#_الدرس_الثالث_عشر_السنة_قبل_التدوين_: [ ١٣ ]
#_المبحث_الثالث:_تثبت_الصحابة_والتابعين_في_قبول_الحديث_:
وكما احتاط الصحابة والتابعون في التحديث، احتاطوا وتثبتوا في قبول الأخبار عن رسول الله ﷺ
وسنعرض هذا فيما يلي:
١ـ تثبت أبي بكر الصديق في قبول الأخبار:
كان أبو بكر رضي الله عنه قدوة حسنة للمسلمين في المحافظة على السنة، والتثبت في قبول الأخبار خشية أن يقع هو والمسلمون في خطأ يؤدي بهم إلى ما لا تحمد عقباه.
وسأورد بعض الأخبار التي تبين لنا طريق الصحابة ومنهجهم في ذلك.
★ قال الحافظ الذهبي: «كان أبو بكر رضي الله عنه، أول من احتاط في قبول الأخبار، فروى ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن الجدة جاءت إلى أبي بكر تلتمس أن تورث،
فقال: "ما أجد لك في كتاب الله شيئا، وما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر لك شيئا"،
ثم سأل الناس فقام المغيرة فقال: "سمعت رسول الله ﷺ يعطيها السدس". فقال له: "هل معك أحد؟"
فشهد محمد بن مسلمة بمثل ذلك فأنفذه لها أبو بكر رضي الله عنه».
فأبو بكر بين للناس جميعا أنه لا يحدث إلا بما يعلم ويثق،
ولم يكتف بالحيطة لنفسه، بل أمر الناس بذلك أيضا، وحثهم على التثبت فيما يحدثون به أو يستمعونه.
وكان مراد الصديق التثبت في الأخبار والتحري، لا سد باب الرواية.
٢ـ تثبت عمر بن الخطاب في قبول الأخبار:
روى الإمام البخاري عن أبي سعيد الخدري قال: «كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور، فقال استأذنت على عمر ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت فقال: ما منعك؟ قلت: استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت، وقال رسول الله ﷺ: «إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع». فقال: «والله لتقيمن عليه ببينة»
أمنكم أحد سمعه من النبي ﷺ فقال أبي بن كعب: «والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم، فكنت أصغر القوم، فقمت معه فأخبرت عمر أن النبي ﷺ قال ذلك».
فقال عمر: «أما إني لم أتهمك، ولكني خشيت أن يتقول الناس على رسول اللهﷺ».
٣ـ تثبت عثمان رضي الله عنه في الحديث:
عن بسر بن سعيد، قال: أتى عثمان المقاعد، فدعا بوضوء فتمضمض، واستنشق، ثم غسل وجهه ثلاثا، ويديه ثلاثا ثلاثا، ثم مسح برأسه، ورجليه ثلاثا ثلاثا، ثم قال: «رأيت رسول الله ﷺ هكذا يتوضأ، يا هؤلاء أكذاك؟» قالوا: نعم.
لنفر من أصحاب رسول الله ﷺ عنده.
٤ـ تثبت علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الحديث:
عن علي رضي الله عنه قال: «كنت إذا سمعت من رسول الله ﷺ حديثا نفعني الله بما شاء منه، وإذا حدثني غيره استحلفته، فإذا حلف لي صدقته، وأن أبا بكر حدثني، وصدق أبو بكر، أنه سمع النبي ﷺ قال: «ما من رجل يذنب ذنبا، فيتوضأ فيحسن الوضوء، ثم يصلي ركعتين، فيستغفر الله عز وجل، إلا غفر له».
تلك آثار تبين منهج الصحابة في التثبت والتأكد من الأخبار،
فكما طلب الصحابة من الراوي شهادة غيره أو استحلافه،
فقد قبلوا أحاديث كثيرة برواية الآحاد وبنوا عليها أحكامهم.
فأحيانا يطلب عمر سماع آخر، وأحيانا يقبل الخبر من غير ذلك،
ولا يقصد من ذلك إلا حمل المسلمين على التثبت العلمي والتحفظ في دين الله حتى لا يتقول أحد على رسول الله ﷺ ما لم يقل،
ويتضح هذا في قول عمر رضي الله عنه عندما رجع أبو موسى الأشعري مع أبي سعيد الخدري وشهد له، قال عمر: «أما إني لم أتهمك، ولكني خشيت أن يتقول الناس على رسول الله صلى الله ﷺ».
ويظهر ذلك أيضا من قول الذهبي بعد أن روى قصة أبي موسى: «أحب عمر أن يتأكد عنده خبر أبي موسى بقول صاحب آخر، ففي هذا دليل على أن الخبر إذا رواه ثقتان كان أقوى وأرجح مما انفرد به واحد , وفي ذلك حض على تكثير طرق الحديث لكي يرتقي عن درجة الظن إلى درجة العلم، إذ الواحد يجوز عليه النسيان والوهم , ولا يكاد يجوز ذلك على ثقتين لم يخالفهما أحد».
#_انتهى_الدرس_الثالث_عشر_بتصرف_
#_يتبع_في_الدرس_القادم_
https://telegram.me/Hadisilimleri