نعود بعد هذا إلى سؤالنا المركزي: أين كان الخلاف مع العلمانية؟
في حقيقة الأمر أن خلافنا مع العلمانية لم يكن في الأصل في مثل هذه التفصيلات، وإنما الخلاف كان في مفهوم العلمانية نفسه بغض النظر عن خلافهم في تطبيقاته، فالعلمانية تحييد الدين في الحكم، وتجعل مرجعية السياسة والنظام لغير الوحي، وهذه مناقضة لأصل من أصول الإسلام التي لا يخفى على مسلم، وهو وجوب الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في الحكم: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله) (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) ، فالمسلم يسلم لأمر ربه في الحكم الذي يتعلق بالعبادة، والحكم الذي يتعلق بالدماء والأعراض، وأما جعل الدين علاقة فردية فهو مفهوم غربي طارئ لا يعرفها المسلمون.
بسبب هذا نشأ الخلاف مع العلمانية، وبسبب ذلك قيل هي مناقضة للدين، وضد الدين، ورافضة للدين، وبسببه حصل النفور الكبير منها.
إذن، ما الذي تغير؟ وما الذي يحتاج إلى إعادة قراءة وفهم؟
لا شيء، فالعلمانية التي جرى الخلاف معها سابقاً، ما تزال هي العلمانية، والحديث عن تقسيمات جديدة بين علمانية متطرفة ومحايدة، وعلمانية ضد الدين ومع الدين، وعلمانية شرقية وغربية، كلها تعبر عن تطبيقات داخل العلمانية، ولم يكن الخلاف مع العلمانية في داخل هذه التطبيقات، فلم يكن الخلاف مع العلمانيين أن العلمانية لا تسمح بتقديم اعانات مالية للجمعيات الدينية، او انها لا تسمح ببناء مصلى في جامعة، أو لا تعطي المسلمين إجازة في عيد الفطر، ونحو ذلك، إنما الخلاف في أصل الحكم، فالعلمانية تقوم على إقصاء الوحي من أحقية تنظيم حياة المسلمين وشرائعهم، وترى أن الدين علاقة فردية بين العبد وربه ليس له علاقة بتنظيم الشأن العام.
فهل تغير أي شيء من هذا؟
طبعاً، لا شك ان العلمانية بالمستوى الثاني كله -متطرفهم ومحايدهم- هم أحسن خياراً للمسلمين من العلمانية التي تبيد خضراء المسلمين، ولا شك أن العلمانية المحايدة أحسن من المتطرفة، وكلما اتسع مجال الحرية فهو أحسن وأفضل، لكن هذا شيء، وأن نقرر صحتها، أو ندعو لتطبيقها، أو نقرر عدم معارضتها للإٍسلام شيء آخر.
خلاصة ما نريد أن نقول هو:
الفهم للعلمانية لم يكن مخطئاً، والمعركة مع العلمانية لم تتغير، إنما الذي تغير هو النفور الشديد من العلمانية مما اضطر معه العلمانيون إلى تلطيف العبارة وتبديل المصطلحات.
واضطر معهم آخرون تأثروا بالخطاب العلماني وهم في الأصل ليسوا منه، بل كانوا ضده، إلى تبديل مواقع الخلاف مع العلمانية ليكون الخلاف مع المتطرفة لا المحايدة، لأنه وجدوا أنفسهم بسبب التأويل وضغط الواقع قد وقفوا في داخل منطقة الخلاف العلماني-العلماني!
في حقيقة الأمر أن خلافنا مع العلمانية لم يكن في الأصل في مثل هذه التفصيلات، وإنما الخلاف كان في مفهوم العلمانية نفسه بغض النظر عن خلافهم في تطبيقاته، فالعلمانية تحييد الدين في الحكم، وتجعل مرجعية السياسة والنظام لغير الوحي، وهذه مناقضة لأصل من أصول الإسلام التي لا يخفى على مسلم، وهو وجوب الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في الحكم: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله) (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) ، فالمسلم يسلم لأمر ربه في الحكم الذي يتعلق بالعبادة، والحكم الذي يتعلق بالدماء والأعراض، وأما جعل الدين علاقة فردية فهو مفهوم غربي طارئ لا يعرفها المسلمون.
بسبب هذا نشأ الخلاف مع العلمانية، وبسبب ذلك قيل هي مناقضة للدين، وضد الدين، ورافضة للدين، وبسببه حصل النفور الكبير منها.
إذن، ما الذي تغير؟ وما الذي يحتاج إلى إعادة قراءة وفهم؟
لا شيء، فالعلمانية التي جرى الخلاف معها سابقاً، ما تزال هي العلمانية، والحديث عن تقسيمات جديدة بين علمانية متطرفة ومحايدة، وعلمانية ضد الدين ومع الدين، وعلمانية شرقية وغربية، كلها تعبر عن تطبيقات داخل العلمانية، ولم يكن الخلاف مع العلمانية في داخل هذه التطبيقات، فلم يكن الخلاف مع العلمانيين أن العلمانية لا تسمح بتقديم اعانات مالية للجمعيات الدينية، او انها لا تسمح ببناء مصلى في جامعة، أو لا تعطي المسلمين إجازة في عيد الفطر، ونحو ذلك، إنما الخلاف في أصل الحكم، فالعلمانية تقوم على إقصاء الوحي من أحقية تنظيم حياة المسلمين وشرائعهم، وترى أن الدين علاقة فردية بين العبد وربه ليس له علاقة بتنظيم الشأن العام.
فهل تغير أي شيء من هذا؟
طبعاً، لا شك ان العلمانية بالمستوى الثاني كله -متطرفهم ومحايدهم- هم أحسن خياراً للمسلمين من العلمانية التي تبيد خضراء المسلمين، ولا شك أن العلمانية المحايدة أحسن من المتطرفة، وكلما اتسع مجال الحرية فهو أحسن وأفضل، لكن هذا شيء، وأن نقرر صحتها، أو ندعو لتطبيقها، أو نقرر عدم معارضتها للإٍسلام شيء آخر.
خلاصة ما نريد أن نقول هو:
الفهم للعلمانية لم يكن مخطئاً، والمعركة مع العلمانية لم تتغير، إنما الذي تغير هو النفور الشديد من العلمانية مما اضطر معه العلمانيون إلى تلطيف العبارة وتبديل المصطلحات.
واضطر معهم آخرون تأثروا بالخطاب العلماني وهم في الأصل ليسوا منه، بل كانوا ضده، إلى تبديل مواقع الخلاف مع العلمانية ليكون الخلاف مع المتطرفة لا المحايدة، لأنه وجدوا أنفسهم بسبب التأويل وضغط الواقع قد وقفوا في داخل منطقة الخلاف العلماني-العلماني!