لا تحكم على الظاهر
انتشر استعمال هذه العبارة بين بعض الناس، ويقصد منها أن من ظهرت عليه آثار المعاصي فلا ينبغي أن يعامل بحسب ظاهره؛ لأنه قد يكون أرفع درجة عند الله ممن ظاهره الصلاح، فلا تحكم على الظاهر...
وهذا الكلام يشتمل على شقين :
الشق الأول :
أن بعض من ظاهره التقصير قد يكون أرفع درجة عند الله من بعض الصالحين، بسبب عمل صالح، أو حسن قصد وإخلاص، أو لغير ذلك من الأسباب الشرعية.
وهذا حق وصواب، فإن مراتب العباد عند الله لا يعلم قدرها إلا هو سبحانه، وهذا التفاوت يرجع لأسباب كثيرة، بعضها ظاهر وبعضها مستتر.
الشق الثاني :
أن من ظهرت عليه آثار المعاصي فلا ينبغي أن يعامل في الدنيا بحسب ظاهره؛ لأنه قد يكون أرفع درجة عند الله ممن ظاهره الصلاح.
وهذا المعنى باطل بإجماع العلماء ــ رحمهم الله ــــ .
وذلك أن القاعدة الشرعية المتفق عليها أن الإنسان في أحكام الدنيا يعامل بحسب ما يظهر منه من أعمال ويحكم عليه بحسبها.
ولهذا قال عمر كما في البخاري :(إنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم )
وكذلك جاء في الحديث: ) أمرت أن أحكم بالظاهر ، والله يتولى السرائر(
وهذا الحديث جزم العراقي بأنه لا أصل له ، وكذا أنكره المزي وغيره.
لكن معناه صحيح تشهد له النصوص ذكر ذلك الشافعي والنسائي وابن كثير والسخاوي وغيرهم.
ولهذا كان النبي ‘ يعامل المنافقين بحسب ظاهرهم ويكل سرائرهم إلى الله تعالى.
قال الشوكاني:( وكذلك حديث «إنما نحكم بالظاهر» وهو وإن لم يثبت من وجه معتبر فله شواهد متفق على صحتها ومن أعظم اعتبارات الظاهر ما كان منه صلى الله عليه وسلم مع المنافقين من التعاطي والمعاملة بما يقتضيه ظاهر الحال). نيل الأوطار 1/369.
بل هذا المعنى محل إجماع من العلماء ؛ ولهذا قال ابن عبد البر في التمهيد :
(أجمعوا أن أحكام الدنيا على الظاهر ، وأن أمر السرائر إلى اللَّه )
وفي الصحيح من حديث أبي سعيد رفعه :(إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس )
فما في القلوب من صلاح أو فساد لم نؤمر بالبحث عنه بل نعتبر الظاهر فقط، بل لو كلفنا غير ذلك لوقعنا في مشقة عظيمة لأنه لا يعلم ما القلوب إلا الله.
بناء على ما تقدم :
من أظهر لنا الصلاح عاملناه على هذا الأساس، ومن أظهر لنا غير ذلك عاملناه بحسبه، ولا يصح أن يقال : (لا تحكم على الظاهر ).
بل هذا استعمال للعبارة في غير مكانها الصحيح، وجهل بالمعاني الشرعية، و خلط بين أحكام الظاهر وأحكام السرائر .
نسأل الله أن يصلح قلوبنا ويغفر لنا تقصيرنا.
كتبه / أحمد الخليل
1439/5/6
انتشر استعمال هذه العبارة بين بعض الناس، ويقصد منها أن من ظهرت عليه آثار المعاصي فلا ينبغي أن يعامل بحسب ظاهره؛ لأنه قد يكون أرفع درجة عند الله ممن ظاهره الصلاح، فلا تحكم على الظاهر...
وهذا الكلام يشتمل على شقين :
الشق الأول :
أن بعض من ظاهره التقصير قد يكون أرفع درجة عند الله من بعض الصالحين، بسبب عمل صالح، أو حسن قصد وإخلاص، أو لغير ذلك من الأسباب الشرعية.
وهذا حق وصواب، فإن مراتب العباد عند الله لا يعلم قدرها إلا هو سبحانه، وهذا التفاوت يرجع لأسباب كثيرة، بعضها ظاهر وبعضها مستتر.
الشق الثاني :
أن من ظهرت عليه آثار المعاصي فلا ينبغي أن يعامل في الدنيا بحسب ظاهره؛ لأنه قد يكون أرفع درجة عند الله ممن ظاهره الصلاح.
وهذا المعنى باطل بإجماع العلماء ــ رحمهم الله ــــ .
وذلك أن القاعدة الشرعية المتفق عليها أن الإنسان في أحكام الدنيا يعامل بحسب ما يظهر منه من أعمال ويحكم عليه بحسبها.
ولهذا قال عمر كما في البخاري :(إنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم )
وكذلك جاء في الحديث: ) أمرت أن أحكم بالظاهر ، والله يتولى السرائر(
وهذا الحديث جزم العراقي بأنه لا أصل له ، وكذا أنكره المزي وغيره.
لكن معناه صحيح تشهد له النصوص ذكر ذلك الشافعي والنسائي وابن كثير والسخاوي وغيرهم.
ولهذا كان النبي ‘ يعامل المنافقين بحسب ظاهرهم ويكل سرائرهم إلى الله تعالى.
قال الشوكاني:( وكذلك حديث «إنما نحكم بالظاهر» وهو وإن لم يثبت من وجه معتبر فله شواهد متفق على صحتها ومن أعظم اعتبارات الظاهر ما كان منه صلى الله عليه وسلم مع المنافقين من التعاطي والمعاملة بما يقتضيه ظاهر الحال). نيل الأوطار 1/369.
بل هذا المعنى محل إجماع من العلماء ؛ ولهذا قال ابن عبد البر في التمهيد :
(أجمعوا أن أحكام الدنيا على الظاهر ، وأن أمر السرائر إلى اللَّه )
وفي الصحيح من حديث أبي سعيد رفعه :(إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس )
فما في القلوب من صلاح أو فساد لم نؤمر بالبحث عنه بل نعتبر الظاهر فقط، بل لو كلفنا غير ذلك لوقعنا في مشقة عظيمة لأنه لا يعلم ما القلوب إلا الله.
بناء على ما تقدم :
من أظهر لنا الصلاح عاملناه على هذا الأساس، ومن أظهر لنا غير ذلك عاملناه بحسبه، ولا يصح أن يقال : (لا تحكم على الظاهر ).
بل هذا استعمال للعبارة في غير مكانها الصحيح، وجهل بالمعاني الشرعية، و خلط بين أحكام الظاهر وأحكام السرائر .
نسأل الله أن يصلح قلوبنا ويغفر لنا تقصيرنا.
كتبه / أحمد الخليل
1439/5/6