Репост из: السبيل
في هذا العالم ما بعد الحداثي، سالت القيم ولم بعد هناك ما يسمى حق وباطل، فكل شيء يخضع للنسبية المطلقة. وبالتالي، باتت هناك سيولة كبيرة في مفاهيم "الخير" و"الشر"، المفاهيم التي كانت من البديهيات في يومٍ من الأيام، ونجد هذا منعكسًا على عالم #الأنمي.
فأنمي #هجوم_العمالقة أو الهجوم على العمالقة (#Attack_on_Titan) مثلًا، موسمه الأخير قائم -حتى الآن على الأقل- على سرد القصة ككل من وجهة نظر الطرف المقابل في المعركة مما يبرر الكثير من تصرفات هذا الطرف، ووصل الأنمي إلى مستوى متفرد ومختلف تمامًا في #السيولة حين تحول بطل القصة نفسه إلى شرير.
وعند متابعي الأنمي -أو من يسمون بـ"#الأوتاكو"- سيولة كهذه هي أمر محمود، حيث تُربط مباشرة بـ "الواقعية" و"العمق". وبالمقابل، الحد الواضح بين الخير والشر -والشائع في الأنميات القديمة التي كانت تُشاهد في الصغر، على #سبيستون مثلًا- فإنه يوصم عادة بالساذجة والطفولية.
ويمكن تفسير ذلك بأن البعد القيمي والمرجعية الحاكمة التي كانت موجودة في الصغر، غابت وتلاشت في هذا العالم المادي السائل، لذا يجد المتابع نفسه في هذه "القصص السائلة".
وانجذاب المتابعين إلى الأنميات ذات السيولة والضبابية بين الخير والشر يدفع إلى الإكثار منها، لما لذلك من مردود اقتصادي، ولما تخلقه من جدل بين المتابعين يساهم بالترويج للأنمي.
← وفي سياق البحث عن "أصيلٍ مزاحم"، أظن يمكن حل إشكال السيولة في قصة الأنمي -وفي العالم ككل- دون الإخلال بـ "واقعيتها"، من خلال وجود مرجعية حاكمة، مع الفصل بين الشخص وأفعاله، ليتم الحكم على الفعل -وما يتبعه من جزاء- دون صاحبه، الأمر الذي من شأنه إزالة الكثير من الضبابية. وهو أمر ينسجم مع العلوم التربوية التي تحث على انتقاد تصرف الطفل (بأنه تصرف خاطئ) دون المساس بالطفل نفسه (بأنه شخص سيء). والأهم أن هذا الأمر ينسجم كذلك مع الإسلام، حيث حادثة رجم الزاني والزانية التائبين (ماعز بن مالك والمرأة الغامدية) →
ومن الجدير بالملاحظة أنه حتى الجهة المقابلة للواقعية، والمتمثلة بما يُسمى "المثالية الساذجة"، هي أيضًا نزعت الحدود الفاصلة بين الخير والشر.
ومن الأمثلة على ذلك، الدعوة إلى عدم إيذاء الشياطين في أنمي نيفرلاند الموعودة (#Promised_Neverland)، رغم أن الشياطين في هذا الأنمي تعيش أصلًا على أكل أدمغة البشر، الأطفال تحديدًا!
وأما أنمي #قاتل_الشياطين (#Demon_Slayer) والذي يتربع فيلمه المتمم لأحداث موسمه الأول على قمة أعلى الأفلام تحقيقًا للإيرادات في تاريخ اليابان، فنرى فيه أن الشياطين بالأصل مخلوقات بائسة جزينة، هذا رغم سعيهم لقتل بطل القصة.
مع ضرورة الإشارة إن الأبطال في (Promised Neverland) يسعون للنجاة فحسب، وفي (Demon Slayer) يسعى البطل بالمقام الأول إلى إنقاذ أخته والانتقام لموت عائلته، مع خفوت فكرة نصر الخير في العالم، كما كان الأمر في الأنميات القديمة.
وهذه التمثّلات لتفشي #الإنسانوية والسيولة القيمية في عالم ما بعد الحداثة لها بالضرورة تبعات، ومن ذلك إلغاء فكرة الشر من أذهان المتابعين، فلكل شخص دوافعه ومبرراته. وبالتالي فلا عجب من استهجان الشباب لأبسط الأفكار من أمرٍ بمعروف أو نهيٍ عن منكر -والتي تمثل خيرية أمة الإسلام-، فكيف بأفكار مثل الجهاد وإعلاء كلمة الحق؟ إن لم يعد هناك في ذهنهم وآلية تفكيرهم وجودٌ لحقٍ وباطل، أو لمنظومة قيمية تمثل الخير لهذه البشرية. بل إن فكرة "العدو" بحد ذاتها باتت مستهجنة، فأنمي مثل (Promised Neverland) هاجم حتى فكرة الدفاع عن النفس!
ويمكنك أن تتخيل عزيزي القارئ مدى كارثية الوضع، حين يستهجن شباب أمّة الدفاع ليس عن دينهم ومعتقدهم وقيمهم فحسب، بل حتى الدفاع عن أنفسهم!
ويزداد الأمر سوءًا حين يكون الشرير هو الشيطان نفسه، الأمر الذي يشيع في الأنمي أكثر من غيره، خصوصًا مع حضور الشياطين في الثقافة اليابانية، وكذلك عدم دقة الترجمة في بعض الأحيان.
لتكون المحصلة النهائية لكل ما سبق، تحقيق الشيطان لمراده، بإغواء بني آدم -كما في الصورة أدناه من صفحة كاريكاتوون Caricatoon- ليكون مصيرهم جهنم.
أعاذنا الله وإياكم من جهنم ومن الفتن ما ظهر منه وما بطن.
بقلم: هادي صلاحات
فأنمي #هجوم_العمالقة أو الهجوم على العمالقة (#Attack_on_Titan) مثلًا، موسمه الأخير قائم -حتى الآن على الأقل- على سرد القصة ككل من وجهة نظر الطرف المقابل في المعركة مما يبرر الكثير من تصرفات هذا الطرف، ووصل الأنمي إلى مستوى متفرد ومختلف تمامًا في #السيولة حين تحول بطل القصة نفسه إلى شرير.
وعند متابعي الأنمي -أو من يسمون بـ"#الأوتاكو"- سيولة كهذه هي أمر محمود، حيث تُربط مباشرة بـ "الواقعية" و"العمق". وبالمقابل، الحد الواضح بين الخير والشر -والشائع في الأنميات القديمة التي كانت تُشاهد في الصغر، على #سبيستون مثلًا- فإنه يوصم عادة بالساذجة والطفولية.
ويمكن تفسير ذلك بأن البعد القيمي والمرجعية الحاكمة التي كانت موجودة في الصغر، غابت وتلاشت في هذا العالم المادي السائل، لذا يجد المتابع نفسه في هذه "القصص السائلة".
وانجذاب المتابعين إلى الأنميات ذات السيولة والضبابية بين الخير والشر يدفع إلى الإكثار منها، لما لذلك من مردود اقتصادي، ولما تخلقه من جدل بين المتابعين يساهم بالترويج للأنمي.
← وفي سياق البحث عن "أصيلٍ مزاحم"، أظن يمكن حل إشكال السيولة في قصة الأنمي -وفي العالم ككل- دون الإخلال بـ "واقعيتها"، من خلال وجود مرجعية حاكمة، مع الفصل بين الشخص وأفعاله، ليتم الحكم على الفعل -وما يتبعه من جزاء- دون صاحبه، الأمر الذي من شأنه إزالة الكثير من الضبابية. وهو أمر ينسجم مع العلوم التربوية التي تحث على انتقاد تصرف الطفل (بأنه تصرف خاطئ) دون المساس بالطفل نفسه (بأنه شخص سيء). والأهم أن هذا الأمر ينسجم كذلك مع الإسلام، حيث حادثة رجم الزاني والزانية التائبين (ماعز بن مالك والمرأة الغامدية) →
ومن الجدير بالملاحظة أنه حتى الجهة المقابلة للواقعية، والمتمثلة بما يُسمى "المثالية الساذجة"، هي أيضًا نزعت الحدود الفاصلة بين الخير والشر.
ومن الأمثلة على ذلك، الدعوة إلى عدم إيذاء الشياطين في أنمي نيفرلاند الموعودة (#Promised_Neverland)، رغم أن الشياطين في هذا الأنمي تعيش أصلًا على أكل أدمغة البشر، الأطفال تحديدًا!
وأما أنمي #قاتل_الشياطين (#Demon_Slayer) والذي يتربع فيلمه المتمم لأحداث موسمه الأول على قمة أعلى الأفلام تحقيقًا للإيرادات في تاريخ اليابان، فنرى فيه أن الشياطين بالأصل مخلوقات بائسة جزينة، هذا رغم سعيهم لقتل بطل القصة.
مع ضرورة الإشارة إن الأبطال في (Promised Neverland) يسعون للنجاة فحسب، وفي (Demon Slayer) يسعى البطل بالمقام الأول إلى إنقاذ أخته والانتقام لموت عائلته، مع خفوت فكرة نصر الخير في العالم، كما كان الأمر في الأنميات القديمة.
وهذه التمثّلات لتفشي #الإنسانوية والسيولة القيمية في عالم ما بعد الحداثة لها بالضرورة تبعات، ومن ذلك إلغاء فكرة الشر من أذهان المتابعين، فلكل شخص دوافعه ومبرراته. وبالتالي فلا عجب من استهجان الشباب لأبسط الأفكار من أمرٍ بمعروف أو نهيٍ عن منكر -والتي تمثل خيرية أمة الإسلام-، فكيف بأفكار مثل الجهاد وإعلاء كلمة الحق؟ إن لم يعد هناك في ذهنهم وآلية تفكيرهم وجودٌ لحقٍ وباطل، أو لمنظومة قيمية تمثل الخير لهذه البشرية. بل إن فكرة "العدو" بحد ذاتها باتت مستهجنة، فأنمي مثل (Promised Neverland) هاجم حتى فكرة الدفاع عن النفس!
ويمكنك أن تتخيل عزيزي القارئ مدى كارثية الوضع، حين يستهجن شباب أمّة الدفاع ليس عن دينهم ومعتقدهم وقيمهم فحسب، بل حتى الدفاع عن أنفسهم!
ويزداد الأمر سوءًا حين يكون الشرير هو الشيطان نفسه، الأمر الذي يشيع في الأنمي أكثر من غيره، خصوصًا مع حضور الشياطين في الثقافة اليابانية، وكذلك عدم دقة الترجمة في بعض الأحيان.
لتكون المحصلة النهائية لكل ما سبق، تحقيق الشيطان لمراده، بإغواء بني آدم -كما في الصورة أدناه من صفحة كاريكاتوون Caricatoon- ليكون مصيرهم جهنم.
أعاذنا الله وإياكم من جهنم ومن الفتن ما ظهر منه وما بطن.
بقلم: هادي صلاحات