ثم في نهاية كل شهر يعمل له اختبار للتأكد من أنه قد قرأ الكتاب وفهم مضمونه!
وكلما كان شهاب يأتي إلى المنزل نهاية الشهر وهو مُحمَّل بالهدايا لنا حينها نعرف بأنه قد نجح بالاختبار واستلم أجره الشهري!!
إلى أن بدأت الثقافة الدينية وكذلك الثقافة العامة تتوسع لدى اخي وكان في أيام العطل يجمعنا نحن أخواته ويوضح لنا أمور دينية وثقافية كانت خافية علينا.. ثم بدأ يجمع النقود ليشتري بها كتب جديدة قد تكون غير متوفرة في مكتبة الحاج فلقد أصبح شهاب كثير الشغف بالقراءة والمطالعة!
هذا في أيام العطل أما في أوقات المدرسة فلم نكن نقرأ غير مناهجنا المدرسية إذ كان الحاج يشجعنا إن نحن استلمنا نتائجنا وكنا من الأوائل فسيرسل إلينا حينها الهدايا الرائعة.. وفعلاً كان لهذا الأسلوب تأثيره الواضح على مستوياتنا الدراسية فكنا نأتي انا واخوتي بالدرجات العالية وكان هو يستمر بإغداقنا بالكتب والهدايا الرائعة!
قالت فدوى وهي تمسح دموعها :
- سبحان الله! كل هذا بلطف من الله سبحانه وتعالى إذ سخر لكم الحاج فاضل وزوجته بعد أن أدارت لكم الدنيا ظهرها!!
قالت سهام وقد نزلت دموعها هي الأخرى : أن المؤمن مبتلى ياعزيزتي.. وكل انسان له ابتلاء قد يختلف نوعاً ما عن غيره.. فالذي يصبر ويتقي سيكون الله معه ولن يتركه.. فالمصائب والابتلاءات دائرة في بني آدم لكن هناك من يخرج منها وهو (موزور ) محمل بالأوزار والآثام لقلة صبره وتحمله، وهناك من يخرج منها وهو ( مأجور) على إيمانه وصبره وتقواه.
💙💙💙
مضت الأعوام وها هو شهاب يتخرج هو وزميلته فدوى من كلية الطب بأعلى الدرجات..
سيزور اليوم والد فدوى في السجن ويكرر طلبه بخصوص طلب يدها، تمت الزيارة ولكن ما ادهشه فيها انه قد وجد والد فدوى في حالة يُرثى لها.. كان مريضاً ولا يقوى على الحركة!
دخل شهاب بصفتهِ طبيب جاء لزيارة السجناء بموافقة دائرة الصحة ، ولما رأى والد فدوى في حالتهِ تلك قرر أن يكون هو الطبيب المشرف على حالته.. وقد تعاونت إدارة السجن معه حيث أوصاهم أن يرسلوا في طلبه كلما احتاج السجناء إلى من يعالجهم ويشرف على حالاتهم الصحية.
لم يكن والد فدوى هو السجين الوحيد الذي أصيب بالأمراض المختلفة بل كان هناك الكثير غيره، وأكثرهم من كبار السن وجميعهم قد تبرع الدكتور شهاب في متابعة حالتهم..
عاد إلى البيت وقد أظلمت الدنيا في عينيه، جاءته سهام لتخبره بأن فدوى اتصلت بهاتفها الشخصي أكثر من مرة لتعرف نتيجة الزيارة!
قال لها شهاب وهو يشعر بالإحباط : قولي لها أنني لم أستطع مفاتحة والدها بالموضوع بعد أن رأيته شديد التعب وقد أثر السجن على حالته النفسية!
بدأت زيارات الدكتور شهاب تتكرر للسجن في كل شهر مرة أو مرتين، ولم يكن والد فدوى يعرفه!
إذ أنهما التقيا مرة واحدة قبل ست سنوات! كان شهاب يبدو مختلفا عن اللقاء الأول.. انه الآن نحيل بعض الشيء وشعره صار أخف من السابق كما وقد أضافت عليه النظارات الطبية وقاراً أكثر من ذي قبل.
قال له والدها في إحدى المرات : لا أعرف أين التقيتُ بك يا دكتور؟
ضحك شهاب وهو يقول : في هذه الدنيا الواسعة!!
- وكأني اعرفك؟
- لا أتوقع اننا التقينا سابقاً يا عم.. اترك التفكير بهذا الأمر.. الشيء المهم الآن هو صحتك!
- وماذا افعل بالصحة يا دكتور.. لقد ذهبت سنين حياتي هنا في هذا السجن البغيض.. ولم يبق من العمر إلا القليل!
- إن الدنيا يا عم بالنسبة للمؤمن هي كالسجن الكبير.. ولن يتخلص منها إلا حين عروجه للآخرة.
فلا تتوقع أن الذين هم في خارج السجن الآن يتمتعون بالراحة والسكينة!! ان لكل شخص بلاء معين.. فلم تخلق هذه الدنيا للراحة.. لأن راحة الانسان الحقيقية تنتظره هناك.. في الآخرة حيث النعيم المقيم، أما هذه ا لابتلاءات فإنها تجعله يقترب أكثر من الله من خلال صبره وقوة إيمانه.
قال السجين وهو ينظر مباشرة إلى عيني الطبيب : ما أجمل كلامك يا دكتور! أكمل أن سمحت.
ضحك شهاب وهو يقول : لا أريد أن اصدع رأسك بنصائحي يا عم!
- لا يا ولدي بالعكس.. نصائحك تنزل على صدري كالثلج الذي يذيب النار.. نار الذنوب والمعاصي!
ثم أردف وقد تلألأت الدموع في عينيه : هل يمكن للإنسان أن يتوب يا ولدي حتى لو كانت التوبة في نهاية عمره؟
قال شهاب وقد آلمته دموع ذلك الإنسان المجرم :
- أن الله يغفر الذنوب جميعاً .. إلا أن يُشرك به!
ثم اكمل وهو يمسك بتلك اليدين النحيلتين : انك مؤمن بالله ونادم على حياتك الماضية.. فلماذا لا يتوب الله عليك؟ ألم تسمع قوله تعالى ( أن الله يحب التوابين)؟! يعني هذا إن الله لا يتوب عليك فقط إن أنت أعلنت توبتك، بل وسيحبك أيضا 💚
#ترقبوا_الحلقات_الأخيرة
وكلما كان شهاب يأتي إلى المنزل نهاية الشهر وهو مُحمَّل بالهدايا لنا حينها نعرف بأنه قد نجح بالاختبار واستلم أجره الشهري!!
إلى أن بدأت الثقافة الدينية وكذلك الثقافة العامة تتوسع لدى اخي وكان في أيام العطل يجمعنا نحن أخواته ويوضح لنا أمور دينية وثقافية كانت خافية علينا.. ثم بدأ يجمع النقود ليشتري بها كتب جديدة قد تكون غير متوفرة في مكتبة الحاج فلقد أصبح شهاب كثير الشغف بالقراءة والمطالعة!
هذا في أيام العطل أما في أوقات المدرسة فلم نكن نقرأ غير مناهجنا المدرسية إذ كان الحاج يشجعنا إن نحن استلمنا نتائجنا وكنا من الأوائل فسيرسل إلينا حينها الهدايا الرائعة.. وفعلاً كان لهذا الأسلوب تأثيره الواضح على مستوياتنا الدراسية فكنا نأتي انا واخوتي بالدرجات العالية وكان هو يستمر بإغداقنا بالكتب والهدايا الرائعة!
قالت فدوى وهي تمسح دموعها :
- سبحان الله! كل هذا بلطف من الله سبحانه وتعالى إذ سخر لكم الحاج فاضل وزوجته بعد أن أدارت لكم الدنيا ظهرها!!
قالت سهام وقد نزلت دموعها هي الأخرى : أن المؤمن مبتلى ياعزيزتي.. وكل انسان له ابتلاء قد يختلف نوعاً ما عن غيره.. فالذي يصبر ويتقي سيكون الله معه ولن يتركه.. فالمصائب والابتلاءات دائرة في بني آدم لكن هناك من يخرج منها وهو (موزور ) محمل بالأوزار والآثام لقلة صبره وتحمله، وهناك من يخرج منها وهو ( مأجور) على إيمانه وصبره وتقواه.
💙💙💙
مضت الأعوام وها هو شهاب يتخرج هو وزميلته فدوى من كلية الطب بأعلى الدرجات..
سيزور اليوم والد فدوى في السجن ويكرر طلبه بخصوص طلب يدها، تمت الزيارة ولكن ما ادهشه فيها انه قد وجد والد فدوى في حالة يُرثى لها.. كان مريضاً ولا يقوى على الحركة!
دخل شهاب بصفتهِ طبيب جاء لزيارة السجناء بموافقة دائرة الصحة ، ولما رأى والد فدوى في حالتهِ تلك قرر أن يكون هو الطبيب المشرف على حالته.. وقد تعاونت إدارة السجن معه حيث أوصاهم أن يرسلوا في طلبه كلما احتاج السجناء إلى من يعالجهم ويشرف على حالاتهم الصحية.
لم يكن والد فدوى هو السجين الوحيد الذي أصيب بالأمراض المختلفة بل كان هناك الكثير غيره، وأكثرهم من كبار السن وجميعهم قد تبرع الدكتور شهاب في متابعة حالتهم..
عاد إلى البيت وقد أظلمت الدنيا في عينيه، جاءته سهام لتخبره بأن فدوى اتصلت بهاتفها الشخصي أكثر من مرة لتعرف نتيجة الزيارة!
قال لها شهاب وهو يشعر بالإحباط : قولي لها أنني لم أستطع مفاتحة والدها بالموضوع بعد أن رأيته شديد التعب وقد أثر السجن على حالته النفسية!
بدأت زيارات الدكتور شهاب تتكرر للسجن في كل شهر مرة أو مرتين، ولم يكن والد فدوى يعرفه!
إذ أنهما التقيا مرة واحدة قبل ست سنوات! كان شهاب يبدو مختلفا عن اللقاء الأول.. انه الآن نحيل بعض الشيء وشعره صار أخف من السابق كما وقد أضافت عليه النظارات الطبية وقاراً أكثر من ذي قبل.
قال له والدها في إحدى المرات : لا أعرف أين التقيتُ بك يا دكتور؟
ضحك شهاب وهو يقول : في هذه الدنيا الواسعة!!
- وكأني اعرفك؟
- لا أتوقع اننا التقينا سابقاً يا عم.. اترك التفكير بهذا الأمر.. الشيء المهم الآن هو صحتك!
- وماذا افعل بالصحة يا دكتور.. لقد ذهبت سنين حياتي هنا في هذا السجن البغيض.. ولم يبق من العمر إلا القليل!
- إن الدنيا يا عم بالنسبة للمؤمن هي كالسجن الكبير.. ولن يتخلص منها إلا حين عروجه للآخرة.
فلا تتوقع أن الذين هم في خارج السجن الآن يتمتعون بالراحة والسكينة!! ان لكل شخص بلاء معين.. فلم تخلق هذه الدنيا للراحة.. لأن راحة الانسان الحقيقية تنتظره هناك.. في الآخرة حيث النعيم المقيم، أما هذه ا لابتلاءات فإنها تجعله يقترب أكثر من الله من خلال صبره وقوة إيمانه.
قال السجين وهو ينظر مباشرة إلى عيني الطبيب : ما أجمل كلامك يا دكتور! أكمل أن سمحت.
ضحك شهاب وهو يقول : لا أريد أن اصدع رأسك بنصائحي يا عم!
- لا يا ولدي بالعكس.. نصائحك تنزل على صدري كالثلج الذي يذيب النار.. نار الذنوب والمعاصي!
ثم أردف وقد تلألأت الدموع في عينيه : هل يمكن للإنسان أن يتوب يا ولدي حتى لو كانت التوبة في نهاية عمره؟
قال شهاب وقد آلمته دموع ذلك الإنسان المجرم :
- أن الله يغفر الذنوب جميعاً .. إلا أن يُشرك به!
ثم اكمل وهو يمسك بتلك اليدين النحيلتين : انك مؤمن بالله ونادم على حياتك الماضية.. فلماذا لا يتوب الله عليك؟ ألم تسمع قوله تعالى ( أن الله يحب التوابين)؟! يعني هذا إن الله لا يتوب عليك فقط إن أنت أعلنت توبتك، بل وسيحبك أيضا 💚
#ترقبوا_الحلقات_الأخيرة