أهمية الحفظ:
كان لدي لفترة طويلة موقف سلبي من التركيز الشديد على الحفظ في ثقافتنا وفي مدارسنا وجامعاتنا، وكنت أستحضر دائما مقولة لإحدى العلماء - تنسب للشيخ لمحمد عبده - أنه قيل له مرة :
فلان حفظ صحيح البخاري، فرد الشيخ : زاد في البلاد نسخة !
فقلل من أهمية الحفظ على حساب الفهم فالكتب كثيرة والبحث متيسر.
زادت هذه النظرة طبعاً لدي مع انتشار الإنترنت فكل شيء أصبح في المتناول ولم تعد للحفظ تلك الأهمية التي كانت سابقاً.
إلا أنني قرأت مؤخراً في كتاب رحلتي الفكرية للدكتور عبد الوهاب المسيري فكرة رائعة عن هذا الموضوع، حيث أن المسيري كانت لديه نفس النظرة السلبية للحفظ في مدارسنا وجامعاتنا وثقافتنا ولم يكن يرى لها علة واضحة نافعة، لكنه عندما سافر إلى أمريكا ليدرس الدكتوراه في الأدب الانجليزي وجد أن الجامعات الأمريكية تهتم أيضا بالحفظ كثيراً حيث يطلبون من الطلاب حفظ القصائد الطوال.
فتعجب من ذلك، وحين سأل عن السبب قيل له:
(إن الحفظ يعد من أحسن آليات إنشاء المودة والحميمية بين الطالب والنص).
سعدت كثيراً عندما قرأت هذا الجواب، وشعرت أنه ما كنت أبحث عنه تماماً،
فغالباً عندما تحفظ نصاً ما تقيم علاقة معه، تحبه، تتعلق به، تعيش معه.
تذكرت أن أكثر القصائد التي أحبها هي تلك التي حفظتها في سنوات الدراسة والتي كانت من المنهاج، ربما قرأت فيما سوى ذلك الكثير من الشعر، وأحببت الكثير، لكن لم أمض وقتاً مع تلك النصوص التي أعجبتني فكانت علاقتي معها عابرة ولم تتوطد، كما أن الحفظ يعطيني القدرة على استذكار تلك النصوص أكثر فيزداد حبي لها.
الأمر ذاته مع الأحاديث النبوية ومع السور القرآنية، بل إنني أعلم أناساً يحفظون القرآن ليس لغاية الحفظ بل لأنهم يتعلقون بالقرآن أكثر ويحبونه أكثر عندما يحفظون.
أعتقد أن إدارك أهمية الحفظ في هذا الجانب مفيدة لنا مع أنفسنا ومع أبنائنا ومن نعلمهم حتى نعلم متى نطلب منهم الحفظ وماذا نطلب منهم أن يحفظوا.
والله أعلم.
#أهمية_الحفظ
منقول
كان لدي لفترة طويلة موقف سلبي من التركيز الشديد على الحفظ في ثقافتنا وفي مدارسنا وجامعاتنا، وكنت أستحضر دائما مقولة لإحدى العلماء - تنسب للشيخ لمحمد عبده - أنه قيل له مرة :
فلان حفظ صحيح البخاري، فرد الشيخ : زاد في البلاد نسخة !
فقلل من أهمية الحفظ على حساب الفهم فالكتب كثيرة والبحث متيسر.
زادت هذه النظرة طبعاً لدي مع انتشار الإنترنت فكل شيء أصبح في المتناول ولم تعد للحفظ تلك الأهمية التي كانت سابقاً.
إلا أنني قرأت مؤخراً في كتاب رحلتي الفكرية للدكتور عبد الوهاب المسيري فكرة رائعة عن هذا الموضوع، حيث أن المسيري كانت لديه نفس النظرة السلبية للحفظ في مدارسنا وجامعاتنا وثقافتنا ولم يكن يرى لها علة واضحة نافعة، لكنه عندما سافر إلى أمريكا ليدرس الدكتوراه في الأدب الانجليزي وجد أن الجامعات الأمريكية تهتم أيضا بالحفظ كثيراً حيث يطلبون من الطلاب حفظ القصائد الطوال.
فتعجب من ذلك، وحين سأل عن السبب قيل له:
(إن الحفظ يعد من أحسن آليات إنشاء المودة والحميمية بين الطالب والنص).
سعدت كثيراً عندما قرأت هذا الجواب، وشعرت أنه ما كنت أبحث عنه تماماً،
فغالباً عندما تحفظ نصاً ما تقيم علاقة معه، تحبه، تتعلق به، تعيش معه.
تذكرت أن أكثر القصائد التي أحبها هي تلك التي حفظتها في سنوات الدراسة والتي كانت من المنهاج، ربما قرأت فيما سوى ذلك الكثير من الشعر، وأحببت الكثير، لكن لم أمض وقتاً مع تلك النصوص التي أعجبتني فكانت علاقتي معها عابرة ولم تتوطد، كما أن الحفظ يعطيني القدرة على استذكار تلك النصوص أكثر فيزداد حبي لها.
الأمر ذاته مع الأحاديث النبوية ومع السور القرآنية، بل إنني أعلم أناساً يحفظون القرآن ليس لغاية الحفظ بل لأنهم يتعلقون بالقرآن أكثر ويحبونه أكثر عندما يحفظون.
أعتقد أن إدارك أهمية الحفظ في هذا الجانب مفيدة لنا مع أنفسنا ومع أبنائنا ومن نعلمهم حتى نعلم متى نطلب منهم الحفظ وماذا نطلب منهم أن يحفظوا.
والله أعلم.
#أهمية_الحفظ
منقول