في الاقتداء والاستنان:
الإنسان لا يستطيع أن يتعامل مع المعايير في مستواها التجريدي فحسب.
سواء كانت هذه المعايير قيماً أو أخلاقاً أو حتى قواعد مهنية وأسساً لعيش هذه الحياة الصعبة= لا يمكن للمعايير أن تكون فعالة بمجرد كونها خطاباً في وحي أو قائمة قواعد في كتيب إرشادي أو حتى نصائح يقولها لك غيرك.
فعالية المعايير وقدرة الإنسان على الوصل معها وتمثلها ترتكز بصورة كبيرة على وجود المثال الحي الذي يتمثلها ويعد بالنسبة لك قدوة وقرآناً يمشي على قدمين.
وهذا هو أحد أركان الوظيفة العظمى للأنبياء، أعني وظيفة البلاغ، وهو هنا: بلاغ بالفعل، حيث تكون حياتهم نفسها وحياً ورسالة.
ولكل نبي حواريون؛ ليكونوا هم الجماعة المعيارية التي يرجع الناس لها بعد الأنبياء، حتى في خطئهم ونقصهم يكونون هنا مثالا على معيار مهم وهو أن العبرة ليست بمجرد النقص والخطأ وأن العصمة ليست من شروط ولاية الله.
ولأجل ذلك كان العلماء ورثة الأنبياء؛ ليكملوا سلسلة التمثل الحي للمعايير هذه، ولأجل ذلك كان العالم الفاسد والفقيه المنافق من أضر الناس على الأمم، ولأجل ذلك يستعظم الناس نقص العالم ومخالفة قوله لفعله، ولأجل ذلك ليست الوقيعة في العالم كالوقيعة في غيره من المؤمنين.
ومع كل ذلك: فأنا أرى أن الجماعة المعيارية الأشد تأثيراً في عموم الناس هي الجماعة القريبة سواء كانت في دائرته القريبة من الأصدقاء والأهل وزملاء العمل أو كانت في الرموز الذين يظهرون في مجتمعه وتسوقهم وسائل الإعلام.
هذه الجماعة وقيمها ومعاييرها إذا فسدت= فسد كثير من الناس؛ فإن الجماعات المعيارية هي ملح البلد فمن يُصلح الملح إذا الملح فسد، على ما ينسب للمسيح عليه السلام في موعظة الجبل، ولو كان شيء من كتاب النصارى وحياً= لكان أكثر هذه الموعظة منه.
وهذا يقودنا لأصلين:
الأول: ضرورة تجويد الإنسان للجماعة المعيارية القريبة التي يستمد منها قيمه، وما دام لا يقدر على أن يقصر استنانه على من مات؛ فإن الصحبة ودوائر الاستنان القريبة لا يستغني عنها أكثر الناس= فلا بد له من جودة اختيارها، وأسوأ أنواع الاختيار أن يتخير جماعته المعيارية لا بناء على صفاتهم الذاتية وسماتهم الخلقية وإنما بناء على توافقهم الأيديولوجي معه، وهذا ليس حسناً؛ فإن الجماعة المعيارية أوسع مفهوماً من الصداقة فيمكنك أن تقتدي في خلق حسن وصفة جيدة برجل من معارفك أو أقاربك أو حتى عامل يعمل معك في شركتك، وكثير ممن يتوافقون معك أيديولوجيا هم وفقاً للمعاييير القيمية والخلقية = من أراذل الناس أو من أواسطهم وليسوا في الرتبة التي تسمح بأن تستمد معاييرك منهم.
الثاني: في الاقتداء والاستنان وخاصة في أزمنة نقص الناس= قلما تجد رجلاً تقتدي به في أكثر خلاقه، بل أكثر الناس إن كمل علمه نقص عمله وإن كمل علمه وعقله في الدين نقصت همته فيهما أو نقص وعيه بالدنيا، وربما تجد من كمل فيه كثير من ذلك لكن فيه أخلاقا طبعية لا تعين على عشرته، فحاجتك إلى تفريق الاقتداء والاستنان كبيرة، وربما تجعل قدوات نفسك مفرقة في رجال كثيرين فتأخذ من كل من تعرف خير ما فيه وتدع من كل من تعرف شر ما فيه، ولو كان في الناس نفع اليوم= فهو أن تؤدب بهم نفسك فتجعلهم أمثلة للخير والشر كيف يكون وكيف يُتقى.
الإنسان لا يستطيع أن يتعامل مع المعايير في مستواها التجريدي فحسب.
سواء كانت هذه المعايير قيماً أو أخلاقاً أو حتى قواعد مهنية وأسساً لعيش هذه الحياة الصعبة= لا يمكن للمعايير أن تكون فعالة بمجرد كونها خطاباً في وحي أو قائمة قواعد في كتيب إرشادي أو حتى نصائح يقولها لك غيرك.
فعالية المعايير وقدرة الإنسان على الوصل معها وتمثلها ترتكز بصورة كبيرة على وجود المثال الحي الذي يتمثلها ويعد بالنسبة لك قدوة وقرآناً يمشي على قدمين.
وهذا هو أحد أركان الوظيفة العظمى للأنبياء، أعني وظيفة البلاغ، وهو هنا: بلاغ بالفعل، حيث تكون حياتهم نفسها وحياً ورسالة.
ولكل نبي حواريون؛ ليكونوا هم الجماعة المعيارية التي يرجع الناس لها بعد الأنبياء، حتى في خطئهم ونقصهم يكونون هنا مثالا على معيار مهم وهو أن العبرة ليست بمجرد النقص والخطأ وأن العصمة ليست من شروط ولاية الله.
ولأجل ذلك كان العلماء ورثة الأنبياء؛ ليكملوا سلسلة التمثل الحي للمعايير هذه، ولأجل ذلك كان العالم الفاسد والفقيه المنافق من أضر الناس على الأمم، ولأجل ذلك يستعظم الناس نقص العالم ومخالفة قوله لفعله، ولأجل ذلك ليست الوقيعة في العالم كالوقيعة في غيره من المؤمنين.
ومع كل ذلك: فأنا أرى أن الجماعة المعيارية الأشد تأثيراً في عموم الناس هي الجماعة القريبة سواء كانت في دائرته القريبة من الأصدقاء والأهل وزملاء العمل أو كانت في الرموز الذين يظهرون في مجتمعه وتسوقهم وسائل الإعلام.
هذه الجماعة وقيمها ومعاييرها إذا فسدت= فسد كثير من الناس؛ فإن الجماعات المعيارية هي ملح البلد فمن يُصلح الملح إذا الملح فسد، على ما ينسب للمسيح عليه السلام في موعظة الجبل، ولو كان شيء من كتاب النصارى وحياً= لكان أكثر هذه الموعظة منه.
وهذا يقودنا لأصلين:
الأول: ضرورة تجويد الإنسان للجماعة المعيارية القريبة التي يستمد منها قيمه، وما دام لا يقدر على أن يقصر استنانه على من مات؛ فإن الصحبة ودوائر الاستنان القريبة لا يستغني عنها أكثر الناس= فلا بد له من جودة اختيارها، وأسوأ أنواع الاختيار أن يتخير جماعته المعيارية لا بناء على صفاتهم الذاتية وسماتهم الخلقية وإنما بناء على توافقهم الأيديولوجي معه، وهذا ليس حسناً؛ فإن الجماعة المعيارية أوسع مفهوماً من الصداقة فيمكنك أن تقتدي في خلق حسن وصفة جيدة برجل من معارفك أو أقاربك أو حتى عامل يعمل معك في شركتك، وكثير ممن يتوافقون معك أيديولوجيا هم وفقاً للمعاييير القيمية والخلقية = من أراذل الناس أو من أواسطهم وليسوا في الرتبة التي تسمح بأن تستمد معاييرك منهم.
الثاني: في الاقتداء والاستنان وخاصة في أزمنة نقص الناس= قلما تجد رجلاً تقتدي به في أكثر خلاقه، بل أكثر الناس إن كمل علمه نقص عمله وإن كمل علمه وعقله في الدين نقصت همته فيهما أو نقص وعيه بالدنيا، وربما تجد من كمل فيه كثير من ذلك لكن فيه أخلاقا طبعية لا تعين على عشرته، فحاجتك إلى تفريق الاقتداء والاستنان كبيرة، وربما تجعل قدوات نفسك مفرقة في رجال كثيرين فتأخذ من كل من تعرف خير ما فيه وتدع من كل من تعرف شر ما فيه، ولو كان في الناس نفع اليوم= فهو أن تؤدب بهم نفسك فتجعلهم أمثلة للخير والشر كيف يكون وكيف يُتقى.