كلمة المرجعية الدينية العليا في خطبة الجمعة التي القاها سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي 7-9-2018
أيها الإخوة الأعزاء والأخوات الكريمات أرجو الانتباه إلى مضامين الخطبة الثانية.
بسم الله الرحمن الرحيم
تتابع المرجعية الدينية العليا بقلق بالغ تطورات الأوضاع في مدينة البصرة العزيزة وهي تعبر عن عميق ألمها وأسفها لما آلت إليه الإمور هناك مما حذرت منه لأكثر من مرة ولكنها وللأسف لم تجد أذان صاغية لتحذيراتها واليوم نجدد الإشارة إلى عدة أمور.
1- نؤكد على رفضنا واستنكارنا المطلق لما تعرض له المتظاهرون السلميون من اعتداءات صارخة ولاسيما بإطلاق الرصاص عليهم مما أدى إلى سقوط العديد من الضحايا في صفوفهم وجرح أعداد كبيرة أخرى كما ندين بشدة الاعتداء على القوات الأمنية المكلفة بحماية المباني والمنشآت الحكومية برميهم بالأحجار والزجاجات الحارقة ونحوها مما تسبب في جرح العشرات منهم وندين أيضاً الأعتداء على الممتلكات العامة والخاصة بالحرق والكسر والنهب وغير ذلك، إن هذه الممارسات بالإَضافة إلى كونها غير مسوغة شرعاً وقانوناً تتسبب في أزمات جديدة وتعقد حل المشاكل التي يعاني منها المواطنون في الوقت الحاضر، ومن هنا نناشد الجميع بالكف عن هذه الممارسات وعدم استخدام العنف ولاسيما العنف المفرط في التعامل
مع الاحتجاجات وتجنب التجاوز على الممتلكات العامة والخاصة.
2- إأن الشعب العراقي المظلوم الذي صبر طويلاً على ما تعرض له بعد سقوط النظام السابق من اعتداءات إرهابية خلفت مئات الآلاف من الضحايا والأرامل والأيتام ثم قدم خيرت أبناءه دفاعاً عن العراق ومقدساته في حرب ضروس استمرت طويلاً لمواجهة الإرهاب الداعشي وتحمل شرائح واسعة منه الكثير من الأذى والحرمان طيلة خمسة عشر عاماً على أمل أن يسفر النظام الجديد عن وضع مختلف عن السابق يحظون فيه بحياة كريمة ومستقرة، هذا الشعب الصابر المحتسب لم يعد يطيق مزيداً من الصبر على ما يشاهده ويلمسه من عدم اكثرات المسؤولين لحل مشاكله المتزايدة وأزماته المستعصية بل انشغالهم بالتنازع فيما بينهم على المكاسب السياسية ومغانم المناصب والمواقع الحكومية والسماح للأجانب بالتدخل في شؤون البلد وجعله ساحة للتجاذبات الأقليمية والدولية والصراع على المصالح والأجندات الخارجية.
3- إن ما يعاني منه المواطنون في البصرة وفي محافظات أخرى من عدم توفر الخدمات الأساسية وانتشار الفقر والبطالة واستشراء الفساد في مختلف مؤسسات الدولة إنما هو نتيجة طبيعية للأداء السيء لكبار المسؤولين وذوي المناصب الحساسة في الحكومات المتعاقبة التي بنيت على المحاصصات السياسية والمحسوبيات وعدم رعاية المهنية والكفاءة في اختيار المسؤولين خصوصا للمواقع المهمة والخدمية ولا يمكن أن يتغير هذا الواقع المأساوي إذا شكلت الحكومة القادمة وفق نفس الأسس والمعايير التي أُعتمدت في تشكيل الحكومات السابقة، ومن هنا يتعين الضغط باتجاه أن تكون الحكومة الجديدة مختلفة عن سابقاتها وأن تراعى الكفاءة والنزاهة والشجاعة والحزم والاخلاص للبلد والشعب باختيار كبار المسؤولين فيها.
4- لقد انكشف لمتابعة ممثلية المرجعية الدينية لمشكلة الماء في البصرة مدى التقصير الحكومي في معالجة هذا الملف حيث ظهر أنه كان بالإمكان ببعض الجهد وبمبالغ غير باهضة بالقياس إلى امكانات الحكومة تخفيف الأزمة إلى حد كبير، ولكن عدم كفاءة بعض المسؤولين وعدم اهتمام البعض الآخر والروتين الإداري والتقاطع بين الجهات المعنية وعوائق من هذا القبيل أدت إلى تفاقم المشكلة والوصول إلى حد الأزمة الخانقة.
إن من الضروري أن يقوم أصحاب القرار في السلطة التنفيذية بالمتابعة المستمرة والجادة للمشاريع الاستراتيجية ولاسيما المتعلقة بالبنى التحتية ويتخذوا بشأنها القرارات السريعة الحاسمة وفق ما يراه الخبراء المختصون وعدم ترك الأمور في حال من التقاطع والشد والجذب بين المسؤولين أو اعتماد آليات روتينة تعرقل انجاز المشروع الذي لا ينبغي أن يستغرق 6 أشهر مثلا إلى عدة سنوات.
5- أنه بالنظر إلى استغراق حل العديد من المشاكل القائمة بعض الوقت وعدم امكانية حلها في مدة قصيرة فإن من الضروري أن يظهر المسؤولين جدية واضحة في اتخاذ الخطوات اللازمة بهذا الصدد بحيث يحصل للمواطنين بعض الثقة والاطمئنان بوجود إرادة حقيقية لأنهاء معاناتهم فإنه يساعد على تهدئة النفوس وتخفيف التوترات وما يساهم في ذلك هو حضور كبار المسؤولين من الوزراء وغيرهم في مواقع العمل ومتابعتهم الشخصية لسير الأمور فيها واستماعهم إلى مطالب المواطنين والسعي في تلبيتها مهما أمكن لتجاوز الإجراءات الإدراية الروتينية في ذلك.