#الحلقة_الثانية
من صيدنامو أو ثورة ما قبل الثورة
بقلم الدكتور مظهر الويس
نحن الآن في أواخر عام 2005 في وسط كوم من القش بحاجة إلى عود ثقاب لإشعال الحريق! كان هناك أخ مأسور اسمه (أبو سعيد الضحيك) من تلبيسة في حمص من دعوة أفغانستان. الرجل كان ينوي الذهاب إلى أفغانستان هناك و تم اعتقاله في باكستان وتسليمه للنظام.
كان معروفاً بشجاعته وجرأته وحرقته على الدين وصبره على البلاء حيث بقي في زنزانة انفرادية سنتين ونصف في فرع فلسطين قبل تحويله إلى صيدنايا، أسلم على يده خلالها قس من جماعة (شهود يهوه) كان، جاره في الزنزانة كان من نزلاء جناح ال 33 وبعد الدمج كان يسمع من أحد المعتقلين القضائيين (فلسطيني تهمته التجسس لاسرائيل) السب والبذاءة المتكررة في شتم الرب والدين.
كان يحذره كثيراً ودعاه بالحكمة والموعظة الحسنة لكنه لم يرتدع وطلب من مدير السجن يوسف عدم خلط السجناء تجنباً للمشاكل.
لم يستجب الضابط النصيري ويبدو أن خلط السجناء كان مقصوداً ولم يكن الأمرعرضياً! قرر أبو سعيد (هدر دم هذا السجين) بتهمة سب الدين والرب وذلك بعد فشل كل محاولات إيقافه عن البذاءة والتفنن في شتم الرب وحضّر لذلك (بورية)!! في الصباح حمل أبو سعيد البورية متوجهاً إلى رأس ذلك السجين ضرباً حتى أرداه قتيلاً.
كان هذا الحدث مفصلياً كما قلنا و بدأ عصر العقوبات يحل في السجن الذي أصبح تدمراً جديداً. قرر المدير معاقبة كل السجناء وسحب كل الأغراض وأصبح السجناء (على البلاطة ) بدأ الفرز ووضع الناس كل حسب تصنيفه ووضعت القيود في أيدي السجناء وبدأ الضرب والدواليب وكان يسلط على كل? خمسة سجناء عشرات القطعان من الشرطة العسكرية يذيقونهم سوء العذاب والسادية المفرطة في ذلك. واكتظت المنفردات والزنزانات بالسجناء المعاقبين والتي كانت تحت الأرض بطوابق لاترى النور فيها مطلقاً. كانت هذه الزنزانات تسمى ب(السواليل) لأنها سبب لمرض السل الرئوي بسبب الرطوبة والعفن.
وتحول هذا السجن الذي كان (منتجعاً) إلى معتقل رهيب يفوق المعتقلات الأمنية! وفي تلك الفترة وبعد سنوات من الحرب الأمريكية على العراق دخلت حرب النظام النصيري مع الجهاديين منعطفاً جديداً. فبعد أن كان النظام يغض النظر عن المجاهدين طمعاً بالخلاص منهم وتأخير الحرب القادمة عليه بعد سقوط صدام, خضع بشكل كامل لأوامر أسياده الأمريكان! فبدأت الاعتقالات تطال كل من شارك ولو بشيء بسيط في مساعدة المجاهدين في العراق.
اكتظ السجن بدعاوى العراق وطال الأمر كذلك الجماعات السلفية الدعوية التي لم تكن بمنأى عن هذه الاعتقالات. حيث كان النظام ينظر إلى كل سني أنه عدو لدود بغض النظر عن انتمائه. وزاد في حجم الاعتقالات بروز تنظيم (جند الشام ) والذي كان يسعى لعمل داخلي في سوريا. كان الجهل هو السمة الغالبة على (جند الشام) وجلهم من عوام الناس الذين لا ناقة لهم ولا جمل في التنظيمات وأغلب دعاويهم كانت تهمة التستر حيث تم اعتقال كل شخص جلس مع قادة جند الشام ولو مجرد شرب كأس شاي معه.
وكان مؤسس جند الشام رجلاً بسيطاً وطيب القلب من حماه يكنى (أبو شاهر) وكانت مهنته جزاراً للإبل وكان شديد الحمية والغيرة على الدين وحلمه الثأر لمجزرة حماه وكان راقياً شرعياً مميزاً مما أكسبه شعبية كبيرة في بلده وكان صادعاً في الدعوة ومحاربة البدع فالتف حوله الكثيرون حيث تميز بكاريزما خاصة لجذب العوام فتاب على يديه الكثير منهم. وبسبب بساطته ودروشته التنظيمية وطيبة قلبه قام الأمن السياسي باختراقه عن طريق عميلين أحدهما فلسطيني والآخر من درعا حيث بايعوه ووثق بهم حيث كشفوا كل خلايا التنظيم وفي النهاية دبروا اعتقاله عن طريق دس منوم له في الشاي ومن ثم توالت اعتقالات جميع المرتبطين به.
وللتنبيه، عندما استلام بشار للسلطة أراد أن يقلم أظافر أجهزة الأمن ويحد من صلاحياتهم تنفيذاً لشرط الاتحاد الاوربي من أجل الشراكة فقام جناحا المخابرات الأمن السياسي بقيادة محمد منصورة والأمن العسكري بقيادة آصف شوكت بالتنافس لتثبيت النظرية الأمنية وإفشال مشروع الإصلاح فكان باكورة الأمن العسكري صناعة المدعو محمود قول آغاسي (أبو القعقاع) والأمن السياسي العميلان (أبو أحمد وأبو خليل) وبسبب الشد والجذب بين هذين الجناحين استطاع آصف شوكت أن يقنع بشار بخطورة جند الشام ويسحب ملفهم من الأمن السياسي بعد أن كان محمد منصورة والمعروف بصفقات المصالحة وسياسة الاحتواء كما فعل بدعوة (صناع الحياة) في اللاذقية أراد أن يطلق سراح جند الشام بعد تصويرهم على التلفزيون وبث اعترافاتهم ولكن تم نقل عناصر جند الشام إلى سرية المداهمة المعروفة بالفرع (215) وهنا بدأت محنة جند الشام الحقيقية والتعذيب الشديد الذي وصل إلى حد موت أميرهم أبي شاهر -رحمه الله-. فضاعت جند الشام بين جهل أفرادها وحماستهم الغير المدروسة وكيد أعدائها وألاعيبهم المعروفة.
لم تكن هناك أوامر بالعمل الداخلي في سوريا التي كانت بالنسبة لتنظيم القاعدة (أرض نصرة وعبور). كان يدرك التنظيم خطورة ال
من صيدنامو أو ثورة ما قبل الثورة
بقلم الدكتور مظهر الويس
نحن الآن في أواخر عام 2005 في وسط كوم من القش بحاجة إلى عود ثقاب لإشعال الحريق! كان هناك أخ مأسور اسمه (أبو سعيد الضحيك) من تلبيسة في حمص من دعوة أفغانستان. الرجل كان ينوي الذهاب إلى أفغانستان هناك و تم اعتقاله في باكستان وتسليمه للنظام.
كان معروفاً بشجاعته وجرأته وحرقته على الدين وصبره على البلاء حيث بقي في زنزانة انفرادية سنتين ونصف في فرع فلسطين قبل تحويله إلى صيدنايا، أسلم على يده خلالها قس من جماعة (شهود يهوه) كان، جاره في الزنزانة كان من نزلاء جناح ال 33 وبعد الدمج كان يسمع من أحد المعتقلين القضائيين (فلسطيني تهمته التجسس لاسرائيل) السب والبذاءة المتكررة في شتم الرب والدين.
كان يحذره كثيراً ودعاه بالحكمة والموعظة الحسنة لكنه لم يرتدع وطلب من مدير السجن يوسف عدم خلط السجناء تجنباً للمشاكل.
لم يستجب الضابط النصيري ويبدو أن خلط السجناء كان مقصوداً ولم يكن الأمرعرضياً! قرر أبو سعيد (هدر دم هذا السجين) بتهمة سب الدين والرب وذلك بعد فشل كل محاولات إيقافه عن البذاءة والتفنن في شتم الرب وحضّر لذلك (بورية)!! في الصباح حمل أبو سعيد البورية متوجهاً إلى رأس ذلك السجين ضرباً حتى أرداه قتيلاً.
كان هذا الحدث مفصلياً كما قلنا و بدأ عصر العقوبات يحل في السجن الذي أصبح تدمراً جديداً. قرر المدير معاقبة كل السجناء وسحب كل الأغراض وأصبح السجناء (على البلاطة ) بدأ الفرز ووضع الناس كل حسب تصنيفه ووضعت القيود في أيدي السجناء وبدأ الضرب والدواليب وكان يسلط على كل? خمسة سجناء عشرات القطعان من الشرطة العسكرية يذيقونهم سوء العذاب والسادية المفرطة في ذلك. واكتظت المنفردات والزنزانات بالسجناء المعاقبين والتي كانت تحت الأرض بطوابق لاترى النور فيها مطلقاً. كانت هذه الزنزانات تسمى ب(السواليل) لأنها سبب لمرض السل الرئوي بسبب الرطوبة والعفن.
وتحول هذا السجن الذي كان (منتجعاً) إلى معتقل رهيب يفوق المعتقلات الأمنية! وفي تلك الفترة وبعد سنوات من الحرب الأمريكية على العراق دخلت حرب النظام النصيري مع الجهاديين منعطفاً جديداً. فبعد أن كان النظام يغض النظر عن المجاهدين طمعاً بالخلاص منهم وتأخير الحرب القادمة عليه بعد سقوط صدام, خضع بشكل كامل لأوامر أسياده الأمريكان! فبدأت الاعتقالات تطال كل من شارك ولو بشيء بسيط في مساعدة المجاهدين في العراق.
اكتظ السجن بدعاوى العراق وطال الأمر كذلك الجماعات السلفية الدعوية التي لم تكن بمنأى عن هذه الاعتقالات. حيث كان النظام ينظر إلى كل سني أنه عدو لدود بغض النظر عن انتمائه. وزاد في حجم الاعتقالات بروز تنظيم (جند الشام ) والذي كان يسعى لعمل داخلي في سوريا. كان الجهل هو السمة الغالبة على (جند الشام) وجلهم من عوام الناس الذين لا ناقة لهم ولا جمل في التنظيمات وأغلب دعاويهم كانت تهمة التستر حيث تم اعتقال كل شخص جلس مع قادة جند الشام ولو مجرد شرب كأس شاي معه.
وكان مؤسس جند الشام رجلاً بسيطاً وطيب القلب من حماه يكنى (أبو شاهر) وكانت مهنته جزاراً للإبل وكان شديد الحمية والغيرة على الدين وحلمه الثأر لمجزرة حماه وكان راقياً شرعياً مميزاً مما أكسبه شعبية كبيرة في بلده وكان صادعاً في الدعوة ومحاربة البدع فالتف حوله الكثيرون حيث تميز بكاريزما خاصة لجذب العوام فتاب على يديه الكثير منهم. وبسبب بساطته ودروشته التنظيمية وطيبة قلبه قام الأمن السياسي باختراقه عن طريق عميلين أحدهما فلسطيني والآخر من درعا حيث بايعوه ووثق بهم حيث كشفوا كل خلايا التنظيم وفي النهاية دبروا اعتقاله عن طريق دس منوم له في الشاي ومن ثم توالت اعتقالات جميع المرتبطين به.
وللتنبيه، عندما استلام بشار للسلطة أراد أن يقلم أظافر أجهزة الأمن ويحد من صلاحياتهم تنفيذاً لشرط الاتحاد الاوربي من أجل الشراكة فقام جناحا المخابرات الأمن السياسي بقيادة محمد منصورة والأمن العسكري بقيادة آصف شوكت بالتنافس لتثبيت النظرية الأمنية وإفشال مشروع الإصلاح فكان باكورة الأمن العسكري صناعة المدعو محمود قول آغاسي (أبو القعقاع) والأمن السياسي العميلان (أبو أحمد وأبو خليل) وبسبب الشد والجذب بين هذين الجناحين استطاع آصف شوكت أن يقنع بشار بخطورة جند الشام ويسحب ملفهم من الأمن السياسي بعد أن كان محمد منصورة والمعروف بصفقات المصالحة وسياسة الاحتواء كما فعل بدعوة (صناع الحياة) في اللاذقية أراد أن يطلق سراح جند الشام بعد تصويرهم على التلفزيون وبث اعترافاتهم ولكن تم نقل عناصر جند الشام إلى سرية المداهمة المعروفة بالفرع (215) وهنا بدأت محنة جند الشام الحقيقية والتعذيب الشديد الذي وصل إلى حد موت أميرهم أبي شاهر -رحمه الله-. فضاعت جند الشام بين جهل أفرادها وحماستهم الغير المدروسة وكيد أعدائها وألاعيبهم المعروفة.
لم تكن هناك أوامر بالعمل الداخلي في سوريا التي كانت بالنسبة لتنظيم القاعدة (أرض نصرة وعبور). كان يدرك التنظيم خطورة ال