أدبُ الإخلاص في العبادة
مراتب الإخلاص(*) إنّ الوصول دفعةً واحدةً إلى الإخلاص الكامل لمن كان محجوباً أمرٌ نادر الحدوث، ولا ينبغي التعويل وترك المجاهدة لتحصيله، كأن يجلس السالك ويصرّ على الدعاء حتّى يبلغه؛ لهذا يحتاج السالك إلى عبور مراتب المجاهدة ومراحل التصفية لكي يصل إليه. مراتب السير نحو الإخلاص
1- تصفية العمل من رضى المخلوق: قلباً كان أم قالبيّاً، ينبغي تصفيته من شائبة رضى المخلوق وجذب قلوب المخلوقين، سواء كان للمَحمَدة أو المنفعة أو لغيرها، وفي مقابل هذه المرتبة إتيان العمل رياءً، وهذا هو الرياء الفقهيّ، وهو أحطّ وأدنى مراتب الرياء، وصاحبه أرذل المرائين وأخسّهم.
2- تصفيته من تحصيل المقاصد الدنيويّة: والمآرب الزائلة الفانية، وإن كان الداعي أنّ اللّه تعالى يعطيها بواسطة هذا العمل، كإتيان صلاة الليل لتوسعة الرزق، وإتيان صلاة أوّل الشهر للسلامة من الآفات في ذلك الشهر، وإعطاء الصدقات للعافية، وسائر المقاصد الدنيويّة. وقد عدّ بعض الفقهاء (عليهم الرحمة) هذه المرتبة من الإخلاص شرطاً لصحّة العبادة، إذا كان إتيان العمل للوصول إلى ذلك المقصود. وهذا الرأي خلاف التحقيق حسب القواعد الفقهيّة، وإن كانت هذه الصلاة عند أهل المعرفة لا قيمة لها أصلاً، وهي كسائر المكاسب المشروعة، بل لعلّها تكون أقلّ منها أيضاً.
3- تصفيته من الوصول إلى اللذّات الجسمانيّة: ينبغي تصفية العمل من الجنّات الجسمانيّة والحور والقصور وأمثالها من اللذّات الجسمانيّة، وفي مقابلها عبادة الأُجَرَاء كما في الروايات الشريفة. وهذا أيضاً في نظر أهل اللّه كسائر المكاسب؛ إلّا أنّ أجرة عمل هذا الكاسب أكثر وأعلى إذا قام بالأمر وخلّصه من المفسدات الصوريّة.
4- تصفيته من العقاب والعذاب الجسمانيّ: أن يصفّي العمل من خوف العقاب والعذاب الجسمانيّ الموعود، وفي مقابلها عبادة العبيد كما في الروايات. وهذه العبادة أيضاً في نظر أصحاب القلوب لا قيمة لها وخارجة عن نطاق عبوديّة الله. ولا فرق، في نظر أهل المعرفة، بين أن يعمل الإنسان عملاً من خوف الحدود والتعزيرات في الدين أو خوف العقاب والعذاب الأخرويّ، أو للوصول إلى نساء الدنيا، أو الحصول على الحور ونساء الجنّة... فالعمل في جميع ذلك ليس لله، والداعي إلى هذا الأمر يُخرج العمل عن البطلان الصوريّ طبقاً للقواعد الفقهيّة [أي يكون صحيحاً]؛ ولكن ليس لهذا المتاع قيمةٌ في سوق أهل المعرفة.
نكمل لاحقا
مراتب الإخلاص(*) إنّ الوصول دفعةً واحدةً إلى الإخلاص الكامل لمن كان محجوباً أمرٌ نادر الحدوث، ولا ينبغي التعويل وترك المجاهدة لتحصيله، كأن يجلس السالك ويصرّ على الدعاء حتّى يبلغه؛ لهذا يحتاج السالك إلى عبور مراتب المجاهدة ومراحل التصفية لكي يصل إليه. مراتب السير نحو الإخلاص
1- تصفية العمل من رضى المخلوق: قلباً كان أم قالبيّاً، ينبغي تصفيته من شائبة رضى المخلوق وجذب قلوب المخلوقين، سواء كان للمَحمَدة أو المنفعة أو لغيرها، وفي مقابل هذه المرتبة إتيان العمل رياءً، وهذا هو الرياء الفقهيّ، وهو أحطّ وأدنى مراتب الرياء، وصاحبه أرذل المرائين وأخسّهم.
2- تصفيته من تحصيل المقاصد الدنيويّة: والمآرب الزائلة الفانية، وإن كان الداعي أنّ اللّه تعالى يعطيها بواسطة هذا العمل، كإتيان صلاة الليل لتوسعة الرزق، وإتيان صلاة أوّل الشهر للسلامة من الآفات في ذلك الشهر، وإعطاء الصدقات للعافية، وسائر المقاصد الدنيويّة. وقد عدّ بعض الفقهاء (عليهم الرحمة) هذه المرتبة من الإخلاص شرطاً لصحّة العبادة، إذا كان إتيان العمل للوصول إلى ذلك المقصود. وهذا الرأي خلاف التحقيق حسب القواعد الفقهيّة، وإن كانت هذه الصلاة عند أهل المعرفة لا قيمة لها أصلاً، وهي كسائر المكاسب المشروعة، بل لعلّها تكون أقلّ منها أيضاً.
3- تصفيته من الوصول إلى اللذّات الجسمانيّة: ينبغي تصفية العمل من الجنّات الجسمانيّة والحور والقصور وأمثالها من اللذّات الجسمانيّة، وفي مقابلها عبادة الأُجَرَاء كما في الروايات الشريفة. وهذا أيضاً في نظر أهل اللّه كسائر المكاسب؛ إلّا أنّ أجرة عمل هذا الكاسب أكثر وأعلى إذا قام بالأمر وخلّصه من المفسدات الصوريّة.
4- تصفيته من العقاب والعذاب الجسمانيّ: أن يصفّي العمل من خوف العقاب والعذاب الجسمانيّ الموعود، وفي مقابلها عبادة العبيد كما في الروايات. وهذه العبادة أيضاً في نظر أصحاب القلوب لا قيمة لها وخارجة عن نطاق عبوديّة الله. ولا فرق، في نظر أهل المعرفة، بين أن يعمل الإنسان عملاً من خوف الحدود والتعزيرات في الدين أو خوف العقاب والعذاب الأخرويّ، أو للوصول إلى نساء الدنيا، أو الحصول على الحور ونساء الجنّة... فالعمل في جميع ذلك ليس لله، والداعي إلى هذا الأمر يُخرج العمل عن البطلان الصوريّ طبقاً للقواعد الفقهيّة [أي يكون صحيحاً]؛ ولكن ليس لهذا المتاع قيمةٌ في سوق أهل المعرفة.
نكمل لاحقا