وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ: سَأَلْت مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ مُنْذُ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَقَالَ: "لَمْ يَزُلْ يُعْرَفُ هَذَا بِالْمَدِينَةِ". وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: لَا أَبْتَدِي بِهِ أَحَدًا، وَإِنْ قَالَهُ أَحَدٌ رَدَدْتُهُ عَلَيْهِ)) [المغني (2/295-296)].
وروى في كتاب "الصِّلة" من طَريق: ((عبد الله بن يُوْسُف قَالَ: سَأَلتُ اللَّيْث بن سَعْد عَمَّا يَقُولُ النَّاس بَعضهم لبَعضٍ فِي أعيَادِهم: "تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ وَغَفَرَ لَنَا وَلَكُمْ" فَقَالَ اللَّيْث: "أدْركْتُ النَّاس وَهُم يَقُولُونَ ذَلِك بَعضهم لبَعضٍ وَفِيهِمْ إِذْ ذَاك بَقِيَّة" قَالَ: "وَكَانَ ابْن سِيرِين لَا يزِيدُ أَن يَقُول للرَّجُل إِذَا قَدِمَ مِن حَجٍّ أَوْ غَزْوَةٍ أَو فِي عِيدٍ: "تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ وَغَفَرَ لَنَا وَلَكُمْ"، وَقد بَوَّب ابْن وَضَّاح فِي بعض تَوَاليفه عَلَى هَذَا القَوْل وكراهِيته)) ["التَّكمِلة لكتاب الصِّلة" للحافظ ابن الأبَّار (2/170-171)].
قال الأستاذ عبد الوهَّاب مْهِيَّة الجزائري: ((ومن قبيل الدُّعاء أيضًا؛ قول بعض المصلِّين لبعض بعد الفراغ من الصلَاة: "تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ".
فقد أخرج الطبري في "تهذيب الآثار (677) بسند جيِّد من طريق عَبْد الْعَزِيزِ بْن أَبِي سَعْدٍ الْمُزَنِيُّ قَالَ: أَتَيْنَا عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو الْمُزَنِيَّ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِي دَارِهِ الَّتِي فِي الْجَبَّانِ فِي بَنِي مَازِنٍ، فَقَالَ لِلْغُلَامِ: "يَا غُلَامُ، احْلِبِ النَّاقَةَ" فَحَلَبَ وَجَاءَ بِالْعُسِّ فَقَالَ لِرَجُلٍ: "اشْرَبْ". فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. ثُمَّ قَالَ لِلَّذِي يَلِيهِ: "اشْرَبْ"، فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. قَالَ: "تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ".
وفي "أمالي" الشجري (1624) بسندٍ قوي: عن مُحَمَّد بْن حَرْبٍ الْحِمْصِيّ (ثقَة) قَالَ: صَلَّى إِلَى جَانِبِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الألهَاني (تَابِعي ثِقَة) يَوْمَ عِيدٍ، فَلَمَّا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَالَ: "تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ، وَزَكَّى أَعْمَالَنَا وَأَعْمَالَكُمْ، وَجَعَلَهَا فِي مَوَازِينِنَا"، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا سُفْيَانَ! كَانَ السَّلَفُ يَفْعَلُ هَذَا؟ قَالَ: "نَعَمْ، إِذَا صَلَّى الْإِمَامُ فَعَلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ"، فَقُلْتُ: أَبُو أُمَامَةَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ؟ قَالَ: "نَعَمْ".
خلَاصة هذا الباب؛ أنَّ الأمر إذا كان مشروعًا، جاز فعله على وجه المُدَاوَمة ما لم يدل دليل على المنع من ذلك)) [البدعة الحسنة بين إقرار السَّلف وإنكار الخلف (ص:255-254)].
وقال ابن تيمية الحراني: ((أَمَّا التَّهْنِئَةُ يَوْمَ الْعِيدِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إذَا لَقِيَهُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ: "تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ"، وَ"أَحَالَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ"، وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَهَذَا قَدْ رُوِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ وَرَخَّصَ فِيهِ، الْأَئِمَّةُ، كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ. لَكِنْ قَالَ أَحْمَدُ: "أَنَا لَا أَبْتَدِئُ أَحَدًا، فَإِنْ ابْتَدَأَنِي أَحَدٌ أَجَبْتُهُ"، وَذَلِكَ لِأَنَّ جَوَابَ التَّحِيَّةِ وَاجِبٌ، وَأَمَّا الِابْتِدَاءُ بِالتَّهْنِئَةِ فَلَيْسَ سُنَّةً مَأْمُورًا بِهَا، وَلَا هُوَ أَيْضًا مَا نُهِيَ عَنْهُ، فَمَنْ فَعَلَهُ فَلَهُ قُدْوَةٌ، وَمَنْ تَرَكَهُ فَلَهُ قُدْوَةٌ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)) [مجموع الفتاوى (24/253)].
والله الموفق..
وروى في كتاب "الصِّلة" من طَريق: ((عبد الله بن يُوْسُف قَالَ: سَأَلتُ اللَّيْث بن سَعْد عَمَّا يَقُولُ النَّاس بَعضهم لبَعضٍ فِي أعيَادِهم: "تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ وَغَفَرَ لَنَا وَلَكُمْ" فَقَالَ اللَّيْث: "أدْركْتُ النَّاس وَهُم يَقُولُونَ ذَلِك بَعضهم لبَعضٍ وَفِيهِمْ إِذْ ذَاك بَقِيَّة" قَالَ: "وَكَانَ ابْن سِيرِين لَا يزِيدُ أَن يَقُول للرَّجُل إِذَا قَدِمَ مِن حَجٍّ أَوْ غَزْوَةٍ أَو فِي عِيدٍ: "تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ وَغَفَرَ لَنَا وَلَكُمْ"، وَقد بَوَّب ابْن وَضَّاح فِي بعض تَوَاليفه عَلَى هَذَا القَوْل وكراهِيته)) ["التَّكمِلة لكتاب الصِّلة" للحافظ ابن الأبَّار (2/170-171)].
قال الأستاذ عبد الوهَّاب مْهِيَّة الجزائري: ((ومن قبيل الدُّعاء أيضًا؛ قول بعض المصلِّين لبعض بعد الفراغ من الصلَاة: "تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ".
فقد أخرج الطبري في "تهذيب الآثار (677) بسند جيِّد من طريق عَبْد الْعَزِيزِ بْن أَبِي سَعْدٍ الْمُزَنِيُّ قَالَ: أَتَيْنَا عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو الْمُزَنِيَّ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِي دَارِهِ الَّتِي فِي الْجَبَّانِ فِي بَنِي مَازِنٍ، فَقَالَ لِلْغُلَامِ: "يَا غُلَامُ، احْلِبِ النَّاقَةَ" فَحَلَبَ وَجَاءَ بِالْعُسِّ فَقَالَ لِرَجُلٍ: "اشْرَبْ". فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. ثُمَّ قَالَ لِلَّذِي يَلِيهِ: "اشْرَبْ"، فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. قَالَ: "تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ".
وفي "أمالي" الشجري (1624) بسندٍ قوي: عن مُحَمَّد بْن حَرْبٍ الْحِمْصِيّ (ثقَة) قَالَ: صَلَّى إِلَى جَانِبِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الألهَاني (تَابِعي ثِقَة) يَوْمَ عِيدٍ، فَلَمَّا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَالَ: "تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ، وَزَكَّى أَعْمَالَنَا وَأَعْمَالَكُمْ، وَجَعَلَهَا فِي مَوَازِينِنَا"، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا سُفْيَانَ! كَانَ السَّلَفُ يَفْعَلُ هَذَا؟ قَالَ: "نَعَمْ، إِذَا صَلَّى الْإِمَامُ فَعَلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ"، فَقُلْتُ: أَبُو أُمَامَةَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ؟ قَالَ: "نَعَمْ".
خلَاصة هذا الباب؛ أنَّ الأمر إذا كان مشروعًا، جاز فعله على وجه المُدَاوَمة ما لم يدل دليل على المنع من ذلك)) [البدعة الحسنة بين إقرار السَّلف وإنكار الخلف (ص:255-254)].
وقال ابن تيمية الحراني: ((أَمَّا التَّهْنِئَةُ يَوْمَ الْعِيدِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إذَا لَقِيَهُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ: "تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ"، وَ"أَحَالَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ"، وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَهَذَا قَدْ رُوِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ وَرَخَّصَ فِيهِ، الْأَئِمَّةُ، كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ. لَكِنْ قَالَ أَحْمَدُ: "أَنَا لَا أَبْتَدِئُ أَحَدًا، فَإِنْ ابْتَدَأَنِي أَحَدٌ أَجَبْتُهُ"، وَذَلِكَ لِأَنَّ جَوَابَ التَّحِيَّةِ وَاجِبٌ، وَأَمَّا الِابْتِدَاءُ بِالتَّهْنِئَةِ فَلَيْسَ سُنَّةً مَأْمُورًا بِهَا، وَلَا هُوَ أَيْضًا مَا نُهِيَ عَنْهُ، فَمَنْ فَعَلَهُ فَلَهُ قُدْوَةٌ، وَمَنْ تَرَكَهُ فَلَهُ قُدْوَةٌ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)) [مجموع الفتاوى (24/253)].
والله الموفق..