💌 من المعينات على المحافظة على الوِرد القرآني هو تفعيل وصف الانتظام فيه، والذي ربما أومأ إليه التعبير بـ (الوِرد)؛ فإن المورد يتكرر المجيء إليه، فإذا التزم ذلك تبوأ النصيب من القرآن يقرأه المرء موضعاً من الالتزامات اليومية لا يتخلف..
الإشكال الذي يقع أن أحدنا يجعل نصيبه من القرآن بحسب التوفر عليه، فإذا نشط أتى به، وإلا أسلم نفسه إلى القعود، ومن المعلوم أن الإخلال يجر الإخلال، والتراخي يجر التراخي، خاصة في الأوراد المنتظمة، فلو قَدَّرنا أن امرأً جعل لنفسه ورداً يختم به القرآن كل عشر، فإن إخلاله بنصيب يوم واحد يراكم عليه الالتزامات شيئاً فشيئاً فإذا كان ورد اليوم الذي يليه ثلاثة أجزاء فإنه يصير بعد التفريط ستة أجزاء، وتبقى هذه الثلاثة معلقة حتى يأتي بها، وهو معها على أحد حالين، إما أن يأتي بها جملة في يوم واحد فقد لا يسمح وقته ولا التزاماته الأخرى بذلك، وإما أن يقسطها على الأيام فقد تثقل عليه الأيام المقبلات، وإن تركها اختل ورده والذي يليه لتأخره في انتهائه من سابقه، فهذه الارتباكات -كما ترى- إنما نشأت بسبب التفريط، وكِلة الورد القرآني إلى النشاط والتوفر أو أوقات السعة، وذلك -تعلم- دافع إلى الترك جملة أو التقصير البالغ؛ فإن النفوس مجبولة على حب تحصيل المُراد على وجهه، وكراهية التراكم وتداخل الأمور..
والمقصود أن جعل الورد القرآني التزاماً راتباً لا يُتخلى عنه، هذا من المعينات على الدِّيمة في نفسه، وقد كان عمل النبي ﷺ ديمة، أما ترك ذلك إلى نشاط النفوس وتوفرها، أو سعة الأوقات، وترقب النفحات والزمان الرغد فإن ذلك بوابة الترك الكبرى، ولروح المؤمن ظمأ إلى "ورود" المنهل القرآني، كما أن لجسمه ظمأ إلى ورود الماء، فلينظر امرؤ لروحه حياتها وذبولها، ظمأها ورِيَّها..
✒ عزام الغطميل
📌
https://t.me/Riad_Elwahy 📌