أن أمتلئَ مثلَ نبعٍ في مكانِه، أن أُفرِغَ جيبي وقلبي من المناديل، أن أُفكِّكَ الحكايةَ التي كادت أن تُحطّمَني كقطار، أن ألتقطَ لوجهي ووحدتي صورًا كثيرة، أن أعثرَ في كلِّ عثرةٍ على ملاك، أن أقف بشغفِ عشبةٍ تحتَ البرجِ الهائل، وشرفةِ المنزلِ العتيق، أن أُزْهِرَ كما تفعلُ معاطفُ العابرين، أن أسألَ الضفّةَ الواسعة: كم نسينا؟ أن تدورَ الأرضُ والأحصنةُ الخشبيّةُ بربيعِ سوانا، أن أضحكَ عاليًا عن الجسر بعينيْنِ خاسرتين، أن أتخفّفَ ببداهةِ خريفٍ من التذاكر والدفاتر، أن أُهْدَى في زرقةِ ساعة، عمريَ القديم، أن تُدمِيني أُغنيةٌ بهشاشةِ ريشة، أن أكتبَ البكاءَ كمن يصفُ زورقًا غريقًا، أن أرسمَ طفولتي بأجنحةِ مُفارق، أن أُفرِّقَ بينَ الحقائب التي تصدأ وصناديق ذكرياتي، أن أفصلَ الوردَ عن عطرِ أعدائي، أن أحملَ الأزهارَ إلى مدرستي التي تتّسعُ كساحةِ حرب، أن أُؤمنَ بتكرارِ السحرِ في كأسي، أن أرفعَ دمعتي بقامةِ عصفور، أن أستعيدَ مدينةَ نفسي، أن أبدأَ من النهاية، كما يبدأُ نهر .