قناة الأحمدي-أمين قادري


Channel's geo and language: not specified, not specified
Category: not specified


قناة للفوائد اللغوية والأدبية والشرعية
أمين بن يوسف الأحمدي قادري-غفر الله له ولوالديه

Related channels

Channel's geo and language
not specified, not specified
Category
not specified
Statistics
Posts filter


فيسبوك يعمل على تعطيل وصول الحقيقة إلى العالم، مهمتنا هي نشر خطابٍ يجعل العالم يبحث عن الحقيقة..!

كانت قريش تعمل ما في وسعها لتمنع الناس من الاستماع إلى محمد صلى الله عليه وسلم، وكان محمد صلى الله عليه وسلم يختار الكلمات التي تجعل الناس يسعون إليه ويتحمّلون المخاطرة للاستماع إليه..!

هكذا يمكننا أن نؤسس "فقه الإعلام النبوي"..


هناك العقل، وهناك العقلانية..
.
.
العقل يحلل كل ما أمكنه من المعطيات، ويعترف بمساحات الظل التي لا يستطيع أن يفهمها ويحللها، ويفسح المجال أمام القوى الإنسانية الأخرى لتأخذ دورها في تحليلها واتخاذ القرار المتعلق بها: الإيمان، الرغبة، التضحية، المخاطرة، التجاهل، فالعقل يدرك أنه أحد موجودات العالم، ومحال على جزء من العالم أن يفسر كلّ العالم..
.
وأما العقلانية، فهي تعتبر عجز العقل عن إدراك أجزاء أخرى من العالم "هزيمة"، وبالتالي فهي تتعامل بعاطفية مغلفة، تحاول أن تعتبر أن كل المعطيات خاضعة لخطاطة واضحة، العناصر فيها بسيطة، والعلاقات أحادية. العقلانية تصطنع مثالا لما تريده العاطفة في صمت، ثم تقدّمه على أنه نتيجة العقل، وبهذا تتحول العقلانية إلى أداة شريرة، تختفي تحتها الرغبات والمخاوف في جبن وخور، ولكن عوض أن تعترف بذلك وتتعامل معه، فإنها تصدّره على أنه النتائج الحتمية للعقل..
.
العقل يخطط ويدبّر ويعمل وينتج، والعقلانية تخاتل وتزوّر وتبرر المواقف المخزية. العقل يمد الوشائج مع القدرات الأخرى للإنسان والكون لبناء الحياة وصناعة الفضيلة، وأما العقلانية فتتغول عليها، فإما أن تلتهمها وتحتويها(كما تفعل العقلانية مع نوازع التضحية)، وإما أن تغتالها(كما تفعل مع الإيمان).
.
العقل يتعرف آيات الله ويتفهم أحكامه، والعقلانية تنازع الله الخلق والأمر، فتخلق مفاهيم زائفة، وتبني عليها أحكاما جائرة، فالعقل هبة الله لعباده، مناط تكليفهم ومبدأ تدبيرهم، وأما العقلانية فهي بالنسبة إلى العقل كالمسيح الدجال للمسيح الأواب..

#يقظة_العقل

#تحرير_العقل
.


منذ افتقدنا بريقًا منك ذا سِطَةٍ...أضحى لفقدِك ثوبُ القدس منسولا

ولم تزل دارنا في الشام دارسةً...ولم يزل دمُنا في الناس مطلولا

قد طال عهدك في الأغماد ملتحفا...فليت شعريَ هل ألقاك مسلولا.. ؟

أمين يوسف الأحمدي قادري


Forward from: غزة الآن - Gaza Now
عاجل : استعدادات لدخول شاحنات مساعدات من مصر إلى غزة الآن , رفع الحواجز الإسمنتية في هذه الأثناء .




(إِنَّ ٱللَّهَ ٱشۡتَرَىٰ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَنفُسَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلۡجَنَّةَۚ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقۡتُلُونَ وَيُقۡتَلُونَۖ وَعۡدًا عَلَيۡهِ حَقّٗا فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ وَٱلۡقُرۡءَانِۚ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِعَهۡدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِۚ فَٱسۡتَبۡشِرُواْ بِبَيۡعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعۡتُم بِهِۦۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ ١١١ )
.
ما زالت لفظة (اشترى) في هذه الآية تحيّرني وتذهب بي المذاهب في فهممها وتصور صورتها، فإنها دلت -كما نبه إليه أهل التفسير- على المعاوضة العظيمة بين أنفسهم التي هي خلقه، وأموالهم التي هي رزقه، وبين الجنة التي هي رحمته ونعمته ودار كرامته، فدل مجمل ذلك على أنهم مصطفون مختارون من ربهم وخالقهم ليبايعوه ويبايعهم، كما أنها دلت على أن هذه المعاوضة جرت على الرضا والقبول من المتبايعين، ورغبة كل واحد منهما فيما يعرضه الآخر، فرغب أهل الجهاد في سكنى الجنان، وأحب الرحمن سبحانه جوارهم له ونزولهم في دار كرامته..
.
غير أن صور ما وقع بالثغر الشامي من الخراب نبّهني إلى معنى ثالث مما يدل عليه لفظ (الاشتراء)، وهو أن شأن المشتري أن يقبض ما اشتراه ويحتازه بجملته فلا يترك منه في يد البائع شيئا، ويكون ذلك عنوان تمام البيع وصحة الصفقة، وصدّق ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ لَمْ ‌يَرْجِعْ ‌مِنْ ‌ذَلِكَ ‌بِشَيْءٍ".
.
اللهم أربح بيعهم واقبل صفقتهم، وارفع شهيدهم وارحم فقيدهم وأعز أمرهم..


رؤيتان للدعم المالي للمقاومة..
.
.
إما أن نعتبر أن قضية المقاومة ليست قضيتنا، وإنما هي قضية أجنبية وإن كانت عادلة، فنحن نقدم ما نقدمه "إعانة وتبرّعا"، ويوم لا يعجبنا الوضع أو سياسة إدارة المقاومة للوضع فيمكننا إيقاف التبرع..
.
وإما أن نعتبر أن قضية فلسطين هي قضيتنا الأولى اليوم، وأنها مجمع خواطر المؤمنين كما أن مكة مهوى أفئدتهم، وأن المقاومة اليوم تنوب عن المسلمين في الدفاع عنها وحماية ثغرها، فيجب أن نعلم أن لا منة لنا عليهم فيما ندعمهم به، وأننا مهما أمددناهم فإنهم خير منا بما بذلوا من النفوس التي لا خلف منها في دار الدنيا..
.
المؤسف أن المسلمين ينفقون على فلسطين وهي قضية عادلة من الوجه الأول، وأن إخوان القردة ينفقون على كيانهم وهي قضية ظالمة من الوجه الثاني..!

#طوفان_الأقصى


Forward from: غزة الآن - Gaza Now
Video is unavailable for watching
Show in Telegram
وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ ................ تل أبيب تحترق بصواريخ المقاومة التي أطلقت من غزة قبل قليل 🇵🇸✌️


جهة منفكة فرّقت المسلمين..!
.
.
حين يتحدث المشتغلون بالفكر الإسلامي عموما، والقضية الفلسطينية خصوصا عن شروط خوض الحرب ضد الكيان الصهيوني، فإن مسألة العقيدة تحتل جوهر هذا النقاش، وحق لها ذلك، ولو لم يفعلوا لكان لا بد أن ننبهم إلى ضرورة استحضارها وإحلالها محلها، فلئن كانت الأنظمة الوضعية تتحدث عن عقيدة الجيش، وهي التي لا تعلو عقائدها فوق مصالحها، فإن المسلمين أولى الناس بالوقوف عند هذا المبدأ الأولي والأول..! ذلك أنه ما سُلَّت سيوف المسلمين ولا قامت أسواق الجهاد في ثغورهم إلا لتكون كلمة الله هي العليا، وهذا أصل الأصول، وقد خاب وخسر من جهله وأخطأه أو علمه وضيّعه.
.
فالعقيدة الإسلامية وعمودها الذي هو توحيد المعبود سبحانه هي الروح التي تعطي الجهاد معناه، وتحدد غايته وتصلح نيات المنخرطين فيه. ولأن الشريعة الإسلامية راعت في الإنسان معنى القوة والضعف والخطيئة والتوبة والهدى والضلال وتبعض كل هذه المعاني وتدرّجها فيه، فقد فكت الجهات المتعلقة بالتدرج في تحقيق معاني الإيمان ومعالم التوحيد على التدرج، وبين القيام بالشرائع الظاهرة التي هي ظاهر الإسلام في الفرد والجماعة، لأن تدريج الإيمان الباطن إذا علّقت به الشعائر الظاهرة تعطلت عن القيام، وهذا أصل ما يحتج به مُسقطة الشعائر، كقول تاركي الصلاة إن أحوالهم الإيمانية ناقصة لا تصلح مع كمال الصلاة..!
.
والواقع أن المتأمل في الخطابين الفكريين المتقابلين عن شروط الجهاد يكشف عن انفكاك الجهة، هذا الأمر عوض أن يكون في مصلحة قوة المسلمين تحول إلى تداخل معوِّق عن النهضة، إذ نلاحظ أن طائفة جعلت من كمال التوحيد الذي هو شرط النصر والتمكين شرطا للجهاد، فخلطت بين الاعتبار المعنوي والاعتبار المادي، أو بعبارة أخرى خلطت بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية، وفي الجهة المقابلة نجد طائفة أخرى أخّرت قضية التوحيد وحمايته والإيمان وتنميته فجعلت شرط الجهاد الذي هو إعداد العدة المادية موجبا (بنفسه) للنصر والتمكين، والواقع أن الطائفة الأولى عطلت إقامة وظيفة الجهاد لأنها طلبت النتائج قبل الأسباب، والطائفة الثانية ظنت الأسباب تغني عن أسباب الأسباب، فحصل منها -عن غير قصد إن شاء الله- عطف للناس عن الحرص على تعلم التوحيد أو إساءة ظن بأرباب هذا العلم والمتفرغين لتعليمه..
.
إن شروط الجهاد وشروط التمكين في هذه الأمة يجب أن تتقدم على الموازاة والمرافقة، فيجب أن تتقدم الشروط الحسية وفي ظهرها الشروط المعنوية تمدّها كل حين بمعاني الشريعة، وتراقب أخطاءها لتصلحها، وتلاحظ اعوجاجاتها لتقوّمها، من غير أن تكون سببا في تعطيلها أو تثبيط أهلها أو توهينهم أو تقزيم جهودهم، وبالمقابل فينبغي ألا تغفل عين الشروط الحسية طرفة عين عن ملاحظة الشروط المعنوية الاعتقادية التي بها يستنزل النصر وتحصل الفتوح، وأن تراجعها وتسترجعها في كل أحوالها في الهزيمة والنصر والشدة والفرج..

(والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون)..


https://t.me/gazaalannet/39591

ما زال هذا العالم يسع آمالنا، وضحكاتنا، وجمال أبنائنا، ما زال هذا العالم ينتظر المسلمين ليجلسوا على عرش التمكين، ويسوسوا الدنيا بنور الوحي


ولينصرن الله من ينصره


Forward from: غزة الآن - Gaza Now
Video is unavailable for watching
Show in Telegram
وفق تعليمات قائد أركان المقاومة..رسالة من أحد المقاومين داخل غلاف غزة.




بصيرة نبوية..
.
.
أخرج أحمد وأبو داود والترمذي عَنْ ‌عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «مَرَّ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نُعَالِجُ خُصًّا لَنَا، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقُلْنَا: قَدْ وَهَى فَنَحْنُ نُصْلِحُهُ، فَقَالَ: مَا أَرَى ‌الْأَمْرَ ‌إِلَّا ‌أَعْجَلَ مِنْ ذَلِكَ".
.
هذا مبدأ نبوي في تقدير الأشياء كلها، حسيها ومعنويها، نافعا وضارها، "ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك"، الأمر أعجل من تطاول الناس في البنيان، الأمر أعجل من كنز الذهب والفضة، الأمر أعجل من ذهاب ساعات المرء في النزهة والترويح، الأمر أعجل من الخصومات والمناكفات والمدابرات، الأمر أعجل من تبييت نية الشر وتدبير خطة الفساد. الأمر أعجل من طلب الأمر من حله، فكيف مناهبته من حرمته..!
.
الموت أقرب إلى أحدنا من شراك نعله، وفناء ساعات المرء أعجل عليه من تتابع دراهمه، حسبنا من الزاد ما بلّغنا المنزل، وحسبنا من الكلام ما أبرأ الذمة، وحسبنا من العلم ما أبان المحجة، وحسبنا من الترويح ما جدد العزيمة، فإن الأمر أعجل من ذلك..


جني. إنما يعني أنه جمع عناصر العلة فيما ذكر من كلام أصحابه النحويين وقد كانت منثورة فيه، كما كان أصحاب محمد بن الحسن يجمعون العلل الفقهية من كلامه. فله في النحو أسوة بأصحابه في الفقه".
.
وطريقة الأحناف هذه ترجع في أصولها إلى فقهائهم وأصولييهم في القرن الرابع، والذين لم يكونوا بعيدين زمانيا ولا مكانيا عن ابن جني، يقول الشيخ أبو زهرة في كتاب "أصول الفقه"(ص23) بعد أن عرض لهذه الطريقة: "وأقدم كتاب على هذا النحو هو أصول أبي الحسن الكرخي المتوفى سنة 340ه، وأوسع منه وأكثر تفصيلا كتاب أصول أبي بكر الرازي المعروف بالجصاص المتوفى سنة370ه"، ويزداد الأمر عندنا يقينا حين نعلم بأن الجصاص كان من جلساء أبي الفتح، وأن الموضع الذي ذكره في في الخصائص كان حديثا عن هذه القضية تعيينا، يقول(1/ 208-ط النجار): "وقلت مرة لأبي بكر ‌أحمد ‌بن ‌علي الرازي -رحمه الله- وقد أفضنا في ذكر أبي علي ونبل قدره ونباوة محله: أحسب أن أبا علي قد خطر له وانتزع من علل هذا العلم ثلث ما وقع لجميع أصحابنا، فأصغى أبو بكر إليه ولم يتبشع هذا القول عليه".
.
وإذا فهمنا هذه الحيثية ازددنا بصيرة بالسبب الذي يجعل ابن جني يكثر في تراجم أبوابه من التنبيه على ضرورة "التأمل" من جهة، ثم يكثر كذلك من إيراد الفروع والتمثيلات في صلب الباب، والحرص على توجيه المختلف، ورد المعارض إلى المنقاد، وحصر الشاذ في القدر الذي لا يضر بالمطّرد، وفي الوقت نفسه فقد كان واعيا بأن مجرّد استقراء الفروع لا يكفي في ترسيخ فكرة الأصل من جهة، وطرد أحكامه فيما لم يسمع من جهة أخرى، فكان لا بد من إثبات جنس الأصول والعلل، وهذا الذي حمله على عقد أحد أهم أبواب الكتاب(1/ 237-ط النجار)، وهو: "باب في أن العرب قد أرادت من العلل والأغراض ما نسبناه إليها وحملناه عليها"، والذي حرص فيه على إثبات الدعوى من وجهين:

أ-وجه دراية ببيان غلبة اطراد الأحكام اطرادا يؤذن باتساق البواعث والعلل، كقوله في(1/ 238-ط النجار): "وليس يجوز أن يكون ذلك كله في كل لغة لهم، وعند كل قوم منهم حتى لا يختلف ولا ينتقض ولا يتهاجر على كثرتهم وسعة بلادهم، وطول عهد زمان هذه اللغة لهم، وتصرفها على ألسنتهم؛ اتفاقًا وقع حتى لم يختلف فيه اثنان، ولا تنازعه فريقان إلا وهم له مريدون وبسياقه على أوضاعهم فيه معنيون؛ ألا ترى إلى اطراد رفع الفاعل ونصب المفعول والجر بحروف الجر والنصب بحروفه والجزم بحروفه وغير ذلك من حديث التثنية والجمع والإضافة والنسب والتحقير وما يطول شرحه؟ فهل يحسن بذي لب أن يعتقد أن هذا كله اتفاق وقع، وتوارد اتجه".

ب-ووجه رواية بنقل بعض ما صرّحوا به من علل كلامهم، وانتفائهم وبراءتهم مما يخالفها، كقوله في(1/ 249-ط النجار) في إشارة العرب إلى علة التضمين: "وأما ما روي لنا فكثير. منه ما حكى الأصمعي عن أبي عمرو قال: سمعت رجلا من اليمن يقول: فلان لغوب جاءته كتابي فاحتقرها. فقلت له: أتقول جاءته كتابي! قال: نعم أليس بصحيفة؟"، وقوله في(1/ 242-ط النجار) في واقعة بينه وبين الأعرابي أبي عبد الله الشجري، أحد من أدركهم من بقية الفصحاء: "وسألته يومًا فقلت له: كيف تجمع "دكانًا"؟ فقال: دكاكين. قلت: فسرحانًا؟ قال: سراحين. قلت: فقرطانًا؟ قال: قراطين. قلت: فعثمان قال: عثمانون. فقلت له: هلا قلت أيضًا عثامين قال: أيش عثامين! أرأيت إنسانًا يتكلم بما ليس من لغته والله لا أقولها أبدًا".
.
إذاً، فالطريقة التي اعتمدها ابن جني أنسب لوضع أصول النحو، بل هي أقرب لتكون الطريقة العملية الوحيدة، وقد جاء كتاب الخصائص في ترتيبه الداخلي العميق على وفق هذه الطريقة، وأما الوضع الذي وضعت عليه كتب أصول النحو المتأخرة –أعنى كتابي ابن الأنباري والسيوطي-فقد قدّمت الأصول على طريقة الشافعية، كأنها أصول منصوصة حاكمة، وأوردت المسائل عقبها كأنها تمثيلات للشرح والتفسير لا لا فروع للتأسيس والتقرير، فبدت الأصول كأنها وجدت على عمومها وإحكامها قبل الفروع، وأن الفروع عنها نشأت وبها استقرت. وهذا خلاف واقع التاريخ، وخلاف مأخذ العلم اللغوي، إذ ليس ثمة تشريع يعلم من نصه أصول النحو، ولا أصول العربية، اللهم إلا شيئا يسيرا تكلمت به العرب هو منبهة لسائره وتصحيح لجملته.
.
آمل بعد هذا البيان أن تسعف الحال لدراسة تطبيقية على باب من أبواب كتاب الخصائص نوضح من خلاله كيفية بناء الأصول من الفروع، وتأسيس الباب على عمل النحويين المتقدمين، زيادة في إيضاح الفكرة التي رمنا بيانها، والله الموفق وحده، وهو الهادي إلى سواء السبيل.


تراجم ابن جني-عتبات الاستدلال الأصولي في كتاب الخصائص(3)
.
.
نتكلم في هذه الحلقة عن نقطة دقيقة متعلقة بعتبات الاستدلال الأصولي عند أبي الفتح ابن جني، بل يمكننا أن نزعم أنها مكمن الخلاف بين بنية علم أصول النحو عند ابن جني وعند غيره من الخالفين كابن الأنباري والسيوطي، ونزعم كذلك أن هذه النقطة لم تنل إلى يومنا هذا حظها من الدراسة المعمقة، مع توفر موادها وأدواتها، وهي قضية منطلق تأسيس الأصل النحوي بين الاستنباط والاستقراء.
.
تعرضنا في مناسبات سابقة أكثر من مرة إلى قضية تأثير أصول الفقه من حيث البناء والتقسيم في أصول النحو، وبيّنا أن أقل هذا التأثير أن "أصول الكلام والفقه" كانت باعثا على التفكير في ضرورة وضع أصول نحو كما يقول ابن جني في الخصائص، إلا أن الذي عطّل هذا التأسيس عقودا طويلة في رأيه هو ما ذكره في مقدمته(1/ 02-ط النجار) بقوله: ".. فكانت مسافر وجوهه ومحاسر أذرعه وسوقه تصف لي ما اشتملت عليه مشاعره وتحي إلي بما خيطت عليه أقرابه وشواكله وتريني أن تعريد كل من الفريقين: البصريين والكوفيين عنه وتحاميهم طريق الإلمام به والخوض في أدنى أوشاله وخُلُجه فضلاً عن اقتحام غماره ولُجَجه إنما كان لامتناع جانبه، وانتشار شعاعه، وبادي تهاجر قوانينه وأوضاعه". فالعبارة الأخيرة من هذا الإعلان تضع الإصبع على المشكل التأسيسي التأصيلي كما يراه ابن جني، وهو ينشعب إلى شعبتين: مشكلة سعة المادة، ومشكلة التعارض الظاهري بين أفراد المواد.
.
هذا المشكل التأسيسي يشير في الوقت نفسه إلى أن العربية لما كانت شريعة مَلَكة لا شريعة أمر ونهي، كانت أصولها مأصولة لا منصوصة، فالعرب كما يروي الزجاجي في الإيضاح(ص66-ط المبارك) عن الخليل: "نطقت على سجيتها وطباعها وعرفت مواقع كلامها، وقام في عقولها علله، وإن لم ينقل ذلك عنها". وعليه فإن أصول مبنى الكلام العربي إنما تدرك من فروعه حتى تصاغ، فإن تكاثرت الفروع كثرة بالغة، وتعادى بعضها فلم يتوافق؛ كان ذلك أعسر لضبط الأصول ضبطا يشتمل على جملتها، ولولا عموم اطراد أحكام اللغة الذي يفرضه قانون التفاهم والتواصل لعسر وضع أصول لها عُسرا يقرب من الإحالة والامتناع.
.
وقد أدرك ابن جني مشكلة غياب الأصول المنصوصة، وعلم أن سبيل الوصول إلى صياغتها لا بد أن يمرّ على مرحتين: مرحلة استقراء الفروع، ثم مرحلة انتزاع العلل، وهنا يتدخل أهم جانب من الجوانب العلمية في شخصية أبي الفتح، وهو كونه "حنفيا"! فالمنهج الاستقرائي المعروف بـ"طريقة الأحناف" كان أمثل وسيلة منهجية تُمكِّن من لمّ شعث الأفكار العلمية التي تتابعت على امتداد أكثر من قرنين من الزمان في البحث اللغوي عامة، ولا ندري بالضبط: هل كان هذا اللقاء المنهجي محض اتفاق في ذهن رجل عبقري استطاع أن يوظفه أفضل توظيف، أم أن العبقرية تجاوزت به حدود الموافقة إلى البحث عن طريقة منهجية تناسب طبيعة البحث اللغوي وخصوصيات هدف وضع أصول النحو؟
.
وتتلخص طريقة الحنفية في استقراء فروع أئمة المذهب: أبي حنيفة وأصحابه فمن بعدهم ومحاولة فهم اتجاهات الاستنباط التي عملوا بها، لفهم اتجاهات التشريع والفتوى، فقد كانت هذه الطريقة تحصينا للمذهب وتقريرا لأصوله أكثر من كونها تأصيلا للأصول الحاكمة للفقه كما يقول الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه "أصول الفقه"(ص22)، ومع ذلك فقد كان لها دور في تمتين العلاقة بين الفقه وأصوله وتقريب الانتزاع بين الأحكام وعللها. ويظهر هذا الأمر جليا حتى عند ابن جني وهو يتحدث في الخصائص(1/ 163-ط النجار)عن فقهاء العراق، يقول: "وكذلك كتب ‌محمد ‌بن ‌الحسن رحمه الله إنما ينتزع أصحابنا منها العلل، لأنهم يجدونها منثورة في أثناء كلامه، فيجمع بعضها إلى بعض بالملاطفة والرفق. ولا تجد له علة في شيء من كلامه مستوفاة محررة. وهذا معروف من هذا الحديث عند الجماعة غير منكور".
.
ولعله يجدر التنبيه هنا إلى أن بعض المعاصرين قد ذهب بهذا الكلام إلى غير المراد به فحمله على أن المراد بالأصحاب هنا هم النحويون(ينظر مثلا الدكتورة رشيدة مصلاحي في كتابها: اجتهادات ابن جني في أصول النحو: ص49)، وأن العلل التي ينتزعونها هي أجناس العلل، وليس ذلك بمراد لابن جني، وإنما مراده بيان أن النحويين اقتدوا بالأحناف(وهم الأصحاب في النص) في انتزاع العلل من منثور كلام الأئمة كسيبويه والمازني والمبرد وغيرهم، فأدى سوء الفهم هذا إلى النزول بمرتبة الإفادة من هذا النص الجليل، وتضييع أهم معنى فيه، وهو الاستفادة من طريقة الأحناف التي هي عمق المنهج الاستقرائي التوجيهي، لا مجرد المحاكاة في أجناس التعليلات. والعجب من الجنوح إلى هذا المعنى غير المراد، مع أن العلامة محمد علي النجار محقق الخصائص قد كتب في هذا الموضع تعليقا نفيسا جدا، بين فيه أصل الخلل في هذا الفهم، يقول معلقا على لفظة (العلل) في كلام ابن جني: "يريد علل الفقه، وقد ساق في الاقتراح هذا النص عن ابن جني، وزاد شارحه ابن علان بعد (العلل) كلمة (النحوية)، وهي زيادة لا وجه لها، ولا يعني هذا ابنُ


موضع شريف. وأكثر الناس يضعف عن احتماله لغموضه ولطفه. والمنفعة به عامة، والتساند إليه مقو مجد"، وفي(1/ 374): "باب في تركب اللغات: اعلم أن هذا موضع قد دعا أقوامًا ضعف نظرهم وخفَّتْ إلى تلقي ظاهر هذه اللغة أفهامهم، أن جمعوا أشياء على وجه الشذوذ عندهم، وادعوا أنها موضوعة في أصل اللغة على ما سمعوه بأخرة من أصحابها، وأنسوا ما كان ينبغي أن يذكروه، وأضاعوا ما كان واجبًا أن يحفظوه". وهذه الحالات في الحقيقة تمس مواقف النحويين من الباب، أو اختلالات تطبيقهم له، أو زللهم في مجانبته نحو أصول أخرى فاسدة.
.
4-التنبيه على وظائف الباب: كقوله في(1/ 212): "باب في الحمل على أحسن الأقبحين: اعلم أن هذا موضع من مواضع الضرورة المميلة". وفي(1/ 300): "باب من غلبة الفروع على الأصول: هذا فصل من فصول العربية طريف؛ تجده في معاني العرب، كما تجده في معاني الإعراب. ولا تكاد تجد شيئًا من ذلك إلا والغرض فيه المبالغة"، وفي(1/ 357): "‌‌باب في أن ما قيس على كلام العرب فهو من كلام العرب: ... والمنفعة به عامة، والتساند إليه مقو مجد"، ولا تستقل الترجمة ببيان الباب في أكثر المواضع، بل تقترن إما بالأثر كما في العنصر السابق، وإما بالتنويه كما في العنصر التالي.
.
5-التنويه والتمييز: كقوله في(1/ 183): "باب في دور الاعتلال: هذا موضع طريف"، وفي(1/ 186): "‌‌باب في الاعتلال لهم بأفعالهم: ظاهر هذا الحديث طريف، ومحصوله صحيح"، وفي (1/ 215): "‌‌باب في الرد على من ادعى على العرب عنايتها بالألفاظ وإغفالها المعاني: اعلم أن هذا الباب من أشرف فصول العربية وأكرمها وأعلاها وأنزهها"، وفي(1/ 272): "‌‌باب في عكس التقدير: هذا موضع من العربية غريب"، وفي(1/ 321): "‌‌باب في تلاقي اللغة: هذا موضع لم أسمع فيه لأحد شيئًا إلا لأبي علي رحمه الله"، وفي(1/ 335): "‌‌باب في الاعتراض: اعلم أن هذا القبيل من هذا العلم كثير قد جاء في القرآن وفصيح الشعر ومنثور الكلام"، وفي(1/ 341): "باب في التقديرين المختلفين لمعنيين مختلفين: هذا في كلام العرب كثير فاش والقياس له قابل مسوغ"، وفي(1/ 357): "‌‌باب في أن ما قيس على كلام العرب فهو من كلام العرب: هذا موضع شريف". فهذه التراجم تؤدي وظيفة التنويه والتنبيه إلى أهمية الباب بأوجه مختلفة، أهمها بيان طرافة الباب وتميّزه، إما بافتراع ابن جني له، أو تفرد شيخه الفارسي به، ومنها التنويه بشرف الباب، والذي ينبني على قدر المعارف المحصلة من جهته وانبساطه على أبواب كثيرة من العربية.
.
6-التلخيص: وقد وقفت عليه في موضع واحد من الأبواب المختارة، وهو قوله في(1/ 133): "‌‌باب في الاستحسان: وجماعه أن علته ضعيفة غير مستحكمة إلا أن فيه ضربًا من الاتساع والتصرف". حيث اقتصر ابن جني على بيان الحكم المجمل على قوة الدليل الذي عقد له الباب.
.
فهذه الحالات الست التي قمنا بإحصائها وتصنيفها تصور لنا الأهمية الكبرى لتراجم ابن جني، والتي تعطينا الأحكام القيمية التي يعطيها لموضوعات كتابه، والأسباب الفعلية التي دعته إلى بحثها، والأدوار التي يسندها إليها في البحث اللغوي، والآفات المنهجية التي يحاول تفاديها من خلال شرحها وتفسيرها. وسنعمل في حلقة لاحقة إن شاء الله على تعميق تحليل بعض هذه الأبواب والنفاذ أكثر فأكثر إلى عمق العقل الاستدلالي لابن جني، وطريقته في الوصول إلى الكليات اللغوية للعربية والأدلة الإجمالية لعلومها.


تراجم ابن جني-عتبات الاستدلال الأصولي في كتاب الخصائص(2)
.
.
لفتنا النظر في الحلقة السابقة إلى تراجم أبي الفتح ابن جني في كتاب الخصائص، هذه التعليقات التي جاءت ضمن تقليد طويل في التأليف العربي الإسلامي، مثَّله على الخصوص صحيح الإمام البخاري في العلوم الشرعية، وكتاب سيبويه في العلوم اللغوية، فترجمة الباب هي عتبة من العتبات النصية التي تؤدي دور المؤشر التأويلي الذي يوجه المتلقي نحو مراد المؤلف من الاستدلال، يتضح هذا جليا عند الإمام البخاري، بحكم أن مضمون الباب هو أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، التي قد يختلف في دلالتها، ودرجة وضوح الاستدلال بها. مما يجعل الترجمة مفتاحا تأويليا مهما وحاسما في فهم أغراض أبواب البخاري.
.
وليس كتاب ابن جني بالبعيد عن هذه الوضعية، وإن كان لمؤلفه فسحة داخل أبوابه ليزيد أغراضه بيانا وتوضيحا، ولكننا سنحاول أن نجلي حقيقة أن تراجم أبواب الخصائص لا تزال تؤدي وظيفة تأويلية مهمة جدا ترجع إلى طبيعة البناء الاستدلالي الذي تقوم عليه أصول النحو عند ابن جني(خصوصا). ومن أجل ذلك فسنقوم بفحص أبواب الجزء الأول من أصل التجزئة الثلاثية للخصائص، التي احتوت على "ترجمة" بالمفهوم الذي حددناه سابقا، حيث احتوى الجزء الأول من الكتاب على أربعة وخمسين(54) بابا، تحقق شرط الترجمة في تسعة عشر(19) بابا منها، وهي عينة كافية لتحليل المفاهيم الأساسية التي نحتاج إليها.
.
ولنبدأ بتحديد المصطلحات التي يعبر بها ابن جني عن مضامين الأبواب متبعة بأرقام صفحاتها، وهي التالية:

*موضع(40، 115، 181، 183، 184، 212، 272، 280، 321، 357، 374).

*باب(115، 215).

*حديث(186).

*فصل(215، 300).

*قبيل(335).

واكتفى ابن جني في موضعين باستعمال اسم الإشارة(188) أو الضمير(133) للإحالة. ولا يظهر من استعمال ابن جني للفظ (موضع) أكثر من غيره غرضٌ اصطلاحي، إلا ما يشير إليه المدلول اللغوي المحض، وهو المكان، وللموضع هنا دلالة مرتبطة بالمسيرة البحثية، فطبيعة البحث عند ابن جني هي طبيعة استقرائية تبحث عن الثوابت والمستقرات داخل نظام اللغة من جهة، وداخل نظام تحليل علماء العربية للغة من جهة أخرى، ولذلك تنوعت أبواب كتاب الخصائص بين هذين النمطين، نمط الثوابت اللغوية(خصائص اللغة وأسرارها)، ونمط الثوابت العلمية(أصول النحو)، وأعتقد أننا بهذا قد وجدنا سبب إدراج كتاب الخصائص في كتب أصول النحو أحيانا، وفي كتب فقه اللغة أحيانا أخرى.
.
وبتحليل أولي لمضامين التراجم التسعة عشر، يمكننا أن نحدد أهم الأفكار التي تدور حولها والأدوار التي تؤديها، والتي يمكننا تحديدها فيما يلي:

1-الدعوة إلى التأمل: كما في قوله (1/ 40): "باب القول على أصل اللغة أإلهام هي أم اصطلاح: هذا موضع محوج إلى فضل تأمل"، وقوله في(1/115): "‌‌باب في جواز القياس على ما يقل ورفضه فيما هو أكثر منه: هذا باب ظاهره -إلى أن تعرف صورته- ظاهر التناقض؛ إلا أنه مع تأمله صحيح"، وقوله في(1/215): "‌‌باب في الرد على من ادعى على العرب عنايتها بالألفاظ وإغفالها المعاني: اعلم أن هذا الباب من أشرف فصول العربية وأكرمها وأعلاها وأنزهها. وإذا تأملته عرفت منه وبه ما يؤنقك ويذهب في الاستحسان له كل مذهب بك". ويرتبط التأمل في هذه الأبواب الثلاثة بثلاثة أنواع من البحوث: البحث الفلسفي-التأملي(أصل اللغة) في الحالة الأولى، والبحث الإشكالي(بالمفهوم الكانطي في الفلسفة: أي حل التناقضات المنطقية) في الحالة الثانية، والبحث الاستقرائي في الحالة الثالثة(وسنخصّه بالتحليل في حينه إن شاء الله).
.
2-التنبيه على الغوامض والمشكلات: وهو متعلق بالحالة الثانية سالفة الذكر، كقوله في(1/ 115): "‌‌باب في جواز القياس على ما يقل ورفضه فيما هو أكثر منه: هذا باب ظاهره -إلى أن تعرف صورته- ظاهر التناقض؛ إلا أنه مع تأمله صحيح"، وفي(1/ 188): "‌‌باب في الاحتجاج بقول المخالف: اعلم أن هذا -على ما في ظاهره- صحيح ومستقيم"، وفي(1/ 357): "‌‌باب في أن ما قيس على كلام العرب فهو من كلام العرب: هذا موضع شريف. وأكثر الناس يضعف عن احتماله لغموضه ولطفه. والمنفعة به عامة، والتساند إليه مقو مجد"، فالاستشكال في هذه الحالات يرجع إما إلى التعارض الظاهري أو إلى الغموض المفهومي، أو إلى خفاء الأدلة.
.
3-التنبيه على الأثر العملي للباب: كقوله في(1/ 100): "باب في تقاود السماع وتقارع الانتزاع: هذا الموضع كأنه أصل الخلاف الشاجر بين النحويين"، وفي(1/ 181): "باب في إدراج العلة واختصارها: هذا موضع يستمر النحويون عليه، فيفتق عليهم ما يتعبون بتداركه والتعذر منه"، وفي(1/ 184): "باب في الرد على من اعتقد فساد علل النحويين لضعفه هو في نفسه عن إحكام العلة: اعلم أن هذا الموضع هو الذي يتعسف بأكثر من ترى"، وفي(1/ 280): "باب في الفرق بين تقدير الإعراب وتفسير المعنى: هذا الموضع كثيرًا ما يستهوي من يضعف نظره إلى أن يقوده إلى إفساد الصنعة"، وفي(1/ 357): "‌‌باب في أن ما قيس على كلام العرب فهو من كلام العرب: هذا


-(1/ 280): "باب في الفرق بين تقدير الإعراب وتفسير المعنى: هذا الموضع كثيرًا ما يستهوي من يضعف نظره إلى أن يقوده إلى إفساد الصنعة".
.
فهذه بعض الأبواب من الجزء الأول من كتاب الخصائص، يحرص فيها ابن جني على إتباع عنوان الباب بتعليق صغير تفسيري أو تقييمي أو حجاجي، يعمل من خلاله على الذهاب بعقل القارئ في اتجاه تأويلي معين، وهو إما تنبيهه إلى أهمية الباب، أو تحفيزه على تجاوز تعارض ظاهري فيه، أو الانتقال به إلى توقع أكبر لنتائجه، ولكن أهمية هذه التراجم لا تقف عند هذا الحد-على أهميته-، بل تتجاوزه إلى مسألة أعمق أحسب أنها لم تجلَّ بعدُ بالقدر الذي تستحقه مع أنها راجعة إلى أصل التكوين العلمي لأبي الفتح ابن جني، وهو ما سنحاول بيانه في حلقة لاحقة بإذن الله تعالى..


تراجم ابن جني-عتبات الاستدلال الأصولي في كتاب الخصائص(1)
.
.
يعد أبو الفتح عثمان بن جني(ت391ه) بحق خاتمة العمالقة المتتابعين من المدرسة الخليلية القديمة في النحو العربي، وهم النحاة الذين عنوا أعظم العناية بشرح كتاب سيبويه والتعليق عليه على امتداد القرن الرابع الهجري، ابتداء من أبي إسحاق الزجاج(ت311ه)، ومرورا بابن السراج وابن كيسان والزجاجي والسيرافي والفارسي والرماني، ووصولا إلى ابن جني. وقد كانت أعمال هؤلاء النحاة على الكتاب مختلفة النوع والوظيفة، بين شارح ومعلّق ومفرّع وناقد ومؤصّل، ويعد ابن جني هو المؤصل "النظري" الأول للنحو الخليلي من خلال كتابه: "الخصائص"..
.
ولا تكمن أهمية كتاب الخصائص فقط في كونه أول وأهم كتاب في أصول النحو العربي كما هو ظاهر جلي، ولكنها تكمن قبل ذلك في أنه آخر كتبِ مؤلِّفه أبي الفتح، وهذه الآخرية ليست آخرية رتبة، وإنما هي آخرية تتويج وتكميل وتسوير، فوصول ابن جني إلى موضوع كتاب الخصائص كان دفعا طبيعيا لحركة التفكير العلمي عنده، فتنوع الطروح العلمية التي طرحها ابن جني في حياته العلمية الطويلة والثرية في كتبه كالمنصف وسر الصناعة واللمع والمحتسب والتعاقب وشرح المقصور والممدود وغيرها؛ كان لا بد أن يفضي إلى رؤية شاملة لما ينبغي أن يكون عليه العلم اللغوي، كما يقول جون سيرل في كتابه "العقل واللغة والمجتمع(ص07- تر الغانمي): ""لا بد أن يشعر من يكتب كتبا في موضوعات متباينة بالحاجة إلى كتابة كتاب يفسّر فيه كيف ترتبط هذه الموضوعات المتباينة ببعضها. كيف تأتلف معا؟".
.
والحقيقة أن ابن جني قد تجاوز في كتاب الخصائص مجرد التنصيص على الأدلة النحوية كما هو معهود العلم الأصولي، وذهب إلى عمق العقل العلمي اللغوي في أنشطته المختلفة، وهو ما يشير إليه الأستاذ الحاج صالح في منطق العرب(ص325) إذ يرى أن ابن جني: "تجاوز أدلة النحو إلى ما يدخل حقيقة في إبستمولوجية علم النحو". ومن أجل ذلك كان كتابه كثير الأبواب جدا (مائة واثنان وستون بابا)، تنوعت من حيث الطبيعة والموضوع، وتوزعت على مستويات الوصف والتفسير والاستدلال-الحجاج، وهي دوائر البحث العلمي الثلاث الأساسية(ينظر مقال: عن أساسيات الخطاب العلمي والخطاب اللساني لعبد القادر الفاسي الفهري، ضمن ندوة: المنهجية في الأدب والعلوم الإنسانية، ص43).
.
ويظهر من خلال تأمل أبواب كتاب الخصائص نوع من النسقية النصية التي تتجلى في الكثير من المواضع إلى الدرجة التي تشرّع لفرضية متعلقة بها، وتحفز البحث في التأكد منها، وتتمثل هذه النسقية في أن ابن جني يعقد عنوان الباب أولا، ثم يتبعه بترجمة(بالمفهوم التراثي: أي تفسير) ترجع في أحيان كثيرة إلى نص عنوان الباب، وهذه الترجمة تؤدي مهمتين محددتين: المهمة التفسيرية، والمهمة الحجاجية، وتظهر المهمة الحجاجية بقوة عند استشعار ابن جني غرابة العنوان أو الموضوع، وعدم إحالته على مفهوم علمي واضح، أو حالة لغوية شائعة، ولنتأمل الأمثلة التالية:

-(1/ 40): "باب القول على أصل اللغة أإلهام هي أم اصطلاح: هذا موضع محوج إلى فضل تأمل غير أن أكثر أهل النظر على أن أصل اللغة إنما هو تواضع واصطلاح لا وحي وتوقيف".

-(1/ 100): "باب في تقاود السماع وتقارع الانتزاع: هذا الموضع كأنه أصل الخلاف الشاجر بين النحويين. وسنفرد له بابًا. غير أنا نقدم ها هنا ما كان لائقًا به ومقدمة للقول من بعده".

-(1/ 115): "‌‌باب في جواز القياس على ما يقل ورفضه فيما هو أكثر منه: هذا باب ظاهره -إلى أن تعرف صورته- ظاهر التناقض؛ إلا أنه مع تأمله صحيح".

-(1/ 133): "‌‌باب في الاستحسان: وجماعه أن علته ضعيفة غير مستحكمة إلا أن فيه ضربًا من الاتساع والتصرف".

-(1/ 181): "باب في إدراج العلة واختصارها: هذا موضع يستمر النحويون عليه، فيفتق عليهم ما يتعبون بتداركه والتعذر منه".

-(1/ 183): "باب في دور الاعتلال: هذا موضع طريف".

-(1/ 184): "باب في الرد على من اعتقد فساد علل النحويين لضعفه هو في نفسه عن إحكام العلة: اعلم أن هذا الموضع هو الذي يتعسف بأكثر من ترى".

-(1/ 186): "‌‌باب في الاعتلال لهم بأفعالهم: ظاهر هذا الحديث طريف، ومحصوله صحيح".

-(1/ 188): "‌‌باب في الاحتجاج بقول المخالف: اعلم أن هذا -على ما في ظاهره- صحيح ومستقيم".

-(1/ 212): "باب في الحمل على أحسن الأقبحين: اعلم أن هذا موضع من مواضع الضرورة المميلة".

-(1/ 215): "‌‌باب في الرد على من ادعى على العرب عنايتها بالألفاظ وإغفالها المعاني: اعلم أن هذا الباب من أشرف فصول العربية وأكرمها وأعلاها وأنزهها. وإذا تأملته عرفت منه وبه ما يؤنقك ويذهب في الاستحسان له كل مذهب بك".

-(1/ 272): "‌‌باب في عكس التقدير: هذا موضع من العربية غريب".

20 last posts shown.

323

subscribers
Channel statistics