Forward from: فاط𓂆مة عبدالحميد
- ما الحد يا محمد؟ هل تعرفه؟
- الحد.. حد الجوارح و ما نملك؟ أم حد الروح و القلب و الخيال؟ أما عمل الجوارح.. فحده الخيانة و الحرام.. و لا أنا بالذي يتعداه و لا أنت.
أما حد القلب و الروح.. فحيث يهيمان إلى حيث تقدر الأعمار و الأقدار و الأمصار .. حيث لا زمان و لا مكان و لا تواريخ و لا ليل و لا نهار.
و هبي أني خرجت من هذا المكان ثم لم أعد أليه.. هل تفارقه روحي أو يفارقه قلبي. و هل لي عليها سلطان.. ليته كان.
نعم ليته كان فأريح و أستريح.. فأن كانا باقيين هنا حضرت أم غبت.. شئت أم أبيت.. فما الذي نصيبه بالبعد غير خيانة القلب و الروح.
و هل يكون الشيء معدوما طالما بقي سرا في القلب حتى إذا أفصح عنه وجد.. إذ أفصح عنه و لا أبالي. فهو موجود.. موجود.. موجود. لا أقمعه فكأني أنكر نفسي و لكن أصونه بالعفاف و أحفظه بالتذمم و أكرمه بالوفاء.
ولقد وجدتني أفكر بك ثم أستذكر السدود و الحدود و القيود فأفرغ منها إلى الخيال و الوهم . خيال الصبي أول بلوغه الحلم يصنع الدنيا على مثال أحلامه هنا حين يرقد لنومه فيزوره طيف المرأة الناضجة الشابة التي دونه ودونها كل الأسباب .
فإذا رقد و زاره الطيف قبيل نومه فزع إلى أوهامه و خيالاته يخترع أزمنة غير هذه الأزمنة.. أمكنة غير هذه الأمكنة .. بشرا غير هؤلاء البشر و قواعد غير التي نحيا بها.. و قد يصور نفسه و هي وقد اجتمعا على غير ميعاد في مركب يحطمه الموج .. ليجد نفسه و إياها وحيدين في جزيرة منقطعة لا حياة فيها و لا سبيل إلى الخروج منها أبد العمر.
و هكذا تتواطأ الضرورة بأحكامها لتلبي مطالب الرغبة . فان كان هذا الصبي آثما.. فليس على هذه البسيطة إلا آثم .
ذلك هو فضاء القلب و الروح.. فكيف ننكره على أنفسنا فننكره على الجملة.