▫️قال الإمام الذهبي -رحمه الله- :
أما تكفير من قال بخلق القرآن فقد ورد عن سائر أئمة السلف في عصر مالك والثوري، ثم عصر ابن المبارك، ووكيع، ثم عصر الشافعي، وعفَّان، والقعنبي، ثم عصر أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ثم عصر البخاري وأبي زرعة الرازي، ثم عصر محمد بن نصر المروزي، والنسائي، ومحمد بن جرير، وابن خزيمة.
وكان الناس في هذه الأزمنة : إما قائلاً بأنه كلام الله ووحيه وتنزيله غير مخلوق؛ وإما قائلاً بأنه كلام الله وتنزيله وأنه مخلوق، وذكروا في دليلهم ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً﴾ قالوا : والمجعول لا يكون إلا مخلوقاً، فوليَ المأمون وكان متكلّماً عُرّبت له كتب الأوائل، فدعا الناس إلى القول بخلق القرآن، وتهدَّدهم وخوَّفهم، فأجابه خلقٌ كثير رغبةً ورهبة، وامتنع من إجابته مثل: أبي مِسهر عالم دمشق، ونُعيم بن حمّاد عالم مصر، والبُويطي فقيه مصر، وعفّان محدّث العراق، وأحمد بن حنبل الإمام، وطائفة سواهم فسجنهم، ثم لم ينشب أن مات بطَرسوس ودُفن بها، ثم استخلف بعده أخوه المعتصم فامتحن الناس، ونهض بأعباء المحنة قاضيه أحمد بن أبي دُؤاد، وضربوا الإمام أحمد ضرباً مُبرِّحاً فلم يجبهم، وناظروه، وجرت أمور صعبة من أراد أن يتأملها ويدري ما تمَّ كما ينبغي فليطالع الكُتبَ والتواريخ، وإلا فليجلسْ في بيته، ويَدَع الناس من شرِّه؛ وليسكتْ بحِلم، أو لينطقْ بعِلْم، فلكل مقام مقال، ولكلِ نزالٍ رجال، وإن من العلم أن تقول لما لا تعلم: اللهُ ورسولُه أعلم.
📚[كتاب العلو للذهبي تحقيق عبد الله البراك (صـ١٠٤٩-١٠٥٤)]
أما تكفير من قال بخلق القرآن فقد ورد عن سائر أئمة السلف في عصر مالك والثوري، ثم عصر ابن المبارك، ووكيع، ثم عصر الشافعي، وعفَّان، والقعنبي، ثم عصر أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ثم عصر البخاري وأبي زرعة الرازي، ثم عصر محمد بن نصر المروزي، والنسائي، ومحمد بن جرير، وابن خزيمة.
وكان الناس في هذه الأزمنة : إما قائلاً بأنه كلام الله ووحيه وتنزيله غير مخلوق؛ وإما قائلاً بأنه كلام الله وتنزيله وأنه مخلوق، وذكروا في دليلهم ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً﴾ قالوا : والمجعول لا يكون إلا مخلوقاً، فوليَ المأمون وكان متكلّماً عُرّبت له كتب الأوائل، فدعا الناس إلى القول بخلق القرآن، وتهدَّدهم وخوَّفهم، فأجابه خلقٌ كثير رغبةً ورهبة، وامتنع من إجابته مثل: أبي مِسهر عالم دمشق، ونُعيم بن حمّاد عالم مصر، والبُويطي فقيه مصر، وعفّان محدّث العراق، وأحمد بن حنبل الإمام، وطائفة سواهم فسجنهم، ثم لم ينشب أن مات بطَرسوس ودُفن بها، ثم استخلف بعده أخوه المعتصم فامتحن الناس، ونهض بأعباء المحنة قاضيه أحمد بن أبي دُؤاد، وضربوا الإمام أحمد ضرباً مُبرِّحاً فلم يجبهم، وناظروه، وجرت أمور صعبة من أراد أن يتأملها ويدري ما تمَّ كما ينبغي فليطالع الكُتبَ والتواريخ، وإلا فليجلسْ في بيته، ويَدَع الناس من شرِّه؛ وليسكتْ بحِلم، أو لينطقْ بعِلْم، فلكل مقام مقال، ولكلِ نزالٍ رجال، وإن من العلم أن تقول لما لا تعلم: اللهُ ورسولُه أعلم.
📚[كتاب العلو للذهبي تحقيق عبد الله البراك (صـ١٠٤٩-١٠٥٤)]