ومن جهل الإنسان أنه يسعى إلى المعرفة بحواسه الخارجية لا غير، وحواسه الخارجية لا تمتد إلا لظواهر الأمور، وهي محصورة و محدودة، فكل ما تتناوله محصور و محدود. وهي خدّاعة، فكل ما تحسّه خِداع.
أما الحواس التي لا تستند إلى عينين وأذنين ويدين ومنخرين ولسان، فهي في عرف الناس أوهام وأضغاث أحلام. ولو قلت لأحدهم إن له عينا باطنية وإذناً ليست من لحم ودم، وإنه بالتأمل وبالسكوت يبصر ما لا تبصره العين ويسمع ما لا تسمعه الأذن - لو قلت له ذلك لرماك بالطيش والجنون. وكيف لمن يبصر ما لا يبصره الناس ويسمع ما لا يسمعونه إلا ان يكون مجنونا في عرف الناس؟