*بمناسبة قرب عيد الغدير ننشر لكم :*
*بحثنا التحقيقي المقتضب حول آية الولاية :*
السيد أبو جواد التونسي
حبيب مقدم
آية الولاية، هي الآية (55) من" سورة المائدة " في القرآن الكريم، وهي من الآيات المدنية المحكمة، وتعتبر من أهم الآيات القرآنية بسبب تعلّقها بموضوع الولاية، التي هي الإمامة والخلافة، فأهمية محتواها يرجع لأهمية موقع الإمامة والخلافة بعد رسول الله محمد (ص) في بنية الأمّة الإسلامية وكذالك مسيرتها.
وقد نزلت لتحديد الخليفة والإمام بعد رسول الله محمد (ص)، وهو الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام حينما تصدّق بخاتمه للسائل أثناء الركوع في صلاته في مسجد رسول الله (ص)، وتعتبر آية الولاية من أهم الأدلّة التي يستدل بها الشيعة على إثبات أحقّية الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام بالإمامة والخلافة بعد رسول الله (ص) .
*نص الآية :*
قال تعالى في سورة المائدة :
{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴿55﴾وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴿56﴾ } .
*تفسير الشيعة للآية :*
ذهب الشيعة بجميع علمائهم ومفسريهم إلى أنّ الآية تدلّ في العموم على الإمامة والخلافة، وتدلّ في الخصوص على إمامة وخلافة الإمام علي بن أبي طالب (ع)، وعليه فمعنى آية الولاية كالتالي:
أنّ ولي أمركم الواجب طاعته هو المولى تعالى ثم من بعده الرسول الأكرم محمد(ص) ومن بعدهما الإمام علي بن أبي طالب (ع) المقصود بعبارة " المؤمنون الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة حين هم راكعون "، ومن يجعل هؤلاء أولياءه فإنّه من حزب الله المتحقق لهم النّصر، ولهم في ذلك بيان ودليل.
*دلالات مفاد الآية :*
تكشف آية الولاية على جملة من الأحكام والمعاني الملازمة لها، منها :
- حصر معنى الولاية -الدالة عليها أداة الحصر " إنّما" الواقعة في صدر الآية - بمن ذكروا في الآية الكريمة، وهم: المولى تعالى - الرسول الأكرم محمد (ص) - الذين آمنوا المخصّصين بإقامة الصلاة وإتاء الزكاة أثناء ركوعهم، وهو الإمام علي بن أبي طالب (ع).
- أنّ هناك طولية تراتبية في معنى الولاية المذكورة في الآية، بمعنى أنّ ولاية الرسول (ص) متفرعة عن ولاية المولى تعالى، وبالتبع لذالك تتفرع ولاية الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام المقصود بعبارة المؤمنين المقيمين للصلاة والمعطين للزكاة أثناء الركوع.
- أنّ هذه الطولية يترتب عليها وحدة معنى الولاية في تعلقها بمن ذكروا في الآية الكريمة، وعدم إمكان التفكيك في هذا المعنى.
- أنّ طاعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) الثابتة له الولاية في الآية الكريمة واجبة شرعاً، تبعاً لوجوب طاعة الرسول (ص)، المتفرعة من وجوب طاعة المولى تعالى المدركة بالضرورة والبداهة، إضافة لنص آية الولاية .
*معاني بعض المفردات :*
إِنَّمَا :
هي لفظة مركبة في الأصل من حرفين "إنّ" التي تفيد معنى الإثبات، و"ما" التي تفيد معنى النفي، ومع الجمع بين الحرفين تصير " إِنَّمَا " التي هي أداة تفيد معنى الحصر[١]، أي حصر أمرٍ بأمرٍ آخر على وجه التخصيص به، فالتأكيد إذا ما أعقبه نفي يدلّل على معنى الحصر، وهذا مجمع عليه بين الجميع، ولم نجد من خالف هذا الإجماع إلا الفخر الرازي في تفسيره [٢]، حيث قال مانصّه: ولا نسلم أنّ كلمة " إنّما " للحصر، انتهى.
وَلِيُّكُمُ :
ذهب كل علماء ومفسري الشيعة، تبعا لما ورد عن أهل البيت (ع) من أنّ لفظة " وَلِيُّكُمُ " في الآية تفيد معنى ولاية الأمر أي الإمامة والخلافة[٣].
الَّذِينَ آمَنُواْ :
رأى كل علماء ومفسري مذهب أهل البيت (ع)، أنّه يمكن ويجوز في لغة العرب أن يستعملوا ضمير الجمع في المفرد لأجل التعظيم [٤]، وتبعهم في هذا بعض أعلام أهل السنّة والجماعة[٥]، وقد وقع ذالك في القرآن الكريم كثيرا [٦] .
الزَّكَاةَ:
ذهب أعلام الشيعةإلى القول، بأنّ المراد من لفظة " الزَّكَاةَ " في آية الولاية، معناها العام الذي هو مطلق الزّكاة أي ما يعبّر عنه بالصدقة المستحبّة [٧] وهذا ورد في القرآن، وكذلك تبعهم في هذا القول من أهل السنّة والجماعة كل من قال بأنّ الآية نزلت في الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام .
وَهُمْ رَاكِعُونَ :
ذهب كل مفسري الشيعة وعلمائهم إلى أنّ " الواو " في قوله تعالى " وَهُمْ رَاكِعُونَ " حاليّة [٨]، بمعنى أنّ مابعد الواو منصوب بالحالية، وبالتالي يكون معنى العبارة " ويؤتون الزّكاة في حين هم راكعون " وتبعهم في هذا جمع من مفسري أهل السنّة والجماعة [٩]:
*الأدلّة على تفسير الشيعة :*
استدلّ الشيعة بآية الولاية على:
- أوّلاً: الإمامة بمفهومها العام .
- وثانياً:على إمامة الإمام علي بن أبي طالب (ع)،
وفي مقام توضيح دليلهم على إمامة الإمام علي بن أبي طالب(ع)، قسموا الأدلّة إلى قسمين :
1- القسم الأول: من نفس الآية وهي القرائن الموجودة في نفس عبا
*بحثنا التحقيقي المقتضب حول آية الولاية :*
السيد أبو جواد التونسي
حبيب مقدم
آية الولاية، هي الآية (55) من" سورة المائدة " في القرآن الكريم، وهي من الآيات المدنية المحكمة، وتعتبر من أهم الآيات القرآنية بسبب تعلّقها بموضوع الولاية، التي هي الإمامة والخلافة، فأهمية محتواها يرجع لأهمية موقع الإمامة والخلافة بعد رسول الله محمد (ص) في بنية الأمّة الإسلامية وكذالك مسيرتها.
وقد نزلت لتحديد الخليفة والإمام بعد رسول الله محمد (ص)، وهو الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام حينما تصدّق بخاتمه للسائل أثناء الركوع في صلاته في مسجد رسول الله (ص)، وتعتبر آية الولاية من أهم الأدلّة التي يستدل بها الشيعة على إثبات أحقّية الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام بالإمامة والخلافة بعد رسول الله (ص) .
*نص الآية :*
قال تعالى في سورة المائدة :
{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴿55﴾وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴿56﴾ } .
*تفسير الشيعة للآية :*
ذهب الشيعة بجميع علمائهم ومفسريهم إلى أنّ الآية تدلّ في العموم على الإمامة والخلافة، وتدلّ في الخصوص على إمامة وخلافة الإمام علي بن أبي طالب (ع)، وعليه فمعنى آية الولاية كالتالي:
أنّ ولي أمركم الواجب طاعته هو المولى تعالى ثم من بعده الرسول الأكرم محمد(ص) ومن بعدهما الإمام علي بن أبي طالب (ع) المقصود بعبارة " المؤمنون الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة حين هم راكعون "، ومن يجعل هؤلاء أولياءه فإنّه من حزب الله المتحقق لهم النّصر، ولهم في ذلك بيان ودليل.
*دلالات مفاد الآية :*
تكشف آية الولاية على جملة من الأحكام والمعاني الملازمة لها، منها :
- حصر معنى الولاية -الدالة عليها أداة الحصر " إنّما" الواقعة في صدر الآية - بمن ذكروا في الآية الكريمة، وهم: المولى تعالى - الرسول الأكرم محمد (ص) - الذين آمنوا المخصّصين بإقامة الصلاة وإتاء الزكاة أثناء ركوعهم، وهو الإمام علي بن أبي طالب (ع).
- أنّ هناك طولية تراتبية في معنى الولاية المذكورة في الآية، بمعنى أنّ ولاية الرسول (ص) متفرعة عن ولاية المولى تعالى، وبالتبع لذالك تتفرع ولاية الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام المقصود بعبارة المؤمنين المقيمين للصلاة والمعطين للزكاة أثناء الركوع.
- أنّ هذه الطولية يترتب عليها وحدة معنى الولاية في تعلقها بمن ذكروا في الآية الكريمة، وعدم إمكان التفكيك في هذا المعنى.
- أنّ طاعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) الثابتة له الولاية في الآية الكريمة واجبة شرعاً، تبعاً لوجوب طاعة الرسول (ص)، المتفرعة من وجوب طاعة المولى تعالى المدركة بالضرورة والبداهة، إضافة لنص آية الولاية .
*معاني بعض المفردات :*
إِنَّمَا :
هي لفظة مركبة في الأصل من حرفين "إنّ" التي تفيد معنى الإثبات، و"ما" التي تفيد معنى النفي، ومع الجمع بين الحرفين تصير " إِنَّمَا " التي هي أداة تفيد معنى الحصر[١]، أي حصر أمرٍ بأمرٍ آخر على وجه التخصيص به، فالتأكيد إذا ما أعقبه نفي يدلّل على معنى الحصر، وهذا مجمع عليه بين الجميع، ولم نجد من خالف هذا الإجماع إلا الفخر الرازي في تفسيره [٢]، حيث قال مانصّه: ولا نسلم أنّ كلمة " إنّما " للحصر، انتهى.
وَلِيُّكُمُ :
ذهب كل علماء ومفسري الشيعة، تبعا لما ورد عن أهل البيت (ع) من أنّ لفظة " وَلِيُّكُمُ " في الآية تفيد معنى ولاية الأمر أي الإمامة والخلافة[٣].
الَّذِينَ آمَنُواْ :
رأى كل علماء ومفسري مذهب أهل البيت (ع)، أنّه يمكن ويجوز في لغة العرب أن يستعملوا ضمير الجمع في المفرد لأجل التعظيم [٤]، وتبعهم في هذا بعض أعلام أهل السنّة والجماعة[٥]، وقد وقع ذالك في القرآن الكريم كثيرا [٦] .
الزَّكَاةَ:
ذهب أعلام الشيعةإلى القول، بأنّ المراد من لفظة " الزَّكَاةَ " في آية الولاية، معناها العام الذي هو مطلق الزّكاة أي ما يعبّر عنه بالصدقة المستحبّة [٧] وهذا ورد في القرآن، وكذلك تبعهم في هذا القول من أهل السنّة والجماعة كل من قال بأنّ الآية نزلت في الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام .
وَهُمْ رَاكِعُونَ :
ذهب كل مفسري الشيعة وعلمائهم إلى أنّ " الواو " في قوله تعالى " وَهُمْ رَاكِعُونَ " حاليّة [٨]، بمعنى أنّ مابعد الواو منصوب بالحالية، وبالتالي يكون معنى العبارة " ويؤتون الزّكاة في حين هم راكعون " وتبعهم في هذا جمع من مفسري أهل السنّة والجماعة [٩]:
*الأدلّة على تفسير الشيعة :*
استدلّ الشيعة بآية الولاية على:
- أوّلاً: الإمامة بمفهومها العام .
- وثانياً:على إمامة الإمام علي بن أبي طالب (ع)،
وفي مقام توضيح دليلهم على إمامة الإمام علي بن أبي طالب(ع)، قسموا الأدلّة إلى قسمين :
1- القسم الأول: من نفس الآية وهي القرائن الموجودة في نفس عبا