تأمَّل حال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وهو يخاطب نفسه - عمر بن الخطاب أمير المؤمنين! -:
والله لتطيعن الله أو ليعذبنك... يا ليت أم عمر لم تلد عمر... وددت لو خرجت منها كفافاً لا لي ولا عليّ. وحين أشرف على الموت قال لابنه عبد الله - رضي الله عنه -: ضع خدي على الأرض. ثم قال: ويلي إن لم يغفر الله لي.
وهذا أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه
- يتململ في محرابه قابضاً على لحيته يخاطب الدنيا: يا دنيا غري غيري، إليّ تعرضت أم إليّ تشوقت؟ لقد بتتك ثلاثاً لا رجعة فيها، فعمرك قصير، وخطرك حقير...
وهذا الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز
كان يجمع الفقهاء والقراء في كل ليلة فيتذاكرون ثم يبكون كأن بين أيديهم جنازة.. وبكى ليلة فبكى أهل الدار ببكائه، فلما انجلت عنه العبرة سألوه: ممّ بكيت؟ قال: قرأت قوله تعالى: {فَرِيقٌ فِي الْـجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى: ٧] فلا أدري في أيّ الفريقين أكون؟
إنها مدرسة النبوة التي انصبغوا بصبغتها... مدرسة التعلق بالآخرة كأنها رأي عين، واحتقار الدنيا ووضعها في حجمها الذي تستحقه حتى لا تحدث أدنى تغيير أو تلويث لنفوسهم حتى لو صاروا ملوك الدنيا.
@d_i_d1