#قصة_زينب_مع_زوجها_العاص_بن_ربيع
حين يعود من سفره يهرول إلى بيت خالته السيدة خديجة رضي الله عنها. كانت زينب ابنة خالته وكانت أيضا كعبته التي يقصدها كلما رجع من تجارته. مع كل يوم كان حبه لها ينمو ويكبر حتى أينع وأزهر. كان يشرب من نور عينيها الصافيتين حتى يمتلئ. ويتخفف بابتسامتها من وعثاء السفر ووجع الحنين والشوق.
استجمع قوته وحسم الأمر، ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ أبيها “أريد أن أتزوج زينب.. ابنتك الكبرى”، فقال له النبي: “ﻻ أفعل حتى استأذنها”، ويدخل النبي صلى الله عليه وسلم على ابنته زينب “ابن خالتك جاءني وقد ذكر اسمك فهل ترضينه زوجا لك؟”.
ﻓﺎﺣﻤرّ وجهها وابتسمت.
*
غار شباب قريش من أبي العاص بن الربيع حين وافق النبي صلى الله عليه وسلم على زواجه من زينب. عاتبت قريشا النبي لأن أعرافهم تقر أن ابن العم أولى من ابن الخالة.
تزوجت أختاها أم كلثوم ورقية بابني عميهما عتبة وعتيبة، ولم تكن تتصور أي منهما أن تذكر “حماتهما” في القرآن وأن ينعتها الله بحمالة الحطب، فقد عاشتا في كنفها قبل البعثة والقرآن لم ينزل بعد، غير أن السيدة خديجة انقبض قلبها حين قدم وفد من آل عبد المطلب لطلب يد ابنتيها لولدي أم جميل، لأنها كانت تعرف قسوة طبعها وحدة لسانها وقوة شخصيتها على زوجها أبي لهب وابنيها عتبة وعتيبة وكانت تحس بسواد قلبها.
*
لما أشرقت الأرض بنور ربها وبعث النبي صلى الله عليه وسلم، أعلنت قريش الحرب عليه، مستهدفة، من بين ما استهدفت، عاطفة الأبوة في قلبه:
“ردوا عليه بناته” قالت قريش.
ذهب عتبة زوج السيدة أم كلثوم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا: “كفرت بدينك وفارقت ابنتك، لا تحبني ولا أحبك”. ثم دنا من الرسول عليه السلام وشده من قميصه الشريف فمزقه.
أما أخوه عتيبة فقد طلق السيدة رقية عندما قالت له أمه: “طلق ابنة محمد ونزوجك أي امرأة من قريش شئت”.
*
انتظرت السيدة زينب عودة زوجها وابن خالتها الغائب مع تجارته في الشام لتخبره بإسلامها. “لن أومن بأبيك ولا برسالته” قال في غضب، ثم خرج من بيته لا يلوي على شيء.
خاف على صورته أمام الناس أن يقولوا أنه هجر دين آبائه لإرضاء زوجته. كان مشوشا في ما يتعلق بدينه، أما دنياه فقد أعلنها صريحة أمام سادة قريش: “لا والله لا أفارق صاحبتي ولا يعوضني عنها أن لي أفضل امرأة في قريش”.
عندما رجع إلى بيته كان في استقباله ولده علي وابنته أمامة، حملهما على كتفيه واقترب من حبيبته زينب: “لن ينال مما بيننا يا زينب أن تكوني على دينك وأثبت على ديني”.
أجابته: “قليلاً يا صاحبي، لستُ حلاً لك، وأنت على ذلك الدين، فأسلمني إلى أبي أو أسلم معي.. لن تكون زينب لك بعد اليوم إلا أن تؤمن بما آمنت”.
لا شك أن شجونا طويلة اعتملت بقلب الرسول صلى الله عليه وسلم حين جاءته ابنته زينب: “يا رسول الله.. أتأذن لي أن أبقى مع زوجي؟”، فقال النبي: “ابق مع زوجك وأولادك..”.
هاجر المسلمون إلى المدينة ﻭﻇﻠﺖ السيدة زينب بمكة على أمل أن يهدى الله حبيبها للإسلام..
ثم دقت طبول الحرب، وخرجت قريش في جيش مخيف.
*
اعتصر الألم ابن العاص وهو يودع ابنته أمامة وولده عليا. أكثر ما أحزنه هو خصومة زوجته وحبيبته زينب. أغمض عينيه وتنهد في حسرة ثم ركب فرسه والتحق بمقدمة جيش قريش..
وقفت السيدة زينب محتضنة ابنتها الصغيرة أمام باب دارها بمكة تشاهد زوجها المشرك متجها لمحاربة أبيها النبي. احتضنت ابنتها وقالت لها: “لن تطلع علينا الشمس يا ابنتي في مثل يومنا هذا إلا وإحدانا يتيمة”.
*
دخلت عليها عمتها عاتكة تخبرها بانتصار أبيها في بدر فسجدت شكرا لله، ثم سألت عمتها: “وماذا فعل زوجي؟”، أطرقت عاتكة رأسها في حزن حتى كاد قلب زينب ينفطر: “لم يقتل زوجك ولكنه أسير”.
لم تكن عائلة أبو العاص ينقصها المال لتفتدي به ابنها الأسير، لكن زينب اختارت أن تفك أسر زوجها بطريقتها.
جلس شقيق بن العاص بين يدى رسول الله قائلا: “بعثتني زينب بهذا فداء لزوجها”، ثم أخرج صرة ووضعها بين يدى النبي، فتح سيدنا النبي الصرة فوجد قلادة خديجة التي أهدتها لزينب في عرسها، فخفق قلبه وارتعش..
وجد ابنته بهذه القلادة تذكره بالحب الذى كان بينه وبين خديجة.. كانت تذكره بأن ابن العاص زوج وحبيب وابن خالة.. كانت تذكره بأنه ليس من طرف زينب فقط ولكن من طرف خديجة حبيبته أيضا.. كان الموقف مؤثرا.. سالت دموع أصحاب الرسول من جلال الموقف وروعته.
صمت النبي قبل أن يقول لأصحابه: “إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها فافعلوا”.
ففعلوا..
*
أعطاه النبي العقد، ثم قال له: “قل لزينب لا تفرطي في عقد خديجة”، ثم قال عليه السلام: “يا أبا العاص هل لك أن أساررك؟” ثم تنحى جانبا وقال له: “يا أبا العاص إن الله أمرني ﺃن أفرق بين مسلمة وكافر، فهلا رددت إلي ابنتي؟” فقال: نعم. ثم استدار عائدا إلى مكة وهو لا يدري كيف سيتسع قلبه الصغير لأحزان في رحابة الأفق..
حين يعود من سفره يهرول إلى بيت خالته السيدة خديجة رضي الله عنها. كانت زينب ابنة خالته وكانت أيضا كعبته التي يقصدها كلما رجع من تجارته. مع كل يوم كان حبه لها ينمو ويكبر حتى أينع وأزهر. كان يشرب من نور عينيها الصافيتين حتى يمتلئ. ويتخفف بابتسامتها من وعثاء السفر ووجع الحنين والشوق.
استجمع قوته وحسم الأمر، ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ أبيها “أريد أن أتزوج زينب.. ابنتك الكبرى”، فقال له النبي: “ﻻ أفعل حتى استأذنها”، ويدخل النبي صلى الله عليه وسلم على ابنته زينب “ابن خالتك جاءني وقد ذكر اسمك فهل ترضينه زوجا لك؟”.
ﻓﺎﺣﻤرّ وجهها وابتسمت.
*
غار شباب قريش من أبي العاص بن الربيع حين وافق النبي صلى الله عليه وسلم على زواجه من زينب. عاتبت قريشا النبي لأن أعرافهم تقر أن ابن العم أولى من ابن الخالة.
تزوجت أختاها أم كلثوم ورقية بابني عميهما عتبة وعتيبة، ولم تكن تتصور أي منهما أن تذكر “حماتهما” في القرآن وأن ينعتها الله بحمالة الحطب، فقد عاشتا في كنفها قبل البعثة والقرآن لم ينزل بعد، غير أن السيدة خديجة انقبض قلبها حين قدم وفد من آل عبد المطلب لطلب يد ابنتيها لولدي أم جميل، لأنها كانت تعرف قسوة طبعها وحدة لسانها وقوة شخصيتها على زوجها أبي لهب وابنيها عتبة وعتيبة وكانت تحس بسواد قلبها.
*
لما أشرقت الأرض بنور ربها وبعث النبي صلى الله عليه وسلم، أعلنت قريش الحرب عليه، مستهدفة، من بين ما استهدفت، عاطفة الأبوة في قلبه:
“ردوا عليه بناته” قالت قريش.
ذهب عتبة زوج السيدة أم كلثوم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا: “كفرت بدينك وفارقت ابنتك، لا تحبني ولا أحبك”. ثم دنا من الرسول عليه السلام وشده من قميصه الشريف فمزقه.
أما أخوه عتيبة فقد طلق السيدة رقية عندما قالت له أمه: “طلق ابنة محمد ونزوجك أي امرأة من قريش شئت”.
*
انتظرت السيدة زينب عودة زوجها وابن خالتها الغائب مع تجارته في الشام لتخبره بإسلامها. “لن أومن بأبيك ولا برسالته” قال في غضب، ثم خرج من بيته لا يلوي على شيء.
خاف على صورته أمام الناس أن يقولوا أنه هجر دين آبائه لإرضاء زوجته. كان مشوشا في ما يتعلق بدينه، أما دنياه فقد أعلنها صريحة أمام سادة قريش: “لا والله لا أفارق صاحبتي ولا يعوضني عنها أن لي أفضل امرأة في قريش”.
عندما رجع إلى بيته كان في استقباله ولده علي وابنته أمامة، حملهما على كتفيه واقترب من حبيبته زينب: “لن ينال مما بيننا يا زينب أن تكوني على دينك وأثبت على ديني”.
أجابته: “قليلاً يا صاحبي، لستُ حلاً لك، وأنت على ذلك الدين، فأسلمني إلى أبي أو أسلم معي.. لن تكون زينب لك بعد اليوم إلا أن تؤمن بما آمنت”.
لا شك أن شجونا طويلة اعتملت بقلب الرسول صلى الله عليه وسلم حين جاءته ابنته زينب: “يا رسول الله.. أتأذن لي أن أبقى مع زوجي؟”، فقال النبي: “ابق مع زوجك وأولادك..”.
هاجر المسلمون إلى المدينة ﻭﻇﻠﺖ السيدة زينب بمكة على أمل أن يهدى الله حبيبها للإسلام..
ثم دقت طبول الحرب، وخرجت قريش في جيش مخيف.
*
اعتصر الألم ابن العاص وهو يودع ابنته أمامة وولده عليا. أكثر ما أحزنه هو خصومة زوجته وحبيبته زينب. أغمض عينيه وتنهد في حسرة ثم ركب فرسه والتحق بمقدمة جيش قريش..
وقفت السيدة زينب محتضنة ابنتها الصغيرة أمام باب دارها بمكة تشاهد زوجها المشرك متجها لمحاربة أبيها النبي. احتضنت ابنتها وقالت لها: “لن تطلع علينا الشمس يا ابنتي في مثل يومنا هذا إلا وإحدانا يتيمة”.
*
دخلت عليها عمتها عاتكة تخبرها بانتصار أبيها في بدر فسجدت شكرا لله، ثم سألت عمتها: “وماذا فعل زوجي؟”، أطرقت عاتكة رأسها في حزن حتى كاد قلب زينب ينفطر: “لم يقتل زوجك ولكنه أسير”.
لم تكن عائلة أبو العاص ينقصها المال لتفتدي به ابنها الأسير، لكن زينب اختارت أن تفك أسر زوجها بطريقتها.
جلس شقيق بن العاص بين يدى رسول الله قائلا: “بعثتني زينب بهذا فداء لزوجها”، ثم أخرج صرة ووضعها بين يدى النبي، فتح سيدنا النبي الصرة فوجد قلادة خديجة التي أهدتها لزينب في عرسها، فخفق قلبه وارتعش..
وجد ابنته بهذه القلادة تذكره بالحب الذى كان بينه وبين خديجة.. كانت تذكره بأن ابن العاص زوج وحبيب وابن خالة.. كانت تذكره بأنه ليس من طرف زينب فقط ولكن من طرف خديجة حبيبته أيضا.. كان الموقف مؤثرا.. سالت دموع أصحاب الرسول من جلال الموقف وروعته.
صمت النبي قبل أن يقول لأصحابه: “إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها فافعلوا”.
ففعلوا..
*
أعطاه النبي العقد، ثم قال له: “قل لزينب لا تفرطي في عقد خديجة”، ثم قال عليه السلام: “يا أبا العاص هل لك أن أساررك؟” ثم تنحى جانبا وقال له: “يا أبا العاص إن الله أمرني ﺃن أفرق بين مسلمة وكافر، فهلا رددت إلي ابنتي؟” فقال: نعم. ثم استدار عائدا إلى مكة وهو لا يدري كيف سيتسع قلبه الصغير لأحزان في رحابة الأفق..