الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :
فالحمد لله الذي هيأ للناس من بينهم نصحة أمنة ، يأخذون بأيديهم نحو السداد ويرشدونهم لخير زاد ليوم المعاد ، يكملون نقص إخوانهم ويسدون خللهم في صدق وإخلاص ، ورغبة في رضوان الله تعالى .
وقد جرى مني كتابة نصيحة لقبائلنا الحبيبة وأهالينا في ربوع البلاد المختلفة ، صدرتها بقولي ( نصيحة لعمداء البلديات .... ) وهذا خطأ ولا ريب ، فقام أحد الأفاضل بتنبيهي عبر العام وعبر الخاص ، فجزاه الله خيرا ، وأدام الله لنا إخواننا نصحة بررة ووقانا من الغششة الفجرة .
فعليه قمت بتعديل المنشور مع شكري له صنيعه عبر المكانين مقام النصح منه ، وبينت أن القول منكر ما ينبغي ، ولتمام البيان فأقول مستعينا بالله أن النصح للولاة على جهة العلانية ليس من الطرائق السديدة ولا المسالك المرضية الحميدة ، بل درج السلف على خلاف ذلك وجاء الخبر بنقيض ذلك ، فعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: (( الدِّينُ النَّصِيحَةُ)) . قُلنَا: لِمَنْ؟ قال: (( لله وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ )) رواه مسلم .
قال الحافظ النووي - رحمه الله - :
[ أما النصيحة لأئمة المسلمين فمعاونتهم على الحق, وطاعتهم فيه, وأمرهم به, وتنبيهم وتذكيرهم برفق ولطف, وإعلامهم بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين, وترك الخروج عليهم, وتألف قلوب الناس لطاعتهم, قال الخطابي -رحمه الله-: ومن النصيحة لهم الصلاة خلفهم, والجهاد معهم, وأداء الصدقات اليهم, وترك الخروج بالسيف عليهم إذا ظهر منهم حيف أو سوء عشرة, وأن لا يغروا بالثناء الكاذب عليهم, وأن يدعى لهم بالصلاح ] .
شرح صحيح مسلم (2-227.)
يضبط هذا ما رواه الإمام أحمد في مسنده وابن أبي عاصم في السنة عن عياض بن غنم - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - :
(( من أراد أن ينصح لذي سلطان في أمر فلا يبده علانية ، وليأخذ بيده, فإن قبل منه فذاك, وإلا كان قد أدى الذي عليه )) صححه الألباني .
وأخرج البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - قال : قيل له ألا تدخل على عثمان فتكلمه ؟
فقال: أترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم؟
والله لقد كلمته فيما بيني وبينه ما دون أن أفتتح أمراً لا أحب أن أكون أول من فتحه.
قال الحافظ النووي - رحمه الله - :
[ قوله " أفتتح أمراً لا أحب أن أكون أول من افتتحه " يعنى المجاهرة بالإنكار على الأمراء في الملأ ] .
ونقل الحافظ عن القاضي عياض قوله : [ مُراد أسامة أنه لا يفتح باب المجاهرة بالنكير على الإمام لما يَخْشَى من عاقبة ذلك ، بل يتلطف به وينصحه سرا فذلك أجدر بالقبول ] فتح الباري ( 13-57 ) .
وقال الشوكاني – رحمه الله - : [ ينبغي لمن ظهر له غلط الإمام في بعض المسائل أن يناصحه ولايظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد بل كما ورد في الحديث أنه يأخذ بيده ويخلو به ويبذل له النصيحة ولا يذل سلطان الله ] .
السيل الجرار ( 4-556 ) .
وقال السعدي - رحمه الله - : [ على من رأى منهم ما لا يحل أن ينبههم سراً لا علناً بلطف وعبارة تليق بالمقام [ .
الرياض الناضرة (50) .
وختاما فاشكر الأخ الذي نبهني وسعى جهده ليزينني وليحفظ دين الله قبل ذلك .
قال الفضيل بن عياض - رحمه الله - : [ المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير ] .
جامع العلوم والحكم (77) .
قال الحافظ ابن رجب – رحمه الله - : [ فهذا الذي ذكره الفضيل من علامات النصح، وهو أن النصح يقترن به الستر، والتعيير يقترن به الإعلان ] .
الفرق بين النصيحة و التعيير (36) .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
والحمد لله رب العالمين .
فالحمد لله الذي هيأ للناس من بينهم نصحة أمنة ، يأخذون بأيديهم نحو السداد ويرشدونهم لخير زاد ليوم المعاد ، يكملون نقص إخوانهم ويسدون خللهم في صدق وإخلاص ، ورغبة في رضوان الله تعالى .
وقد جرى مني كتابة نصيحة لقبائلنا الحبيبة وأهالينا في ربوع البلاد المختلفة ، صدرتها بقولي ( نصيحة لعمداء البلديات .... ) وهذا خطأ ولا ريب ، فقام أحد الأفاضل بتنبيهي عبر العام وعبر الخاص ، فجزاه الله خيرا ، وأدام الله لنا إخواننا نصحة بررة ووقانا من الغششة الفجرة .
فعليه قمت بتعديل المنشور مع شكري له صنيعه عبر المكانين مقام النصح منه ، وبينت أن القول منكر ما ينبغي ، ولتمام البيان فأقول مستعينا بالله أن النصح للولاة على جهة العلانية ليس من الطرائق السديدة ولا المسالك المرضية الحميدة ، بل درج السلف على خلاف ذلك وجاء الخبر بنقيض ذلك ، فعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: (( الدِّينُ النَّصِيحَةُ)) . قُلنَا: لِمَنْ؟ قال: (( لله وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ )) رواه مسلم .
قال الحافظ النووي - رحمه الله - :
[ أما النصيحة لأئمة المسلمين فمعاونتهم على الحق, وطاعتهم فيه, وأمرهم به, وتنبيهم وتذكيرهم برفق ولطف, وإعلامهم بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين, وترك الخروج عليهم, وتألف قلوب الناس لطاعتهم, قال الخطابي -رحمه الله-: ومن النصيحة لهم الصلاة خلفهم, والجهاد معهم, وأداء الصدقات اليهم, وترك الخروج بالسيف عليهم إذا ظهر منهم حيف أو سوء عشرة, وأن لا يغروا بالثناء الكاذب عليهم, وأن يدعى لهم بالصلاح ] .
شرح صحيح مسلم (2-227.)
يضبط هذا ما رواه الإمام أحمد في مسنده وابن أبي عاصم في السنة عن عياض بن غنم - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - :
(( من أراد أن ينصح لذي سلطان في أمر فلا يبده علانية ، وليأخذ بيده, فإن قبل منه فذاك, وإلا كان قد أدى الذي عليه )) صححه الألباني .
وأخرج البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - قال : قيل له ألا تدخل على عثمان فتكلمه ؟
فقال: أترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم؟
والله لقد كلمته فيما بيني وبينه ما دون أن أفتتح أمراً لا أحب أن أكون أول من فتحه.
قال الحافظ النووي - رحمه الله - :
[ قوله " أفتتح أمراً لا أحب أن أكون أول من افتتحه " يعنى المجاهرة بالإنكار على الأمراء في الملأ ] .
ونقل الحافظ عن القاضي عياض قوله : [ مُراد أسامة أنه لا يفتح باب المجاهرة بالنكير على الإمام لما يَخْشَى من عاقبة ذلك ، بل يتلطف به وينصحه سرا فذلك أجدر بالقبول ] فتح الباري ( 13-57 ) .
وقال الشوكاني – رحمه الله - : [ ينبغي لمن ظهر له غلط الإمام في بعض المسائل أن يناصحه ولايظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد بل كما ورد في الحديث أنه يأخذ بيده ويخلو به ويبذل له النصيحة ولا يذل سلطان الله ] .
السيل الجرار ( 4-556 ) .
وقال السعدي - رحمه الله - : [ على من رأى منهم ما لا يحل أن ينبههم سراً لا علناً بلطف وعبارة تليق بالمقام [ .
الرياض الناضرة (50) .
وختاما فاشكر الأخ الذي نبهني وسعى جهده ليزينني وليحفظ دين الله قبل ذلك .
قال الفضيل بن عياض - رحمه الله - : [ المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير ] .
جامع العلوم والحكم (77) .
قال الحافظ ابن رجب – رحمه الله - : [ فهذا الذي ذكره الفضيل من علامات النصح، وهو أن النصح يقترن به الستر، والتعيير يقترن به الإعلان ] .
الفرق بين النصيحة و التعيير (36) .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
والحمد لله رب العالمين .