لسببٍ لم يفهمه رغم أن أي شخصٍ آخر كان ليصرخ غاضبًا و يخرج من المكان شاتمًا الجميع على سوء المعاملة التي قُدِّمت لها.
هل هو يتوهم كما حصل مع لورين أم ماذا؟ كان من الصعب تحديد ذلك فهو مشوشٌ جدًا، لكن طريقتها في معاملة المرضى و ردودها على كل تلك الإهانات التي تلقتها على لون بشرتها في حين أنه يومها الأول و حسب، اعتقَدَ ان ذلك يتطلب قوةً كبيرةً بالنسبةِ لشخصٍ عاديٍ مثله.
خرج من أفكاره التي كادت تغرقه عن طريق سماعه لنبرةِ برايلين التي فاجأته حِدتها : أنت، ما هذه النظرة؟
عجز عن فهم مقصده من هذا السؤال و بهذه اللكنة التي أفزعته للحظة فسأله متعجبًا : أي نظرة؟
اعتدل برايلين على سريره بشكلٍ أفضل و هو يحمل نظرات الازدراء على وجهه بينما يقول ببعض العنف : هل تظنني أعمى؟
تعجب مما يقوله فأجاب بهدوءٍ و تساؤل : كلا؟
تنهد بضجرٍ و هو يرى إنكار صديقه الغريب و الصادق بشكلٍ قد يخدع أي أحد، فرك رأسه بانزعاجٍ عندما أحس بفشلهِ في جعلهِ يعترف فنطق أخيرًا : إذًا هل يراودك ذلك الشعور؟
- أي شعور؟ لمَ نتحدث بالألغاز هكذا؟
عقد وايت ذراعيه بانزعاج بعد أن نطق بذلك، أحس بأن هذه المحادثة مألوفة بطريقةٍ إلى أن أدرك ما يتحدث عنه فأشاح ببصرهِ بعيدًا عنه ليغادر الغرفة قبل أن يتخذ حوارهما منحنى لا ينوي الخوض فيه حاليًا.
بات برايلين يرى ظهر وايت و هو يسير مبتعدًا فناداه أخيرًا بصوتٍ حمل بعض الضيق رغم غضبه : لا تتغابَ! شعور الفراغِ العقيمُ ذاك، أنا أراه.
شتم ذلك الراحل نفسه داخل رأسه و هو يهمهم بصوتٍ لن يصل إلى الجالس خلفه : لقد فعلتها مرةً أخرى، تبًا.
لوّح له بقلةِ مبالاةٍ بينما يتحدث بنبرةٍ حاول فيها أن تبدو طبيعيةً بقدر الإمكان : إنهُ خيالك.
لفّ مقبض الباب ليفتحه فسمع صوت برايلين أخيرًا لكنه كان أكثر هدوءًا من السابق حيث قال : هل أنت متأكد؟
تنهد وايت و هو يشعر بحجم الضغط على نفسه فجأة، منذ فترةٍ و إحساسٌ مزعجٌ بالاكتئاب اللامُبَرَّر قد أصاب روحه، و الآن تحدث كل هذه الأشياء من حوله لتزيد الحمل على كاهله.
التفت إليه ليتحدث بشكٍ مع ابتسامةٍ عادية إلا أنها حوَت حزنًا لا يمكن لعينٍ دقيقةٍ كعيني صديقه أن تتجاهله : ربما؟
أنهى جملته ففوجئ بوسادةٍ قد رميت على وجهه لتصيبه بنجاح، نظر إليها بعد أن سقطت أرضًا ثم رفع رأسه لينظر إلى برايلين حيث تكلم هذا الأخير : هل حدث أمرٌ في المستشفى؟
استحلّت ابتسامةٌ أخرى شفتَي وايت حيث عبرت عن إعجابهِ بسرعة وصول ذلك الأبله إلى صلب الموضوع، وضع يدهُ اليمنى خلف رقبتهِ و أخذ يحركها مرارًا بترددٍ كي يجيبه أخيرًا ببعض الصارمة : كلا!
تابع تكوين أسئلتهِ لإحساسهِ بأن ما قاله قبل قليلٍ قد جعل المسافة الفاصلة بينه و بين الحقيقة تساوي قدر أنملة، أجّل كل ما أراد قوله البارحة كي يرى ما به أولًا .. سيكون نوعًا من الأنانية أن يستمر بإلقاء أعبائهِ عليه دون أن يكون قادرًا على فهم ما يجري معه، لربما بهذهِ الطريقة سيجعله يتأكد من أنه شخصٌ مهمٌ له؟
- دعني أخمن .. الممرضات قد قُمن بأمرٍ أحمق مرةً أخرى؟
الفصل ( الثامن والخمسون )
⭐موسوعة قصص وروايات منوعة⭐
قناتنا على التلجرام ...
https://t.me/stories_Encyclopedia
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- شريرة.
- تلك السيدة مخيفة.
همهمةٌ مبهمةٌ و غير واضحة قد انتشرت داخل رأسه منذ فترة و ها هي ذا قد اتضحت أخيرًا.
عن أي سيدة يتحدثون؟ تساءل للحظةٍ بعد أن استمرت تلك الجملة في الطواف بين تجاويف عقله .. كم مضى من الوقت عليها و هي تتكرر دون كللٍ أو ملل؟
- سأفتح تلك الغرفة إن لم تنهض الآن.
اخترق هذا الصوت المألوف كل الضباب الذي خلّفته تلك الضوضاء المبهمة، هو لا يذكر أي غرفةٍ كانت مغلقة في منزله إلا أنه و بعد أجزاء من الثانية كان قد انتفض من على سريرهِ بوَجَل.
تذكر أمر إغلاقهِ لغرفة والدتهِ بمفتاحٍ و من ثم تسليمهُ لوايت إلا أنه لم يتوقع هذا التهديد اللئيم منه، التفت برأسهِ حتى وقعت عيناه على الواقف إلى جوار سريره ثم نبس ساخطًا : ما الأمر مع كل هذا الإزعاج؟
رد عليه وايت بتململٍ و هو يهزّ كتف هذا الناعس كي يستحِثّه على النهوض : لقد تخطينا الحادية عشرة من زمن، آمل أنك سعيدٌ بتأخري عن عملي.
لقد صرّح قبل لحظةٍ بأن هذا البائس هو السبب وراء تأخره في حين أنه مجرد قولٍ عارٍ من الصحة، كان يعلم أن استيقاظه المتأخر سببه انعدام قدرته على نيل قسطٍ كافٍ من النوم بعد أن عادا ليلة البارحة.
حين جهز كل شيءٍ في الأمس لقضاء هذه الليلة ببعض النوم الهنيء فقد وجد نفسه فجأةً في حضرة أفكارٍ قد باغتته دون سابق إنذار.
كان يفكر .. و يفكر كثيرًا .. بشأن ما همست به لورين في عربة الأجرة أثناء نومها، بشأن برايلين و كل التغيرات التي أصابته، لكن كل ذلك كان قطرةً مقارنةً ببحرِ أفكاره عن ڨيا .. تلك التي رغبت في البقاء معه لسببٍ لم يفهمه رغم أن أي شخصٍ آخر كان ليصرخ غاضبًا و يخرج من المكان شاتمًا الجميع على سوء المعاملة التي قُدِّمت لها.
هل هو يتوهم كما حصل مع لورين أم ماذا؟ كان من الصعب تحديد ذلك فهو مشوشٌ جدًا، لكن طريقتها في معاملة المرضى و ردودها على كل تلك الإهانات التي تلقتها على لون بشرتها في حين أنه يومها الأول و حسب، اعتقَدَ ان ذلك يتطلب قوةً كبيرةً بالنسبةِ لشخصٍ عاديٍ مثله.
خرج من أفكاره التي كادت تغرقه عن طريق سماعه لنبرةِ برايلين التي فاجأته حِدتها : أنت، ما هذه النظرة؟
عجز عن فهم مقصده من هذا السؤال و بهذه اللكنة التي أفزعته للحظة فسأله متعجبًا : أي نظرة؟
اعتدل برايلين على سريره بشكلٍ أفضل و هو يحمل نظرات الازدراء على وجهه بينما يقول ببعض العنف : هل تظنني أعمى؟
تعجب مما يقوله فأجاب بهدوءٍ و تساؤل : كلا؟
تنهد بضجرٍ و هو يرى إنكار صديقه الغريب و الصادق بشكلٍ قد يخدع أي أحد، فرك رأسه بانزعاجٍ عندما أحس بفشلهِ في جعلهِ يعترف فنطق أخيرًا : إذًا هل يراودك ذلك الشعور؟
- أي شعور؟ لمَ نتحدث بالألغاز هكذا؟
عقد وايت ذراعيه بانزعاج بعد أن نطق بذلك، أحس بأن هذه المحادثة مألوفة بطريقةٍ إلى أن أدرك ما يتحدث عنه فأشاح ببصرهِ بعيدًا عنه ليغادر الغرفة قبل أن يتخذ حوارهما منحنى لا ينوي الخوض فيه حاليًا.
بات برايلين يرى ظهر وايت و هو يسير مبتعدًا فناداه أخيرًا بصوتٍ حمل بعض الضيق رغم غضبه : لا تتغابَ! شعور الفراغِ العقيمُ ذاك، أنا أراه.
شتم ذلك الراحل نفسه داخل رأسه و هو يهمهم بصوتٍ لن يصل إلى الجالس خلفه : لقد فعلتها مرةً أخرى، تبًا.
لوّح له بقلةِ مبالاةٍ بينما يتحدث بنبرةٍ حاول فيها أن تبدو طبيعيةً بقدر الإمكان : إنهُ خيالك.
لفّ مقبض الباب ليفتحه فسمع صوت برايلين أخيرًا لكنه كان أكثر هدوءًا من السابق حيث قال : هل أنت متأكد؟
تنهد وايت و هو يشعر بحجم الضغط على نفسه فجأة، منذ فترةٍ و إحساسٌ مزعجٌ بالاكتئاب اللامُبَرَّر قد أصاب روحه، و الآن تحدث كل هذه الأشياء من حوله لتزيد الحمل على كاهله.
التفت إليه ليتحدث بشكٍ مع ابتسامةٍ عادية إلا أنها حوَت حزنًا لا يمكن لعينٍ دقيقةٍ كعيني صديقه أن تتجاهله : ربما؟
أنهى جملته ففوجئ بوسادةٍ قد رميت على وجهه لتصيبه بنجاح، نظر إليها بعد أن سقطت أرضًا ثم رفع رأسه لينظر إلى برايلين حيث تكلم هذا الأخير : هل حدث أمرٌ في المستشفى؟
استحلّت ابتسامةٌ أخرى شفتَي وايت حيث عبرت عن إعجابهِ بسرعة وصول ذلك الأبله إلى صلب الموضوع، وضع يدهُ اليمنى خلف رقبتهِ و أخذ يحركها مرارًا بترددٍ كي يجيبه أخيرًا ببعض الصارمة : كلا!
تابع تكوين أسئلتهِ لإحساسهِ بأن ما قاله قبل قليلٍ قد جعل المسافة الفاصلة بينه و بين الحقيقة تساوي قدر أنملة، أجّل كل ما أراد قوله البارحة كي يرى ما به أولًا .. سيكون نوعًا من الأنانية أن يستمر بإلقاء أعبائهِ عليه دون أن يكون قادرًا على فهم ما يجري معه، لربما بهذهِ الطريقة سيجعله يتأكد من أنه شخصٌ مهمٌ له؟
- دعني أخمن .. الممرضات قد قُمن بأمرٍ أحمق مرةً أخرى؟