✿ قصة من عالم البرزخ ✿
♡ رحلة البقاء ♡
🔻 الجزء الثالث 🔻
… وفي اليوم التالي ذهبت الى المبنى المعني وصعدت سلالمه، حتى وصلت الطابق الرابع وإذا بجمال واقف كأنه ينتظر شخصاً ما، ولما رآني تبسم ابتسامته الكاذبة التي تعودت عليها ثم قال بلهجة ساخرة:
ــ ماذا ستفعل يامهندس سعيد، الصب غدا والسقف غير مُهياً.
ــ لدي الوقت الكافي لتحضيره فلم يبق نقص إلا الشيء القليل.
ــ إذن لنصعد فوق السقف ونرى هل ما تقوله صحيح أم لا.
اخذ بيدي يجرها بقوة بعد أن أمسكها وهو يقول:
ــ هيا نصعد فليس لدينا وقت كاف.
توجهنا إلى السقف الخامس، صعدت بخطوات بطيئة وهادئة تدل على التعب من الجولة التي قمت بها في المبنى، أما جمال فلاحظت خطواته مرتبكة، ووجهه مضطرب، ولونه يتغير بين الحين والآخر، كما لاحظته في كلامه مترددا تخالطه ابتسامات مفتعلة تظهر بها أسنانه في كل مرة بصورة قبيحة، فتعجبت كثيرا من تصرفاته، انه لا يعلم بحديث البارحة مع مسؤول الشركة بشأنه، إذن فما هذه التصرفات الغريبة منه؟! على أية حال وصلنا واستقرت أقدامنا فوق السقف الخامس، رأيت جمال وقد اصبح الارتباك على وجهه أكثر فأكثر، وازداد احمرار لونه فسألته قائلا:
ــ جمال، ما الذي حدث؟
ــ لا شيء، تعال هناك لأريك النقص الذي لم يُصلح لحد الآن.
قال هذا وقد امسك يدي ليجرها نحوه، وهو يشير إلى حافة السقف قائلا:
ــ هناك لنذهب هناك.
اتجهت نحو حافة السقف ونظرت إلى الحديد الذي ربط فيه فرأيته مطابقا للخرائط، وليس فيه نقص يُذكر، فوقفت منتصبا لأقول له إن الربط صحيح، لكن قبل أن أتفوه بكلمة، أحسست بوضع يديه على ظهري، وقع بي بقوة من على السقف إلى الأسفل، ولم يكن هناك شيء تمسك به يدي، فنظرت لما تحتي في اللحظة الأولى من السقوط، وإذا بقطع الحديد الحادة المبعثرة هنا وهناك، حينها تيقنت أنها لحظات الخلاص، وما هي إلا أنفاس قليلة وتتكشف الأسرار، ويظهر الغيب الذي أخفي عني طوال عمري، هي لحظات معدودة لا أكثر وسأصل إلى ما تخوفت منه تارة واشتقت إليه تارة أخرى.
هي لحظات السقوط بين السقف الخامس والأرض، وقد لا أعطي حقها في الوصف إن وصفتها، لكن أقول بشأنها انه لم يبق لي فيها غير الله أحد في الوجود أتوجه إليه، ولا شيء انظر فيه، ولا أمل أتطلع إليه، فقد قطعت خيوط الأمل من كل شيء غير الله، بل كل شيء غاب عني ولم يبق لي أحد سواه، وحقا في تلك اللحظات أحسست بمعنى التوحيد، وتذوقت طعمه، حينها نطق لساني صارخا يا الله يا الله يا..
ولم أكمل الثالثة حتى سمعت صوت السقوط قويا على الأرض، وبدأ الألم شديدا يسري في بدني، وسلبت مني القدرة على الصراخ، وانشلت أعضائي عن الحركة، وحجبت عني الرؤية، فلم أعد أرَ شيئا ولا أبصر أحدا، وغرقت في إغماء شديد وعميق...
أفقت من حالة الإغماء العميق الذي غرقت فيه، وظهرت لي ملامح شخص لم أتعرف عليه مسبقا، ولم أرَ له من قبل نظيرا، وكلما انظر إليه تبهت عيني لرؤيته، وينبهر فكري لعظمة خلقه، فهو بهيئته يعجز الخيال عن وصفه ومقارنته بخلق من مخلوقات الدنيا.
ظهر فجأة بين الجمع المزدحم حولي، يصاحبه عدة مخلوقات أخرى ذات أجنحة لطيفة وأبدان تبدو خفيفة، لكن العجيب أن الناس كانوا مشغولين بي عنه، ولم يلتفتوا إليه على الرغم من غرابة منظره واختلاف هيأته وعظمة خلقه، وكأنهم لم يروه، أما أنا فقد شغلني هو عن غيره، ولم اعد انظر إلى ما حولي بقدر ما انظر إليه، نعم يبدو انه كان بجنبي ثم ابتعد عني، والآن بدأ يقترب أكثر فأكثر، فاضطربت حتى أحسست برجفة في بدني ، وكل لساني عن النطق والسؤال عمن يكون.
التفت إلى من كان معه وتكلم معهم بكلام لم افهمه، إذ اختلط كلامهم مع دوي من اجتمع حولي، وصراخ عدة نساء يبدو أنهن قد أتين من البيوت المجاورة للمبنى، لكني التقطت منه بعض الكلمات منها قوله لهم:
ــ انه من المؤمنين، لكنه لم يصل إلى مرتبة الأولياء فارفقوا به قليلا وأعينوه على نطق الشهادتين.
كان بدني بصورة لا يسمح لي بالتحرك يمينا ويساراً، وبصعوبة بالغة كنت التفت إلى ما حولي، فوجئت بصديقي مؤمن وهو يصل بصورته المشرقة، ويجلس بجنبي ليقول:
ــ سعيد، سعيد هل تسمع كلامي؟
أجبته بصوت ضعيف جدا:
ــ نعم.
ــ سعيد، قل لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فقد يكون آخر كلام يجري على لسانك، هل تسمعني يا سعيد؟
هل سيتمكن سعيد من نطق الشهادة ام سيمنعه شيء عن نطقها هذا ما سنرويه لكم غدا..؟
فانتظرونا غدا مع الجزء الرابع ان شاءالله تعالى من على #صفحة_منازل_الاخرة
.
🌹 يحق اخذها لكل من يرغب باعادة نسخ ونشر القصة ولكن لا نجيز حذف اسم #صفحة_منازل_الاخرة من القصة او الصورة 🌹
♡ رحلة البقاء ♡
🔻 الجزء الثالث 🔻
… وفي اليوم التالي ذهبت الى المبنى المعني وصعدت سلالمه، حتى وصلت الطابق الرابع وإذا بجمال واقف كأنه ينتظر شخصاً ما، ولما رآني تبسم ابتسامته الكاذبة التي تعودت عليها ثم قال بلهجة ساخرة:
ــ ماذا ستفعل يامهندس سعيد، الصب غدا والسقف غير مُهياً.
ــ لدي الوقت الكافي لتحضيره فلم يبق نقص إلا الشيء القليل.
ــ إذن لنصعد فوق السقف ونرى هل ما تقوله صحيح أم لا.
اخذ بيدي يجرها بقوة بعد أن أمسكها وهو يقول:
ــ هيا نصعد فليس لدينا وقت كاف.
توجهنا إلى السقف الخامس، صعدت بخطوات بطيئة وهادئة تدل على التعب من الجولة التي قمت بها في المبنى، أما جمال فلاحظت خطواته مرتبكة، ووجهه مضطرب، ولونه يتغير بين الحين والآخر، كما لاحظته في كلامه مترددا تخالطه ابتسامات مفتعلة تظهر بها أسنانه في كل مرة بصورة قبيحة، فتعجبت كثيرا من تصرفاته، انه لا يعلم بحديث البارحة مع مسؤول الشركة بشأنه، إذن فما هذه التصرفات الغريبة منه؟! على أية حال وصلنا واستقرت أقدامنا فوق السقف الخامس، رأيت جمال وقد اصبح الارتباك على وجهه أكثر فأكثر، وازداد احمرار لونه فسألته قائلا:
ــ جمال، ما الذي حدث؟
ــ لا شيء، تعال هناك لأريك النقص الذي لم يُصلح لحد الآن.
قال هذا وقد امسك يدي ليجرها نحوه، وهو يشير إلى حافة السقف قائلا:
ــ هناك لنذهب هناك.
اتجهت نحو حافة السقف ونظرت إلى الحديد الذي ربط فيه فرأيته مطابقا للخرائط، وليس فيه نقص يُذكر، فوقفت منتصبا لأقول له إن الربط صحيح، لكن قبل أن أتفوه بكلمة، أحسست بوضع يديه على ظهري، وقع بي بقوة من على السقف إلى الأسفل، ولم يكن هناك شيء تمسك به يدي، فنظرت لما تحتي في اللحظة الأولى من السقوط، وإذا بقطع الحديد الحادة المبعثرة هنا وهناك، حينها تيقنت أنها لحظات الخلاص، وما هي إلا أنفاس قليلة وتتكشف الأسرار، ويظهر الغيب الذي أخفي عني طوال عمري، هي لحظات معدودة لا أكثر وسأصل إلى ما تخوفت منه تارة واشتقت إليه تارة أخرى.
هي لحظات السقوط بين السقف الخامس والأرض، وقد لا أعطي حقها في الوصف إن وصفتها، لكن أقول بشأنها انه لم يبق لي فيها غير الله أحد في الوجود أتوجه إليه، ولا شيء انظر فيه، ولا أمل أتطلع إليه، فقد قطعت خيوط الأمل من كل شيء غير الله، بل كل شيء غاب عني ولم يبق لي أحد سواه، وحقا في تلك اللحظات أحسست بمعنى التوحيد، وتذوقت طعمه، حينها نطق لساني صارخا يا الله يا الله يا..
ولم أكمل الثالثة حتى سمعت صوت السقوط قويا على الأرض، وبدأ الألم شديدا يسري في بدني، وسلبت مني القدرة على الصراخ، وانشلت أعضائي عن الحركة، وحجبت عني الرؤية، فلم أعد أرَ شيئا ولا أبصر أحدا، وغرقت في إغماء شديد وعميق...
أفقت من حالة الإغماء العميق الذي غرقت فيه، وظهرت لي ملامح شخص لم أتعرف عليه مسبقا، ولم أرَ له من قبل نظيرا، وكلما انظر إليه تبهت عيني لرؤيته، وينبهر فكري لعظمة خلقه، فهو بهيئته يعجز الخيال عن وصفه ومقارنته بخلق من مخلوقات الدنيا.
ظهر فجأة بين الجمع المزدحم حولي، يصاحبه عدة مخلوقات أخرى ذات أجنحة لطيفة وأبدان تبدو خفيفة، لكن العجيب أن الناس كانوا مشغولين بي عنه، ولم يلتفتوا إليه على الرغم من غرابة منظره واختلاف هيأته وعظمة خلقه، وكأنهم لم يروه، أما أنا فقد شغلني هو عن غيره، ولم اعد انظر إلى ما حولي بقدر ما انظر إليه، نعم يبدو انه كان بجنبي ثم ابتعد عني، والآن بدأ يقترب أكثر فأكثر، فاضطربت حتى أحسست برجفة في بدني ، وكل لساني عن النطق والسؤال عمن يكون.
التفت إلى من كان معه وتكلم معهم بكلام لم افهمه، إذ اختلط كلامهم مع دوي من اجتمع حولي، وصراخ عدة نساء يبدو أنهن قد أتين من البيوت المجاورة للمبنى، لكني التقطت منه بعض الكلمات منها قوله لهم:
ــ انه من المؤمنين، لكنه لم يصل إلى مرتبة الأولياء فارفقوا به قليلا وأعينوه على نطق الشهادتين.
كان بدني بصورة لا يسمح لي بالتحرك يمينا ويساراً، وبصعوبة بالغة كنت التفت إلى ما حولي، فوجئت بصديقي مؤمن وهو يصل بصورته المشرقة، ويجلس بجنبي ليقول:
ــ سعيد، سعيد هل تسمع كلامي؟
أجبته بصوت ضعيف جدا:
ــ نعم.
ــ سعيد، قل لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فقد يكون آخر كلام يجري على لسانك، هل تسمعني يا سعيد؟
هل سيتمكن سعيد من نطق الشهادة ام سيمنعه شيء عن نطقها هذا ما سنرويه لكم غدا..؟
فانتظرونا غدا مع الجزء الرابع ان شاءالله تعالى من على #صفحة_منازل_الاخرة
.
🌹 يحق اخذها لكل من يرغب باعادة نسخ ونشر القصة ولكن لا نجيز حذف اسم #صفحة_منازل_الاخرة من القصة او الصورة 🌹