ويحكم أيُّها البشر .. أيُّها المُتناسلون كالجراد ، المُتكاثرون ألماً و بؤساً .. كيف لنا أن نصنع أرواحاً مَصيرُها الشقاء و الضياع في عالم الزيف و الخداع ، لطالما رفضتُ فِكرة الزواج و ما زِلتُ على موقفي و قراري ذلك .. يكفينا تلطيخاً لخد هذه الحياة بسوائِلِنا المَنويّة .. حَسبُنا من هذه الدنيا الوِحدةَ و إنتظار الفناء الأبدي حيث تتحرر روحي أخيراً من جسدي المُثقل بأحمالٍ تنوء لِحملِهَا الجِبال .. نحنُ نتناسل المعاناة و العادات البائِسة و الأُمنيات السوداء .. نَحنُ نستنسِخُ بعضنا البعض .. نَحنُ لا نستفيدُ من الدروس و العِبَر .. ننساق تِباعاً لِغُرفِ تفريغ الشهوات و نقذِفُ المعاناة بكل فصولها لتستقبلها الأرحام المُرهقة و الكسيرة و الحزينة أيضاً ، نحنُ نكادُ نُسقِطُ هذه الكرة الأرضية بأثقالنا الى هاويةٍ سحيقةْ ، أتعبنا بطن الأرضِ بدموعنا و قتلانا و جائِعينا و مُترفينا و رجال الدين و بذلك الشريد القابع بناصية شارع حارتي فقط .. لتخويف الزائرين الجُدد !!! بَحّ صوتُ الأرض بصراخِها : إرحلوا أيُّها السفلة لقد أرهقتموني ، إذهبوا بعيداً هُناك حيث لا شوقٌ و لا وجعٌ و لا أنينٌ لشاب عشريني يدفعُ روحاً جديدة يطلِقُ صرخاته وسط ممراتِ المشفى و الجميع في ترقُّبٍ و ذُهول .. حيثُ لا بداية و لا نهاية درامية تنتهي بغرسِ خنجرٍ في رقبةِ الأمنيات .. حيث الكُلُّ جمالٌ في جمال .. حيث الضوء الساطعُ و النخيلُ تلتف سيقانها كراقصِ تانغو .. حيث لا إغتيال و لا فقر و لا حُزنٌ يَقُضُ مضجع العصافير في أعشاشها .. يجِبُ علينا أن نَشعُرَ بالعارِ من أنفسنا .. الويلُ لنا .. بل اللّعنةُ علينا وبركاتُها .. أُنظروا إلى أجسادِكمُ العَفِنة و الدّماء التي أخذت لون الشفق الحزين و هي تنزِفُ مِنكم .. أُنظروا إلى دموعكم المالحة و هي تنهمرُ بغزارة فوق خدودكم لِتنقُشَ أوشاماً أبديةً من الألم و الحِرمان و الآمال التي لن تتحقق و الذكريات التي لن تعود أبداً .. وَيحَكَم أيُّها القابِلين في الدور و سُحقاً لكم .. كانت تلك اللحظات قاسية و أنت تحتضِن زوجتك لِتُطفئ فيها مرارة أيّامكَ و شكواك و حنقك من كل هذا الكون .. المجدُ لكم أيّها الرفاق الذين لم يأتِ موعد سقوطكم في هاوية الحياة و البؤس .. لمن صرَخ وحيداً بين أربعةِ حوائط في ليلةٍ بها القمرُ مظلِماً عبوساً و البحرُ في مدٍ و جزرٍ عنيفين و الرياح تعوي و الحيتان في قيعان البحار تمور بصوتها و ذلك الكهل بين طنين و رنين الأجهزة الموصولة به علّها تُبقيه دقيقةً أُخرى بين أمواج هذه الحياة في محاولات يائِسةٍ أخيرة !! ويح نفسي كيف لها العيش هُنا و الألم و الحُزن يَغسِلُ وجه هذا العالمِ الأصفر .. المجدُ لمن لم يأتي للحفلةِ بعد .. المجدُ لِمن لم يلحق بالحفلةِ بعد !!
المجدُ لمن بقي يعزِفُ وحيداً و يُغنّي وحيداً و يأكلُ و يشرب وحيداً ، المجدُ لمن حلّق بعيداً و عانقت روحَهُ خيوطَ الشمس .. المجدُ لكم أيها المُكتفون وِحدةً من كل هذا الضجيج المُمتلئ كَذِباً و نفاقاً و زوراً .. المجدُ لِمن لم يأتي بعد .. المجدُ لِمن لم تتلوّث روحه بالحياة بعد !!