تركت لنا العصور الوسطى والحقبة الحديثة أعمالًا لرسامين عظام، برزت لاستخدامها درجات اللون الأحمر تحديدًا. نذكر منهم ڤان آيك وأوچيلو وكارپاچو ورافاييل، ولاحقًا روبنز وجورج دولاتور. لكن كل الفنانين أحبوا هذا اللون وحاولوا رسم أنساق لونية عديدة منه. وتبعًا لذلك، اختاروا الصباغ، آخذين بعين الاعتبار ليس خواصه الكيميائية الفيزيائية وقدرته على التغطية وصنع المعتّمة ومقاومته للضوء وسهولة صنعه وخلطه بصباغ أخرى فحسب، بل سعره وتوفره -والأكثر إرباكًا لنا- الاسم الذي عرف به أيضًا. يمكننا في الحقيقة ملاحظة أن الأحمر "السلبي" رمزيًا في لوحات العصور الوسطى -لأنه كان لونًا لنيران الجحيم والدم النجس لنوع أو آخر-كان يرسم بالصباغ نفسه، أي رهج الغار أو ورنيش الراتنج الذي كان يعرف باسم "أحمر الإنديز" أو دم التنين. شاعت الأساطير فيالمشاغل فيما يتعلق بهذا الصباغ المكلف نسبيًا، إذ كان يستورد من أماكن بعيدة، فقد اعتقد أنه لا يستخلص من نبات الراتنج بل من دم التنين الذي جرحه عدوه الهالك، الفيل. كان جسد التنين-وفقًا لقصص الحيوانات الوسطوية التي تلت بلني وغيره من الكتاب القدماء-ممتلئًا بالنار والدم، وبعد صراع ضارٍ ثقب الفيل بطن التنين بأنيابه، فانبثق سائل أحمر سميك كريه، صنع منه الخضاب الذي استخدم لتلوين الأحمر المشؤوم. تفوقت الأسطورة على المعرفة في هذه الحالة، وأعطى الرسامون رمزيةَ الاسم أولويةً على الخواص الكيميائية للصباغ.
ميشيل پاستورو
اللوحة فيليكس ڤالوتون، الغرفة الحمراء
#365_يوم_ترجمة
ميشيل پاستورو
اللوحة فيليكس ڤالوتون، الغرفة الحمراء
#365_يوم_ترجمة