ما لا تعرفه عن السينما

هل Friends هو ألا نأخذ حياتنا على محمل الجد؟

عندما تضيق بنا الحياة ونتعرض لأزمة نفسية ما وفي عصر التكنولوجيا إلى من نلجأ؟ ربما بعضنا يلجأ لصديق، أو حبيب، عائلة. أو نلجأ إلى أنفسنا ووحدتنا. لكن الكثير منا يلجأ لمكان يستطيع به الحزن أن يكون مضحكاً، والجدية أن تكون مجرد تجاوز.

مسلسل friends يحمل في طياته الكثير من فلسفة الحياة التي لا نستطيع التأقلم معها، لكننا نتمناها ونتوق إليها.
هو لا يتحدث عن الرخاء بالمعنى المادي، بل يتحدث عن الرخاء النفسي، عندما تعيش في عالم ليس مثالي لكنك متأقلم مع نقصانه، متأقلم مع كونه عالم يحمل الكثير من الآلام لكنها مجرد حدث عابر!
الرخاء النفسي الذي قدمه لنا هذا العمل هو من سابع المستحيلات واقعياً، لأننا ومن المستحيل أن نتعامل مع المشكلات والآلام والأزمات على أنها أحداث عابرة نجتازها بنكتة! ولأننا لا نتقبل أن ندفن ما نشعر به من بؤس في نكتة.
نحن ربما نتقبل، لكننا لا نستطيع. نتمنى، لكننا لا نستطيع.

قد يقول لي أحدهم: أنت تتحدث عن مجرد مسلسل كوميدي!
نعم، هو مجرد مسلسل كوميدي، لكن هذه الأجواء التي خلقها المسلسل والتي نهرب إليها عند كل مطب نقع به أليست نقيض ما نعيش؟
هل شخصيات المسلسل واقعية حتى؟ ربما تكون المواقف الدرامية للكاتب واقعية لكن هل تعامل الشخصيات مع المواقف والحزينة منها واقعي؟
أليس تعامل الشخصيات الكوميدي مع كل موقف في حياتهم هو ملاذنا في هذا العمل؟ أليس عدم جديتهم تجاه الحياة هو الجنة المحمودة التي يبحث عنها كل إنسان في هذا العالم؟

مسلسل Friends هو بمثابة حقيبة سفر نحو نسيان الواقع، نركب الطائرة بكل مرح ونهاجر واقعنا ونحط في آراضي مانهاتن وننسى وننسى وننسى.
نستمتع بتعاطيهم مع المواقف، مع حواراتهم في خساراتهم، في معانقتهم لعجزهم وبعدها تنطلق نكتة تطيح بكل أجواء الحزن.
لكن ستنتهي الرحلة، ونعود بالطائرة من أرض النسيان ونحط مجدداً في واقع الجد.
وهنا نتسائل: هل friends حقاً هو نقيض ما نعيشه، أم ما نريد أن نعيشه؟ أم هو عجزنا عن التعايش مع جدية الحياة؟

#tarantino