دارة أهل الحديث، قناة: خالد بهاء الدين


Channel's geo and language: not specified, not specified
Category: not specified


على طريق معرفة آثار رسول الله ﷺ وتحقيق اتباعه.

Related channels  |  Similar channels

Channel's geo and language
not specified, not specified
Category
not specified
Statistics
Posts filter


الحمد لله وحده.

يبتلي الله عز وجل عباده بالمصائب والمنغصات ونقص الأموال والعدد والعتاد؛ ليصبروا ويحمدوه تعالى، فإنه المحمود على كل حال.
ويبتليهم بأعداء الدين وأهل العصيان، ليمتحن صدق اتباعهم للوحي وطلبهم للآخرة، وليوقظهم من غفلاتهم، فيتضرعوا ويتوبوا ويدعوه سبحانه.
وابتلى الله أنبياءه والصالحين والشهداء.
وقال بعض السلف: لولاء البلايا لوردنا على الله مفاليس!

#الصبر


#سؤال

خطيبتي ملتزمة ومؤدبة وعندها حياء ومطيعة وبتخاف على زعلي جداً لكن قصيرة شوية ورفيعة " عشان طالعة من امتحانات" سؤالي ازاي اطرد الوساوس والمقارنات اللي هتموتني وارضى بيها وأكون مرتاح البال

- - - - - - - - - - - - - -

الجواب:

الحمد لله وحده.
هذا يشبه سؤالا كنت أحب أن أجيبه، لكن لم أنشط ثم تاه.
كان عن رجل يغض بصره دائما، ويحرص على ذلك جدا، فلما تزوج؛ أطلق بصره وافتتن بالنظر.
فجاءت زوجته تسأل: مش المفروض الزواج بيعف الإنسان؟
في الحقيقة نحن نتعامل مع الزواج بمفهوم لا يرضي الله عز وجل!
نعم، كما أقول لك.
يظن الرجل أو تظن المرأة أن الزواج، هو "العلّة الفاعلة" للعفاف.
أو المؤثّر الحقيقي القطعي في شهوة الإنسان، وأنه إذا تزوّج، فقد انتهت مشاكله مع شهوة النساء تماما.
في الحقيقة هذه الفكرة غلط بامتياز.
المتزوج يزني، ويفتتن بالنساء، وينظر إليهن شهوة.
وكذلك المتزوجة.
ولذلك شرع الله عقوبة زنا المتزوج والمتزوجة، فدل ذلك على أن الشريعة احتاطت من هذه الجريمة، واعتبرتها جريمة متوقعة، ليست نادرة.
ولذلك أيضا جاء الأمر بغض البصر عاما للمؤمنين والمؤمنات، لا فرق بين متزوج وعزَب.
ولذلك أيضا، مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان متزوجا بأكثر من زوجة؛ إلا أنه نادى على صاحبيه ليقول لهما: "إنها صفيّة"..
وخشي عليهما من خواطر الشيطان، رغم أنه كان معتكفا في رمضان!
فدل ذلك أن من طبع الإنسان ولو كان متزوجا أكثر من زوجة؛ أن يتطلع إلى النساء ويفتتن بهنّ.
ولذلك خشي رسول الله صلى الله عليه وسلم على صاحبيه من الشيطان، أن يدخل لهما من هذه الثغرة الإنسانية.
ولو كان من طبع المتزوج أن ينصرف عن النساء تماما، لما خشي رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما.
بأبي هو وأمي ودمي، عليه السلام.

والإنسان الفاهم، يعرف أن الزواج "أغضّ" للبصر، و"أحصن" للفرج.
لكنه مجرد سبب، ليس هو المؤثر الوحيد، في تقوى الإنسان..
وأنه يحتاج دائما إلى السبب الأعظم الذي يحجزه عن المعصية، الخوف من الله، وإرادة الدار الآخرة، وحب الله، والحياء منه.
يحتاج ذلك قبل الزواج وبعد الزواج وحتى عند مجامعة زوجته!
بالنسبة لك يا أخي:
أشفق كثيرا على الشباب الذي يلهث خلف الصور الخادعة لنساء جميلات، أو يظنهم هو كذلك..
ثم إذا بحث عن زوجة، أراد أن يجمع فيها مواصفات ملفقة من ألف صورةٍ فاسقةٍ!
أشفق عليه مرتين..
فالمرة الأولى؛ لأنه لن يجد ما يريد أبدا، فهو يبحث عن "مسخ"، تكون في خياله المريض بالشهوة الحرام.
والمرة الثانية؛ لأنه لن يتعفف أبدا، ولن يغض بصره أبدا، ولن يحصن فرجه أبدا، ولو تزوج أعتى جميلات البشرية!
العفّة والحصانة وصفاء النفس واطمئنانها بالزوجة والسكينة إليها وغض البصر عن الحرام؛ هذه أمور يرزقها الله لعباده الراغبين في كرامته.
وقد امتنّ الله على "عباده" بها..
فهذه إنما تُطلب من الله، ويستعان على تحصيلها بالله، ثم إذا حصّلها الإنسان؛ أثابه الله، فالشكر لله المُنعم ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأنا لا أقول لك: لا تختر من تعجبك من النساء.
لا.
بل الشرع رغّب في أن تختار من تعجبك وتميل إليها نفسك، حتى تدوم العشرة بينكما، وتحبها وتحبك.
لكن أقول لك: غض بصرك طاعة لله، وإذا مالت نفسك إلى امرأة فخطبتها أو تزوجتها، فاحمد الله، وإياك وخطرات الشيطان، فإنه ما زال يزيّن لك حتى يفسد عليك زواجك..
هذا من أحب شيء إليه.
والله أعلم.


الحمد لله وحده.

سؤال آخر من الأسك، تبعا للسابق:
يقول: (أنا كافر بالعلم مؤمن أنها مسطحة).

الجواب:
الحمد لله وحده.

أتفهَّم أن قصدك هنا هو: أنك كافر بالعلم إذا عارض الوحي، وأنا مثلك أخي الكريم،بشرط أن يكون التعارض حقيقيا، وليس بالتجني على الوحي، ولا الخطأ في العلم.
فإن طرق المعرفة والتعلم ثلاثة: الوحي، والعقل، والحس.
والقاعدة التي يقول بها كل من آمن بالله ورسوله صلى الله عليه وسلَّم، وصدَّق بكتابه، هي:
أن نصوص الوحي (الصريحة الصحيحة)، ليس بينها وبين (المعقولات اليقينة) تعارض حقيقي، ولا بينها وبين (المحسوسات السليمة) تعارض حقيقي.
لكن بعض علماء الشريعة قد يجتهد في فهم معنى الوحي، فيخطئ، فيظن أن بينها وبين العقل أو الحس تعارضًا، وعلماء الشريعة لا يجمعون على خطإ مثل هذا أبدا.
وكذلك بعض علماء الطبيعة قد يخطئ، فيظنّ بسبب خطئه أنَّ هناك تعارضا بين العلم والدين، ولا يكون هذا صحيحا، بل هو المخطئ.
فالمقصود أنني مثلك أخي الكريم، لو ثبت أن العلم قد عارض الوحي الصريح الصحيح، فأنا مثلك، كافر بهذه النتيجة العلمية، ويقيني أنها نتيجة خطأ، وأنَّ الإنسان لا بدَّ أن يغير هذا المعلوم، فيعرف أنَّ الوحي صادق في خبره، والعلم متغيِّر في نتائجه.
لكن هذا كله لا يمنع أن أقول لك:
ليس في الوحي شيء يدل على أنَّ الأرض مسطَّحة، بمعنى أنها على شكل (البساط) وليست (كروية).
فمن أين جئت بهذه الفكرة الغريبة؟
يظنُّ بعض الإخوة أن قول الله تعالى {وإلى الأرض كيف سطحت}، يدلُّ على أن الأرض ليست كروية، بل هي مسطحة مثل البساط.
وهذا تجرؤ على كتاب الله، ويجب عليك التنبه إلى أمور:
الأول: أن السَّطحَ في اللغة ليس معناه إلا: البسط، وهو بمعنى المدَّ، وهذا ما ستجده في كلام المفسرين، {كيف سُطِحت}: كيف بسطت وكيف مُدَّت.
فالله تعالى مدَّ الأرض، والله بسطَ الأرض، والله سطَحَ الأرض.
كل هذا بمعنى واحد، وهو المعنى الذي شرحته لك في السؤال السابق، وأضف إليه أنَّ الله يمنُّ علينا بأن جعل الأرض مبسوطة ممدودة ليسهل التنقل عليها.
الثاني: أنه لا بد أن يجمع كلام الله بعضه إلى بعض، ويستعان بلغة العرب لفهم معنى كلامه تعالى، وليس مجرد فكرتك عن معنى كلمة {سطحت}.
فافهم معنى {سطحت} في لغة العرب، وانظر كلام المفسرين المسلمين الذين فسَّروا كتاب الله، تفسيرا دينيا، وليس علميا (فلا تقلق).
ومع ذلك: فيجب عليك أن تفهم كلام الله بشرح كلام الله، فإن خير ما يفسر لك كلام الله هو كلام الله، كما يفعل المسلمون الصادقون عبر التاريخ كله، فافهم {سطحت} مع {مدت}.
الثالث: افهم {سطحت} و{مدَّت} أيضًا مع قوله تعالى {والأرض بعد ذلك دحاها}.
قال الطبري: (الدَّحو: إنما هو البسط، في كلام العرب).
ثم روى الطبري بالإسناد عن أئمة المسلمين من السلف والتابعين، قتادة والسّدي والثوري: {دحاها}: بسطها.
الرابع: أن كروية الأرض ليست معلومة عن طريق العقل فقط، بل عن طريق الحسِّ أيضًا.
فهذا أمر معلوم بالمشاهدة، وقد أمر الله أن ننظر في مخلوقاته ونتأمل فيها ونتفكر، وخص الأرض بذلك، فقال تعالى: {أفلا ينظرون}، حتى قوله تعالى: {وإلى الأرض كيف سطحت}.
فالناظر سيرى أنها على شكل كرة، والكرة لها سطح، والسطح مستوٍ، وعليها جبال تثبّت حركتها، فتصير حركتها مستقرة ليست مضطربة، ويمكن الاستدلال على كل هذا بالعقل الصحيح أيضًا.
وبذلك نعلم أن الشأن كما أخبرتك في الجواب السابق:
خاطب الله الناس بما يحسونه ويرونه، دون أن يكون ذلك معارضا لصفة مخلوقاته، فإن الله هو المتكلم بالقرآن، وهو الخالق للأكوان.
الأرض ممدودة كما قال الله، وأي إنسان في أي موضع على سطح الكرة الأرضية سيراها ممدودة أمامه.
ومعنى سحطت ودحيت: مدّت وبسطت.
والله أعلم.


سؤال من الأسك/ القران الكريم بيدعم أن الأرض كروية ؟

الجواب:
الحمد لله وحده.
القرآن الكريم خاطَبَ الناس الذين نزل عليهم القرآن بما يعرفونه ويعلمونه بحواسِّهم وقتَ نزول القرآن، دون أن يتعارض الخطاب مع صُنع الله تعالى.
فالقرآن كلام الله الذي صنع الكون وخلقَه.

والذي في القرآن أن الأرض ممدودة، كما قال الله تعالى : {والأرض مددنٰها}، وكما قال تعالى: {وهو الذي مدَّ الأرض وجعل فيها روٰسي وأنهٰرا}.
ومعنى أنها ممدودة أنها مبسوطة في عين الرائي، وبما تدركه حواسُّه، ولو لم يكن كذلك لكذَّب النَّاس بالقرآن وقت نزوله.
أو ربما قال قائل: قد تفكَّرتُ في مخلوقات الله كما أمر القرآن، فلم يَجد ما وُصفَ له صادقا.

فإذا كان كذلك، فإنَّ كلَّ إنسان يوم نزل القرآن وكذلك اليوم لا بدَّ أن يرى الأرض ممدودة، ويجب أن يراها ممدودة في أي موضع كان موجوًدا فيه على الأرض، فإنها تبقى في نظره ممدودة أمامه دائمًا، ليس لها طرف ينتهي عنده امتدادها.
وبذلك تبقى الآية صادقة في أي موضع كان فيه الإنسان.
وكذلك يرى الرائي: الرواسيَ في الأرض الممدودة، والرواسي هي الجبال، وهذا لا يعارض مدَّها.

القرآن ليس كتاب علوم ولا فيزياء ولا جيولوجيا، وإنَّما خاطب الله عزَّ وجل الناسَ الذين نزل عليهم القرآن، في شأن أمور الدنيا: بما لا يعارض حواسَّهم، ولا يعارض صفة مخلوقاته التي هو أعلم بها تعالى من العالمين.

وهذا المعنى في نفسي من مدَّة طويلة، وهو خلاصة ما أذهب إليه في شأن القضايا التي تطفو كل حين، مثل كروية الأرض ودورانها.

فإذا فهمتَ هذا؛ علمتَ أنَّ جواب سؤالك هو: نعم.
والله أعلم.


الحمد لله وحده.

يخبرنا الوحي:
2- أن التمسك بما كان عليه أسلافنا، معارضا لما أنزل الله؛ من حيل الشيطان، وليس هو عذرا مقبولا، وهو من أصول حجج الكفار.
{وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه ءاباءنا
أولو كان الشيطٰن يدعوهم إلى عذاب السعير
ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عٰقبة الأمور
ومن كفر فلا يحزنك كفره}.


الحمد لله وحده.

يخبرنا الوحي:
1- أن من ترك الكبائر لله، وحافظ على أركان الإسلام لله، وكفَّ شرَّه عن الناس: نجا برحمة الله.


الحمد لله وحده.

اللهمَّ بلِّغنا رمضان.
بلِّغنا رمضان؛ مؤمنين بك، منقادين لشرعك، مسَلِّمين لوحيِك، مقبلين على طاعتك، غير مدبرين.


سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
_____________
(1) الألفاظ من كتاب: عبادة الأصنام في الكنيسة الأرثوذوكسية، تصنيف: د. حنين عبد المسيح، وغيره، ص 29.
وكان الدكتور حنين شماسا أرثوذوكسيا.


الحمد لله وحده.

شهر كِيَهْك القبطي، الذي بدأ أمس (من 10 ديسمبر) هو شهر يعظم فيه نصارى مصر الأرثوذوكس وغيرهم مريمَ، ويسمونه الشهر المريمي.

مريم عندهم ليست إلهة، ومعلوم أنها ليست من الأقانيم الثلاثة.
لكن النصارى يعبدون مريم في شهر كيهك، يقف القس أمام الصورة ويبخِّر، ويقدمون لها النذور، ومن كانت له حاجة توجَّه إلى مريم العذراء، كما يتوجهون إلى الله، أو إلى من قالوا هو ابن الله، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

وأكثر ذلك أن يسألوا مريم أن تشفع لهم عند الإله، بوصفها أم الإله، سبحانه.

ولأن مريم ليست من الأقانيم الثلاثة عند النصارى، مريم ليست آلهة، فمن هنا يأتي السؤال متكرِّرًا من بعض من النصارى، عن قول الله تبارك وتعالى:
{وإذ قال الله يٰعيسى ابن مريم ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلٰهين من دون الله
قال سبحانك
ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق}.

ولربما قال قائلهم:
هذه بعض الأدعية والصلوات في الشهر المريمي:
فمنها: (هيِّئي لي أسباب التوبة أيتها السيدة العذراء، فإليك أتضرّع [وبك أستشفع]، وإياك أدعو أن تساعديني لئلا أُخزى ...).

ومنها: (يا والدة الإله، إذ قد وضعنا الثقة فيك لا نخزى، بل نخلص، وإذ قد اقتنينا معونتك [وشفاعتك] أيتها الطاهرة الكاملة؛ لا نخاف... نسألك ونتضرع إليك لكي [تخلصينا بشفاعتك]...).

ومنها: (نعظمك يا أم النور الحقيقي، ونمجدك أيتها العذراء القديسة مريم، والدة الإله، لأنك ولدت لنا مخلِّص العالم، أتى وخلَّص نفوسنا)(1).

فيسأل السائل النصراني:
أين اتِّخاذنا لمريم إلهًا؟
إنما اتخذناها [شفيعة] عند الإله، فحن نطلب منها مساعدتنا وأن تكون واسطتنا عند الربِّ، وإنَّما عظَّمناها لأنها والدة الإله، وليست إلهةً.
ونحن لا نطلب منها أن (تخلَّصنا بنفسها)، لكن نقول: (خلصينا بشفاعتك)ن فإن المخلص هو الله وليست مريم.

فمن فهم الجواب عن هذا السؤال، فهم الجواب عن الكلام العجَب الذي يقوله مجيزو الاستغاثة بغير الله من المسلمين المبتدعة، أو من عبَّاد القبور.

فقد قرأت لبعض من لم يحقق شيئا من هذا الباب، وإنَّما تكلَّم فيه من جهة دفاعه عن المخطئين من المنتسيبن للعلم، ما معناه:
لو سألنا الذين يستغيثون اليوم بالموتى، لقالوا: (نحن لا نعبدهم).
قال المذكور: وأما الذي في القرآن فقوله تعالى (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى)، فأثبت أنهم يعبدونهم.

أقول وبالله وحده التوفيق:
هذا هو عين سؤال النصارى السابق!
فالنصراني يقول: الذي في القرآن أننا اتخذنا مريم إلها، ونحن لا نقول هي إله، وإنما هي شفيعنا ومقرِّبنا للإله، ولذلك ننذر لها، ونستشفع بها إلى الخلاص، ونطلب منها حوائجنا، وليست هي من الأقانيم؟!

والمستغيث يقول: الذي في القرآن أن المشركين يعبدون الموتى أو الأصنام التي هي تماثيل الموتى، ونحن لا نعبد، بل نطلب حوائجنا لأنهم أصلح منا وأقرب، أو نطلب منهم أن يكونوا شفعاءنا عند المعبود تعالى.

والجواب عن السؤالين جميعا:
أن الألفاظ الشرعية، كلفظ العبادة، ولفظ الإله، وغير ذلك، ليست موكولة إلى المكلَّف لكي يفسِّرها هو بحسب مراده وهواه.
وهذا يعرفه كل قارئ في أصول الفقه، ولو على سبيل التسلية!
فمن أشدِّ العجب عندي، أن يكون الأخ المسلم المذكور هو ممن يفترض فيه أن يكون معتنيا بهذا منتبهًا له، لكن سبحان الله العظيم.

وهذه إحدى غوائل قضية الاستغاثة، وأصول الخلل التي كتبتها قديما لنفسي، وحدَّثت بها بعض الإخوة في شرحي لأصول الخطأ عند من يثير هذه القضايا بجهل واندفاع.

العبادة، والتأليه، تعرف بشرح الشارع، وتعرف ببيان الوحي لمعاني هذه الألفاظ، كغيرها، ثم بلغة العرب ولسانهم الأوَّل الذي نزل به الوحي.
فإن المعنى الشرعي قد يكون أخص من اللغوي، وقد يكون غير ذلك.

فإذا قرَّر الوحي معنى العبادة، ومعنى الإله، فلن ينفع المكلَّفَ الجاهلَ أن يقول: لم أعبد الميت، فلا تنطبق عليَّ الآية.

كما لن نلتفت إلى النصراني الكافر، الذي يقول: أنا لم أتَّخذ مريم إلهًا، وليست هي من الأقانيم، فلا تنطبق عليَّ الآية!

ولا أنسى أن أذكر قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم محذِّرًا هذه الأمَّة، ومبيِّنا ما قدَّره الله لها، وما سيقع منها:
(لتَّتبعنَّ سَنن (أي طريقة) الذين مِن قبلكم، شبرًا بشبرٍ وذراعًا بذراعٍ، حتى لو دخلوا في جُحر ضبٍّ لاتَّبعتموهم).
قالوا: يا رسول الله آليهود والنصارى؟
فقال صلى الله عليه وسلَّم: (فمن).

أقول: وقد أجمع العلماء من كل الطوائف، أن الشِّرك واقع، أو قد وقع، في هذه الأمَّة، ودلَّ على ذلك الوحي.

وهذا المنشور، يحتمل التفصيل والشرح، وفيه التنبيه على واحد من الأصول التي يقع بسبب عدم العناية بها خلل من مجيزي الاستغاثة، أو شبهة على من لم يعتن بالعلم.
لكن في هذه العجالة كفاية إن شاء الله.


الحمد لله وحده.

نداء:
{يٰأيها الناس

أنتم الفقرآء إلى الله
واللهُ هو الغنيُّ الحميد}.


الحمد لله وحده.

وقد جرّبنا أن الأيام تمضي قهرا، بحلوها تمضي، وبمرها تمضي.
بكروبها وخطوبها، فلا الحلو يبقى، ولا المر يبقى، لكن يبقى ما تجعله في صحيفتك.
الكلمة من السخط أو الرضا، والتسبيحة، والدعوة، والركعة.


الحمد لله وحده.

كل ما أرجوه دينيا: أن أسلَّم روحي لله بعد أن أكون قد تملّكتها، فكنت قائدها إلى ما ينفعها.
لا أن تُنتزع مني وقد كانت هي التي تجرجرني وتسحبني فتقودني بشهوات نفسي، إلى الهلاك.

وأنا معترف أنني لم أصل إلى التحكم فيها، إلا في بعض شعب الإيمان، وبصورة جزئية.
ومعترف أنني أغفل أيضا عن بعض هذه الشعب نفسها.
بل إنني معترف أنني أغفل عن هذا المشروع كله أحيانا!

يمكن أن نسميه: مشروع الذهاب إلى الله بقلب سليم.

وليس عندي شيء أركن إليه مستقبلا، إلا الأمل في رحمة الله وقوته، أن يتداركني بعفوه ويعينني ويختارني في عباده المخلَصين "بفتح اللام"، ويدخلني في المصطفَين الأخيار، قبل أن يحلّ الأجل.
وألا يطردني عن بابه أبدا.
ولا حول ولا قوة إلا بالله.


س/
هل أنت مع من يقول إن مسلما سبق البخاري في تصنيف الصحيح، وإن من ردَّ عليه في مقدمة الصحيح هو أبو حاتم؟

ج/
الحمد لله وحده.

لا يصح أن يقول أحد إن مسلما سبق البخاري في وضع الصحيح.
فالبخاري عرض كتابه على علي بن المديني سنة نيف وثلاثين ومائتين، لما كان مسلم ما زال في مرحلة جمع أصوله التي انتقى منها بعد ذلك مرويات صحيحه.

وهل قال بذلك كبير أحد؟!

بل؛ ذكرت سابقا أن مسلما قد صنّف الصحيح وهو يلمَح كتاب البخاريّ، وليس معنى هذا أنه أخذ كتاب البخاري فاستخرج عليه وزاد، كما يقوله الدارقطني أو غيره، هذا غير صحيح عندي.

لكن البخاريّ فعل أمرين اثنين بتصنيفه الصحيح:

1- جمع أكثر الروايات التي اتفق أهل الصنعة على ثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم.
2- انتقى من الروايات التي يقع الخلاف بين الأئمّة في ثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كانوا قد اتفقوا على العمل بقتضاها، أو سواغ الخلاف في العمل بمقتضاها.

هذا من حيث الأصل، ثم قد يقع النظر في بعض ذلك.

فلو أراد أيّ واحد من هؤلاء النقاد الأئمة، أن يصنف مثل البخاري، أعني مَن هم من طبقة البخاري:
فلم يكن يسعه إلا أن يضمّن كتابه الروايات التي في الرقم (1).
ثم لكلّ إمام نظر مختلف في الروايات التي في الرقم (2).

فلما أراد مسلم أن يضع كتابه الصحيح، لم يسعه إلا أن يوافق البخاريّ في الرقم (1) كما أقول لك.. وليس هذا استخراجًا..
ثم إنه لمح صنيع البخاري في الرقم (2) فخالفه في اجتهاده، فزاد عنه ونقص، وبيّن هذا في كتابه وعلّله، لكن بطريقة عبقريّة.

[ويصح أن تقول: كان له رأيه في قضايا الخلاف الحديثي بين النقاد، فأدلى بدلوه كما فعل البخاري، وهي الروايات التي في رقم (2)].

وهو بذلك يستكمل بناء الصحيح الثابت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

أما من أراد أن يصنّف ممن جاء بعد صاحبي الصحيحين من الأئمة المجتهدين النقّاد، فلا بدّ أنه أراد أن يضيف شيئًا بتصنيفه، بعد استكمال بناء الصحيح بكتاب مسلم.

لكن لم يكن يسع الواحد منهم إلا أن يضمّن كتابه قدرًا يزيد أو ينقص من الروايات الشائعة عند النقاد الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، بعد أن استوى علم العلل على ساق، وهي الروايات التي في الرقم (1).
ثم هو بعد ذلك يبحث لنفسه عن مزيّة لكتابه، فيجعها في روايات كتابه (رقم 2).

فالترمذيّ بنى كتابه على ما عليه العمل، فتوسّع، فأورد فيه الصحيح، وغيره، مما يعرف هو ضعفه، لكنّه غير مطّرح من جهة المتن، وإلا فقد روى عن الضعفاء، والضعفاء جدًّا.

وأبو داود أيضًا قريب منه، إلا أن طريقته في إيراد الضعيف في الباب هي طريقة شيخه أحمد، لا سيّما في الأحاديث الأفراد في الباب.

وهكذا ، حتى اكتمل البناء التصنيفي بكتاب النسائي أبي عبد الرحمن ، الذي اعتنى بالتعليل، مع لمح المعمول به أيضًا، وكتابه السنن الكبير عظيم في هذا الجانب، مغفول عنه.

وكل من جاء بعد القرن الثالث، فلا شكّ أنه أراد أن يجد له مكانا في سلك المصنّفين مع صنع مزيّة لكتابه، فإما أن يتساهل في الشرط، لمكان الضعف في معرفة العلل غالبا.
وإما أن يجمع الروايات التي تنكّب عنها أئمة القرون الثلاثة وتركوها متعمّدين، كما فعل الطبراني في معاجمه، فإنه قصد إلى الأفراد التي لا يرفع بها أحد رأسًا.

لذلك كانت النتيجة الحتميّة لمن تأمّل في تاريخ التصنيف في السنّة، أن يجزم أنه لا يمكن أن يتفرّد أحد بعد استواء التصنيف الحديثي بنهاية القرن الثالث بحديث واحد صحيح محتاج إليه في الأحكام مرفوعًا، فإما أن يكون مسبوقا بالمتن فيسوقه بإسناده، أو يكون الحديث معلولا قد تنكّب عنه الأئمّة.

بل هذا واقع لبعض من صنّف ممن عاش في أواخر القرن الثالث.

أما بخصوص الشقّ الثاني من السؤال:
فنعم لم يقصد مسلم البخاريَّ في مقدّمة صحيحه، وليس هناك دليل على ذلك أبدًا، ولا هو جار مع ما عرف من تعظيم مسلم للبخاريّ، بغض النظر هل أراد بذلك أبا حاتم أو غيره.

والله أعلم.

————
تم تحرير هذا الجواب في 8 يوليو 2016
فأعدت نشره اليوم بتعديل يسير في الصياغة، وإضافة ما بين المعقوفين: لمناسبة قراءتي لنفي بعض المشايخ أن يكون كل ما خرج عن الكتب التسعة ضعيفا.
وكون الخارج عنها ضعيفا هو كلام بعض الأئمة، كابن رجب رحمه الله.
ومراده ما كان بالشروط المذكورة في الجواب السابق إن شاء الله.
والله أعلم.


الحمد لله وحده.

(قال تعالى: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده}، إلى قوله: {لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل}.

دلت هذه الآية على:
1- أنَّه لا حُجَّة لهم بعد الرُّسُل بحالٍ.
2- وأنَّه قد يكون لهم حجَّةٌ قبل الرُّسُل.

فالأول: يُبطِل قولَ مَن أحوَج الخلقَ إلى غير الرُّسل، حاجةً عامَّةً كالأئمة.
والثاني: يُبطِل قولَ مَن أقام الحُجَّة عليهم قبل الرُّسل، مِن المتفلسفة والمتكلِّمة).

شيخ الإسلام ابن تيمية.


الحمد لله وحده.

القرآن العظيم.. كلام الدَّيَّان، ربِّ العالمين!

لو سجد العباد كلُّهم لله، سجدة واحدة، منذ خلقهم الله إلى أن يلقوا الله، شُكرًا على أن أقرأهم وأسمعهم كلامه الذي تكلّم به بنفسه المقدّسة، سبحانه وعزّ وجلَّ؛ لما أوفوا شكر هذه النعمة.

لو تحقَّق السَّامع والقارئ بهذا المعنى: أنا أسمع كلاما تكلَّم به الله رب العالمين.. أسمع خطابه إلى النَّاس الفقراء، وكلُّ الناس فقراء، وهو الغنيُّ الحميد!
لو تحقَّقَ؛ لما كان عجَبًا أن ينخلع قلبُه، ويسقط صريعًا!

أما رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأبي هو وأمِّي ونفسي: فقد ثبَّت الله فؤاده!
وأمَّا أصحابه، فقد ربَّاهم الله المربِّي، ورسولُه المعلِّم، فاستمسكوا، فصبروا.

وأمَّا بعض التابعين الصَّادقين، ومنهم علماء وفقهاء عظماء وصالحون (فافهم): فورَد هذا الواردُ القويُّ على قلوبهم.
الوارد هو: القرآن، كلام الله ربّ العالمين، المالك المدبِّر، الحميد المجيد، ذي الجلال، سبحانه!

كلامُه تعالى وردَ على قلوب بعضهم، وليس لهم ما لرسول الله صلى الله عليه وسلم من التثبيت الربَّانيِّ، والقوَّة النبويَّة.
ولا لهم ما لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوّة المعلِّم، وتربية سماويّة موهوبةٍ.

فكان الواحد منهم يَصرعُه القرآن، فيُغمَى عليه!
هذا من قوّة الوارد، وضعف التمكّن، كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية، فهم مغلوبون على ذلك، غير مختارين.. نعم.

وحالُ مَن قبلَهم (هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم) أكمَلُ منهم، وهي حال التمكُّن في استقبال الوارد القويِّ (هو القرآن، كلام ملك السماوات والأرض).
فكان الصحابة: (تفيض أعينهم وتدمع) و(تقشعر جلودهم) و(توجَل قلوبُهم)، ثم هم يتَّبعون القرآنَ، ويتحقَّقون به في العمل.

أما الآخَرون، (فيُصرَعون) و(يغمَى عليهم)، وغيرُ ذلك من أحوال معروفة، سببُها: قوَّةُ الوارِد، و(ضعفُ) التمكُّن.
وهم مع ذلك: يتَّبعون القرآن، ويتحقَّقون به في العمل أيضًا.

** لكنني والله أغبط المصروعين!
لأنهم يتذوقون الوارد القويّ، فيعرفون ما هو ذا الذي يقرءون، ويفهمون ما يعرفون، فلذلك يُصرَعون؛ إذ يفهمون، ولا يطيقون.

القرآن العظيم، كلام الدَّيَّان، الله ربِّ العالمين!!


كان إمام الأئمة ابن خزيمة، رحمه الله، يُكثِر من قول:
(أنا عبدٌ لأخبار رسول الله، صلى الله عليه وسلم).

يعني أنه خادمٌ لكلام رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
نعْمَ الهدف في الدنيا، ونعْمَ العمل للآخرة.


قال شيخ الإسلام عبد الله بن المبارك رحمه الله: (إذا جاءك الحديث عن رسول الله، صلى الله عليه وسلَّم؛ فاخضَعْ له).

عقيدة السلف وأصحاب الحديث، شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني الشافعي رحمه الله، ص 196، ت: ناصر الجديع.


الحمد لله وحده.

(إذا كانت سعادة الدُّنيا والآخرة، هي باتِّباع المرسلين:
فمن المعلوم، أنَّ أحقَّ النَّاس بذلك: أعلمُهم بآثار المرسَلين، و: أتبعُهم لذلك.
فالعالمون بأقوالهم وأفعالهم، المتَّبعون لهم؛ هم أهل السَّعادة في كلِّ زمانٍ ومكان).

شيخ الإسلام ابن تيمية، الانتصار لأهل الأثر (ص 39).


أنشأتُ هذه القناة، لعلّها تكون أرحبَ بالمراد، وأسلمَ للقلب .. أبعدَ عن الكدر.
ولا حول ولا قوة إلا بالله.


أحمد الله عز وجل وأسبِّح بحمده، وأصلِّي وأسلِّم على نبيِّه وعبده، وآله، وصحبِه مِن بعده.
اللهم حقِّق رجاءنا بمعرفة ما تسلِّم به قلوبنا، ونحقِّق به اتِّباع رسولك، عبدك محمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلَّم.

20 last posts shown.

931

subscribers
Channel statistics