عند منعطفٍ ما، من منعطفات الحياة
يدرك العبد الضعيف المفتون الغافل، أن أعظم عطية وكرامة ونعمة يمنّ بها الله -عز وجل- على العباد؛ الثبات
-
لكَ أن تتخيل عمرك الذي أفنيته موحدًا طائعًا، مذعنًا لأمر مولاك
وطاعاتك التي اجتهدت بها-رغم تقصيرك-
محابّك وشهواتك التي تركتها في سبيل الله
في لحظةٍ ما، يسلب منك كل ذلك
وأشد وأمرّ من ذلك أن ترى ذلك كله، يذهب شعرةً شعرة، أمام عينك …!💔
ما حالك يا عبيد الله وأنت اليوم تتفكر في حالك وتقول ما بال تلك العين الضعيفة ترى محارم الله، وبالأمس كان تغض الطرف عفافًا وحشمة وصونًا…؟
والأذن شأنها شان..، اااايه بالأمس أقول هذه الألحان شبهة، وهذه الكلمات لا تصلح لمؤمن، واليوم في كل غادية ورائحة لا بد من سماع معزوفة ولحن..
واسمع عن لباسي يا أخيّ وتفهّم حالي
قبل مدة لا أطيق الحوم حول الحمى ولا أن يشارف ثوبيَ الكعبين، واليوم لا تقرّ عيني وتكملَ إطلالتي إلا بهِ مسبلًا
وإن تركت، فاللبنطالِ الذي يشتكي الضيق ، والذي لايستر لقصرهِ مهربي!
أما عن لحيتي فلا تسل، من لايحلق لحيته الآن..؟
غفر الله لي، اذكرني في دعائك ..
وصحبتي صحبة الخير والفلاح والنجاة، يا الله لقد ذهبت بهم الأيام، لا أعرف أحوالهم ولا كيف دار الحول عليهم
وإن رأيتهم في الطريق فسلامٌ، وإن طال الحديث بيننا، فـ كيف حالك!، وانتهى الحديث بيننا
لا أرى روحي معهم كالسابق، فقلبي لدى صحبةٍ أخرى..💔
وأما عن صلاتي فارعِ سمعك وافتح قلبك
كانت لاتفوتني صلاةً قط إلا لعذرٍ قاهر معذورٌ فيهِ أمام الله وأمام نفسي
وذاك الأخ المعوان لايترك إيقاظي تحديدًا الفجرَ والعصر لكثرة نومي قبلها
مع ساعة المنبه ومنبه الجوال وتأكيدي على الأسرة في ذلك
واليوم سلني عن صلاة الفجر
فقد نسيت الجماعة، وصلاة الفريضة مع التي تليها أصبح أمرًا شبه عاديًا !
ومنبه الجوال والساعة لا أعلم متى وضعته آخر مرة
وأما صاحبي الجديد فمثل حالي أو أدنى من ذلك
وقيام الليل فلا نطيل فيه الحديث قد انمحى وانعدم
ولا تحدثني عن الدعاء والصدقة وبقيتها
فا الله غفورٌ رحيم…
——
أعلم أن قلبك تفطّر.. فإن كنتَ على خير فاسأل مولاك الزيادة والثبات، وإن كنت ممن سبقَ حالهم
فعُد يا حفيد أهل الرسوخ والثبات واسأل الله الثبات، فكلٌ منّا قد زاغ، كبرت أو صغرت زيغته، كافيك قول نبيك ﷺ "لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِن أَحَدِكُمْ كانَ علَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فلاةٍ، فَانْفَلَتَتْ منه وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فأيِسَ منها، فأتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ في ظِلِّهَا، قدْ أَيِسَ مِن رَاحِلَتِهِ، فَبيْنَا هو كَذلكَ إِذَا هو بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ، فأخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قالَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ." هل تخيلت المشهد؟ ولله المثل الأعلى!
عُد فمحرابك اشتاق، وثيابك اشتاقك، وصحبتك تاقوا إليك عائدًا بالود والتوبة ..
قال جل وعلا: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)
وقال: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)
وعن النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: "إِن الله تَعَالَى يبْسُطُ يدهُ بِاللَّيْلِ ليتُوب مُسيءُ النَّهَارِ، وَيبْسُطُ يَدهُ بالنَّهَارِ ليَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مغْرِبِها"
وقال ﷺ: "مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تطلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مغْرِبِهَا تَابَ الله علَيْه"
فقُم واعزم النية وجدد العهد
وقل بأعلى صوتك:
يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً
فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ
إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ
فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُجرِمُ
أَدعوكَ رَبِّ كَما أَمَرتَ تَضَرُّعاً
فَإِذا رَدَدتَ يَدي فَمَن ذا يَرحَمُ
ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلا الرَجا
وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ
قم فالأرض تفطرت شوقًا إليكْ، رتلهُ آيًا واصدح به قولاً، شنّف مسامع الجبال الرواسي بدندنتك بحديث نبيك
قمْ كفاكَ ذلَّا، قمّ عزةً وعلمًا وعملَا
فما بسطت الملائكةُ أجنحتها إلا لك
قم وسر في طريقٍ منتهاه الجنة
قم يا من لم ترث دينارًا ودرهمًا بل نلت خيرَ ماينال
يا وريث الأنبياء كلّنا شوقًا إليكْ...
ملاذ
١٣/ ذو القعدة/ ١٤٤٣/ هـ