ثم بدأ المؤلف كتابه بمقدمة علمية أشار فيها إلى أن ظهور وسائل الإعلام الحديثة ووسائل التواصل المرئية والمسموعة قد أدى إلى نسيان الكثير من حكاياتنا الشعبية، وكان بداية فقدان هذا التراث عندما احتل الراديو ثم التلفزيون مكان الحكواتى أو السامر أو كبار السن، الذين كانوا يحفظون الحكايات المتوارَثة عبر أجيال طويلة، فلم يعد الناس يتجمعون فى السامر وقت فراغهم، ولم يعد الحكواتى يحيي السهرات الليلية بالحكايات والسير، فقد كانت الأجيال الصاعدة تتعلم من خلالها الكثير من القيم النبيلة، وتزرع فى نفوس أولادنا حب الخير والكرم والتعاون والشجاعة، فتحفز الهمم وتوجه الشباب والمجتمعات لعمل الخير وترك الشر.
ويستطرد سبأ بقوله: حاولت جاهدًا في هذا الكتاب أن أجمع ما استطعت من هذه الحكايات الشعبية النابعة من حكمة الشعب اليمني الأصيل، وقد اعتمدت في جمعها على عدة مصادر، فاعتمدت بالدرجة الأولى على الرواة والأخباريين، ممن قابلتهم وعايشتهم، ومنها ما جمع من الكتب والمراجع التي هي في الأساس كتب تاريخية أو كتب رحلات، أو كتب لا يظهر من عنواناتها أن في طيها حكايات شعبية، وحرصت على قراءة الكثير من الكتب للبحث عنها والتأكد من مصداقيتها من عدة مصادر، ومن ثم تدوينها وجمعها في هذا الكتاب حتى تخرج للعيان ويفيد منها القراء؛ لما لها من أهمية كبيرة في حياتنا وخشيةً عليها من النسيان والضياع، واستشعارًا لأهميتها.. وقد حرصت على أن لا أكرر ما قد جمع منها في كتب الحكايات الشعبية اليمنية في كتابات سابقة، مثل ما جمعه علي محمد عبده فى كتابه «حكايات وأساطير يمنية»، ولم أكرر ما جاء فى كتاب «أساطير من تاريخ اليمن» لحمزة علي لقمان، أو ما جاء في كتب أروى عثمان «حزاوي وريقة الحناء» بأجزائها الثلاثة، إلا ما كان منها مختلفاً في صياغة النص، ورأيت فيه اختلافات كثيرة عما دوَّنه من سبقني، فأحببت أن أدونها كما سمعتها بصيغتها في البيئة التي ولدت ونشأت فيها وقد حظيت محافظة إب وسط اليمن وما يجاورها بالنصيب الأكبر منها كونها منطقة عيش وحياة جامع هذه الحكايات .
وهذه الحكايات لم تأت من فراغ فهي نتاج تجربة وخبرات طويلة صقلتها التجربة الشعبية عبر العصور، وتحمل في طيها العديد من المفاهيم والأهداف التعليمية والتربوية.. فهى خلاصة خبرات طويلة لأجيال سابقة، فنجدها تارة تعلم الأبناء حب الأرض وحب الخير، وتنفرهم من الشر، مثلا حكاية «وريقة الحناء» التي أوردها علي محمد عبده في كتابه «أساطير وحكايات يمنية»، فقد صور فيها الخيال الشعبي الفتاة «كرام» وهي تذهب لتغتسل في البركة فتخرج مغطاة بالحيات والثعابين والعقارب، فتعود إلى منزلها على تلك الحالة والحيات على جسمها، وتنادي على والدها لكي يقوم بإحضار أداة القطع «الشريم» لإزالتها عنها، قد يجدها البعض قصة أبعد ما يكون عن أن تقبلها عقولُ أهل هذا الزمان، لكن الحقيقة أن الخيال الشعبي كان يهدف من وراء هذه الرعب والمبالغة إلى صقل وتهذيب عقول الأطفال، فيزرع في نفوسهم كراهية الشر في المراحل الأولى من عمرهم، فهو يدرك من خلال الحكمة التي تعلمها عبر العصور أن هذه المرحلة ما زالت بحاجة إلى تهذيب الطفل، فالفتاة كرام يكون مصيرها موحشًا، وكذلك حالُ كل طفل لا يساعد الناس، وعلى العكس من ذلك، من يفعل الخير سيكون مصيره سعيدًا مثل وريقة الحناء التي كانت تعمل على مساعدة العجوز وتمدها بالطعام وتفلي شعرها، فكانت مكافأتها أن تحولت هذه العجوز إلى جنيةً تحقق لها أحلامها. فالخيال الشعبي يغرس في نفوس الصغار أن فعل الخير لا يقف أمامه حاجز مهما يكن.
ويتساءل: هل ننسى هذه الحكمة ونطمس تراثنا، مستعيضين عنه بالإنترنت والتلفاز لتعليم أجيالنا! أم نوثق حكاياتنا الشعبية ونجعل منها وسائل تعليمية، ونحولها إلى ما شئنا من مسرحيات أو تمثيليات وغيرها، بحيث نعلّم أبناءنا الحكمة التي توارثناها من بيئتنا الأصلية؟!
من هنا كان الهدف الرئيس من تجميع هذه الحكايات وقد حرص المؤلف أثناء جمع هذه الحكايات على تدوينها كما هي في بيئتها دون زيادة أو نقصان مع استخدام لغة سلسة تحافظ على مضمون الحكاية ولا تفقدها فكرتها وروحها، كما حرص على أن تكون اللغة عربية تفهمها كل الشعوب العربية أو الأجنبية في حال ترجمت، فهذه الحكايات رويت بعدة لهجات، وتختلف طرق سردها من مكان إلى آخر.
قسم سبأ مجموعات الحكايات بالكتاب إلى عدة فصول يتناول كل منها نوعا من هذه الحكايات، بدأها بفصل خصصه حول (الحكايات الشعبية التاريخية في اليمن)، وتضم هذه المجموعة حكايات تعود جذورها إلى عصور ضاربة في القدم، فمنها ما تدور تفاصيله حول حوادث تاريخية مر بها اليمن، كان لها أثرها على تكوين الخيال الشعبي، ومنها ما يدور حول شخصيات تاريخية حكمت اليمن في فترات مختلفة، ومنها ما يدور حول أماكن أو قصور لها شهرة كبيرة، وتضمنت هذه المجموعة ثلاث وعشرين حكاية، منها: هابيل وقابيل وشجرة دم الأخوين- عود بن عنق- بلقيس ملكة اليمن- حكاية سبأ الأول- سيف بن ذي يزن- الملكة
ويستطرد سبأ بقوله: حاولت جاهدًا في هذا الكتاب أن أجمع ما استطعت من هذه الحكايات الشعبية النابعة من حكمة الشعب اليمني الأصيل، وقد اعتمدت في جمعها على عدة مصادر، فاعتمدت بالدرجة الأولى على الرواة والأخباريين، ممن قابلتهم وعايشتهم، ومنها ما جمع من الكتب والمراجع التي هي في الأساس كتب تاريخية أو كتب رحلات، أو كتب لا يظهر من عنواناتها أن في طيها حكايات شعبية، وحرصت على قراءة الكثير من الكتب للبحث عنها والتأكد من مصداقيتها من عدة مصادر، ومن ثم تدوينها وجمعها في هذا الكتاب حتى تخرج للعيان ويفيد منها القراء؛ لما لها من أهمية كبيرة في حياتنا وخشيةً عليها من النسيان والضياع، واستشعارًا لأهميتها.. وقد حرصت على أن لا أكرر ما قد جمع منها في كتب الحكايات الشعبية اليمنية في كتابات سابقة، مثل ما جمعه علي محمد عبده فى كتابه «حكايات وأساطير يمنية»، ولم أكرر ما جاء فى كتاب «أساطير من تاريخ اليمن» لحمزة علي لقمان، أو ما جاء في كتب أروى عثمان «حزاوي وريقة الحناء» بأجزائها الثلاثة، إلا ما كان منها مختلفاً في صياغة النص، ورأيت فيه اختلافات كثيرة عما دوَّنه من سبقني، فأحببت أن أدونها كما سمعتها بصيغتها في البيئة التي ولدت ونشأت فيها وقد حظيت محافظة إب وسط اليمن وما يجاورها بالنصيب الأكبر منها كونها منطقة عيش وحياة جامع هذه الحكايات .
وهذه الحكايات لم تأت من فراغ فهي نتاج تجربة وخبرات طويلة صقلتها التجربة الشعبية عبر العصور، وتحمل في طيها العديد من المفاهيم والأهداف التعليمية والتربوية.. فهى خلاصة خبرات طويلة لأجيال سابقة، فنجدها تارة تعلم الأبناء حب الأرض وحب الخير، وتنفرهم من الشر، مثلا حكاية «وريقة الحناء» التي أوردها علي محمد عبده في كتابه «أساطير وحكايات يمنية»، فقد صور فيها الخيال الشعبي الفتاة «كرام» وهي تذهب لتغتسل في البركة فتخرج مغطاة بالحيات والثعابين والعقارب، فتعود إلى منزلها على تلك الحالة والحيات على جسمها، وتنادي على والدها لكي يقوم بإحضار أداة القطع «الشريم» لإزالتها عنها، قد يجدها البعض قصة أبعد ما يكون عن أن تقبلها عقولُ أهل هذا الزمان، لكن الحقيقة أن الخيال الشعبي كان يهدف من وراء هذه الرعب والمبالغة إلى صقل وتهذيب عقول الأطفال، فيزرع في نفوسهم كراهية الشر في المراحل الأولى من عمرهم، فهو يدرك من خلال الحكمة التي تعلمها عبر العصور أن هذه المرحلة ما زالت بحاجة إلى تهذيب الطفل، فالفتاة كرام يكون مصيرها موحشًا، وكذلك حالُ كل طفل لا يساعد الناس، وعلى العكس من ذلك، من يفعل الخير سيكون مصيره سعيدًا مثل وريقة الحناء التي كانت تعمل على مساعدة العجوز وتمدها بالطعام وتفلي شعرها، فكانت مكافأتها أن تحولت هذه العجوز إلى جنيةً تحقق لها أحلامها. فالخيال الشعبي يغرس في نفوس الصغار أن فعل الخير لا يقف أمامه حاجز مهما يكن.
ويتساءل: هل ننسى هذه الحكمة ونطمس تراثنا، مستعيضين عنه بالإنترنت والتلفاز لتعليم أجيالنا! أم نوثق حكاياتنا الشعبية ونجعل منها وسائل تعليمية، ونحولها إلى ما شئنا من مسرحيات أو تمثيليات وغيرها، بحيث نعلّم أبناءنا الحكمة التي توارثناها من بيئتنا الأصلية؟!
من هنا كان الهدف الرئيس من تجميع هذه الحكايات وقد حرص المؤلف أثناء جمع هذه الحكايات على تدوينها كما هي في بيئتها دون زيادة أو نقصان مع استخدام لغة سلسة تحافظ على مضمون الحكاية ولا تفقدها فكرتها وروحها، كما حرص على أن تكون اللغة عربية تفهمها كل الشعوب العربية أو الأجنبية في حال ترجمت، فهذه الحكايات رويت بعدة لهجات، وتختلف طرق سردها من مكان إلى آخر.
قسم سبأ مجموعات الحكايات بالكتاب إلى عدة فصول يتناول كل منها نوعا من هذه الحكايات، بدأها بفصل خصصه حول (الحكايات الشعبية التاريخية في اليمن)، وتضم هذه المجموعة حكايات تعود جذورها إلى عصور ضاربة في القدم، فمنها ما تدور تفاصيله حول حوادث تاريخية مر بها اليمن، كان لها أثرها على تكوين الخيال الشعبي، ومنها ما يدور حول شخصيات تاريخية حكمت اليمن في فترات مختلفة، ومنها ما يدور حول أماكن أو قصور لها شهرة كبيرة، وتضمنت هذه المجموعة ثلاث وعشرين حكاية، منها: هابيل وقابيل وشجرة دم الأخوين- عود بن عنق- بلقيس ملكة اليمن- حكاية سبأ الأول- سيف بن ذي يزن- الملكة