(2/2)
ج▪️ثمّ إن احتجاب المرأة متلائمٌ أيضًا مع منظومة الأحكام الأخرى التي شُرعت لها, والتي هي موافقة لفطرتها، فهي مسؤولة ومسترعاة في بيتها, وقد أُمرت بلزوم هذا البيت بناءً على أن هذا الشيء هو المتوافق مع فطرتها؛ أن ترعى أولادها وتحن عليهم وتعطف عليهم، فالمرأة أصلًا في غالب أحوالها تكون في بيتها والرجل هو الذي يبرز ويخرج ويخالط، فمقدار المشقّة الذي يترتب على احتجاب الرجل أكبر بكثير من مقدار المشقّة المترتبة على احتجاب المرأة، والشرع يأتي بتحصيل المصالح وتكميلها, وأيضا دفع المشاقّ ودفع الحرج، فقد يكون الأمر منظورًا فيه إلى هذا إضافة لما سبق، وقد يكون من الأسباب والأشياء التي قُصدت أو روعيت في الحُكم.
- وهذا لا يعني أن الرجل تُرك دون قيود في مسألة اللباس والشكل، وإنما فُرض عليه أيضا ضوابط كحدود العورة ووجوب اللحية وعدم لبس الحرير وعدم التشبه بالكافرين والنساء وغيرذلك.
⭐️ فهذه بعض الحِكم التي نلتمسها في تشريع الحجاب، مع التأكيد على أن باب الحِكمة هو باب اجتهادي، وشيء في علم الله عزوجل, وما أُوتينا من العلم إلا قليلًا، وعلمنا محدود وعلم الله - سبحانه وتعالى - لا يُحدّ ولن نحيط به كما قال المولى عزوجل {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء}، فلا يصح أن نُحاكم علمه وحِكمته إلى حِكمتنا وعلمنا، وإذا خفيت علينا الحِكمة في شيء فقد ظهرت لنا في أشياء كثيرة، وهذا يظهر بأدنى نظر في أحكام الشريعة بأنها متوازنة وشموليّة واقعيّة عميقة حكيمة، فمن نظر إلى تلك الشريعة بهذه النظرة العامّة لم يعد يشكل عليه شيء جزئي؛ لأنه يردّ الجزئي إلى نظيره وهو أكثر وأغلب، فالأحكام التي تُشكل هي أحكام معدودة وفريدة، والأغلب من أحكام الشريعة لا يستشكلها النّاس بل يرون فيها الحِكمة والصلاح لهم, والعاقل يقيس ما خفي على ما ظهر وغلب.
————
💠 وأخيرًا،ننبه على عددٍ من الأمور تُساعد في حل هذا الإشكال جذريا.
1▪️لابد من النظر إلى الصورة كاملة، فهذا الإشكال والإعتقاد بأن الإسلام ظلم المرأة؛ يقع فيه من ينظر إلى جزء صغير من الأحكام الشرعيّة ويغفل عن الصورة كاملة، ذلك أن الأحكام الشرعيّة منها ما يشترك فيه الرجل والمرأة بالتساوي كتحريم الاختلاط والخلوة بين الجنسين،وهناك أحكام شرعيّة خاصة بالمرأة وحدها مثل الحجاب، وهناك أيضًا أحكام شرعيّة خاصة بالرجل وحده مثل تحريم لبس الحرير والذهب ووجوب اللحية، ووجوب الجمعة والجهاد والنفقة وغيرذلك، ولم يقل أحد أن وجود تكاليف شرعيّة خاصة بالرجل دون المرأة فيه ظلم للرجل واضطهاد له.
لذا نؤكد على ضرورة وأهمية أن يُنظر للصورة كاملة في هذه الأمور لنعرف أن الإسلام لم يظلم المرأة بمزيد من الضوابط أبدًا كما تقول السائلة؛ بل هناك أيضًا ما فُرض على الرجل ولم يُفرض عليها.
- وتوازن الشريعة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات والتكاليف، هو من تمام العدل؛ فالإسلام مبني على العدل وليس التساوي، ومن عدل الشريعة أنها لا تساوي بين المتفرقات ولا تفرق بين المتماثلات، لذا وجود تفريق يقتضي وجود معنى مؤثر لزم منه هذا التفريق، ومن المعلوم والمشاهد أن المرأة والرجل بينهما اختلافات كثيرة في الخصائص الجسدية والوظيفية والقدرات والمميزات وغير ذلك، فترتب على هذا اختلافات بينهما في بعض الحقوق والواجبات والتكاليف بما يناسب طبيعة كلا منهما, ولا يعلم أحد ما المناسب على وجه التفصيل والشمولية والتوازن الدقيق إلا الله الذي خلقهما, ومن تيقن من هذا سيجد كل الحُسن في شرع الله العدل الحكيم كما قال تعالى {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}.
—————
2▪️كذلك ننبه على أن السؤال فيه تصوّر خاطئ عن الأحكام الشرعيّة، فليس كل النساء يشعرن بالضيق والتقييد بسبب الحجاب بل هو للفطرة أقرب، وكذلك الإسلام لم يحبس المرأة في البيت، بل النساء يخرجن لطلب العلم، وأوصى النبي الرجال بألا يمنعن النساء من الذهاب للصلاة، وأوصى بأن تخرج المرأة لصلاة العيد لتشهد الخير، وكذلك المرأة تخرج لزيارة الأقارب وصلة الأرحام، وشاركت خير النساء في الغزوات مثل السيدة عائشة والصحابيات، فالأمر ليس بهذه الصورة التي يوحيها السؤال، فالشريعة حثّت على قرار المرأة بالبيت، لكن لم تحبسها وتمنع الخروج بصورة مطلقة, وأجازته لحاجة المرأة ومصلحتها مع مراعاة الآداب والضوابط الشرعيّة.
——————
3▪️وفي ختام حديثنا نوصي كل أخت بأن تدرك أن هروبها من الإسلام لأجل استشكال بعض الأحكام الشرعيّة هروب لتيه ومأزق كبير، تتخبط فيه بين الأفكار والمذاهب المنحرفة التي تحط من قيمتها ولا تُراعي حقوقها ولا تصونها.
🎙ويمكن سماع هذه الصوتية للوعي بخطورة هذا الأمر، والتيقن من أن المرأة لن تجد انضباط الرؤية الكونية الوجودية، ومراعاة حقوقها بالتوازن مع الواجبات إلا في الإسلام.
https://youtu.be/TGz2Pi3ROtU
والله اعلم..
قسم الأحكام بموقع المحاور
ج▪️ثمّ إن احتجاب المرأة متلائمٌ أيضًا مع منظومة الأحكام الأخرى التي شُرعت لها, والتي هي موافقة لفطرتها، فهي مسؤولة ومسترعاة في بيتها, وقد أُمرت بلزوم هذا البيت بناءً على أن هذا الشيء هو المتوافق مع فطرتها؛ أن ترعى أولادها وتحن عليهم وتعطف عليهم، فالمرأة أصلًا في غالب أحوالها تكون في بيتها والرجل هو الذي يبرز ويخرج ويخالط، فمقدار المشقّة الذي يترتب على احتجاب الرجل أكبر بكثير من مقدار المشقّة المترتبة على احتجاب المرأة، والشرع يأتي بتحصيل المصالح وتكميلها, وأيضا دفع المشاقّ ودفع الحرج، فقد يكون الأمر منظورًا فيه إلى هذا إضافة لما سبق، وقد يكون من الأسباب والأشياء التي قُصدت أو روعيت في الحُكم.
- وهذا لا يعني أن الرجل تُرك دون قيود في مسألة اللباس والشكل، وإنما فُرض عليه أيضا ضوابط كحدود العورة ووجوب اللحية وعدم لبس الحرير وعدم التشبه بالكافرين والنساء وغيرذلك.
⭐️ فهذه بعض الحِكم التي نلتمسها في تشريع الحجاب، مع التأكيد على أن باب الحِكمة هو باب اجتهادي، وشيء في علم الله عزوجل, وما أُوتينا من العلم إلا قليلًا، وعلمنا محدود وعلم الله - سبحانه وتعالى - لا يُحدّ ولن نحيط به كما قال المولى عزوجل {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء}، فلا يصح أن نُحاكم علمه وحِكمته إلى حِكمتنا وعلمنا، وإذا خفيت علينا الحِكمة في شيء فقد ظهرت لنا في أشياء كثيرة، وهذا يظهر بأدنى نظر في أحكام الشريعة بأنها متوازنة وشموليّة واقعيّة عميقة حكيمة، فمن نظر إلى تلك الشريعة بهذه النظرة العامّة لم يعد يشكل عليه شيء جزئي؛ لأنه يردّ الجزئي إلى نظيره وهو أكثر وأغلب، فالأحكام التي تُشكل هي أحكام معدودة وفريدة، والأغلب من أحكام الشريعة لا يستشكلها النّاس بل يرون فيها الحِكمة والصلاح لهم, والعاقل يقيس ما خفي على ما ظهر وغلب.
————
💠 وأخيرًا،ننبه على عددٍ من الأمور تُساعد في حل هذا الإشكال جذريا.
1▪️لابد من النظر إلى الصورة كاملة، فهذا الإشكال والإعتقاد بأن الإسلام ظلم المرأة؛ يقع فيه من ينظر إلى جزء صغير من الأحكام الشرعيّة ويغفل عن الصورة كاملة، ذلك أن الأحكام الشرعيّة منها ما يشترك فيه الرجل والمرأة بالتساوي كتحريم الاختلاط والخلوة بين الجنسين،وهناك أحكام شرعيّة خاصة بالمرأة وحدها مثل الحجاب، وهناك أيضًا أحكام شرعيّة خاصة بالرجل وحده مثل تحريم لبس الحرير والذهب ووجوب اللحية، ووجوب الجمعة والجهاد والنفقة وغيرذلك، ولم يقل أحد أن وجود تكاليف شرعيّة خاصة بالرجل دون المرأة فيه ظلم للرجل واضطهاد له.
لذا نؤكد على ضرورة وأهمية أن يُنظر للصورة كاملة في هذه الأمور لنعرف أن الإسلام لم يظلم المرأة بمزيد من الضوابط أبدًا كما تقول السائلة؛ بل هناك أيضًا ما فُرض على الرجل ولم يُفرض عليها.
- وتوازن الشريعة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات والتكاليف، هو من تمام العدل؛ فالإسلام مبني على العدل وليس التساوي، ومن عدل الشريعة أنها لا تساوي بين المتفرقات ولا تفرق بين المتماثلات، لذا وجود تفريق يقتضي وجود معنى مؤثر لزم منه هذا التفريق، ومن المعلوم والمشاهد أن المرأة والرجل بينهما اختلافات كثيرة في الخصائص الجسدية والوظيفية والقدرات والمميزات وغير ذلك، فترتب على هذا اختلافات بينهما في بعض الحقوق والواجبات والتكاليف بما يناسب طبيعة كلا منهما, ولا يعلم أحد ما المناسب على وجه التفصيل والشمولية والتوازن الدقيق إلا الله الذي خلقهما, ومن تيقن من هذا سيجد كل الحُسن في شرع الله العدل الحكيم كما قال تعالى {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}.
—————
2▪️كذلك ننبه على أن السؤال فيه تصوّر خاطئ عن الأحكام الشرعيّة، فليس كل النساء يشعرن بالضيق والتقييد بسبب الحجاب بل هو للفطرة أقرب، وكذلك الإسلام لم يحبس المرأة في البيت، بل النساء يخرجن لطلب العلم، وأوصى النبي الرجال بألا يمنعن النساء من الذهاب للصلاة، وأوصى بأن تخرج المرأة لصلاة العيد لتشهد الخير، وكذلك المرأة تخرج لزيارة الأقارب وصلة الأرحام، وشاركت خير النساء في الغزوات مثل السيدة عائشة والصحابيات، فالأمر ليس بهذه الصورة التي يوحيها السؤال، فالشريعة حثّت على قرار المرأة بالبيت، لكن لم تحبسها وتمنع الخروج بصورة مطلقة, وأجازته لحاجة المرأة ومصلحتها مع مراعاة الآداب والضوابط الشرعيّة.
——————
3▪️وفي ختام حديثنا نوصي كل أخت بأن تدرك أن هروبها من الإسلام لأجل استشكال بعض الأحكام الشرعيّة هروب لتيه ومأزق كبير، تتخبط فيه بين الأفكار والمذاهب المنحرفة التي تحط من قيمتها ولا تُراعي حقوقها ولا تصونها.
🎙ويمكن سماع هذه الصوتية للوعي بخطورة هذا الأمر، والتيقن من أن المرأة لن تجد انضباط الرؤية الكونية الوجودية، ومراعاة حقوقها بالتوازن مع الواجبات إلا في الإسلام.
https://youtu.be/TGz2Pi3ROtU
والله اعلم..
قسم الأحكام بموقع المحاور