الموت ، دائما كانت مسألة غامضة .. مسألة حتمية للكل .. بعض الوداعات تبقى عالقة في عقلك إلى الأبد.. ذاك الصراخ الذي دوى على مسمع كل البيوت في حينا .. ذاك الصراخ الذي يعبر عن وداع، عن ألم عن عدم تصديق الواقع .. كنا نعرف أنها ماتت زوجة صديق والدي … جيراننا من سنوات … خرجت ابنتهم الكبرى و هي تصرخ : ذهبت لقد ذهبت يا عالم أمي ذهبت … بينما الصغيرة جرت حافية القدمين لكي تصل إلى المستشفى .. مشهداً لو جمعت أحرف اللغة العربية كلها لايمكن أن أصفه .. كانت تردد : يا أمي ذهبتِ و تركتِ أولادكِ يا أمي أين تركتينا .. أقسم أنها قطعت أحبالها الصوتية .. حاولنا تهدئتها لكن كانت كمن أوقد نيرانًا بداخلها و هي تصرخ : عودي أمي لقد نظفنا البيت يا أمي ألم تقولي نظفوها سأرجع إلى البيت و يأتينا الضيوف أمي لقد نظفناها فلمَ لم تعودي ..صراخًا يرتجف له الأبدان صراخًا بدون بكاء فلقد جفت الدموع هم يبكون لثلاثة أسابيع.. كان منظراً يبكي الحجر فما بالك بالبشر .. قد غاب عن الوعي أحد أبنائها عند سماع الفاجعة و هرع إلى المقبرة فورًا عند الاستيقاظ .. و أتساءل هل سيتذكر محمد وجه أمه آخر الاطفال يكاد لم يبلغ السابعة من العمر الذي زار والدته و قال بكل براءة ما اطيب رائحتكِ يا أمي، لم يعرف أنه آخر لقاء بينهم … ذهبت و أخذت الحنان معها .. ذهبت و أخذت الأمان معها .. أكاد اقسم أن صراخهم و نحيبهم إلى الآن يتردد داخل أذني .. أن كلماتهم إلى الآن تصيب داخلي .. الموت يجعلك تفكر ألا شيء يهم في هذه الحياة لا المناصب ، ولا الرفاهية ، و لا اي شيء .. ضيفًا مفاجئاً هو .. هناك بعض اللحظات التي تعلق في الذاكرة لحظات تبقى إلى الأبد و هذه اللحظة هي واحدة منها علقت في رأسي و من المستحيل ان أنساها .
#تالدة
#تالدة