الوجه الثاني: يقال لمدعي هذا الشرط الباطل «لا تُصادر أموال المرتدين إلا من السلطان»: لا شك أنك تعني بالشرط كونه شرطاً شرعياً كالطهارة للصلاة والإحصان للرجم وليس شرطاً عقليا ولا لغوياً، ثم إن الشرط الشرعي إما (أولا) أن يكون داخلاً تحت قدرة المكلف وهو مأمور بتحصيله كالوضوء مع الصلاة، وإما (ثانيا) أن يكون داخلاً تحت قدرة المكلف ولم يؤمر بتحصيله كالاستطاعة للحج، و(ثالث) وهو شرط خارج عن قدرة المكلف كالحول للزكاة، فمن أي الأقسام تجعل الشرط الذي تذكر؟.
فإن قال: من القسم الأول. قيل له: من الأمور المسلمة عند الفقهاء أن رعاية الشرط إنما تكون بقدر الإمكان، ألا ترى أن فاقد الماء أو العاجز عن استعماله لمرض أو برد أو نحو ذلك ينتقل إلى البدل الذي دل عليه الشرع وهو التيمم، فإن عجز عن هذا أيضا فهو فاقد الطهورين فيصلي على حاله على الصحيح المختار عملاً بقوله تعالى: ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ وقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ ونحو ذلك من أدلة الباب. فيقال: هب أن تنصيب الإمام كما ذكرت، لكن لا يلزم من عدمه سقوط الفرض بالكلية، بل الذي يسقط رتبة من مراتب القتال وهي القتال تحت راية الإمام الذي تجتمع عليه كلمة الأمة، وينتقل إلى الأدنى وهو أن يقاتل كل بحسبه كما دلت عليه الآية، وهنا تسقط مرتبة أخذ البيوت من قبل السلطان فيأخذها من يقوم مقامه من أهل الجهاد ولو عُدم في الواقع.
وإن قال من الثاني، قيل: لا يصح، بل السعي إلى تنصيب إمام تجتمع عليه كلمة الأمة واجب بالكتاب والسنة والإجماع، ألا ترى أن الصحابة رضي الله عنهم أخروا دفن النبي صلى الله عليه وسلم وهو فرض كفاية على الأمة لأجل تنصيب الإمام، وقد قال الله تعالى لنبيه صلوات الله وسلامه عليه: {وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}، وهذا يتناول عصمته في حياته وبعد موته أن يفعل به ما يخالف الشرع كما قال العلامة ابن حزم الأندلسي رحمه الله، فلا يظن بهم رضي الله عنهم أنهم أخروا واجباً إلا لما هو أوجب والله أعلم، فجعل ما هذا شأنه من القسم الذي لم يؤمر المكلف بتحصيله أبعد من البعيد، وأبعد منه جعله من القسم الثالث وبالله التوفيق.
الوجه الثالث: ما ذكره بعض مشايخنا من أنه لا فرق بين اشتراط الإمام للجهاد وما يترتب عليه من أعماله عموما واشتراطه لغيره من العبادات، فيقال على هذا: لا صلاة إلا بإمام، ولا صيام إلا بإمام، ولا زكاة إلا بإمام، ولا حج إلا بإمام، ولا أمر بالمعروف ولا نهي عن المنكر إلا بإمام، ونحو ذلك، وفي هذا تعطيل للشريعة كلها، وما كان جواب المخالف عن هذا كله فهو جوابنا في الجهاد ولا فرق.
فإن قيل: الجهاد، أو أخذ بيوت المرتدين؛ عبادة جماعية. قيل: وغيره مما في الشرع من العبادات الجماعية كثيرٌ مما ذكر ومما لم يذكر، كصلاة الجمعة والعيدين والاستسقاء والجنائز والحج وغير ذلك من أنواع الطاعات والعبادات، ثم كونه عبادة جماعية شيء، وكونه لا يجوز إلا إذا كان المسلمون جماعة واحدة وتحت راية إمام واحد شيء آخر، فافهم.
والأوجه في الجواب على هذا المعنى الباطل كثيرة.
الخلاصة:
يجب على المسلمين أن يبادروا لأخذ بيوت المرتدين وأن لا يبقوها معهم جزاء وفاقا على ردتهم وحرابتهم لله ورسوله، ولا يحلُّ تركها لأهلهم أو لذويهم يتنعمون بها بينما بيوت المسلمين قد احتلها آباؤهم أو أزواجهم، ولا يمنع من أخذها عدم وجود السلطان، فعلى كل حال تؤخذ، ونكفي أهل المرتدين من المسلمين نفقتهم بقدر الحاجة.
والله أعلم
🌱 https://t.me/g_zbir2
فإن قال: من القسم الأول. قيل له: من الأمور المسلمة عند الفقهاء أن رعاية الشرط إنما تكون بقدر الإمكان، ألا ترى أن فاقد الماء أو العاجز عن استعماله لمرض أو برد أو نحو ذلك ينتقل إلى البدل الذي دل عليه الشرع وهو التيمم، فإن عجز عن هذا أيضا فهو فاقد الطهورين فيصلي على حاله على الصحيح المختار عملاً بقوله تعالى: ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ وقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ ونحو ذلك من أدلة الباب. فيقال: هب أن تنصيب الإمام كما ذكرت، لكن لا يلزم من عدمه سقوط الفرض بالكلية، بل الذي يسقط رتبة من مراتب القتال وهي القتال تحت راية الإمام الذي تجتمع عليه كلمة الأمة، وينتقل إلى الأدنى وهو أن يقاتل كل بحسبه كما دلت عليه الآية، وهنا تسقط مرتبة أخذ البيوت من قبل السلطان فيأخذها من يقوم مقامه من أهل الجهاد ولو عُدم في الواقع.
وإن قال من الثاني، قيل: لا يصح، بل السعي إلى تنصيب إمام تجتمع عليه كلمة الأمة واجب بالكتاب والسنة والإجماع، ألا ترى أن الصحابة رضي الله عنهم أخروا دفن النبي صلى الله عليه وسلم وهو فرض كفاية على الأمة لأجل تنصيب الإمام، وقد قال الله تعالى لنبيه صلوات الله وسلامه عليه: {وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}، وهذا يتناول عصمته في حياته وبعد موته أن يفعل به ما يخالف الشرع كما قال العلامة ابن حزم الأندلسي رحمه الله، فلا يظن بهم رضي الله عنهم أنهم أخروا واجباً إلا لما هو أوجب والله أعلم، فجعل ما هذا شأنه من القسم الذي لم يؤمر المكلف بتحصيله أبعد من البعيد، وأبعد منه جعله من القسم الثالث وبالله التوفيق.
الوجه الثالث: ما ذكره بعض مشايخنا من أنه لا فرق بين اشتراط الإمام للجهاد وما يترتب عليه من أعماله عموما واشتراطه لغيره من العبادات، فيقال على هذا: لا صلاة إلا بإمام، ولا صيام إلا بإمام، ولا زكاة إلا بإمام، ولا حج إلا بإمام، ولا أمر بالمعروف ولا نهي عن المنكر إلا بإمام، ونحو ذلك، وفي هذا تعطيل للشريعة كلها، وما كان جواب المخالف عن هذا كله فهو جوابنا في الجهاد ولا فرق.
فإن قيل: الجهاد، أو أخذ بيوت المرتدين؛ عبادة جماعية. قيل: وغيره مما في الشرع من العبادات الجماعية كثيرٌ مما ذكر ومما لم يذكر، كصلاة الجمعة والعيدين والاستسقاء والجنائز والحج وغير ذلك من أنواع الطاعات والعبادات، ثم كونه عبادة جماعية شيء، وكونه لا يجوز إلا إذا كان المسلمون جماعة واحدة وتحت راية إمام واحد شيء آخر، فافهم.
والأوجه في الجواب على هذا المعنى الباطل كثيرة.
الخلاصة:
يجب على المسلمين أن يبادروا لأخذ بيوت المرتدين وأن لا يبقوها معهم جزاء وفاقا على ردتهم وحرابتهم لله ورسوله، ولا يحلُّ تركها لأهلهم أو لذويهم يتنعمون بها بينما بيوت المسلمين قد احتلها آباؤهم أو أزواجهم، ولا يمنع من أخذها عدم وجود السلطان، فعلى كل حال تؤخذ، ونكفي أهل المرتدين من المسلمين نفقتهم بقدر الحاجة.
والله أعلم
🌱 https://t.me/g_zbir2