على منهاج النُّبُوَّة ١٠٦
ولا تحقِرنَّ من المعروف شيئاً!
جاء سليم بن جابر الهجيمي إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وقال له: يا رسول الله أوصِني
فقال له: عليكَ باتقاء الله، ولا تحقِرَنَّ من المعروف شيئاً ولو أن تُفْرِغَ من دلوِكَ في إناءِ المُستقي، وتُكلِّمَ أخاكَ ووجهكَ منبسطٌ إليه، وإياك وإسبال الإزار، فإنها من المُخيلة ولا يُحبها الله.
وإن امرؤ عيَّركَ بشيءٍ يعلمه فيكَ فلا تُعيِّره بشيء تعلمه فيه، دعه يكون وباله عليه، وأجره لكَ. ولا تسُبَّنَّ شيئاً!
يقولُ جابر فما سببتُ بعده دابةً ولا إنساناً!
لا تحقِرَنَّ من المعروف شيئاً، فإنكَ لا تدري أي حسنةٍ تُدخلكَ الجنَّة!
أن تُوقف سيارتكَ لتعبرَ قطة الطريق معروف، وأن تُمسك بيد عجوز تعبر بها الطريق معروف، وأن تجرَّ قعيداً على كرسيه معروف، وأن تُعطيَ عاملاً قارورة ماءٍ معروف، وأن تحمل عن رجلٍ مسنٍ كيساً يُتعبه معروف، وأن تصلح بين زوجين معروف، وأن تتغاضى عن زوجتك معروف، وأن تصفح عن أولادك معروف، وأن تُهدي إلى جارك شيئاً معروف، وأن تُعين مريضاً في علاجه معروف، المعروف لا نهاية له، والطُّرُق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، فيا تعسَ من كثرتْ أمامه الطرق فلم يمشِ!
ولا تجعل الناس معياراً لأخلاقك إن أحسنوا أحسنتَ وإن أساؤوا أسأتَ، فلو قابلنا الإساءة بالإساءة فمتى تنتهي الإساءة؟!
ثمة خُلقٌ نبيلٌ اسمه الترفُّع، أن لا تسمح لأحدٍ أن يُنزلكَ إلى مستوى أخلاقه، ليسَ عليكَ أن تخوضَ في كل جدالٍ تُدعى إليه، ولا أن تُشارك في كل معركةٍ تُفتح أمامك، أغلبُ معارك الحياة اليومية تافهة، ليس فيها لذة النصر وإن انتصرتَ، وفيها مرارة الهزيمة إن هُزِمتَ، عندما نتخلَّى عن أخلاقنا لنقابل الذي تخلَّى عن أخلاقه فبم نختلف نحن عنه غير أنه هو الذي كان البادئ؟!
العاقل لا يرى لنفسه ثمناً إلا الجنة، وكل قضية ليستْ طريقاً إلى الجَنَّةِ دعها، وأنتَ المُنتصر مهما كانت النتائج، وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزاً!
والأيامُ تدورُ وصاحبُ الحقِّ مُنتصرٌ نهاية المطاف، وصاحبُ الباطلِ مغلوبٌ، هذه هي سُنة الله تعالى في الناس، الأيدي التي باعتْ يوسف عليه السَّلام بدراهم معدودة هي التي امتدَّتْ إليه تطلبُ الصدقة منه! والذين رموا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالجنون والكذب وقفوا نهاية المطاف يسترحمونه قائلين: أخ كريم، وابن أخٍ كريم!
أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية
ولا تحقِرنَّ من المعروف شيئاً!
جاء سليم بن جابر الهجيمي إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وقال له: يا رسول الله أوصِني
فقال له: عليكَ باتقاء الله، ولا تحقِرَنَّ من المعروف شيئاً ولو أن تُفْرِغَ من دلوِكَ في إناءِ المُستقي، وتُكلِّمَ أخاكَ ووجهكَ منبسطٌ إليه، وإياك وإسبال الإزار، فإنها من المُخيلة ولا يُحبها الله.
وإن امرؤ عيَّركَ بشيءٍ يعلمه فيكَ فلا تُعيِّره بشيء تعلمه فيه، دعه يكون وباله عليه، وأجره لكَ. ولا تسُبَّنَّ شيئاً!
يقولُ جابر فما سببتُ بعده دابةً ولا إنساناً!
لا تحقِرَنَّ من المعروف شيئاً، فإنكَ لا تدري أي حسنةٍ تُدخلكَ الجنَّة!
أن تُوقف سيارتكَ لتعبرَ قطة الطريق معروف، وأن تُمسك بيد عجوز تعبر بها الطريق معروف، وأن تجرَّ قعيداً على كرسيه معروف، وأن تُعطيَ عاملاً قارورة ماءٍ معروف، وأن تحمل عن رجلٍ مسنٍ كيساً يُتعبه معروف، وأن تصلح بين زوجين معروف، وأن تتغاضى عن زوجتك معروف، وأن تصفح عن أولادك معروف، وأن تُهدي إلى جارك شيئاً معروف، وأن تُعين مريضاً في علاجه معروف، المعروف لا نهاية له، والطُّرُق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، فيا تعسَ من كثرتْ أمامه الطرق فلم يمشِ!
ولا تجعل الناس معياراً لأخلاقك إن أحسنوا أحسنتَ وإن أساؤوا أسأتَ، فلو قابلنا الإساءة بالإساءة فمتى تنتهي الإساءة؟!
ثمة خُلقٌ نبيلٌ اسمه الترفُّع، أن لا تسمح لأحدٍ أن يُنزلكَ إلى مستوى أخلاقه، ليسَ عليكَ أن تخوضَ في كل جدالٍ تُدعى إليه، ولا أن تُشارك في كل معركةٍ تُفتح أمامك، أغلبُ معارك الحياة اليومية تافهة، ليس فيها لذة النصر وإن انتصرتَ، وفيها مرارة الهزيمة إن هُزِمتَ، عندما نتخلَّى عن أخلاقنا لنقابل الذي تخلَّى عن أخلاقه فبم نختلف نحن عنه غير أنه هو الذي كان البادئ؟!
العاقل لا يرى لنفسه ثمناً إلا الجنة، وكل قضية ليستْ طريقاً إلى الجَنَّةِ دعها، وأنتَ المُنتصر مهما كانت النتائج، وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزاً!
والأيامُ تدورُ وصاحبُ الحقِّ مُنتصرٌ نهاية المطاف، وصاحبُ الباطلِ مغلوبٌ، هذه هي سُنة الله تعالى في الناس، الأيدي التي باعتْ يوسف عليه السَّلام بدراهم معدودة هي التي امتدَّتْ إليه تطلبُ الصدقة منه! والذين رموا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالجنون والكذب وقفوا نهاية المطاف يسترحمونه قائلين: أخ كريم، وابن أخٍ كريم!
أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية