الاعتقادُ بأن نموذج الحداثة الغربي هو نموذج كوني مطلق يصح تسييده على كل نماذج التحديث في ربوع العالم، وأن مآلات ذلك النموذج من جهة التحسين والتقبيح الاحتكامَ إليه من جهة القبول والرد = جهلٌ بواقع التحديث، وخلط بينه وبين الحداثة، وذلك ما حدث في العقل الحداثي العربي حين استنسخ النموذج الغربي وأراد تعميمه على السياق الشرقي متغافلًا عن اختلاف الثقافات والمكانات، ومتجاهلًا أن التحديث لا يرتبط بالحداثة الغربية وحدها، (إن المشكلة الفعلية تبدأ عندما يتم الخلط بين التحديث الذي هو إجراء فعلي، وبين الحداثة التي هي حال ونتيجة)، ففي نموذجهم حكرٌ على إبداع العقل والثقافة التي تتولد من السياق والجذور، واتباعٌ للأشد سلطة وهيمنة دون فكر ونظر، فالبدأ من النتيجة التي آلت إليها تجربة الحداثة الغربية = الفشل والإخفاق.
إن غياب منطق الاختلاف عند النقل من الغير، في تجربة تيار الحداثة العربية، فيه إشارة صريحة إلى أن الحداثي العربي يفتقر -كما يرى عبد العزيز حمودة- "إلى فلسفة خاصة به عن الحياة والوجود والذات والمعرفة، فهو يستعير المفاهيم النهائية لدى الآخرين ويقتبس من المدارس الفكرية الغربية، ويحاول في جهد توفيقي بالدرجة الأولى، تقديم نسخة عربية خاصة به، إنَّها كلها عمليات اقتباس ونقل وترقيع وتوفيق لا ترتبط بواقع ثقافي أصيل، ومن هنا تجيء الصورة النهائية مليئة بالثقوب والتناقضات."
(ولتجاوز هذه النظرة، يمكن إحلال مفهومِ التكامل محل مفهوم التنميط، في بيان أن النموذج الغربي ليس نموذجًا كونيًا مطلقًا يهيمن على الكل، بل هو نموذج كباقي النماذج ينطوي على تحيزت هي بنت حضارته وثقافته العامة).
فمنطق الاختلاف بين الذوات والكيانات والثقافات مبدأ أساسي جوهري فحين تقتفي آثار ثقافة أخرى وتجعل منها قدوة في التحديث وتتخذ من أسلوبها شرعة ومنهاجا، عليك أن تحتفظ بهذا المنطق وأن تبقى على المسافة بين الأنا والغير حفاظا على الاستقلالية.
(إن هذا ما نجده غائبًا في تجربة تيار الحداثة العربية.. إذ أوقعه الانبهار بالعقل الغربي واحتقار ذاته في أن يقتفي آثاره في كل شيء، سلبا وإيجابا، وأنساه -الانبهار- مراعاة مبدأ الاختلاف بين خصوصية الثقافة الإسلامية وخصوصية الثقافة الغربية، سيرورة وفكرا)
ومن هنا ومما ذُكر، انطلقنا من بوتقة تنظير النخبة إلى حسن وقبح غربيين، عبر تنميط ثقافة الغالب، واستنساخ النماذج وصقلها في سياقات لا تقترب من بعضها من حيث الخصوصية والانتقال للواقع، فأصبحت الخلافات تردُّ لطبيعة الحداثة بمفهوم الحداثة الغربية وقيمها لا لطبيعة الثقافة بمفهوم سياقها ونشأتها واستقلاليتها، وهذا ما يُعبَّر عنه بـ (عقدة الخواجة) الناتج من الشعور بالنقص وتحوّل هذا الشعور في العقل الجمعي أو المتعالي على واقعه إلى تكبر وغطرسة من جهة ثنائية الهمجية والتحضر، وصولا إلى العنصرية التي -وللعجب- حاكميتها حسن وقبح غربيين.
#خطاب_الحداثة
#الحسن_والقبح_الغربيين
ما بين ( ) مستفاد من خطاب الحداثة: قراءة نقدية لـ د.حميد سمير
" " المرايا المحدبة، 62-63.
إن غياب منطق الاختلاف عند النقل من الغير، في تجربة تيار الحداثة العربية، فيه إشارة صريحة إلى أن الحداثي العربي يفتقر -كما يرى عبد العزيز حمودة- "إلى فلسفة خاصة به عن الحياة والوجود والذات والمعرفة، فهو يستعير المفاهيم النهائية لدى الآخرين ويقتبس من المدارس الفكرية الغربية، ويحاول في جهد توفيقي بالدرجة الأولى، تقديم نسخة عربية خاصة به، إنَّها كلها عمليات اقتباس ونقل وترقيع وتوفيق لا ترتبط بواقع ثقافي أصيل، ومن هنا تجيء الصورة النهائية مليئة بالثقوب والتناقضات."
(ولتجاوز هذه النظرة، يمكن إحلال مفهومِ التكامل محل مفهوم التنميط، في بيان أن النموذج الغربي ليس نموذجًا كونيًا مطلقًا يهيمن على الكل، بل هو نموذج كباقي النماذج ينطوي على تحيزت هي بنت حضارته وثقافته العامة).
فمنطق الاختلاف بين الذوات والكيانات والثقافات مبدأ أساسي جوهري فحين تقتفي آثار ثقافة أخرى وتجعل منها قدوة في التحديث وتتخذ من أسلوبها شرعة ومنهاجا، عليك أن تحتفظ بهذا المنطق وأن تبقى على المسافة بين الأنا والغير حفاظا على الاستقلالية.
(إن هذا ما نجده غائبًا في تجربة تيار الحداثة العربية.. إذ أوقعه الانبهار بالعقل الغربي واحتقار ذاته في أن يقتفي آثاره في كل شيء، سلبا وإيجابا، وأنساه -الانبهار- مراعاة مبدأ الاختلاف بين خصوصية الثقافة الإسلامية وخصوصية الثقافة الغربية، سيرورة وفكرا)
ومن هنا ومما ذُكر، انطلقنا من بوتقة تنظير النخبة إلى حسن وقبح غربيين، عبر تنميط ثقافة الغالب، واستنساخ النماذج وصقلها في سياقات لا تقترب من بعضها من حيث الخصوصية والانتقال للواقع، فأصبحت الخلافات تردُّ لطبيعة الحداثة بمفهوم الحداثة الغربية وقيمها لا لطبيعة الثقافة بمفهوم سياقها ونشأتها واستقلاليتها، وهذا ما يُعبَّر عنه بـ (عقدة الخواجة) الناتج من الشعور بالنقص وتحوّل هذا الشعور في العقل الجمعي أو المتعالي على واقعه إلى تكبر وغطرسة من جهة ثنائية الهمجية والتحضر، وصولا إلى العنصرية التي -وللعجب- حاكميتها حسن وقبح غربيين.
#خطاب_الحداثة
#الحسن_والقبح_الغربيين
ما بين ( ) مستفاد من خطاب الحداثة: قراءة نقدية لـ د.حميد سمير
" " المرايا المحدبة، 62-63.