2018-01-22 2:53 ﻡ 0 0
ﺗﻌﻠﻴﻖ ﺍﺿﻒ
ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻳﺠﻠﺐ ﺍﻟﻨﺼﺮ، ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ ﻳﺠﻠﺐ ﺍﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ؟
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﺮﻑ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ
ﻭﺑﻌﺪ
ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻳﺠﻠﺐ ﺍﻟﻨﺼﺮ، ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ ﻳﺠﻠﺐ ﺍﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ؟
ﺗﻮﻃﺌﺔ
ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺭﻛﻴﺰﺓ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﺘﻤﺎﺳﻚ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﻭﻗﻮﺗﻬﺎ ﻭﺳﻌﺎﺩﺗﻬﺎ ﻭﺍﻧﺘﺼﺎﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﺪﺍﺋﻬﺎ ﻭﻟﺬﺍ ﺻﺪﻕ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ : ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺟﻴﺶ ﻻ ﻳُﻬﺰَﻡ .
ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﺃﻭ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﻤﺎﻣًﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﻠﺤﺘﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ، ﻭﻻ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﺫﻟﻚ ﺇﻟّﺎ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻣﺨﺘﻞ ﺃﻭ ﺷﺎﺫ ﻓﻲ ﺗﻔﻜﻴﺮﻩ ﻭﻓﻜﺮﻩ ﺃﻭ ﻧﺰﻭﺍﺗﻪ ﻭﺭﻏﺒﺎﺗﻪ، ﻣﺘﺠﺎﻭﺯ ﻟﺤﺪﻭﺩﻩ ﻭﻣﺴﺘﺤﻘﺎﺗﻪ، ﻷﻧﻪ ﻗﺪ ﺍﻋﺘﺪﻯ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﻘﻮﻗﻪ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ .
ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﻮﻟﻪ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻄﻲ ﻛﻞ ﺫﻱ ﺣﻖ ﺣﻘﻪ، ﻳﻔﺠﺮ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﺘﻤﺎﺀ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺗﺠﻌﻞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻛﺘﻠﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺃﻱ ﻏﺰﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻉ ﺳﻮﺍﺀ ﻏﺰﻭ ﻣﻌﻨﻮﻱ ﺃﻭ ﻓﻜﺮﻱ ﺃﻭ ﻣﺎﺩﻱ . ﻓﺎﻟﻌﺪﻝ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻳﺸﻌﺮ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻐﺰﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻬﺪﻑ ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻳﺴﺘﻬﺪﻓﻪ ﻫﻮ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﻭﻳﺴﺘﻬﺪﻑ ﻗﻠﺐ ﻣﻮﻃﻨﻪ ﻭ ﻣﺄﻣﻨﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻨﻌﻢ ﺑﻪ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻮﺟﻮﺏ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻔﻆ ﻟﻪ ﻛﻞ ﺣﻘﻮﻗﻪ ﻭﺃﻛﺮﻣﻪ ﺑﻜﻞ ﺻﺪﻕ ﻭﺇﻧﺼﺎﻑ ﺑﺤﺴﺐ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺖ ﺳﻴﻄﺮﺗﻪ .
ﻭﻫﺬﺍ ﺑﺨﻼﻑ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻜﻚ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻳﺸﺘﺘﻪ ﻭﻳﺠﻌﻠﻪ ﻣﺘﻨﺎﺣﺮًﺍ ﻟﺪﺭﺟﺔ ﻳﺼﺒﺢ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺪﻑ ﺳﻬﻞ ﻟﻜﻞ ﻏﺰﻭ ﻣﻌﻨﻮﻱ ﺃﻭ ﻓﻜﺮﻱ ﺃﻭ ﻣﺎﺩﻱ، ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻳﺴﻌﻰ ﻟﻼﻧﺘﻘﺎﻡ ﻭﺍﻟﺘﺸﻔﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﻋﺘﺪﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻮﻗﻪ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ ﺃﻭ ﻧﻬﺒﻮﺍ ﺣﻘﻮﻗﻪ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ، ﻭﻫﻨﺎ ﻳﺴﻬﻞ ﺍﺧﺘﺮﺍﻕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻛﺸﻒ ﺃﺳﺮﺍﺭﻩ ﻭﺿﺮﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ .
ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺼﺪﺍﻕ ﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : “ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻻَ ﻳُﻘَﺪِّﺱُ ﺃُﻣَّﺔً ﻻَ ﻳَﺄْﺧُﺬُ ﺍﻟﻀَّﻌِﻴﻒُ ﺣَﻘَّﻪُ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻘَﻮِﻯِّ ﻭَﻫُﻮَ ﻏَﻴْﺮُ ﻣُﺘَﻌْﺘَﻊٍ .” ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﻨﺼﺮ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﺔ ﺃﻭ ﻳﺮﻓﻌﻬﺎ .. ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺄﺧﺬ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻀﻌﻴﻒ ﺣﻘﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻱ ﻭﻫﻮ ﻏﻴﺮ ﺧﺎﺋﻒ ﺃﻭ ﻣﺘﺮﺩﺩ .
ﻭﻟﻘﺪ ﺛﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻷﺛﺮ ﺃﻥ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻗﺎﻝ : “ ﺃﻻ ﻻَ ﺗَﻀْﺮِﺑُﻮﺍ ﺍﻟْﻤُﺴْﻠِﻤِﻴﻦَ ﻓَﺘُﺬِﻟُّﻮﻫُﻢْ … ﻭَﻻ ﺗَﻤْﻨَﻌُﻮﻫُﻢْ ﺣُﻘُﻮﻗَﻬُﻢْ ﻓَﺘُﻜَﻔِّﺮُﻭﻫُﻢْ .”
ﻭﻟﻘﺪ ﻧﻬﻰ ﻋﻦ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺣﺮّﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﻛﻤﺎ ﺛﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻘﺪﺳﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ : ” ﻳَﺎ ﻋِﺒَﺎﺩِﻱ ﺇِﻧِّﻲ ﺣَﺮَّﻣْﺖُ ﺍﻟﻈُّﻠْﻢَ ﻋَﻠَﻰ ﻧَﻔْﺴِﻲ، ﻭَﺟَﻌَﻠْﺘُﻪُ ﺑَﻴْﻨَﻜُﻢْ ﻣُﺤَﺮَّﻣًﺎ، ﻓَﻠَﺎ ﺗَﻈَﺎﻟَﻤُﻮﺍ .” ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﺭﺑﻨﺎ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻥ ﻣﺼﻴﺮ ﺍﻟﻈﺎﻟﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﺸﻞ ﻭﺍﻟﺨﺴﺮﺍﻥ ﻓﻘﺎﻝ : “ ﺇِﻧَّﻪُ ﻻَ ﻳُﻔْﻠِﺢُ ﺍﻟﻈَّﺎﻟِﻤُﻮﻥَ ” ، ﻭﻟﻘﺪ ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﺟﻞ ﻓﻲ ﻋﻼﻩ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﺐ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ، ﻓﻘﺎﻝ : “ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪُ ﻻَ ﻳُﺤِﺐُّ ﺍﻟﻈَّﺎﻟِﻤِﻴﻦَ .“ ﻭﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻏﺎﻓﻠًﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ ﻭﺃﻧﻬﻢ ﻟﻦ ﻳﻔﻠﺘﻮﺍ ﻣﻦ ﻋﻘﺎﺑﻪ ﻭﺃﻧﻪ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﻤﺮﺻﺎﺩ، ﻓﻘﺎﻝ ﻣﻬﺪﺩًﺍ ﻭﻣﺘﻮﻋﺪًﺍ : “ ﻭَﻟَﺎ ﺗَﺤْﺴَﺒَﻦَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻏَﺎﻓِﻠًﺎ ﻋَﻤَّﺎ ﻳَﻌْﻤَﻞُ ﺍﻟﻈَّﺎﻟِﻤُﻮﻥَ ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﻳُﺆَﺧِّﺮُﻫُﻢْ ﻟِﻴَﻮْﻡٍ ﺗَﺸْﺨَﺺُ ﻓِﻴﻪِ ﺍﻟْﺄَﺑْﺼَﺎﺭُ .”
ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺃﺳﺎﺱ ﺻﻼﺡ ﺍﻷﻣﻢ ﻭﺇﺻﻼﺣﻬﺎ
ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺃﺟﻞِّ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﻭﺧُﻠﻖ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﺭﻡ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﻷﻧﻪ ﺃﺳﺎﺱ ﻓﻲ ﺻﻼﺡ ﺍﻷﻣﻢ ﻭﺇﺻﻼﺣﻬﺎ، ﻓﻠﻘﺪ ﺃﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺄﻣﺮ ﺑﻪ ﻭﺗﺒﻴﻦ ﻣﺤﺎﺳﻨﻪ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﻧﺒﻴﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ : “ ﻭَﺃُﻣِﺮْﺕُ ﻷَﻋْﺪِﻝَ ﺑَﻴْﻨَﻜُﻢُ ” ، ﻭﻣﻌﻠﻮﻡ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻳﺸﻤﻞ ﺍﻷﻣﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ - ﻛﺒﻴﺮﻫﺎ ﻭﺻﻐﻴﺮﻫﺎ ﺭﺋﻴﺴﻬﺎ ﻭﻣﺮﺅﻭﺳﻬﺎ - ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﻧﺒﻴﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ : ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : “ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠﻪَ ﻳَﺄْﻣُﺮُ ﺑِﺎﻟﻌَﺪْﻝِ ” ﻭﻗﺎﻝ “ : ﻭَﺇِﺫَﺍ ﻗُﻠْﺘُﻢْ ﻓَﺎﻋْﺪِﻟُﻮﺍ ” ، ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﺟﺐ ﻓﻲ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻭﺍﺟﺐ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : “ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻳَﺄْﻣُﺮُﻛُﻢْ ﺃَﻥْ ﺗُﺆَﺩُّﻭﺍ ﺍﻟْﺄَﻣَﺎﻧَﺎﺕِ ﺇِﻟَﻰ ﺃَﻫْﻠِﻬَﺎ ﻭَﺇِﺫَﺍ ﺣَﻜَﻤْﺘُﻢْ ﺑَﻴْﻦَ ﺍﻟﻨَّﺎﺱِ ﺃَﻥْ ﺗَﺤْﻜُﻤُﻮﺍ ﺑِﺎﻟْﻌَﺪْﻝِ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻧِﻌِﻤَّﺎ ﻳَﻌِﻈُﻜُﻢْ ﺑِﻪِ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻛَﺎﻥَ ﺳَﻤِﻴﻌًﺎ ﺑَﺼِﻴﺮًﺍ ” ، ﻭﻣﻌﻠﻮﻡ ﺃﻥ ﺭﺩُّ ﺍﻷﻣﺎﻧﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﻜﻢ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﻌﺪﻝ ﺃﺳﺎﺱ ﻓﻲ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﻭﺗﻘﻮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻂ ﺍﻷﺧﻮﻱ ﻭﺍﻷﺳﺮﻱ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻲ ﺑﻴﻨﻬﻢ، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻗﻮّﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﺯﺩﻫﺎﺭﻫﺎ ﻭﺗﻘﺪﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ .
ﻭﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻣﺮ ﺑِﺮَﺩِّ ﺍﻷﻣﺎﻧﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﻭﺑﺎﻟﺤﻜﻢ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﻌﺪﻝ، ﻓﺈﻧﻪ ﻛﺬﻟﻚ ﻧﻬﻰ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﺤﺸﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﻭﺍﻟﺒﻐﻲ ﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤُﺴﺘَﻨْﻜَﺮﺍﺕِ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺃﺳﺎﺱ ﻓﻲ ﻓﺴﺎﺩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺇﻓﺴﺎﺩﻩ ﻭﺯﺭﻉ ﺍﻟﻀﻐﻴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺤﻘﺪ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺆﺩﻱ ﻟﺘﺪﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ﻭﺍﻻﻧﻘﻼﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻭﺗﻀﻴﻴﻊ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻭﺍﻟﺒﻼﺩ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : “ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠﻪَ ﻳَﺄْﻣُﺮُ ﺑِﺎﻟﻌَﺪْﻝِ ﻭَﺍﻹِﺣْﺴَﺎﻥِ ﻭَﺇِﻳﺘَﺎﺀِ ﺫِﻱ ﺍﻟﻘُﺮْﺑَﻰ ﻭَﻳَﻨْﻬَﻰ ﻋَﻦِ ﺍﻟﻔَﺤْﺸَﺎﺀِ ﻭَﺍﻟﻤُﻨْﻜَﺮِ ﻭَﺍﻟﺒَﻐْﻲِ ﻳَﻌِﻈُﻜُﻢْ ﻟَﻌَﻠَّﻜُﻢْ ﺗَﺬَﻛَّﺮُﻭﻥَ ” ، ﻓﻬﺬﻩ ﺁﻳﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ - ﻋﺎﻣﺔ ﻭﺧﺎﺻﺔ - ﺇﻥ ﺗﻤﺴﻚ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ، ﻓﺎﺯﻭﺍ ﺑﺮﺿﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﺗﻮﻓﻴﻘﻪ ﻭﺗﻨﻌﻤﻮﺍ ﺑﺎﻷﻟﻔﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭﺍﻟﻤﻮﺩﺓ ﻭﺍﻻﻧﺘﺼﺎﺭ ﻭﺍﻻﺯﺩﻫﺎﺭ، ﻭﺇﻥ ﺧﺎﻟﻔﻮﻩ ﺣﻞَّ ﺑﻬﻢ ﻏﻀﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﺨﻄﻪ ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻣُﻈْﻠِﻤَﺔ ﺑﺎﺋﺴﺔ ﻳﺴﻮﺩﻫﺎ ﺍﻟﻜﺮﻩ ﻭﺍﻟﺒﻐﺾ ﻭﺍﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ﻭﺍﻟﺪﻣﺎﺭ ﻭﺍﻟﺸﻨﺎﺭ .
ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻭ ﺭﺩُّ ﺍﻟﻤﻈﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﺃﺳﺎﺱ ﻓﻲ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﻌﺪﻝ
ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﺮﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﻤﻞ ﻧﻮﺍﺣﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﻨﺼﻒ ﺍﻟﻀﻌﻴﻒ
ﺗﻌﻠﻴﻖ ﺍﺿﻒ
ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻳﺠﻠﺐ ﺍﻟﻨﺼﺮ، ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ ﻳﺠﻠﺐ ﺍﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ؟
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﺮﻑ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ
ﻭﺑﻌﺪ
ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻳﺠﻠﺐ ﺍﻟﻨﺼﺮ، ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ ﻳﺠﻠﺐ ﺍﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ؟
ﺗﻮﻃﺌﺔ
ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺭﻛﻴﺰﺓ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﺘﻤﺎﺳﻚ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﻭﻗﻮﺗﻬﺎ ﻭﺳﻌﺎﺩﺗﻬﺎ ﻭﺍﻧﺘﺼﺎﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﺪﺍﺋﻬﺎ ﻭﻟﺬﺍ ﺻﺪﻕ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ : ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺟﻴﺶ ﻻ ﻳُﻬﺰَﻡ .
ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﺃﻭ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﻤﺎﻣًﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﻠﺤﺘﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ، ﻭﻻ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﺫﻟﻚ ﺇﻟّﺎ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻣﺨﺘﻞ ﺃﻭ ﺷﺎﺫ ﻓﻲ ﺗﻔﻜﻴﺮﻩ ﻭﻓﻜﺮﻩ ﺃﻭ ﻧﺰﻭﺍﺗﻪ ﻭﺭﻏﺒﺎﺗﻪ، ﻣﺘﺠﺎﻭﺯ ﻟﺤﺪﻭﺩﻩ ﻭﻣﺴﺘﺤﻘﺎﺗﻪ، ﻷﻧﻪ ﻗﺪ ﺍﻋﺘﺪﻯ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﻘﻮﻗﻪ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ .
ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﻮﻟﻪ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻄﻲ ﻛﻞ ﺫﻱ ﺣﻖ ﺣﻘﻪ، ﻳﻔﺠﺮ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﺘﻤﺎﺀ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺗﺠﻌﻞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻛﺘﻠﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺃﻱ ﻏﺰﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻉ ﺳﻮﺍﺀ ﻏﺰﻭ ﻣﻌﻨﻮﻱ ﺃﻭ ﻓﻜﺮﻱ ﺃﻭ ﻣﺎﺩﻱ . ﻓﺎﻟﻌﺪﻝ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻳﺸﻌﺮ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻐﺰﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻬﺪﻑ ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻳﺴﺘﻬﺪﻓﻪ ﻫﻮ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﻭﻳﺴﺘﻬﺪﻑ ﻗﻠﺐ ﻣﻮﻃﻨﻪ ﻭ ﻣﺄﻣﻨﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻨﻌﻢ ﺑﻪ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻮﺟﻮﺏ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻔﻆ ﻟﻪ ﻛﻞ ﺣﻘﻮﻗﻪ ﻭﺃﻛﺮﻣﻪ ﺑﻜﻞ ﺻﺪﻕ ﻭﺇﻧﺼﺎﻑ ﺑﺤﺴﺐ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺖ ﺳﻴﻄﺮﺗﻪ .
ﻭﻫﺬﺍ ﺑﺨﻼﻑ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻜﻚ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻳﺸﺘﺘﻪ ﻭﻳﺠﻌﻠﻪ ﻣﺘﻨﺎﺣﺮًﺍ ﻟﺪﺭﺟﺔ ﻳﺼﺒﺢ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺪﻑ ﺳﻬﻞ ﻟﻜﻞ ﻏﺰﻭ ﻣﻌﻨﻮﻱ ﺃﻭ ﻓﻜﺮﻱ ﺃﻭ ﻣﺎﺩﻱ، ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻳﺴﻌﻰ ﻟﻼﻧﺘﻘﺎﻡ ﻭﺍﻟﺘﺸﻔﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﻋﺘﺪﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻮﻗﻪ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ ﺃﻭ ﻧﻬﺒﻮﺍ ﺣﻘﻮﻗﻪ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ، ﻭﻫﻨﺎ ﻳﺴﻬﻞ ﺍﺧﺘﺮﺍﻕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻛﺸﻒ ﺃﺳﺮﺍﺭﻩ ﻭﺿﺮﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ .
ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺼﺪﺍﻕ ﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : “ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻻَ ﻳُﻘَﺪِّﺱُ ﺃُﻣَّﺔً ﻻَ ﻳَﺄْﺧُﺬُ ﺍﻟﻀَّﻌِﻴﻒُ ﺣَﻘَّﻪُ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻘَﻮِﻯِّ ﻭَﻫُﻮَ ﻏَﻴْﺮُ ﻣُﺘَﻌْﺘَﻊٍ .” ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﻨﺼﺮ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﺔ ﺃﻭ ﻳﺮﻓﻌﻬﺎ .. ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺄﺧﺬ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻀﻌﻴﻒ ﺣﻘﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻱ ﻭﻫﻮ ﻏﻴﺮ ﺧﺎﺋﻒ ﺃﻭ ﻣﺘﺮﺩﺩ .
ﻭﻟﻘﺪ ﺛﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻷﺛﺮ ﺃﻥ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻗﺎﻝ : “ ﺃﻻ ﻻَ ﺗَﻀْﺮِﺑُﻮﺍ ﺍﻟْﻤُﺴْﻠِﻤِﻴﻦَ ﻓَﺘُﺬِﻟُّﻮﻫُﻢْ … ﻭَﻻ ﺗَﻤْﻨَﻌُﻮﻫُﻢْ ﺣُﻘُﻮﻗَﻬُﻢْ ﻓَﺘُﻜَﻔِّﺮُﻭﻫُﻢْ .”
ﻭﻟﻘﺪ ﻧﻬﻰ ﻋﻦ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺣﺮّﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﻛﻤﺎ ﺛﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻘﺪﺳﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ : ” ﻳَﺎ ﻋِﺒَﺎﺩِﻱ ﺇِﻧِّﻲ ﺣَﺮَّﻣْﺖُ ﺍﻟﻈُّﻠْﻢَ ﻋَﻠَﻰ ﻧَﻔْﺴِﻲ، ﻭَﺟَﻌَﻠْﺘُﻪُ ﺑَﻴْﻨَﻜُﻢْ ﻣُﺤَﺮَّﻣًﺎ، ﻓَﻠَﺎ ﺗَﻈَﺎﻟَﻤُﻮﺍ .” ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﺭﺑﻨﺎ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻥ ﻣﺼﻴﺮ ﺍﻟﻈﺎﻟﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﺸﻞ ﻭﺍﻟﺨﺴﺮﺍﻥ ﻓﻘﺎﻝ : “ ﺇِﻧَّﻪُ ﻻَ ﻳُﻔْﻠِﺢُ ﺍﻟﻈَّﺎﻟِﻤُﻮﻥَ ” ، ﻭﻟﻘﺪ ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﺟﻞ ﻓﻲ ﻋﻼﻩ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﺐ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ، ﻓﻘﺎﻝ : “ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪُ ﻻَ ﻳُﺤِﺐُّ ﺍﻟﻈَّﺎﻟِﻤِﻴﻦَ .“ ﻭﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻏﺎﻓﻠًﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ ﻭﺃﻧﻬﻢ ﻟﻦ ﻳﻔﻠﺘﻮﺍ ﻣﻦ ﻋﻘﺎﺑﻪ ﻭﺃﻧﻪ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﻤﺮﺻﺎﺩ، ﻓﻘﺎﻝ ﻣﻬﺪﺩًﺍ ﻭﻣﺘﻮﻋﺪًﺍ : “ ﻭَﻟَﺎ ﺗَﺤْﺴَﺒَﻦَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻏَﺎﻓِﻠًﺎ ﻋَﻤَّﺎ ﻳَﻌْﻤَﻞُ ﺍﻟﻈَّﺎﻟِﻤُﻮﻥَ ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﻳُﺆَﺧِّﺮُﻫُﻢْ ﻟِﻴَﻮْﻡٍ ﺗَﺸْﺨَﺺُ ﻓِﻴﻪِ ﺍﻟْﺄَﺑْﺼَﺎﺭُ .”
ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺃﺳﺎﺱ ﺻﻼﺡ ﺍﻷﻣﻢ ﻭﺇﺻﻼﺣﻬﺎ
ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺃﺟﻞِّ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﻭﺧُﻠﻖ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﺭﻡ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﻷﻧﻪ ﺃﺳﺎﺱ ﻓﻲ ﺻﻼﺡ ﺍﻷﻣﻢ ﻭﺇﺻﻼﺣﻬﺎ، ﻓﻠﻘﺪ ﺃﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺄﻣﺮ ﺑﻪ ﻭﺗﺒﻴﻦ ﻣﺤﺎﺳﻨﻪ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﻧﺒﻴﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ : “ ﻭَﺃُﻣِﺮْﺕُ ﻷَﻋْﺪِﻝَ ﺑَﻴْﻨَﻜُﻢُ ” ، ﻭﻣﻌﻠﻮﻡ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻳﺸﻤﻞ ﺍﻷﻣﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ - ﻛﺒﻴﺮﻫﺎ ﻭﺻﻐﻴﺮﻫﺎ ﺭﺋﻴﺴﻬﺎ ﻭﻣﺮﺅﻭﺳﻬﺎ - ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﻧﺒﻴﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ : ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : “ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠﻪَ ﻳَﺄْﻣُﺮُ ﺑِﺎﻟﻌَﺪْﻝِ ” ﻭﻗﺎﻝ “ : ﻭَﺇِﺫَﺍ ﻗُﻠْﺘُﻢْ ﻓَﺎﻋْﺪِﻟُﻮﺍ ” ، ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﺟﺐ ﻓﻲ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻭﺍﺟﺐ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : “ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻳَﺄْﻣُﺮُﻛُﻢْ ﺃَﻥْ ﺗُﺆَﺩُّﻭﺍ ﺍﻟْﺄَﻣَﺎﻧَﺎﺕِ ﺇِﻟَﻰ ﺃَﻫْﻠِﻬَﺎ ﻭَﺇِﺫَﺍ ﺣَﻜَﻤْﺘُﻢْ ﺑَﻴْﻦَ ﺍﻟﻨَّﺎﺱِ ﺃَﻥْ ﺗَﺤْﻜُﻤُﻮﺍ ﺑِﺎﻟْﻌَﺪْﻝِ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻧِﻌِﻤَّﺎ ﻳَﻌِﻈُﻜُﻢْ ﺑِﻪِ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻛَﺎﻥَ ﺳَﻤِﻴﻌًﺎ ﺑَﺼِﻴﺮًﺍ ” ، ﻭﻣﻌﻠﻮﻡ ﺃﻥ ﺭﺩُّ ﺍﻷﻣﺎﻧﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﻜﻢ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﻌﺪﻝ ﺃﺳﺎﺱ ﻓﻲ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﻭﺗﻘﻮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻂ ﺍﻷﺧﻮﻱ ﻭﺍﻷﺳﺮﻱ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻲ ﺑﻴﻨﻬﻢ، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻗﻮّﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﺯﺩﻫﺎﺭﻫﺎ ﻭﺗﻘﺪﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ .
ﻭﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻣﺮ ﺑِﺮَﺩِّ ﺍﻷﻣﺎﻧﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﻭﺑﺎﻟﺤﻜﻢ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﻌﺪﻝ، ﻓﺈﻧﻪ ﻛﺬﻟﻚ ﻧﻬﻰ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﺤﺸﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﻭﺍﻟﺒﻐﻲ ﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤُﺴﺘَﻨْﻜَﺮﺍﺕِ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺃﺳﺎﺱ ﻓﻲ ﻓﺴﺎﺩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺇﻓﺴﺎﺩﻩ ﻭﺯﺭﻉ ﺍﻟﻀﻐﻴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺤﻘﺪ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺆﺩﻱ ﻟﺘﺪﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ﻭﺍﻻﻧﻘﻼﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻭﺗﻀﻴﻴﻊ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻭﺍﻟﺒﻼﺩ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : “ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠﻪَ ﻳَﺄْﻣُﺮُ ﺑِﺎﻟﻌَﺪْﻝِ ﻭَﺍﻹِﺣْﺴَﺎﻥِ ﻭَﺇِﻳﺘَﺎﺀِ ﺫِﻱ ﺍﻟﻘُﺮْﺑَﻰ ﻭَﻳَﻨْﻬَﻰ ﻋَﻦِ ﺍﻟﻔَﺤْﺸَﺎﺀِ ﻭَﺍﻟﻤُﻨْﻜَﺮِ ﻭَﺍﻟﺒَﻐْﻲِ ﻳَﻌِﻈُﻜُﻢْ ﻟَﻌَﻠَّﻜُﻢْ ﺗَﺬَﻛَّﺮُﻭﻥَ ” ، ﻓﻬﺬﻩ ﺁﻳﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ - ﻋﺎﻣﺔ ﻭﺧﺎﺻﺔ - ﺇﻥ ﺗﻤﺴﻚ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ، ﻓﺎﺯﻭﺍ ﺑﺮﺿﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﺗﻮﻓﻴﻘﻪ ﻭﺗﻨﻌﻤﻮﺍ ﺑﺎﻷﻟﻔﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭﺍﻟﻤﻮﺩﺓ ﻭﺍﻻﻧﺘﺼﺎﺭ ﻭﺍﻻﺯﺩﻫﺎﺭ، ﻭﺇﻥ ﺧﺎﻟﻔﻮﻩ ﺣﻞَّ ﺑﻬﻢ ﻏﻀﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﺨﻄﻪ ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻣُﻈْﻠِﻤَﺔ ﺑﺎﺋﺴﺔ ﻳﺴﻮﺩﻫﺎ ﺍﻟﻜﺮﻩ ﻭﺍﻟﺒﻐﺾ ﻭﺍﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ﻭﺍﻟﺪﻣﺎﺭ ﻭﺍﻟﺸﻨﺎﺭ .
ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻭ ﺭﺩُّ ﺍﻟﻤﻈﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﺃﺳﺎﺱ ﻓﻲ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﻌﺪﻝ
ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﺮﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﻤﻞ ﻧﻮﺍﺣﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﻨﺼﻒ ﺍﻟﻀﻌﻴﻒ