الَّليلة التاسعة وَ العشرون...
لَأُوَدِّعَنَّكَ اللَيلَةَ يا رمضانَ...
وداعاً يليقُ بِك !
وداعاً ..
يليقُ بشهرٍ أدَّخَرَهُ الله للفتوحاتِ الّتي غَيّرت التّاريخ !
و لأَفتَحَنَّ اللَّيلةَ بإذنِ اللهِ مع اللهِ باباً ؛ لا تُغلِقُه الذُّنوبُ ، و لا التِواءات الطَّريق !
لُأودِّعنَّكَ وداعاً ..
يليقُ بفارسٍ ؛ يرابطُ في ثَغرةِ من ثغور الإسلام، ويَعلَمُ أنَّ خِيانَتَهُ للعهدِ ؛ سَتَهدِمُ كل الأسوارِ الَّتي صنَعَها لهُ رمضان !
لأُودِّعنَّكَ ..
بِعقد ؛ٍ لا يكونُ للشَّيطانِ فيهِ نصيب .. فقد مللتُ كلَّ التَعثُّرِ ، وكلَّ التَقَهـقُرِ ، وكلَّ الهُبوط !
سلامٌ عليك يا رمضان ..
وأنتَ تَعُدّ الحقائبَ للرَّحيل !
سلامٌ عليك َ..
فيما تَبقَّى من سُويعاتِ الرحيل !
هل تَعلم ..
سأُهديكَ اللَّيلةَ يَقَظَتي ..
فلا غفلةَ بَعدَكَ ؛ يُباغِتُني الموتُ فيها ..
و لا حصار لهوى النَّفسِ بعدَ اليوم ..
و لا تِيهَ ..
فقد عَزمتُ !
اعلِم يا رمضان ُ..
أنك أخذتَ مَعَكَ الزَّمنَ الجميل .. لكنَّكَ ترَكتَ لي ذكرياتي ؛ التي حَضَرَت بقوَّةٍ في تفاصيلِ النَّعيم !
نعيمُ القربِ في كلِّ سُجودٍ ؛ فاضَ بهِ عَلَينا زَمَنُكَ يا رمضان .. حتى ظَنَنتُ ذاتَ ليلةٍ ؛ أنّي تَذوّقتُ مَعنى { الكليم } !
كنتَ حافلاً يا رمضانُ بقوةِ الكَشف .. فقد رأيتُ عُيوبَ نَفسي في نهارِكَ جيداً..
وكنتُ أمتليء بالفيضِ ..
فقد ارتويتُ من لَيلِكَ كثيراً !
لكَ منّي ميثاقاً يليقُ بَمدرَسَتِكَ .. مدرسةُ النَّصر !
لك منّي معركةُ ( بدر ) ..
فلا أنهزِمُ معَ نَفسي ؛ حتى أرى مَدَدَ السَّماءِ في كلِّ أمري ، و أُدرِكُ أنّي قاربتُ مَقامَ الّذين اصطفاهُمُ اللهُ لِصُحبَةِ جِبريل !
لكَ منّي (حِطّين) ..
أُشعِلُها معركةَ تغييرٍ في روحي ، وفي مَن حولي ..
لعلَّ بوابات الأقصى بها تلوحُ مِن قّريب !
لكَ منّي ( فُتوح الأَندَلُسِ ) ..
و سَعياً أُعيد بهِ عِزَّ حضارَتِنا من جديد !
لكَ منّي ..
أن أرقى إلى رِسالَتَك فينا .. فقد كنتَ دوماً تُسَلِّمُنا مفاتيحَ العُبور ؛ِ لِضفافِ المجدِ التَّليد !
كنتَ دوماً أكبرَ من طُقوسِ الشَّعائرِ ..
و بُكائِيَّاتِ العاجِزين ..
و نُواحٍ ؛ يَنتَهي في المحاريب ..
و رُكيعاتٍ ؛ كَجَسدٍ لا روحَ فيها !
كنتَ دوماً زمنُ النَّصر ..
و سألقاكَ العامَ القادمَ ؛ وأنا أقربُ إلى النَّصر ..
فقد فَقِهتُ مُرادَك فينا ..
إذ تَكَشَّف لنا عَن معنى "القُوّةِ المَدخورَة" ، والتي نُحوِّلُها كُلَّ عامِ ؛ " إلى طاقةٍ مَهدورة " !
و فَقِهتُ ..
أنَّ مِثلي يصنعُ ( عينَ جالوت ) كُلَّ رمضان ؛ لو أراد ..
و لكنَّهُ هَبَطَ كما هَبطَت بنو إسرائيل ؛ نحوَ شَهوةِ الحياة !
كانت تلك كلماتُ التِّلميذ ؛ُ الَّتي ابتسَمَ لها الشَّيخُ كثيراً ..
فقد امتَلَكَ التِّلميذُ اليَومَ ؛ وثيقةَ الفَّهم ..
ووَثيقَةَ الفُرقان !
د. كِفَاح أَبو هَنّوْد
@ad2017aw