سألت شيخنا أبا صهيب خالد الحايك أسعده الله في الدارين عما جرت به عادة كثير من النساء من تعاطي أدوية تؤخر ورود الحيضة أو تقطعها لاستغلال شهر رمضان في العبادة أو لمن سافرت من مكان بعيد قاصدة العمرة في مكة في هذا الشهر، وما رأيك بقول من زعم أن تعاطي هذه الأدوية بدعة..؟!
فأجابني أسعده الله فقال:
إن من أعجب العجب جرأة كثير من المعاصرين على القول ببدعية أشياء ليست من أمر البدعة في شيء بل في أمور ثبتت عن سلف الأمة وخيارها، ومن جنس ذلك ما سألت عنه..
فقد نقل أبو الوليد محمد ابن رشد القرطبي الجد عن الإمام مالك رحمه الله هذه المسألة بعينها فقال:
"سئل مالك عن المرأة تريد العمرة، فتخاف تعجيل الحيض، فيوصف لها شراب تشربه لتأخير الحيضة، قال: ليس ذلك بالصواب، وكرهه.
قال محمد بن رشد: إنما كرهه مخافة أن تدخل بذلك على نفسها ضررا في جسمها، والله يعذرها بالعذر ويعطيها بالنية، فمن نوى عمل بر ومنعه منه عذر من الله، كتب له إن شاء الله، قال عز وجل: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95]، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما من امرئ تكون له صلاة بليل يغلبه عليها نوم، إلا كتب له أجر صلاته، وكان نومه عليه صدقة»."
البيان والتحصيل ٣/٤٦٠
وقال الموفق ابن قدامة المقدسي رحمه الله:
"روي عن أحمد رحمه الله ، أنه قال : لا بأس أن تشرب المرأة دواء يقطع عنها الحيض ، إذا كان دواء معروفا"
المغني ١/٤٥٠
وقبل ذلك قال الإمام عبد الرزاق بن همام الصنعاني في مصنفه:
"بَابُ الدَّوَاءِ يَقْطَعُ الْحَيْضَةَ
أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: سُئِلَ عَطَاءٌ، عَنِ امْرَأَةٍ تَحِيضُ يُجْعَلُ لَهَا دَوَاءٌ فَتَرْتَفِعُ حَيْضَتُهَا، وَهِيَ فِي قُرْئِهَا كَمَا هِيَ تَطُوفُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ فَإِذَا هِيَ رَأَتْ خُفُوقًا وَلَمْ تَرَ الطُّهْرَ الْأَبْيَضَ فَلَا»
أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا وَاصِلٌ مَوْلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ رَجُلٍ، سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنِ امْرَأَةٍ تَطَاوَلَ بِهَا دَمُ الْحَيْضَةِ فَأَرَادَتْ أَنْ تَشْرَبَ دَوَاءً يَقْطَعُ الدَّمَ عَنْهَا، فَلَمْ يَرَ ابْنُ عُمَرَ بَأْسًا، وَنَعَتَ ابْنُ عُمَرَ مَاءَ الْأَرَاكِ ". قَالَ مَعْمَرٌ: وَسَمِعْتُ ابْنَ أَبِي نَجِيحٍ يُسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا"
وقال الإمام أبو داود صاحب السنن:
ثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: ثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ قَالَ: " فِي امْرَأَةٍ قَضَتِ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلَّا الطَّوَافَ الْوَاجِبَ، ثُمَّ حَاضَتْ فَشَرِبَتْ دَوَاءً، فَقَطَعَ الدَّمَ عَنْهَا فَطَافَتْ فِي أَيَّامِ حَيْضَتِهَا وَهِيَ طَاهِرٌ؟ قَالَ: أَجْزَأَ عَنْهَا "
مسائل أبي داود للإمام أحمد (٧٧٢)
وقال الإمام أبو محمد ابن أبي زيد القيرواني المالكي:
قال ابن القاسمِ في "العُتْبِيَّة": قال مالكٌ في المرأة تريد العمرةَ بعدَ الحجِّ، وتخاف تعجيل الحيضة: فإني أكره أن تشرب دواءً لتأخير الحيضة.
النوادر والزيادات ٢/٤٣٦
وقال -أيضا- أبو الوليد ابن رشد القرطبي الجد رحمه الله:
"[فصل] في كراهة شرب المرأة الدواء لتعجيل الطهر من الحيضة
قال ابن كنانة؛ يكره ما بلغني أن النساء يصنعنه ليتعجلن به الطهر من الحيض من شرب الشجر والتعالج بها وبغيرها.
قال محمد بن رشد: المعنى في كراهية ذلك لها ما يخشى أن تدخل على نفسها في ذلك من الضرر بجسمها بشرب الدواء الذي قد يضر بها، وبالله التوفيق."
البيان والتحصيل لابن رشد الجد ١٨/٦١٦
فبذلك يتبين لك جواز استعمال هذه الأدوية ما لم يثبت أن لها ضررا على من تستعملها، وتعلم أن قول من زعم أن استعمالها بدعة هو البدعة بعينها، والله الموفق
فأجابني أسعده الله فقال:
إن من أعجب العجب جرأة كثير من المعاصرين على القول ببدعية أشياء ليست من أمر البدعة في شيء بل في أمور ثبتت عن سلف الأمة وخيارها، ومن جنس ذلك ما سألت عنه..
فقد نقل أبو الوليد محمد ابن رشد القرطبي الجد عن الإمام مالك رحمه الله هذه المسألة بعينها فقال:
"سئل مالك عن المرأة تريد العمرة، فتخاف تعجيل الحيض، فيوصف لها شراب تشربه لتأخير الحيضة، قال: ليس ذلك بالصواب، وكرهه.
قال محمد بن رشد: إنما كرهه مخافة أن تدخل بذلك على نفسها ضررا في جسمها، والله يعذرها بالعذر ويعطيها بالنية، فمن نوى عمل بر ومنعه منه عذر من الله، كتب له إن شاء الله، قال عز وجل: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95]، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما من امرئ تكون له صلاة بليل يغلبه عليها نوم، إلا كتب له أجر صلاته، وكان نومه عليه صدقة»."
البيان والتحصيل ٣/٤٦٠
وقال الموفق ابن قدامة المقدسي رحمه الله:
"روي عن أحمد رحمه الله ، أنه قال : لا بأس أن تشرب المرأة دواء يقطع عنها الحيض ، إذا كان دواء معروفا"
المغني ١/٤٥٠
وقبل ذلك قال الإمام عبد الرزاق بن همام الصنعاني في مصنفه:
"بَابُ الدَّوَاءِ يَقْطَعُ الْحَيْضَةَ
أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: سُئِلَ عَطَاءٌ، عَنِ امْرَأَةٍ تَحِيضُ يُجْعَلُ لَهَا دَوَاءٌ فَتَرْتَفِعُ حَيْضَتُهَا، وَهِيَ فِي قُرْئِهَا كَمَا هِيَ تَطُوفُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ فَإِذَا هِيَ رَأَتْ خُفُوقًا وَلَمْ تَرَ الطُّهْرَ الْأَبْيَضَ فَلَا»
أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا وَاصِلٌ مَوْلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ رَجُلٍ، سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنِ امْرَأَةٍ تَطَاوَلَ بِهَا دَمُ الْحَيْضَةِ فَأَرَادَتْ أَنْ تَشْرَبَ دَوَاءً يَقْطَعُ الدَّمَ عَنْهَا، فَلَمْ يَرَ ابْنُ عُمَرَ بَأْسًا، وَنَعَتَ ابْنُ عُمَرَ مَاءَ الْأَرَاكِ ". قَالَ مَعْمَرٌ: وَسَمِعْتُ ابْنَ أَبِي نَجِيحٍ يُسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا"
وقال الإمام أبو داود صاحب السنن:
ثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: ثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ قَالَ: " فِي امْرَأَةٍ قَضَتِ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلَّا الطَّوَافَ الْوَاجِبَ، ثُمَّ حَاضَتْ فَشَرِبَتْ دَوَاءً، فَقَطَعَ الدَّمَ عَنْهَا فَطَافَتْ فِي أَيَّامِ حَيْضَتِهَا وَهِيَ طَاهِرٌ؟ قَالَ: أَجْزَأَ عَنْهَا "
مسائل أبي داود للإمام أحمد (٧٧٢)
وقال الإمام أبو محمد ابن أبي زيد القيرواني المالكي:
قال ابن القاسمِ في "العُتْبِيَّة": قال مالكٌ في المرأة تريد العمرةَ بعدَ الحجِّ، وتخاف تعجيل الحيضة: فإني أكره أن تشرب دواءً لتأخير الحيضة.
النوادر والزيادات ٢/٤٣٦
وقال -أيضا- أبو الوليد ابن رشد القرطبي الجد رحمه الله:
"[فصل] في كراهة شرب المرأة الدواء لتعجيل الطهر من الحيضة
قال ابن كنانة؛ يكره ما بلغني أن النساء يصنعنه ليتعجلن به الطهر من الحيض من شرب الشجر والتعالج بها وبغيرها.
قال محمد بن رشد: المعنى في كراهية ذلك لها ما يخشى أن تدخل على نفسها في ذلك من الضرر بجسمها بشرب الدواء الذي قد يضر بها، وبالله التوفيق."
البيان والتحصيل لابن رشد الجد ١٨/٦١٦
فبذلك يتبين لك جواز استعمال هذه الأدوية ما لم يثبت أن لها ضررا على من تستعملها، وتعلم أن قول من زعم أن استعمالها بدعة هو البدعة بعينها، والله الموفق