Forward from: قناة أحمد بن يوسف السيد
نظرة تأملية:
إن الاتزان والتوسط والاعتدال عند حَمَلة الأفكار التجديدية الهادمة لما قبلها يُعَدّ أمراً صعبا، فإن مواجهة الأفكار البالية التي يتعصب أصحابها لها -مع بطلانها في نظر معارضيها وانتهاء صلاحية اعتناقها- تدفع المجددين الناقمين على هذه الأوضاع السائدة إلى نوع من المغالاة في أفكارهم الجديدة، وإلى المبالغة في ردة الفعل تُجاه الأقوال والأفكار القديمة، حتى ولو كان شعار هذه الحركات التجديدية تسامحيا فإنك ترى في أحداث التاريخ ما يؤكد نسيان هذه الشعارات من قِبَل حَمَلة الأفكار التجديدة في خضم مواجهتهم لما ثاروا عليه من القديم.
ولكنك إذا نظرت إلى الإسلام -الذي جاء هادماً لأصول الجاهلية، مستبدلاً إياها بنظام تشريعي واعتقادي شمولي تام- فإنك تجد فيه الاهتمام البالغ باعتدال أتباعه، وبتوجيههم للاتزان، وبإبعادهم عن المبالغة أو الزيادة في الأخذ به، بل في والتوعد والتشديد على من يخالف روح الاعتدال والاتزان كما في قوله عليه الصلاة والسلام: ((إياكم والغلو)) وقوله: ((ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه))، وقوله: ((هلك المتنطعون)) وكلها نصوص صحيحة.
ومما يزيد هذا الأمر وضوحاً أنه قد وقع -بالفعل- من بعض الفرحين برسالة الإسلام أول ما ظهرت، أن دفعهم هذا الفرح بالدين الجديد إلى مظاهر من السخط على الدنيا والبعد عنها وحرمان النفس من طيباتها مع الانقطاع للتعبد، وكان هذا بعد ظلمات الوثنية والشرك التي كانت سائدة في الجزيرة العربية .
فكان موقف الرسول صلى الله عليه وسلم –الذي هو النموذج العملي المطبق لمراد الله في أرضه- من هؤلاء المتحمسين للفكرة الجديدة أنْ كَبَح جماحهم، وبث روح الاعتدال فيهم، ومن أظهر الأمثلة وأصحها على ذلك: حادثة الثلاثة الذين أراد أحدهم أن يعتزل النساء فلا يتزوّج، و قرر الآخر ألّا يأكل اللحم، وهَجر الثالثُ النوم على الفراش، كل ذلك بنية حسنة، وقصد تعبدي، وإرادة الزهد في الدنيا، وبدافعٍ حماسي لهذه العقيدة الإسلامية التي أنقذتهم من الجاهلية المظلمة، فنجد أن النبيَّ ﷺ وقف أمام حماسهم بقوة مذكراً إياهم بالاعتدال والاتزان وذلك بالسير على سنته واتباعه، فقال: ((أما أنا فأصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغِب عن سنّتي فليس مني)) أخرجه البخاري ومسلم.
إن الاتزان والتوسط والاعتدال عند حَمَلة الأفكار التجديدية الهادمة لما قبلها يُعَدّ أمراً صعبا، فإن مواجهة الأفكار البالية التي يتعصب أصحابها لها -مع بطلانها في نظر معارضيها وانتهاء صلاحية اعتناقها- تدفع المجددين الناقمين على هذه الأوضاع السائدة إلى نوع من المغالاة في أفكارهم الجديدة، وإلى المبالغة في ردة الفعل تُجاه الأقوال والأفكار القديمة، حتى ولو كان شعار هذه الحركات التجديدية تسامحيا فإنك ترى في أحداث التاريخ ما يؤكد نسيان هذه الشعارات من قِبَل حَمَلة الأفكار التجديدة في خضم مواجهتهم لما ثاروا عليه من القديم.
ولكنك إذا نظرت إلى الإسلام -الذي جاء هادماً لأصول الجاهلية، مستبدلاً إياها بنظام تشريعي واعتقادي شمولي تام- فإنك تجد فيه الاهتمام البالغ باعتدال أتباعه، وبتوجيههم للاتزان، وبإبعادهم عن المبالغة أو الزيادة في الأخذ به، بل في والتوعد والتشديد على من يخالف روح الاعتدال والاتزان كما في قوله عليه الصلاة والسلام: ((إياكم والغلو)) وقوله: ((ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه))، وقوله: ((هلك المتنطعون)) وكلها نصوص صحيحة.
ومما يزيد هذا الأمر وضوحاً أنه قد وقع -بالفعل- من بعض الفرحين برسالة الإسلام أول ما ظهرت، أن دفعهم هذا الفرح بالدين الجديد إلى مظاهر من السخط على الدنيا والبعد عنها وحرمان النفس من طيباتها مع الانقطاع للتعبد، وكان هذا بعد ظلمات الوثنية والشرك التي كانت سائدة في الجزيرة العربية .
فكان موقف الرسول صلى الله عليه وسلم –الذي هو النموذج العملي المطبق لمراد الله في أرضه- من هؤلاء المتحمسين للفكرة الجديدة أنْ كَبَح جماحهم، وبث روح الاعتدال فيهم، ومن أظهر الأمثلة وأصحها على ذلك: حادثة الثلاثة الذين أراد أحدهم أن يعتزل النساء فلا يتزوّج، و قرر الآخر ألّا يأكل اللحم، وهَجر الثالثُ النوم على الفراش، كل ذلك بنية حسنة، وقصد تعبدي، وإرادة الزهد في الدنيا، وبدافعٍ حماسي لهذه العقيدة الإسلامية التي أنقذتهم من الجاهلية المظلمة، فنجد أن النبيَّ ﷺ وقف أمام حماسهم بقوة مذكراً إياهم بالاعتدال والاتزان وذلك بالسير على سنته واتباعه، فقال: ((أما أنا فأصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغِب عن سنّتي فليس مني)) أخرجه البخاري ومسلم.