أنا وأنت لا ننتمي لمن حولنا، نقبع على الأطراف ونراقب الآخرين، ونتظاهر بأننا مثلهم، ولكننا نعرف أننا لسنا كذلك. أقصى أملنا هو أن نعثر على مكان نكف فيه عن التظاهر. جميعنا ينشُد مكانًا يهرب إليه. نبدأ فيه صفحة جديدة، ربما لو سافرت إلى بلد آخر ستنصلح أحوالي؟ ولكننا فقط ننتهز أي فرصة تنتشلنا من سباتنا في مكان يشعرنا بالتعاسة. فالحقيقة هي أن ما يحتوينا ويبعث فينا الطمأنينة ليس المكان، بل الصحبة. ما نكونه، وما نقوم به. الأماكن مجرد جماد ننفث فيه من أرواحنا. بسام حجار كان محقًا، المشقة في قلبي لا في الطريق. أينما ذهبنا سنحمل معنا أنفسنا المعطوبة بكل أزماتها. لهذا طالما شعرت بحنين مؤرق لفكرة البيت. ولا أقصد مجرد غرف وحوائط أملكها، بل أناس أشعر بأني واحد منهم، ومكان يتقبلني على طبيعتي دون قيد أو شرط. وهذا البيت تحديدًا هو ما أنشد الهرب إليه، ومازلت أعجز عن العثور عليه.